الناصرة – «القدس العربي»: يزعم مصدر إسرائيلي أن جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية «الموساد» غرّر بالسودان وعمل على أراضيه طيلة خمس سنوات، ضمن مخططه لنقل اليهود الفلاشا من إثيوبيا عن طريق الأراضي السودانية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وحسب تقرير نشره موقع «والا» الإخباري فإن الموساد اختبأ خلف شركة سياحية عملت تحت غطاء تفعيل قرية سياحية في السودان على شواطئ البحر الأحمر، جرى فيها تنظيم عملية استجلاب اليهود الفلاشا وتوطينهم في البلاد.
ويوضح التقرير أن جهة إسرائيلية شرعت بتصوير فيلم سينمائي حول الموضوع ويتم التركيز فيه على عميلة لـ «الموساد» تمكنت من التقرب إلى جنرال سوداني، وضع مروحية تحت خدمتها. والأهم أن التقرير يكشف عن دور عناصر الوحدة الخاصة في البحرية الإسرائيلية (شييطيت 13 ) في تدريب وحدات سودانية، وبالتالي الاستفادة من خدمات الجيش السوداني لاستكمال المهمة.
ويلقي التقرير الضوء على دور الاستخبارات المركزية الأمريكية في إخراج عملاء الموساد في الخرطوم من هناك بعد افتضاح أمرهم.
ويشير الى أنه قد تم استجلاب عشرات الآلاف من اليهود الفلاشا من أفريقيا إلى فلسطين في عملية «حملة الإخوة» التي تتألف من سلسلة من الحملات، وبينهم آلاف مؤلفة وصلوا عن طريق حملة جرى تخطيطها في تل أبيب، من خلال قاعدة أمامية كانت عبارة عن قرية استجمام في البحر الأحمر. وفيها تم توظيف السائحين من محبي الغوص كغطاء للعملية التي خطط لها الموساد، بينما كانوا محاطين بعناصر الموساد وغواصي الوحدات الخاصة في البحرية الإسرائيلية.
عميلة الموساد
وطبقا للتقرير، فإن الحملة كادت تنكشف عدة مرات، ورغم كل وسائل الحذر، فقد كشفت من قبل سائح كندي يهودي، حيث حصل على وجبة إفطار في قرية الاستجمام، وثارت شكوكه، حيث تمكن من تشخيص سلطة إسرائيلية قدمت له، وذلك نظرا لأنه سبق أن مكث في بلدة داخل إسرائيل. كما تمكن من تشخيص اللهجة الإسرائيلية للغواص الذي كان يرشده، ما دفعه إلى التساؤل» أنتم إسرائيليون، صحيح؟، وكان الرد المرتبك الذي حصل عليه بمثابة إثبات نهائي. بيد أنه آثر الصمت.
وعن عميلة الموساد «يولا» التي كانت مسؤولة عن الحملة، يقول أحد المسؤولين، داني ليمور، إنها كانت يده اليمين، وكانت الشخص المناسب في المكان والزمان المناسبين». وتنحدر من عائلة برجوازية تتحدث الألمانية وتعيش في تل أبيب، تعلمت الفرنسية أيضا في فرنسا، وعملت لاحقا كمضيفة طيران في شركة «إلعال».
جعفر النميري
ويشير التقرير إلى أنها كانت تقضي أيام عطلتها في بحر إيلات، وأدارت لاحقا شركة طيران في إيلات كانت تقل سائحين. وكان شريكها في الغوص في إيلات شخص يدعى «روبي» وهو أحد عناصر الوحدة الخاصة في البحرية، وكان يتكرر اختفاؤه وظهوره مجددا. ويقول ليمور إن روبي هو الذي قدم له يولا، وحارب من أجل ضمها إلى الموساد. بينما يقول المسؤول الأعلى عن الحملة في بدايتها، أفرايم هليفي، الذي شغل لاحقا منصب رئيس الموساد، إن الحديث عن حملة ضخمة في بلاد بعيدة، وإنه بسبب الظروف، فقد كانت هناك حاجة للعمل بسرعة، ولذلك فقد تم تدريب وإعداد يولا على جناح السرعة، وبشكل مختصر.
وعملت الشركة على إعادة تفعيل قرية سياحية سودانية مهجورة تدعى مرسى أروس على شواطئ البحر الأحمر، وتعهدت بأن تعمل على جلب عملات أجنبية كانت الحكومة السودانية في حاجة لها. واستجابت للعرض حكومة جعفر النميري، الذي كانت له علاقات معينة مع إسرائيل، بحسب التقرير.
قرية الاستجمام
ويتابع التقرير «وصلت إلى السودان مندوبة الشركة يفترض أنها ألمانية تحب الغوص، لتفعيل القرية السياحية، وأطلق عليها لقب «المديرة الكبيرة»، وعملت على تشغيل عشرين عاملا سودانيا في مختلف الأعمال، وعاملات غرف من إرتيريا، دون أن يعرفوا أن المسؤولة عنهم هي إسرائيلية. لكن هليفي وبخلاف ما نشر أعلاه يوضح أن الحملة قد تمت بدون معرفة النظام السوداني أو دعمه، وإنما العكس، فقد كانت القرية تثير شكوك النظام حول حقيقة ما يحصل في قرية الاستجمام. ويتضح أن يولا عملت على إقامة علاقات جيدة مع ثري سوداني كان يملك بيتا منعزلا، ولكنه يطل على قرية الاستجمام، وكان بمثابة إنذار مبكر لمن يعمل فيها كلما قررت السلطات السودانية مداهمتها، وعملوا على إخفاء كل ما يمكن أن يكشف عن حقيقتهم. ويستدل من التقرير أن مندوب وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» في الخرطوم، كان يشارك في حفلات قرية الاستجمام. وصدرت تعليمات لعناصر الموساد بالتوجه إليه لدى تفعيل كلمة السر في حالة الطوارئ، كي يقوم بتخليصهم من هناك.
