غزة – «القدس العربي»: علمت «القدس العربي» من مصادر مطلعة أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اعتذر عن المشاركة في مؤتمر «المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط» الذي ناقش القضية الفلسطينية ومستقبل حركة فتح، بسبب الجدل الكثير وغضب القيادة الفلسطينية من هذا المؤتمر واعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية الفلسطينية، بعد اتهام النائب محمد دحلان المفصول من اللجنة المركزية لحركة فتح بالوقوف وراءه. ولم يشفع البيان الختامي للمؤتمر الذي عقد في منتجع «العين السخنة» في سيناء، توجيهه التحية للرئيس الفلسطيني محمود عباس، من تقليل حدة الهجوم.
ولم يشارك أبو الغيط في فعاليات المؤتمر، حسب ترتيبات المشرفين عليها، من خلال استضافة المشاركين في مقر الجامعة العربية في مدينة القاهرة، حسب الجدول الذي وزع قبل مغادرة المشاركين قطاع غزة.
وكان من المفترض أن ينتقل المشاركون في اليوم الثالث والأخير من أيام المؤتمر إلى مقر الجامعة العربية، ليتحدث أبو الغيط عن مستقبل القضية الفلسطينية، قبل أن يعتذر كي يتجنب صب الزيت على النار.
وأُبلغ المشاركون بأن لدى أبو الغيط، ارتباطات أخرى تخص عمله. لكن شارك بعض المسؤولين المصريين السابقين في المؤتمر في أوراق بحثية عدة، حول «مصر والقضية الفلسطينية»، وهو العنوان الرئيس للمؤتمر.
ومن بين المشاركين الدكتور علي الدين هلال، والدكتور أحمد يوسف، والدكتور مصطفى الفقي، وآخرون من العاملين في السلك الأكاديمي المصري.
ويفسر المطلعون اعتذار الأمين العام للجامعة العربية، بأنه يعود للاعتراض الذي أبدته القيادة الفلسطينية، على عقد هذا المؤتمر، بدون التنسيق معها وكذلك الاعتراض ذاته الذي أبدته حركة فتح، التي استغربت مناقشة سبل تطوير الحركة، من دون التشاور معها أو أخذ رأيها من قبل القائمين على المؤتمر.
وصاحب الانعقاد حالة من الجدل والخلاف الشديد . وكان المجتمعون في أعقاب اليوم الثاني، وبعد بحث أوراق العمل المقدمة، أصدروا بيانا ختاميا، تلقت «القدس العربي» نسخة منه جاء فيه إنه بعد يومين من النقاش والحوار الجاد للمؤتمر الذي انعقد في «العين السخنة»، بدعوة من «المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط»، وما صحبها من تبادل رؤى وأفكار تركزت على توفير أقصى ممكنات الدعم للموقف الفلسطيني في ظل تزايد الهجوم الإسرائيلي ومحاولة تبديد ما حقق الشعب الفلسطيني من إنجازات على طريق استقلاله، خلصت النقاشات إلى جملة من التوصيات المهمة. وأكد أن التوصيات تركزت على «ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وإتمام المصالحة بين الفلسطينيين وإنهاء الانقسام بما يضمن استكمال مشروع التحرر الوطني وإقامة الفلسطينيين لدولتهم المستقلة وعاصمتها القدس».
وأكد المؤتمر على ضرورة توفير الدعم العربي للموقف السياسي الفلسطيني «وعدم تركه وحيدا أمام التطرف الإسرائيلي وإعادة القضية الفلسطينية، إلى صدارة الأولويات العربية بعد أن تراجعت إثر الاضطرابات التي حصلت في الإقليم وتراجع الدعم العربي».
وطالب المشاركون بـ «دعم القيادة السياسية للشعب الفلسطيني في خطواتها الدبلوماسية والدولية، وتوفير أقصى الممكنات العربية في هذا الإطار لضمان حضور فلسطيني في كل المؤسسات الدولية».
