الرباط – «القدس العربي»: تتعدد الأسئلة في المغرب حول مشروع قانون التجنيد الإجباري، الذي صادق عليه مجلس وزاري برئاسة الملك محمد السادس يوم الإثنين الماضي، ويتوقع توسع هذه الأسئلة وارتفاع وتيرة النقاش خلال الأيام المقبلة، إذ إن المصادقة على مشروع القانون جاء قبل يومين من احتفال المغاربة بعيد الأضحى والعطلة الصيفية، وأيضًا لأن الدخول المدرسي والجامعي على الأبواب، والطلبة هم المعنيون بالدرجة الأولى بهذا القانون. وبالنسبة للوسط السياسي والحزبي فمن المقرر أن تتقدم الحكومة بمشروع القانون أمام البرلمان للمصادقة عليه وإدخاله حيز التنفيذ من خلال مراسيمه التطبيقية التي ستوضح بالتفصيل ما لم يتضمن القانون بشكل عام، خصوصًا المعنيين بالأمر والتعويضات التي سيتلقونها وعدد المعنيين سنويًا.
وأوقف المغرب 2006 التجنيد العسكري الإجباري الذي كان كان معمولًا به منذ سنة 1965 ويشمل الشباب من 20- 35 سنة، وترك الاختيار للفتيات ما بين 20 و27 سنة؛ فيما يشمل مشروع القانون الجديد الجنسين معًا ما بين 19 و25 سنة، أما لخريجي الجامعات فكان يعتمد الخدمة المدنية لمدة سنتين إلا أنه أوقف العمل بذلك منتصف الثمانيات نطرًا للعبء المالي الذي كانت تتحمله ميزانية الدولة.
وباستثناء معلومات عامة نشرت حول القانون الجديد الخاص بالخدمة العسكرية، ضرب جدار من الصمت حول مضامينه التفصيلية، إذ لم ينشر موقع الأمانة العامة للحكومة، كما هو جار العمل به، نسخة منه تسمح بالاطلاع عليه، كما لم تورد الحكومة تفاصيل أولى حوله في تواصلها الرسمي حول الموضوع.
ومن شأن افتتاح البرلمان في الجمعة الثانية من شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، أن يكشف الستار عن هذا مضامين القانون الذي خلق نقاشًا عموميًا حول عودة الخدمة الإجبارية بالمغرب ودواعيها الحقيقية، خصوصًا أنه يشمل الذكور والإناث إجباريًا ويفرض عقوبات على الرافضين في حالة استدعائهم.
ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات تعبرعن رفض الشباب المغربي لمنطق الإجبار، ولجأ عدد منهم إلى خوض حملة افتراضية لرفض القانون، داعين في الوقت نفسه إلى «توفير تعليم جيد وصحة جيدة في المستوى»، كما انتقدوا استثناء القانون «المجرمين».
ودعا المكتب الوطني لشبيبة النهج الديمقراطي (يساري راديكالي معارض) إلى السّحب الفوري، لمشروعي قوانين تتعلق بالخدمة العسكرية الإجبارية (18/44)، وبمنظومة التربية والتكوين (51/17)، واعتبر في بلاغ أرسل لـ»القدس العربي» أن التجنيد الإجباري هو أداة لإشاعة قيم الطاعة والخنوع المخزنيين وسط الشباب، وأداة كذلك للامتصاص المؤقت لبطالة الآلاف من الشباب سنويًا.
وقال إن التجنيد الإجباري استعمل في أوقات سابقة في المغرب من أجل تأديب الشباب المناضلين في مختلف الهيئات بعد انتفاضة 1965، وأن مشروع القانون الجديد يروم إلى ضبط فعالية الشباب الذين تعرف أوساطهم دينامية كبيرة، وذلك منذ حراك الشباب المغربي 20 فبراير 2011، مرورًا بحراكي الريف وجرادة وغيرهما، وحتى حملة مقاطعة شركات تجارية.
