القاهرة ـ «القدس العربي» من حسام عبد البصير: في العيد اختلط الحديث في الصحف المصرية عن الحج وفضائله، ودعوة وزير الأوقاف لمن سبق لهم أداء الركن الخامس من أركان الإسلام بالتخلي عن الحج مجدداً.
والدعوة لمساعدة الفقراء والتخفيف من المعاناة التي يتكبدها المواطن بسبب السياسات غير الرشيدة التي تتبعها السلطة، والتي أسفرت عن تردي الأوضاع بالنسبة للأغلبية العظمى من الجماهير. وفي العيد كان الشارع السياسي يواصل هجومه على تلك السياسات التي لم توفر للمصريين لا الغذاء ولا الحرية!
فيما حرص داعمو النظام في الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 14 سبتمبر/أيلول على أن يطلقوا نيران مدفعيتهم الثقيلة في وجه كل من تسول له نفسه توجيه اللوم للسلطة ورموزها. وطالت معارك الأمس الصحافية إعلام المعارضة، كما نالت من الحكومة ووجد وزير التموين ذو الخلفية العسكرية رهن اختبار جديد بسبب استمرار ظاهرة جنون أسعار السلع كافة وإلى التفاصيل:
وشهد شاهد من أهلها
البداية مع أحد المدافعين عن النظام على مدار سنوات طويلة لكنه مؤخراً قرر الاعتراف ببعض الحقائق التي تكشف عن خلل في السياسات الاقتصادية للنظام، حيث قال عبدالعظيم حماد، رئيس تحرير جريدة «الأهرام» الأسبق: «إن قرار إنشاء قناة السويس الجديدة كان سياسيا وليس اقتصاديا، مشيرا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي صرح بأن إنشاء القناة الجديدة هو رفع للروح المعنوية. وأضاف حماد، خلال حواره في رنامج «بتوقيت مصر» المُذاع على فضائية «التلفزيون العربي»: «إن أي مشروع يتم إنشاؤه يجب أن ندرس الجدوى الاقتصادية له»، متابعا: «جميل أني أعمل طرقا وأوسع القناة، لكن هل هذا هو الوقت المناسب؟». وأكد رئيس تحرير جريدة «الأهرام» الأسبق على أن مشاريع الطرق وتوسعة قناة السويس استنزفت أموالا طائلة كان من الممكن توظيفها في مجالات مفيدة للبلد».
لماذا لم يؤم شيخ الأزهر السيسي؟
أبدى الدكتور حازم حسني، بعض الملاحظات التي قال عنها إنها «ملاحظات بروتوكولية»، على الصورة التي التقطت للرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء تأديته صلاة عيد الأضحى المبارك صباح الاثنين. وحسب «المصريون» كتب حسني عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «إن مسجد المشير طنطاوي الذي أدى فيه الرئيس صلاة العيد يعامل معاملة الثكنات العسكرية، ولا يتلاحم فيه الرئيس ذو الشعبية الكاسحة بالشعب الذي جعلوه كسيحا». وأضاف أنه بعيدا عن هذه الملاحظة العامة التي تبين مدى الانفصال بين السلطة وبين الشعب، إلا أنه توجد ثلاث ملاحظات بروتوكولية، مضيفًا أن البروتوكول ليس شيئا تافها أو غير ذي أهمية، لكنه مكون أساسي من مكونات بنية الدولة. وقال إن الملاحظات الثلاث هي كما يلي: أولاً: أن وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، غاب عن الحضور في معية الرئيس، ومهما كانت الأسباب التي منعته من الحضور فإنها ملاحظة «بروتوكولية» تسترعى الانتباه. ثانيا: أن رئيس الأركان اتخذ موضعا بروتوكوليا أعلى من الموضع البروتوكولي الذي احتله رئيس مجلس الوزراء. ثالثا: أن فضيلة شيخ الجامع الأزهر غاب عن إمامة الصلاة في الجامع الأزهر، بل حتى عن إمامة الناس في جامع المشير طنطاوي، حيث أقيمت الصلاة التي حضرها الرئيس، متسائلاً: «كيف يكون شيخ الجامع الأزهر ولا يؤم المصلين في الجامع الأزهر؟».
