مصر السيسي تخنق غزة

اسرائيل أغلقت جزئيا المعابر التي تربطها بقطاع غزة مع أنها كدولة احتلال مجبرة قانونا على توفير الماء والدواء والغذاء والطاقة لمن يرزحون تحت نير احتلالها، حسب معاهدات جنيف. المعروف ان اسرائيل تضرب دائما عرض الحائط كل المعاهدات والمواثيق الدولية، من دون ان يحاسبها أحد. اسرائيل تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن عن طريق امريكا، التي استعملته لصالح اسرائيل عشرات المرات، وامريكا تمنع المجلس حتى من اصدار بيان إدانة او توبيخ لاسرائيل، لذا فهي تصول وتجول وتعيث فسادا في الارض من دون رادع ، ترتكب ما تشاء من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والقتل يمنة ويسرة بدم بارد مطمئنة انها فوق القانون. كل هذا رغم الوحشية والعنجهية يمكن فهمه، وليس قبوله، لأنه يصدر من اسرائيل. لكن الذي لا يمكن فهمه أو قبوله بأي منطق أو حجة، هو أن تغلق مصر معبر رفح لتضيق الخناق على أهل غزة المحاصرين برا وبحرا وجوا من عدوهم. ان كان الاغلاق في وقت السلم يعتبر عملا غير اخلاقي، فإن الاغلاق وقت الحرب، حيث ازدياد المعاناة، يصل الى مرتبة الجريمة المكتملة الاركان مع سبق الاصرار والترصد، بل يتعداه فعلا الى اعتباره جريمة ضد الانسانية. مصر تمنع دخول الدواء والمعدات الطبية، وتمنع خروج الجرحى للعلاج عندها او حتى المرور منها الى دول اخرى ترغب في معالجتهم. ببساطة هذا يعني ان مصر السيسي تدع الجرحى للموت. مصر تقول انها ليست طرفا في اتفاقية المعابر، كدولة مجاورة لـ(غزة) وقت الحرب فإن مصر ملزمة اخلاقيا، وقبلها قانونيا بفتح المعبر لتخفيف المعاناة عن المتضررين بسبب الحرب. أين الضمير؟ أين المروءة والشهامة؟ أين الاخوّة في العروبة والاسلام أو حتى حق الجيرة؟
مصر السيسي ليتها حتى كانت على الحياد في هذه الحرب، ولكنها شريك في الجريمة. ليس هذا كلام انشاء منمق، ابدا، لقد قالها نتنياهو صراحة، ان هذه الحرب بيّنت تنسيقا عالي المستوى مع دول اقليمية، وكاد يقول مصر، ماذا يعني هذا؟ يعني ان مصر الان ليست متواطئة مع اسرائيل في حربها على غزة، بل هي حليف وشريك، يا للعار، أهذه هي مصر «أم الدنيا»، او «قد الدنيا» كما يصفها الانقلابيون، لقد نزلوا بمصر الى قاع الدنيا، وهنا نحن لا نتكلم عن معظم الشعب المصري العريق، بل عن الحفنة المارقة التي انقلبت على الشرعية، ووجدت من يناصرها من الاعلاميين والفنانين والقضاة ورجال الدين، الذين اعادوا لنا من التاريخ السحيق علماء السلاطين، فاذا كان التاريخ قد اخبرنا ان الفتاوى فصّلت لهولاكو، فلماذا تستكثرونها الان على الانقلابيين؟ التسمية الجديدة لهؤلاء الآن هي الصهاينة العرب، فعلا صهاينة ولكنهم ليسوا عربا. انهم ينافحون عن اسرائيل بكل ما اوتوا من قوة وبيان، ويحضّون على قتل اهل غزة، ليسوا عربا بالتأكيد، وليسوا آدميين. جلّهم في مصر، ولكن الكثيرين من أمثالهم موجودون في دول عربية اخرى معروفة، لا يجاهرون بالباطل كما فعل السيسي وحاشيته.
السلطة الفلسطينية، وحكومة الوفاق، وحماس والجهاد وباقي الفصائل المقاتلة لا تنتقد مصر صراحة، لأنهم لا يريدون فتح جبهة اخرى هم في غنى عنها الان، ولكن الشعب الفلسطيني يدرك حجم خيبة الامل من مصر السيسي، التي اصطفت مع معسكر اسرائيل ضدهم . حتى مصر مبارك لم تجرؤ على المجاهرة بمواقف مثل هذه. استبشرنا خيرا بالربيع المصري وثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني اكثر من أي ربيع آخر في اي دول عربية أخرى لعلمنا بأهمية مصر. ما لبثت الثورة ان سرقت بأيد مصرية، ولكن بلا شك، بمؤامرة خارجية كانت وراءها امريكا، رغم تمثيل دور مغاير في البداية، واسرائيل والدليل هذا التحالف الجديد بينهما الذي لا تخطأه العين، وتعثرت الثورات في الدول الاخرى فظنت اسرائيل ان الفرصة مواتية للانقضاض على غزة. المفاجأة ان اسرائيل وجدت مقاومة جاهزة للنزال، على اعلى درجات الاستعداد، فلم ينفعها التحالف المصري اللهم الا في زيادة معاناة اهل غزة، ولكنهم ادهشوا العالم كله بصبرهم وثباتهم الذي يشبه المعجزات.
فلتتحالف اسرائيل مع مصر السيسي ومع آخرين في المنطقة، ولكن ستبقى غزة عصية على الانكسار، وستقف شامخة في وجوههم جميعا. المعاناة لا شك كبيرة جدا، وغزة مثخنة بالجراح، والحصار الاسرائيلي المصري يضــيق الخناق على غزة، ولكن غـــزة مع كل هذا لا تلين ولا تنكسر.
الحرية ثمنها غال جدا، والفلسطينيــــون لا يطيقـــون حياة الذل والمهانة، ولذا فهم مســتعدون للمزيد من التضحيات، والحرية والتحرير والنصر ينتظرهم ويسعون له وســينالونه ولو بعد حين.