وعدّت شبيبة النهج الديمقراطي مشروع قانون منظومة التربية والتكوين (51/17) خطوة أخرى في اتجاه المزيد من تسليع التعليم المغربي وإخضاعه بالكامل لحاجات الرأسمال المحلي والأجنبي، ويحضّر للإجهاز على مجانية التعليم العمومي.
وأولت وسائل إعلام مغربية اهتمامًا بما نشرته صحف في دول أوروبية يقيم فيها مئات الألوف من المغاربة والسؤال حول إمكانية شمولها لهم، خصوصًا مزدوجي الجنسية، وهي النقطة التي لم يفصل فيها مشروع القانون، خاصة أن الجنسية المغربية لا تسقط عن المغاربة مزدوجي الجنسية، كمان أن المغربي الحامل جنسية أخرى يعامل فوق التراب المغربي كمواطن مغربي.
وطرحت صحيفة «ليكو» البلجيكية السؤال «هل سيكون لزامًا على المغاربة الحاصلين على الجنسية البلجيكية أن يؤدوا الخدمة الإجبارية في المغرب؟» وقالت إنه على الرغم من التدابير الخاصة بعودة الخدمة الإجبارية بالمغرب ليست واضحة تمامًا، فإن الشباب البلجيكي من أصل مغربي معنيون بالأمر، حيث إن «مشروع القانون لا يتحدث عن مزدوجي الجنسية أو المزدادين في الخارج على اعتبار أن الأطفال المغاربة هم مغاربة». وقالت الصحيفة البلجيكية إنه يمكن «إعفاء هذه الفئة من المغاربة في المستقبل إذا ما تم تحيين مشروع القانون وإضافة توضيحات قانونية تبين مجال تطبيقه بشكل واضح».
ونقل موقع «هسبرس» عن موقع مؤسسة الإذاعة الهولندية، تصريحات لمغاربة حاصلين على الجنسية الهولندية؛ من بينهم مريم البالغة من العمر 23 سنة، التي اعتبرت أن التجنيد الإجباري يمكن أن يوفر فرصة للشباب في المغرب، خصوصًا أن كثيرًا منهم لا يتوفرون على عمل؛ لكنها رفضت أن يكون ذلك إجباريًا للمغاربة الذين يعيشون في هولندا.
وقال موقع الإذاعة إن مريم وُلدت وترعرت في هولندا وتحمل الجنسية الهولندية والمغربية وتزور بلدها الأم باستمرار؛ لكنها تعبر صراحةً عن أن التجنيد الإجباري لا يجب أن يشمل المغاربة الذين يعيشون في هولندا، «قد يكون مفيدًا للذين لا يحصلون على فرص هنا في هولندا». وعبر ناصر، البالغ من العمر 23 سنة، عن رفضه أداء الخدمة العسكرية الإجبارية في المغرب وقال: «لا أريد الانضمام إلى الجيش المغربي، أنا في حال جيدة هنا في هولندا، وأنا فخور وسعيد بأنني مغربي هولندي؛ لكن إذا اضطررت للمغادرة بسبب التجنيد الإجباري لمدة عام فإن ذلك لن يكون جيدًا لمسيرتي هنا».
وتقدر أعداد الجالية المغربية في الخارج بأكثر من 5 ملايين مواطن، أغلبيتهم يتواجدون في بلدان الاتحاد الأوروبي ويحملون جنسياتها، ونسبة كبيرة منها من فئة الشباب المعنيين بالفئة العمرية التي سيطبق عليها قانون التجنيد الإجباري؛ وهو ما يعني أن القانون سيشملهم من الناحية العملية، لأن الجنسية المغربية لا تسقط.
محمود معروف
ليكتفوا فقط بشباب المغرب المعطل منهم واليائس. الأغلبية العظمى من شباب مغاربة الخارج قد لايتحدثون حتى اللغة العربية. علاقتهم بالمغرب علاقة شهر عطلة في السنة في أفضل الأحوال.