موتوا بغيظكم
ونتحول إلى الهجوم على المعارضة، حيث يتولى المهمة دندراوي الهواري في «اليوم السابع»: «في ظل النغمة التافهة والحقيرة، التي يترنم بها المشككون الباحثون عن إثارة الفوضى في البلاد، بإلصاق اتهام «المطبلاتي والمبرراتي» بالشرفاء من الوطنيين المدافعين عن أمن واستقرار الوطن، والوقوف بكل قوة لمساندة الدولة الوطنية، ضد ألد خصومها من الجماعات المتطرفة والإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، والحركات الفوضوية، فوجئنا بمؤسسة «بي إم آي» للأبحاث الاقتصادية، تعد تقريرا تؤكد فيه أن مصر ضمن 10 أسواق ناشئة خلال السنوات العشر المقبلة. ونسأل: هل هذه المؤسسة أيضا من بين «المطبلاتية» لنظام السيسي؟ الحقيقة أن هؤلاء المشككين والمسخفين والمخربين للأوطان، فارغون من كل القيم الأخلاقية والوطنية، ويتدثرون بعباءة ثورية ووطنية، «مهترئة»، تفضح عوراتهم أكثر مما تسترها، وتكشف البلاهة والعته والفقر المعلوماتي، والعجز عن الفهم، وعدم القدرة على التفريق بين الحق والباطل، وارتباك شديد في استيعاب فقه الأولويات، بجانب فقدان الذوق واللمسات الجمالية. لذلك تجد وجوههم عابسة، ومظهرهم مقزز، ويأتون بتصرفات وأفعال منحطة ووضيعة، وهو أمر يتسق مع القول المأثور «فاقد الشيء لا يعطيه»، وهؤلاء فاقدو القيم والانتماء والغيرة على العرض والشرف، فماذا ننتظر منهم سوى ارتكاب كل الموبقات والجري وراء الشائعات واستخدام أسلحة الخسة والخيانة في حروبهم القذرة؟ وهم لا يعرفون لشرف الخصومة سبيلا، فتجدهم يستشهدون بمقال منشور في «الغارديان» أو «التايمز» أو «الإيكونومست» أو «نيويورك تايمز»، والتعاطي مع هذه الصحف باعتبارها منزهة عن الهوى، وأنها تتمتع بمصداقية الرسالات السماوية، رغم أن كل تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية كذبت كل ما نشرته هذه الصحف الحاقدة، التي تنشر موضوعات كاذبة مدفوعة الأجر من خصوم مصر المعروفين بالاسم».
البديل غائب
ونبقى مع الهجوم على المعارضة ومحمود الكردوسي في «الوطن»: «مشكلة معارضي السيسي، الذين لا يعجبهم أداؤه ولا يرون في مشروعاته الكبرى إنجازاً أو فائدة للمواطن الغلبان، أنهم لا يملكون إجابة لسؤال: هل لديك بديل؟ وكثير منهم يقر -بعد وصلة هجومه على الرجل- بأن البديل الأقرب هو الكارثة، فيحول مسار الهجوم إلى الحكومة والبرلمان وغيرهما من مؤسسات الدولة. لكنه سرعان ما يتذكر أن الرئيس هو الذي يختار كوادر جهازه الإداري، وهو صاحب القرار في كل كبيرة وصغيرة، فيعود إلى انتقاده، إنما بنبرة أهدأ، وربما بقدر من التعاطف والاعتراف بثقل المسؤولية. في النهاية.. لا أحد يصل إلى موقف واحد محدد من السيسي. الكل يدور في حلقة مفرغة. الكل يسأل: «وبعدين؟. الناس تعبانة ولازم حل»!. الحل أن يتحدث الرئيس إلى الناس. أن يضع الحقائق أمامهم بكل ما فيها من وضوح.. وقسوة!».