٭ كاتب فلسطيني

د. خليل قطاطو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول hassan al hassani:

    من خلال حصاره لغزة وإغلاق معبر رفح لزيادة معناة أبناء غزة الفلسطينين رئيس الانقلاب في مصر ولا أقول رئيس مصر لأن مصر أكبر ألف مرة من أن يحكمها رجل انقلب على شرعية منتخبة وضرب بإرادة شعب مصر بعرض الحائط أقول من خلال حصاره لغزة وإغلاق معبر رفح يسعى السيسي للحصول على شرعية لنظامه المنهار عن طريق دعم نتنياهو له لدى الإدارة الأمريكية التي تعيش أسعد لحظاتها بوجود شخص السيسي على سدة الحكم بعد قتله الألاف من أبناء الشعب المصري والآن يشارك في قتل غزة التي تقاوم الاحتلال بصدور عارية …غزة بصمودها خيبت آمال السيسي و سلطة محمود عباس التي كانت تراهن على كسر المقاومة خلال أيام بل ساعات وغزة ومن ورائها كل أبناء الشعب الفلسطيني والعربي والعالم الحر منتصرة بإذن الله وها هم أبناء المقاومة من كل فصائل العمل الفسطيني يذيقون العدو الصهيوني الويل رغم حجم الدمار الهائل وعدد الضحايا جلهم من الأطفال على مسمع ومرأى من أعداء فلسطين الذين عرتهم هذه الهجمة الصهيونية الهمجية على غزة

  2. يقول سمير الاسكندرانى......لابد لليل ان ينجلى:

    اعرف يادكتور مقدار الحزن والالم والذى لن يجدى معة المداواة بالكلام , ولكن يعلم الدكتور قطاطو كفلسطينى ان كل الشعوب العربية تتألم مثلكم وربما اكثر واظنة بسبب العجز عن فعل شئ ما لمساعدة أهلنا فى غزة غير التظاهر ضد حكام العار والخيانة وخصوصاً حكام الكفتة فى مصر المتآمرون بل والمشاركون فى محرقة غزة.
    عزاؤنا ان يدرك اشقاؤنا الفلسطينيين ان هؤلاء الحكام لا يمثلون اى من الشعوب العربية هم لا يمثلوا إلا انفسهم ومن جاء بهم الى الكرسى وطبعاً كلنا نعلم من جاء بحكام الكفتة الى الكرسى!!!
    يكفى ان فضيحتهم بقت بجلاجل ( كناية عن عمق الفضيحة )
    ويعرف اصغر طفل فى اى مكان فى العالم العربى مدى خيانتهم بل ويعرفهم بالاسم …
    ونخص بالذكر مدير مخابرات الكفتة اما الثانى وهو الأعمق فى الخيانة ..
    فهو ابو ساعة اوميجا خضرة وسيف احمر وعجلة ، القاتل السفاح من قتل من المصريين فى يوم واحد اكثر من اى عدو جارجى او استعمار على مدى تاريخ مصر الطويل ، ابو فلاتر خربانة اللى بيتعذب وهو بيتكلم ،الجاهل اللى عايز يحل معضلة البطالة والطاقة فى مصر بعربية خضار ولمبة وعايز يعالج الإيدز بالكفتة فاقد الضمير والأهلية ساقط الثانوية بتاع كشف العذرية!!!
    نقول كمان ولا كدة كفاية.
    المجد كل المجد لشهداء غزة والخزى والعار لكل الصهاينة العرب .
    كل الشكر للقدس العربى. 

