مصر ستعاني طويلا من ذكرى «رابعة»… وإطلاق اسم «هشام بركات» على ميدانها لن يكون الحل

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يزال الحر وآثاره وضحاياه هو الموضوع الأكثر إثارة لاهتمامات الأغلبية، رغم أن الصحف الصادرة أمس الثلاثاء امتلأت بالأخبار والموضوعات الأكثر سخونة من حرارة الشمس، مثل ردود الأفعال على تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون مكافحة الإرهاب، بما يعني أن النظام سيواصل إجراءاته ضد الإخوان، وكل العناصر الإرهابية، من دون أي توقف. وتبين أن كل ما نشرته الصحف المستقلة في الأيام الماضية عن اقتراح بمصالحة يقودها صديقنا أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط لا أساس له من الصحة. وخبر وفاة والدة الرئيس وطلب الرئاسة من المواطنين عدم نشر أي إعلانات تعازي، ولمن يريد فليتبرع بقيمتها لأعمال الخير.
واهتمت الصحف بأعمال المؤتمر العالمي للإفتاء، وقام زميلنا إبراهيم عيسى، مساء أول من أمس الاثنين في برنامجه على قناة «أون تي في» بشن هجوم على الأزهر وشيخه والنظام كذلك، واتهمهم برعاية السلفيين المتطرفين، وأبدى دهشته مما قاله الرئيس في كلمته في الاحتفال بليلة القدر بتاريخ الرابع عشر من الشهر الماضي يوليو/تموز عن مسؤولية الأزهر في عدم نجاح تجديد الخطاب الديني، وقارن بين ذلك وما قاله يوم الأحد الماضي مشيدا بما حققه الأزهر، وتساءل عيسى أيه ده؟
أما رئيس الوزراء إبراهيم محلب فإنه كان سعيدا وهو يلتقي بممثلي المصريين في الخارج بما يحققه الاقتصاد من نمو. وإلى شيء من أشياء كثيرة لدينا….

من يضمد جراح
العالم العربي المفتوحة

ونبدأ بالرئيس عبد الفتاح السيسي وأبرز ما نشر عنه، وكان أوله في يوم السبت عبر مقال للدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة، ورئيس مجلس إدارة مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، حيث طالب بعودة مصر لأن تحتل مكانتها القيادية في المنطقة، كما كانت أيام خالد الذكر، ومما قاله فيه: «للأجيال الجديدة التي ولدت وشبّت عن الطوق بعد هذين العقدين، فقد كان جمال عبد الناصر هو بطل تلك الحقبة، بلا مُنازع ـ مصرياً وعربياً وأفريقياً. لكن عبد الناصر كان بطلاً تراجيدياً، فقد حقق من الانتصارات بقدر ما ارتكب من أخطاء أوقعت به من الهزائم، التي مازلنا ندفع فواتيرها إلى الوقت الحاضر ـ أي بعد رحيله بخمسة وأربعين عاماً. الوطن العربي، هو فى أمسّ الحاجة إلى من يضمد جراحه المفتوحة، في اليمن، وسوريا والعِراق وليبيا. وليس هناك من هو قادر على ذلك في الوقت الحاضر، غير مصر، ورئيسها عبد الفتاح السيسي، حينما تعرضت الحكومة الشرعية اليمنية المُنتخبة لتمرد جماعة الحوثيين، وزحفها من المُرتفعات الشمالية والاستيلاء على العاصمة صنعاء، بل التحرش بالجارة السعودية، وجدت مصر نفسها مرة أخرى مُطالبة من المدنيين اليمنيين، ومن الشقيقة السعودية بضرورة دعم النظام الشرعي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فلبّت النداء، وإن جزئياً، وبحذر شديد، تاركة للمملكة العربية السعودية زمام المُبادرة، بوصفها الجارة الأقرب لليمن، ولكونها الدولة المحورية في بُلدان مجلس التعاون الخليجي. وخُلاصة القول إن مصر، حجماً وموقعاً وموضعاً، عليها دور لا بد أن تلعبه نحو جيرانها، ونحو أمتها. وهي قادرة على ذلك. فعلى قيادتها، مُمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تتقدم للقيام بهذا الدور. فإنها إن لم تفعل، فسيتقدم لاعبون إقليميون آخرون لملء الفراغ الاستراتيجي الذي نشأ واتسع في أعقاب ثورات الربيع العربي. فيا مصر ويا سيسي هيا، ولبيا نداء العرب والعروبة، بالتحفز وأخذ الزمام لإصلاح شؤون البيت العربي، حتى لا يفعل ذلك غير العرب، ولمصلحتهم هم وليس لمصلحة العرب. فهل من سميع؟».