البركان سينفجر
وجَّه النائب علي عبدالونيس رسالة إلى وزير التموين الجديد قال فيها: «الناس فاض بيها والأسعار أصابها الجنون والشعب مش هيتحمل أكتر من كده، فإن كنت وزيراً للإنقاذ فعجل بعملك، وإلا سينفجر البركان، ولا تعتمد على التقارير المكتوبة، واعمل على مراقبة التجار بنفسك». وأضاف النائب عبدالونيس حسب ماورد في «الوطن» أن الدولة تعمل جاهدة لدعم الفقراء، ولكن الحكومة تتركهم فريسة لجشع التجار الذين يملأون جيوبهم من دماء محدودي الدخل، وأشار إلى أن زيادة الضرائب يدفع ثمنها الشعب الفقير لعدم وجود رقابة. وكان الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب قد طالب أعضاء المجلس بالنزول إلى الأسواق والمشاركة في الرقابة على أسعار السلع باعتبارهم نواب الشعب، مشيراً إلى أن الحكومة مطالبة بهذا الأمر طبقاً للدستور، ولكن على النواب النزول إلى الأسوق لتفعيل الرقابة عليها، وتقديم الدعم للمواطنين ومساعدتهم».
كنوز منسية
لماذا لا يتشكل من وزراء الحكومة السابقين مجلس استشاري لمجلس الوزراء الحالي، يضم بين أعطافه الوزراء السابقين على اختلاف مشاربهم السياسية والحزبية، مجلس يكون عوناً وسنداً للحكومة الحالية السؤال يطرحه حمدي رزق في «المصري اليوم» متابعاً: «الوزراء السابقون ثروة قومية، كل منهم خبر العمل الوزاري، وكُلف فاجتهد وأخطأ وأصاب، وخرج من التشكيل الوزاري طوعاً أو كرهاً، وباعتبار التغيير سنة الحياة، فكل منهم قيمة سياسية وعلمية وأكاديمية في تخصصه الوزاري، والحكومة الحالية ليست فرعاً مقطوعاً من الشجرة الوزارية، وكل وزير سابق من أصل هذه الشجرة. المجلس الوزاري الاستشاري سيضم كفاءات لها سابق خبرة بالملفات التي تجتهد في دراستها الحكومة الحالية، وتفاعلت سابقاً، ويمتلك بعضهم حلولاً وأفكاراً لم يتمكن أو لم يُمكّن أو لم يسعفه الوقت أو الإمكانيات أو طحنه الظرف السياسي وحال دون تحقيقها أو تجليسها على الأرض، كل حكومة لها ظروفها، وما هو مستحيل في زمن قد يكون متاحاً تطبيقه في زمن تالٍ. مثل هذه الخبرات الوطنية لا تُترك هكذا تتحدث في الفراغ، وتُهمل أفكارها التي تملأ الفضاء بأفكار تصب في حلحلة المشاكل وابتكار الحلول، وليس معنى أنه سابق يعني وصمه بالفشل، والسابق سبق إلى مواجهة هذه المشاكل المزمنة، وحاول وقُدر لبعضهم النجاح، والنجاح مثل الفشل له أسباب وتحكمه ظروف كانت قاسية على البعض منهم. نوع من الخبرات النادرة في العمل الوزاري، إهمالها يُعد إهمالاً لثروة وطنية، وتجاهلها لا يخدم هدفاً وطنياً».
الحماقة أعيت من يداويها
الحماقة هي سوء التصرف، وتصبح الحماقة عظيمة إذا أساء صاحبها التصرف، رغم ما أتيح له من إمكانيات التعلم. ويتساء محمود خليل في «الوطن»: «هل من الوارد مثلاً أن يفشل فران – عاش ثلاثين عاماً في فرن- في خبز رغيف عيش، إلا أن يكون أحمق؟ لدينا في العالم العربي نماذج عديدة على الحمق والحماقة، تعال إلى نموذجين صارخين منهما، نموذج جمال مبارك، ونموذج سيف القذافي، كلا الرجلين تربى في قصر الحكم، بل يمكنك القول إن كليهما فتح عينيه على الحياة داخل هذا القصر، ورغم ذلك تجد أن ممارساتهما شاهدة على قدر لا بأس به من الجهل السياسي، سواء خلال الفترة التي صعد فيها نجميهما في عالم السياسة، وأصبح بمقدورهما التدخل في دولاب الحكم، والتأثير في صناعة القرار، أو خلال الفترة التي تعاملا فيها مع الثورتين اللتين شهدتها كل من مصر وليبيا عام 2011. كان أداء الاثنين شاهداً على الحمق والحماقة، بإمكانك كي تستدل على ذلك أن تسترجع من الذاكرة الطريقة التي أدار بها جمال مبارك انتخابات 2010، والتي كانت سبباً مباشراً من الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة في مصر، وأن تستعيد خطاب سيف القذافي بدايات الثورة الليبية، حين خرج متوعداً الشعب الليبي بالقتل، وحرك في وجه الليبيين «صباعه» الشهير الذي حاول بعضهم بتره بعد القبض عليه، ولعلك تعرف النتائج التي ترتبت على خطاب سيف القذافي وأدت في النهاية إلى مقتل أبيه. ليرحم الله الجميع. كل أنظمة الحكم تعاني من وجود هذا النوع من الشخصيات الحمقاء التي لا تجيد الحسابات السياسية، وتتخذ قرارات غير محسوبة العواقب».