كذلك دعوا إلى ضرورة حل أزمة معبر رفح بما يضمن الحفاظ على ضرورات الأمن القومي المصري وضرورات الحياة الإنسانية لسكان قطاع غزة. إلى ذلك أكد المشاركون على «ضرورة التمسك بالشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيسا ولجنة تنفيذية ومجلسا وطنيا لضمان استمرار الاستقرار الوطني واستكمال مسيرة عودة الأراضي المحتلة لإقامة الدولة الفلسطينية». وطالبوا أيضا بـ «ضرورة استمرار الحوار والتعاون بين الشعبين المصري والفلسطيني وتعزيز أواصر الأخوة المصرية الفلسطينية من خلال استمرار الحوارات عبر مؤتمرات وورش عمل متخصصة بجميع الاهتمامات والتخصصات وتوسيع دائرة المشاركة لتشمل فئات أوسع للشعب الفلسطيني وذلك بأقرب فرصة». وفي ختام البيان وجه المشاركون التحية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس محمود عباس والجامعة العربية، مؤكدين على ضرورة استمرار التواصل بما يخدم القضية الفلسطينية.
ورغم ورود نصوص واضحة في توصيات المشاركين بالمؤتمر، تؤكد دعم القيادة الفلسطينية، والشرعية المتمثلة بمنظمة التحرير والرئيس عباس، الذي أنهى البيان أيضا بتوجيه التحية له، إلا أن البيان دعا لتعزيز الوحدة وإنهاء الإنقسام وهو دعوة غير مباشرة لإعادة دحلان لصفوف الحركة. وشنت فتح واطرها التنظيمية الكثير من الهجمات على المشاركين، ورفضت عقد المؤتمر من الأصل على هذا الشكل. وكانت حركة فتح على لسان المتحدث باسمها أسامة القواسمي، أكدت أن المؤتمر يعد تدخلا في شؤون الحركة الداخلية، معلنا رفض الحركة له ولأي نتائج تصدر عنه. ورفضت فتح في قطاع غزة المؤتمر، على لسان أمين سر الهيئة القيادية العليا للحركة إبراهيم أبو النجا، الذي جدد مبايعة الحركة للرئيس عباس، وشكك في قدرة أي شخص على شق الحركة.
وفي الضفة الغربية أكد أمناء سر حركة فتح في الأقاليم هناك، عقب اجتماع لهم أن مؤتمر «العين السخنة» تبعد «تجاوزا سافرا وخطيرا للشرعية الفلسطينية، وتدخلا مخجلا بالشأن الفلسطيني الداخلي، ومحاولة للقفز على الشرعية الفلسطينية». واستهجنوا تنظيم هذا المؤتمر في مصر، وأن «يجد المتجنحون عن الحركة، والخارجون عن قواعد العمل التنظيمي موطئ قدم لهم في مصر العروبة والفداء، التي تخضبت دماء أبنائها بثرى فلسطين عبر مختلف محطات نضال شعبنا».
وأكدوا أن «الفشل الذريع» لهذا المؤتمر تجلى في مقاطعة أبناء فتح «الغيورين الشرفاء والوطنيين والأحرار»، وثمنوا موقفهم المبدئي من محاولة «الالتفاف على الشرعية الفلسطينية وتقويض وإضعاف القيادة الفلسطينية».
وكان مسؤولو فتح في أوروبا قد أكدوا رفضهم المطلق للمؤتمر، وطالبوا القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي بوقف ما وصفوها بـ «المهزلة» ورفع الغطاء المصري عن الأيادي العابثة بالشأن الفلسطيني.
كذلك رفضت القيادة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، مؤتمر «العين السخنة» وقالت إن هذا الأمر يعتبر «محاولة خلق حالة من البلبلة والشرذمة».
أشرف الهور
(استمرار الحوارات عبر مؤتمرات وورش عمل متخصصة بجميع الاهتمامات والتخصصات وتوسيع دائرة المشاركة لتشمل فئات أوسع للشعب الفلسطيني وذلك بأقرب فرصة) هنا الفخ، هذا المؤتمر كان بداية والبقية تاتي على الطريق، ودحلان سيستلم.