وعن طريقة العمل في نقل اليهود الفلاشا يشير التقرير إلى أن رجل الاتصال مع الموساد كان يتوجه من معسكر للاجئين إلى نقطة متفق عليها مسبقا، مرة في الأسبوع. ولم يكن هناك دائما من يلتقي به، ولكنه واظب على الوصول إلى النقطة ذاتها أسبوعيا.
التهريب في الليل
وفي بعض الأحيان كان يتلقى رسالة تقول «الليلة سنمضي في الطريق» وعندها يجري تنظيم مجموعة تتألف من بضع مئات من الأشخاص، وكانت تنظم كل الحملات في الليالي غير المقمرة، مرة في الشهر. ويوضح التقرير أن شاحنة وجيبا كانا يتحركان ليلا ويختفيان في ساعات النهار خشية الحواجز غير المتوقعة في بلد غير مستقر، ولمسافة تصل إلى نحو ألف كيلومتر للوصول إلى نقطة الالتقاء. وهناك كان يتم حشر نحو 200 إلى 300 شخص داخل الشاحنة والجيب، للعودة بهم إلى نقطة التجميع في مرسى فيجاب، شمال القرية السياحية، حيث تكون قد سبقتهم عناصر الموساد لتأمين المكان.
وضمن التفاصيل، يشير التقرير إلى أن جنرالا سودانيا وقع في غرام عميلة الموساد يولا، وعمل على نيل رضاها. وفي الفترة ذاتها، ألغى السودان تدريبات وحدات البحرية الخاصة لأسباب مالية، وأبدت القرية السياحية استعدادا لتقديم خدمات تدريب بواسطة «مدربي الغوص» فيها، أي عناصر وحدة البحرية الإسرائيلية الخاصة «شييطيت 13» .وبذلك وضع الجيش في خدمة القرية، كما وضع الجنرال مروحيته في حالة تأهب لصالح القرية السياحية، وقدم الجيش السوداني جهاز اتصال ليولا لاستخدامه في استدعاء المروحية في حال اقتضت الضرورة. ووفقا للمصدر الإسرائيلي فإن التزود بالوقود كان مشكلة مركزية بسبب عدم وجود محطات وقود في الصحراء السودانية.
كلمة السر
وعملت يولا على توفير الوقود للسفرات الطويلة، بداعي أن المولد الكهربائي قديم ويستهلك الكثير من الوقود. وقد استغرقت الحملة خمس سنوات، وكانت القرية السياحية هي عصبها وبمثابة رأس حربة تم من خلاله نقل يهود أثيوبيا. كما تبين أنه بعد أن كان يتم بداية نقل اليهود من نقطة التجميع في الصحراء إلى القرية، ومن هناك بواسطة قوارب «الزدياق» إلى سفينة تابعة لسلاح البحرية التي تنتظر في البحر الأحمر، بدأت عملية النقل بواسطة طائرات هركاليز، وذلك بعد ترتيب مسارات هبوط وإقلاع عن طريق القرية السياحية، إضافة إلى طرق أخرى جرى تفعيلها قبل إقامة القرية السياحية، حيث تم نقلهم على متن طائرات تابعة لشركة طيران بلجيكية. في كانون الثاني/ يناير من عام 1985، وصلت كلمة السر حيث انكشف كل شيء، وكان يجب تخليص الجميع فورا من هناك، بحسب التقرير. وتم الاعتماد على مندوب الاستخبارات المركزية الأمريكية في الخرطوم، لإخراج عناصر الموساد الذين وصلوا إلى مخبأ سري هناك، وتم إخراجهم من الخرطوم بواسطة صناديق مموهة.
ويزعم التقرير أن الموساد يواصل نشاطه الاستخباري في السودان. وفي عام 1990 تم ضبط اثنين من عملائه في الخرطوم، إلا أنه جرى تخليصهما من حبل المشنقة، بحسب مصادر أجنبية، بمساعدة رجل أعمال وملياردير بريطاني كانت له علاقات متشعبة في أفريقيا، يدعى تيني رونالد.
يشار الى أن اليهود الفلاشا يعانون اليوم من معاملة عنصرية على خلفية أصولهم العرقية وبشرتهم السوداء تدفعهم للتظاهر والاحتجاج. وكشفت القناة الثانية قبل أسبوع عن عودة مجموعات منهم لموطنهم الأصلي نتيجة لذلك.
وديع عواودة
ينبطق على هذه الحادثة الصهيونية مثل جزائري ،”أدخل يا مبارك بحمارك” و يقصد هنا الى المنزل لوصف حالة الفوضى و عدم تحكم اصحاب البيت في شؤون بيتهم وإهمالها و اللامبالات. كيف للحكومة السودانية في ذلك الوقت ان تجهل مرور مئات الآلاف من المواطنين الاثيوبيين الفلاشا عبر ترابها. الادعاء ان حكام السودان لم يعلموا غير واقعية انها محاولة طمس الحقيقة و تبرئة السلطات السودانية.
الصحف العبرية قالت وقتها ان الرئيس السوداني جعفر نميري قبض على الرأس بتهريب الفلاشا عبر الاراضي السودانية الى سيناء التى هي مساح مداح حتى اليوم بفضل كامب ديفيد للأسرائيليين