واجب مستحق
في ثالث أيام العيد حرص محمد أمين في «المصري اليوم» على أن يقدم التهنئة لأربعة قادة، كل في مجاله.. الأول المشير طنطاوي، والثاني الوزير منصور عيسوي، والثالث هو الدكتور سامي عبدالعزيز، والرابع الدكتور عبدالمنعم سعيد. ودائماً هم في مهمة وطنية لا ينكرها أحد. لم أتذكر المشير طنطاوي لأن الدولة تحج إلى مسجده الشهير في كل جمعة وفي كل عيد.. المشير طنطاوي له حضور دائم، في لحظة ما كان أشبه بالشاطر محمد عندما أنقذ الثورة، وفي لحظة أخرى تحول إلى لغز، هتفنا له وهتفنا ضده.. صبر واحتسب. تغيرت مواقفنا خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلا المشير طنطاوي كان موقفه مع مصر. أيضاً الوزير منصور عيسوي، راهب من رهبان الأمن في مصر، تولى الوزارة في فترة عصيبة، بعد أن عاش سنوات في البيت، يذكرنى بالفريق يوسف صبري أبوطالب. والمشير والوزير كانا يحرسان مصر خارجياً وداخلياً من أعدائها. ذات يوم حاصر الإخوان منزله، فقالت له القيادة العامة نرسل لك مدرعة، رفض وزير الداخلية وقال: وعزة جلالة الله اللي هيقرب مني ليكون آخر يوم في عمره. ويرى الكاتب أن المشير والوزير صندوقان أسودان لم يفتحهما أحد حتى الآن. الدكتور سامي عبدالعزيز عميد الإعلام الشهير، يجمعه بالمشير والوزير، أنه كان يؤدي مهمة.. مهنته هى الإعلام، وسلاحه هو الرسالة الإعلامية، لا يحمل سلاحاً ولا بندقية يشترك معهما أنه ظلم، عمل للمهنة فقط قبل الثورة وبعد الثورة، ولم يحسب على أي نظام إلا مصر وحدها. اما الرابع فهو المفكر عبدالمنعم سعيد، قيل إنه من العصر البائد، وأرادوا تصفيته معنوياً، وإبعاده من المشهد، وهو واحد من كبار الإصلاحيين».