أي مستقبل للاستثمار في مصر؟

وهل هذا سؤال يا سعد؟ طبعا سيفعل وقد تؤدي بعض أفعال نظامه إلى غضب صاحب الجريدة «المصري اليوم» رجل الأعمال صلاح دياب، الذي يكتب عمودا يوميا باسم نيوتن وسبب غضبه وانزعاجه قرار لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها بمنع رجل الأعمال صفوان ثابت من التصرف في أمواله وممتلكاته، بعد أن ثبت للجنة أنه كان يدعم الجماعة ماليا، واعتبر صلاح دياب ذلك رسالة سلبية للمستثمرين وقال: «بعد مؤتمر الاستثمار في شرم الشيخ. بعد افتتاح القناة الجديدة. بعد دعوة العالم كله ليروا ما فعله المصريون. في عام لم يزد يوماً. أفاجأ بأمر يضع أموال الإخوان قيد التحفظ. إجراء احترازي نؤيده من صميم قلوبنا. لكنه يجب أن يكون مبنياً على تحقيقات. لا تكفي فيه تحريات من طرف واحد. من جهات أمنية. وإلا أصبحت فيه شبهة تجاهل للقانون. وهذا أخطر ما في الأمر. مجرد إصدار قرار بالتحفظ على الأموال، أو قرار بالمنع من السفر، كلا القرارين عقوبة لو تم من دون تحقيق.
أحد الضحايا رجل من كبار الصناعة، المهندس صفوان ثابت، نجاحه في الاستثمار جذب أكبر شركة في العالم لصناعة الألبان ومنتجاتها، شركة دنماركية/سويدية. جاءت لتضيف على استثماراته، لتعظم قدرته التنافسية فيكون مركزاً لتصدير منتجاته للعالم، مصدراً للعملة الصعبة، ثم يقف ثلاثة من الوزراء ليشهدوا حفل التوقيع، منير فخري عبدالنور وزير التجارة والصناعة، أشرف سالمان وزير الاستثمار، نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي. إذن الدولة تبارك نشاطه وترعاه، الدولة نفسها تضع أمواله يوم الخميس الماضي تحت التحفظ، من دون تحقيق.. من دون مراجعة.. من دون إنذار. غيلةً وبليل. نفاجأ بالقرار، الوزراء الثلاثة ورابعهم صفوان ذاته، نعم صفوان جده من الإخوان- الهضيبي ما ذنبه في هذا. إذا كانت جدته بمبى كشر، ما ذنبه أيضاً، هل هكذا يؤخذ الناس بالأعراق، بالهوية؟
المؤتمرالاقتصادي في شرم الشيخ، افتتاح القناة الجديدة، أسفار رئيس الدولة والوزراء لأنحاء العالم، كل هذا في اتجاه. ليعزز للمستثمرين مناخ الأمن والأمان. وقرار يوم الخميس في الاتجاه المضاد تماماً، يعطينا الانطباع بتجاهل القانون وروحه، هذا ما يقضي على الأمن والأمان الذي ينشده أي مستثمر. الجميع يراقبون تطبيقه في كل مجال. على مَن يُسجن من دون إجراء قضائي، على مَن يستمر سجنه بالمخالفة للقانون، لا يعنينا هنا مَن هم، كانوا علاء وجمال مبارك، أو كانوا «عتريس وفؤادة»، في النهاية القانون هنا متروك، متجاهَل لا مقام له».

قرارات التحفظ على أموال
الإخوان وانعكاساتها على الاستثمار

وصلاح يشير إلى المرشد السادس للجماعة محمد المأمون الهضيبي، والحقيقة أن قرار التحفظ الذي صدر استبعد أسهم صفوان في شركة جهينة، حتى يبعدها عن أي تأثير، وهو ما أكده وزير الاستثمار نفسه أشرف سالمان في يوم الأحد نفسه في كلمة له في افتتاح مجمع خدمات الاستثمار في الإسكندرية ونشرته «الأخبار» يوم الاثنين في تحقيق لزميلنا محمد جابر جاء فيه: «أكد أشرف سالمان وزير الاستثمار أن قرارات التحفظ على أموال رجال الأعمال الإخوان تأثيرها محدود على مناخ الاستثمار، قد يكون له تأثير وقتي على الاستثمار، ولكنه غير مستمر إلا أننا نحمي المستثمر الجاد. والقرار في حد ذاته قرار قضائي غير مؤثر على الاقتصاد. إننا سنثبت للعالم كله أننا أفضل مكان للاستثمار، الحكومة مصممة على مواجهة تداعيات تلك القرارات واتخذت تدابير لمواجهة هذا التحدي، من أبرزها التوضيح للمستثمرين في الداخل والخارج أن هذا القرار يعتبر أمرا قضائيا استثنائيا، وإذا تقدم أي مستثمر بتظلم بشكل محايد ويتم تقديم كل الدعم والمساندة، أن أزمة تراجع العملة الصينية « اليوان» أكثر ضررا على الاقتصاد المصري من قرارات التحفظ على أموال الإخوان».

التبرع بقيمة إعلانات التعازي لصندوق «تحيا مصر»

ونظل مع رجال الأعمال والرئيس، إذ طلب السيسي عدم نشر إعلانات تعازي له في وفاة والدته والتبرع بقيمتها لأعمال الخير، وقد أخبرنا أمس الثلاثاء زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في جريدة «المصري اليوم»، أنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد رجل أعمال واقعا في حيص بيص، وطلب عمرو مساعدة رجل الأعمال في الخروج من الحيص بيص وهو ممسك بسيجار في يد وطبلة في الثانية وعمل مسابقة لذلك جاء فيه: – طالب الرئيس السيسي بعدم نشر أي تعازي في وفاة والدته والتبرع بقيمة أموال التعازي لصالح صندوق تحيا مصر، ساعد رجل الأعمال المجامل على الخروج من هذه الورطة».