  3. يقول Democratic:

    الحكومات المصرية على مر التاريخ حكومات ميكيافيلية غاياتها تبرر وسائلها ابتداء من كامب ديفيد ونهاية بحرب غزة, اما غايتهم فهى رضاء امريكا للمحافظة على استمرار المعونة التى يستند اليها الاقتصاد المصرى, واما وسائلهم فحدث ولاحرج ,فذبحوا انصار الشرعية فى وضح النهارارضاء للامريكان وكفى بوقوفهم فى صف العدو الصهيونى ضد غزة واهلها خزيا وعارا.

  4. يقول حميد الجزائر:

    الطغمة الانقلابية المافياوية في مصر ،العن من اي طغمةحكمت مصر ،لهذا وجب على كل مصري حر وعربي أبي ان يكشف خيانتها ونفاقها ولا يلوم في الله والوطن لومة لائم ،فهذه الطغمة اخطر على الحية والديمقراطية من اي نظام حكم

  5. يقول محمد فلسطين:

    مقال رائع يضع الاصبع على الجرح مباشرة وبدون مجاملات وذلك لأن النظام المصري والاعلام المصري ليس عدوا للشعب الفلسطيني فقط بل أشد عاوة للفلسطينيين من اليهود وهاهم يضغطون على الوفد الفلسطيني بأكثر ما تريده اسرائيل منهم وقد أخضعوا الوفد الفلسطيني للمبادرة المصرية التي وضعها سيء الذكر طوني بلير وضغطوا على الوفد الفلسطيني مقابل فتح المعبر طوال مدة التهدئة…وقد نصحنا من البداية بأن لا يذهب الوفد للقاهرة لأن القاهرة العدو الأول للشعب الفلسطيني سواء نظاما أو اعلاما….فمصر لم ولن تسمح للفلسطينيين بتحقيق اي انجاز نتيجة انتصار المقاومة في غزة ومصر ليست عدوة لحماس فقط بل لكل الشعب الفلسطيني ومقاومته .

  6. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    اخ سمير الاسكندراني – يبدو انك مصريا- نحن لا نشك ولا بلحظة بطيبة الشعوب العربيه و فغهي شعوب لا ترضى بالذل وكل ما يقع على الامة من مصائب سببه علم اعداء الامة ان هذه صفة متأصلة بنا , هم يحاولون ترويضنا على مر عشرات السنين للقبول بالهوان ولكن هذه الشعوب تابى ذلك. لا اعتقد انه يوجد شعب بين شعوب الارض مر بهذا القدر من محاولات القهر كالشعب العربي برمته من المحيط الى الخليج. الغرب لا يريد لاسرائيل ان تقهر ولا يريد لنفسه ذلك. اسرائيل وكل حكّام العرب اوجدوا للقيام بمهمة الاذلال للامة العربية. اختيار فلسطين كان فقط مجرد عينه لتأديب كل العرب. لذلك لا نعتب على مصر فالشعب المصري مقهور ومضطهد اكثر من الشعب الفلسطيني, على الاقل الشعب الفلسطيني يعرف عدوه اما المصري فحدث لديه التباس. هل هذا الحاكم الذي اتى ويريد ان يسوق الثورة هو وطني ام عميل؟؟ نحن لا نقول بانه عميل ولكن اعماله لا تصب في مصلحة مصر. ام الجرائم التي قام بها فيجب ان يحاسب عليها.

إشترك في قائمتنا البريدية