الإسلام الفرنسي
هل يمكن أن يكون هناك إسلام فرنسي له ملامحه الخاصة التي تميزه وتعطيه نكهة خاصة، كما أن هناك إسلاما سنيا وإسلاما شيعيا؟ أم أن ثوابت الإسلام الراسخة تجعل منه دينا واحدا، تتفاوت اجتهادات البعض حول فروعه ومتغيراته، لكن الأصل ثابت؟ الاسئلة يطرحها مكرم محمد أحمد في «الأهرام»: «في فرنسا يتحدثون الآن عن إمام مسجد بوردو، أشهر مدن فرنسا في صناعة النبيذ الأحمر، طارق أبرو مغربي الأصل أصبح مواطنا فرنسيا عام 1980، يشغل منصب إمام جامع بوردو ورئيس جاليتها المسلمة، يرى التقارب شديدا بين قيم الإسلام وقيم الثقافة الفرنسية في مناداتها بالحرية والإخاء والمساواة، ويصرعلى استخدام اللغة الفرنسية في مسجده إلى جوار اللغة العربية، ويأمل في أن يتمكن يوما ما من أن يجعل المسلمين الفرنسيين مهما تكن أصولهم يحسنون مخاطبة الله باللغة الفرنسية، ولا يهتم كثيرا بما ترتديه المرأة الفرنسية، ولا يتحمس لارتداء النساء الحجاب او البوركيني (ملابس البحر الإسلامية) لأنه يعتقد أن الأهم، ما تعرفه المرأة الفرنسية عن الإسلام وليس ما ترتديه، والأخطر من ذلك أنه لا يمانع في دخول المثليين إلى المسجد إن حسنت توبتهم. ويطالب المسلمين الفرنسيين مهما تكن أصولهم العرقية بأن يكون ولاؤهم الأول للدولة الفرنسية يتصرفون كمواطنين صالحين، يدفعون الضرائب ويحترمون القانون ويحاربون تحت العلم الفرنسي ويسهمون في رفعة الاقتصاد الوطني. ورغم أن «داعش» تدعو إلى قتل إمام بوردو إلا أنه (كما يقول) ينام ملء جفونه ويرفض أي حراسة حكومية. ومن وجهة نظر طارق أبرو فإن التزام فرنسا بحقوق الإنسان وقيم الحضارة والمساواة يمثل التزاما بقيم الإسلام الصحيح التي تخدم البشرية جمعاء».
بلا مذاهب هل ذلك أفضل؟
منذ أكثر من ستة عقود وتحديدا في عام 1960 أصدر العلامة الدكتور مصطفى الشكعة، مؤلفه القيم «إسلام بلا مذاهب» الذي يقول في مقدمته وهو ينعى هذا الماضي المشرق للأمة حين يقارنه بحاضرها فيقول «هو إذن ماض مشرق مضيء قوي عزيز، وهو أيضا حاضر خاب ضعيف مستذل معتدى عليه. وكان عليّ أن أتأمل الأسباب التي أدت إلى هذه المفارقات الضخمة المؤسفة بين موقف المسلمين وحالهم في أمسهم ويومهم، ولم يطل بي التفكير فسرعان ما اهتديت إلى أن ضعف المسلمين جاء من تفرق كلمتهم وشتات شملهم، نتيجة لتفرق المذهب والعقيدة، فمذاهب المسلمين المختلفة كانت الباب الذي دخل منه الخلاف، واستغل الاستعمار هذه الثغرة فوسعها وباركها كما يبارك الشيطان فعل الكبائر: هذا إمامي وذاك زيدي ومنهم من غلا في مذهبه غلوا كبيرا، فهذا إسماعيلي وذاك درزي والآخر علوي، ثم نلتفت مرة أخرى فنجد أيضا بعض رجال السنة يختلفون». ويشير أحمد بان في «التحرير» إلى أن الشكعة قال هذا الكلام قبل عقود من اشتعال الصراع في أرض الشام والعراق، سواء في الحرب الإيرانية العراقية، التي أكلت أكباد الشعبين المسلمين وبددت مقدراتهما، أو في الحرب التي اشتعلت بين السنة والشيعة والتطهير العرقي والمذهبي الذي أنتج في النهاية «داعش» وعصابات الحشد الشعبي، وتدحرجت كرة الخلاف لتصل الأمور إلى أكبر حالة استقطاب ديني ومذهبي في التاريخ. وفي أجواء هذا الشحن الطائفي والمذهبي يحسن أن نستذكر ما ذكره هذا العلامة صاحب الفضيلة الأكبر شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت، في مقدمة الكتاب، مؤكدا وحدة الأمة بالقول «فإن الله سبحانه طلب من هذه الأمة أن تتوحد كلمتها وألا تكون شيعا وأحزابا يضرب بعضها أعناق بعض».
البرلمان بخير فاطمئنوا
الكثيرون يهاجمون البرلمان بضراوة غير أن وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد» لديه من الأسباب ما يجعله يدافع عنه: «لا أتفق مع الذين يهاجمون مجلس النواب ولا الذين يقللون من الدور الذي قام به المجلس خلال دور الانعقاد الأول. وهناك حملة مسعورة الآن على المجلس في محاولة لتشويهه. وفي الحقيقة أن هذا المجلس مختلف تماماً عن كل المجالس البرلمانية التي شهدتها مصر على مدار تاريخها البرلمانى العريق لأسباب كثيرة منها: مجلس النواب الحالي لا يسيطر عليه فصيل سياسي معين، كما كان متبعاً في البرلمانات التي سبقته، ولذلك تجده يمثل كل التيارات السياسية والأحزاب والقوى الوطنية، وهذه ظاهرة صحية مئة في المئة، يعني أنه لا يوجد حزب أو تيار سياسي يسيطر على مقاليد وزمام المجلس. كما أن نواب المجلس الحاليين مختلفون ثقافياً وفكرياً وأيديولوجياً، وتلك ظاهرة صحية نتائجها أفضل مليون مرة من غلبة تيار على أعمال المجلس، هناك أيضاً ظاهرة جديدة داخل البرلمان لم تكن موجودة من قبل وهي وجود تسعين امرأة في البرلمان في واقعة لم تحدث من قبل، إضافة إلى وجود عدد لا بأس به من الأشقاء الأقباط وهناك تمثيل آخر للعمال والفلاحين وذوي الاحتياجات الخاصة.
صحيح أن الدستور كان وراء هذه التشكيلة المتفردة لنواب البرلمان، إلا أن النواب واختلاف فكرهم وثقافتهم مدعاة لاحترام مجلس النواب، ولا يعيب المجلس أبداً عدم وجود تيار واحد يسيطر عليه، فهذا الاختلاف يثري الحياة النيابية ويزيدها قوة ويخدم في نهاية المطاف البلاد، سواء في الرقابة أو التشريع.. لكن هناك اتفاقاً آخر يجمع كل هذه التيارات يتمثل في مصلحة مصر أولاً».
عيد بلا بهجة
أمس كان ثالث أيام العيد، ربما أصابتك الصدمة، ليس لأنك لم تلحق أن تنهل وتشبع من مباهجه وأجوائه السعيدة، بل لأنك تود أن تتوقف عقارب الساعة حتى لا يقترب موعد العودة إلى العمل، إلى الغم والنكد كما يشير شريف عابدين في «الأهرام»: «ذبلت فرحة العيد، تبحث عنها لا تجدها حتى عند الأطفال.. تحول العيد عندهم إلى مناسبة اقتصادية بحتة لجمع العيديات لإنفاقها بلا حساب ولا استمتاع، بدليل أن الطفل يطلب المزيد لأنه لا يشعر بلذة ما جناه من إنفاق. أصبح العيد مجرد مراسم أو أداء واجب، تليفونات متبادلة مع الأهل والأصدقاء «محفوظة» التهاني، «مجمدة» المشاعر تصاحبها رسائل نصية «معلبة» على المحمول تعكس تكاسل مرسلها في أن يجهد أصابعه في كتابة تهنئة العيد بنفسه. والسؤال، مادمت تبخل على أصدقائك أن تكتب بنفسك رسائل المعايدة، وهذا أضعف الأيمان، ترى كيف سيكون موقفك عندما يقع هذا الصديق في ضيق يتطلب تدخلك إلى جواره؟ اختصرنا الأعياد في أسواق وجزار وشواء وكعك وشيكولاتة وملابس جديدة وعيديات وفنادق وسفر للداخل وللخارج، أراهن أنك على استعداد لإنفاق آخر جنيه في جيبك كي تفرح ويفرح من حولك، لكن السعادة لا تأتي، تحولت إلى زائر خفيف لا يطيل البقاء في مجالسنا».
لبس الرجال للذهب مباح أحياناً
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في فتوى له حول حكم الشرع في لبس الرجال لساعة ذات عقارب ذهبية نشرت في العديد من الصحف المصرية منها «اليوم السابع»: «ورد النهي في الشرع عن لبس الذهب للرجال؛ فعن أبي موسى الأشعري «رضي الله عنه» أن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لإنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ». وأضاف، غير أنه جاء في السنة الشريفة الترخيصُ في لبس الذهب اليسير للرجال إذا كان تابعًا لغيره؛ كفص ذهب في خاتم فضة، فروى الإمام أحمد في «المسند»، وأبو داود في «السنن»، والنسائي في «المجتبى»، عن معاوية بنِ أبى سُفيان «رضي الله عنهما»: «أن رسولَ الله «صلَّى الله عليه وآله وسلم» نَهَى عن لبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعًا». وتابع، والحكمة في الترخيص في يسير الذهب إذا كان تابعًا لغيره: أنه مقاوم للبِلَى ولا يصدأ كغيره من المعادن، (الخالص من الذهب لا يحمل الخبث، ولا يقبل الصدأ، ولا تنقصه النار، ولا يغيره مرور الأوقات)، وقال كثير من فقهاء المذاهب المتبوعة على إباحة اليسير من الذهب إذا كان تابعًا لا مفردًا، وأن علة إباحته: قدرته على مقاومة الصدأ، وعدم البِلَى، وعلى اختلافهم في بعض تفصيلات ذلك فإن عقارب الساعة تدخل في الصور التي نصوا على إباحتها. وأوضح مفتي الجمهورية، أن الحنفية أجازوا مسمار الذهب لتثبيت الفص؛ لأنه تابع في الاستعمال لا أصليا، وعقارب الساعة من هذا القبيل، بل أجاز الإمام محمد بن الحسن شد الأسنان بالذهب، وعن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف في ذلك خلاف ولا تُشدُّ الأسنان بالذهب، وتُشَدُّ بالفضة، وهذا عند أبي حنيفة، وقال محمد: لا بأس بالذهب أيضًا، وعن أبي يوسف مثل قول كل منهما. وبناء على ذلك: فإن السنة النبوية الشريفة جاءت بالترخيص في لبس الذهب اليسير للرجال إذا كان تابعًا لغيره؛ لِمَا في الذهب من مقاومة البِلَى والصدأ، وباب اللباس في ذلك أوسع من باب الآنية، وبذلك جاءت نصوص الفقهاء؛ فأجاز الحنفية مسمار الذهب لتثبيت فص الخاتم، وأجاز المالكية الحبة والحبتين فيه، وأجاز الحنابلة تحلية آلات الحرب بالذهب، ويسير الذهب التابع لغيره».
الوظيفة مقابل التحرش
ظاهرة التحرش تنتشر بشكل يدعو للخوف، الأمر الذي دفع آلاء الكسباني في «مصر العربية» لأن تلقي الضوء على رسالة فتاة عانت من تحرش الرجال: «في أثناء رحلتي الطويلة في البحث عن عمل مناسب يُمَكّنني من إعالة نفسي، طرقت كل الأبواب بلا فائدة، إلى أن أرشدني أحد أصدقائي إلى شركة ملاحة تحتاج إلى موظفات يتحدثن الإنكليزية بطلاقة، تعمل بها اثنتان من صديقاته، وما كدت أصيح فرحا إلا أنني رأيت وجهه قد تجهم وقال «لكن المدير متحرش، أنه يتحرش لفظيًا وجسديًا بالعاملات لديه، أنا على دراية بأنك تستطيعين إيقافه عند حده، لكن هنا تكمن المشكلة الكبرى. فإنك أن رفضت لن يتوقف عن تعنيفك وإن رسمتِ له حدودًا سيتخطاها، وإن قررتِ فضحه أو سبه لن يتورع عن اتهامك بشيء كبير قد ينجم عنه «تلبيسك» في قضية كبيرة»، فأدركت أن عليّ قبول الانتهاك يوميًا فقط لأستطيع أن أستمر في العمل، إذن يجب أن تكون مؤهلاتي هي القدرة على تجرع امتهانات الكرامة والجسد في صمت وليست تحدث الإنكليزية بطلاقة! رفضت العرض المغري بالطبع! لكنه جعلني أفكر مليًا في مدى الامتهان الذي تتعرض له المرأة العاملة في مجتمعنا، فأغلب الفتيات العاملات يُنظر لهن على أنهن قطعة من اللحم، من الممكن جدا أن يُنتهكن، فثقافة التحرش تنتقل من الشارع إلى العمل، بل والمنزل في كثير من الأحيان، قد يتهمنى البعض بالتهويل لأن وقائع التحرش بالمرأة العاملة موجودة في جميع أنحاء العالم وليس في المجتمعات الشرقية الذكورية فقط، نعم هذا حقيقي، لكن ما يترتب على هذه الوقائع هو ما يحدث حصريًا في مجتمعاتنا».
الأسوأ مقبل
ونتحول نحو الساخرين حيث يذكرنا محمد حلمي في «المصريون» بالمعاناة التي نتعرض لها بسبب صندوق النقد الذي عقدت معه مصر اتفاقاً حذر منه الخبراء: «أنا كسائر المصريين صَبور حَمول، لحم أكتافي ودمي وعظامي وجلدي وصبايا وأحلامي من الطعمية والفول. الزيادة التي لا تقصم ظهري في سعرهما لا تثنيني عن تناولهما. أما اللحمة فربما نسيت اسمها بعد أن فقدت شكلها وطعمها ورائحتها، ولا أنسى دعائي المأثور: اللهم أرني يوما في شاريها وبائعها وحاملها وشاويها وسالقها وآكلها، لا استثني من هؤلاء الظلمة أحدا. وأزيد اللهم سلط عليهم الصندوق والبنك الدولي وسائر الدول المانحة للقروض بشروط أسود من قرن الخروب. أنا شخصيا سوف استقبل مبعوث الصندوق وربما اسأله: معاك بُنِّي؟ يا أهلا بالصندوق.. وأقول لمن يصرخون خوفا من شروطه.. اللي مارباهوش أمه وأبوه تربيه الأيام والليالي واللي ماتربيهوش الأيام والليالي يربيه صندوق النقد».
«ريجيني كمان وكمان»
ما هي بالضبط المعلومات التي نقلناها إلى إيطاليا، حول مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، خلال زيارة وفد قضائي برئاسة النائب العام، المستشار نبيل صادق، إلى روما مؤخراً؟ من جانبه يشير سليمان جودة في «الوفد»: «لقد أبدى الجانب الإيطالي ارتياحه، لأول مرة، إزاء التعاون معه في قضية الباحث الذي لقي مصرعه في يناير/كانون الثاني الماضي، وسط أجواء لا تزال غامضة. والسؤال هو: ماذا بالضبط مرة أخرى قلنا لهم، وماذا سمعوا منا، وما الذي أدى إلى ارتياحهم هذه المرة، ولم يكن يريحهم من قبل؟ مما قيل عن الزيارة من جانبهم، إنها تمثل بالنسبة لهم نقلة جوهرية على مستوى النوعية، ثم على مستوى الوضوح. والسؤال من جديد: وضوح في ماذا، وأي نوعية تلك التي شهدت نقلة جوهرية في التعامل معهم؟ والسؤال الثالث: إذا كنا قد وضعنا تحت أعينهم أثناء هذه الزيارة التي تمثل ثالث زيارة من نوعها، معلومات لم تكن متاحةً أمامهم من قبل، فما الذي منعنا من أن نفعل ذلك منذ البداية، ولماذا تركنا القضية تتفاعل ضدنا، ويجري توظيفها لغير صالحنا، ولغير صالح اقتصادنا وسياحتنا على مدى تسعة أشهر؟
إن المعلومات المنشورة عن زيارة الوفد القضائي تقول إنه نقل إليهم، أن الشرطة تحرت عن ريجيني لمدة ثلاثة أيام، بناءً على بلاغ ضد أنشطته في البلد، وأنها لما تبين لها أن أنشطته غير ذات موضوع في ما يخص أمور الأمن القومي أوقفت التحري. هذه معلومة جديدة.. فلم يحدث من قبل أن قيل من جانبنا إن وجود ريجيني في مصر قد خضع لأي نوع من التحري. ويؤكد الكاتب أن جهاز الشرطة لا علاقة له بمقتل الباحث الإيطالي، لا لشيء، إلا لأن الجهاز لو كانت لديه معلومات مؤكدة حول نشاط للباحث تضر بالأمن القومي للبلاد، لكان قد ألقى القبض عليه، ثم أحاله إلى التحقيق، ومن بعده إلى المحاكمة.. أو كان قد طلب منه مغادرة البلاد في أسوأ الأحوال».