وزارة الداخلية تحقق نصرا بالقبض على عكاشة!

ومن رجال الأعمال الإخوان إلى ردود الأفعال على قرار آخر وهو تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضد الإعلامي صاحب قناة «الفراعين» توفيق عكاشة لصالح زوجته الأولى، بسجنه ستة أشهر لأنه حكم نهائي واجب النفاذ، وهو ما أغضب زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رفعت رشاد رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وأمين الإعلام في أمانة الحزب الوطني في محافظة القاهرة الأسبق «ناصري» فقال يوم الاثنين في مقال له في الجريدة: «حققت وزارة الداخلية نصرا كبيرا بالقبض على المجرم الخطير توفيق عكاشة، عوضت الداخلية إخفاقها في القبض على أي طرف من قتلة النائب العام هشام بركات بالقبض على أخطر رجل في العالم ليس فؤاد المهندس ـ توفيق عكاشة، لا توجد علاقة مباشرة بين هشام بركات وتوفيق عكاشة لكن صارت العلاقة الآن بينهما واضحة تعويض الفشل في القبض على قتلة نائب مصر العام بالقبض على عكاشة! ما الرسالة التي تريد الداخلية إرسالها للمواطنين بحبس عكاشة؟ بالطبع ستقول الداخلية أن عكاشة هارب من حكم قضائي واجب النفاذ، وهذا صحيح ولا تدخل في هذا الأمر فالمفروض أن الداخلية تنفذ الأحكام القضائية، لكنني أسأل عن مبرر قيام الداخلية بالحشد الضخم لقواتها للقبض على عكاشة في كمين ليلي وكان من الممكن أن يقبضوا عليه في أي وقت، أو يرسلوا لاستدعائه فيذهب إليهم. عرفت عكاشة منذ ما يقرب من عشرين عاما لمست فيه الصدق والإيمان بالدولة المصرية، خادم الناس القريب منهم. قيل إن القبض على عكاشة قرصة ودن لأنه هاجم الوزارة والوزير، نرفض أن يعود عصر قرصات الودن بعد ثورة 30 يونيو/حزيران فما حدث لعكاشة لم يجرؤ أن يفعله الإخوان».

«اللي مالوش خير في ابنه مالوش خير في وطنه»

ولكن ما أن قرأ زميلنا في «الوفد» عصام العبيدي دفاع رفعت عن عكاشة حتى صرخ فيه في يوم الاثنين نفسه قائلا: «في قضية حبس المدعو توفيق عكاشة.. كل أطراف الأزمة أخطأت. الداخلية أخطأت: لأنها انتظرت «سنوات» من دون أن تنفذ حكماً قضائياً نهائياً ضد المذكور.. رغم صرخات الزوجة.. واستغاثاتها بكل المسؤولين في مصر.. خاصة أن المدعو عكاشة.. رفض الاعتراف ببنوة طفله المسكين.. الذي شاءت إرادة الله أن يخرج للحياة معاقاً ذهنياً.. وبدلاً من أن يقوم المذكور باحتضان طفله.. ورعايته تبرأ منه.. ولم يسمح له بأن يحمل اسمه! بل امتنع عن الإنفاق عليه تماماً.. حتى وصل مبلغ النفقة المتجمدة إلى 600 ألف جنيه كاملة.. وحفيت أقدام الزوجة.. حتى تطول منه مليماً واحداً.. من دون جدوى بسبب أن عكاشة.. راجل واصل، حسبما كان يقال لها في كل جهة تشكو لها المسكينة. ولما هاجم عكاشة وزير الداخلية.. استخدمت الوزارة الحكم كسلاح للتنكيل به.. وقبضت عليه فوراً لتنفيذ أحكام النفقة.. وكذلك السب والقذف في حق مطلقته! أخطأ المتعاطفون مع عكاشة.. الذين جعلوا منه بطلاً ومناضلاً كبيراً، رغم أنه شخص بالبلدي كده مالوش خير.. في ابنه.. يبقى حد ينتظر منه أي خير لوطنه! وهو الآن محبوس في قضية الامتناع عن سداد النفقة لطفله المعاق.. الذي لم يعترف ببنوته.. يعني قضية تفضح.. وليست نضالاً سياسياً.. ضد الإخوان.. كما يردد السفهاء من أنصاره.. فهل أمثال هذا الشخص.. يستحق أي تعاطف.. فين عقلكم وضميركم يا ناس؟! من يستحق منكم التعاطف.. عكاشة.. أم طفله المعاق ذهنياً.. الذي تخلى عنه أب ﻻ يعرف الرحمة.. ولم يرحم ضعفه ومرضه؟».

السبب في قضية عكاشة عائلي وليس سياسيا

ولو تركنا «الوفد» وتوجهنا في يوم الاثنين نفسه إلى «التحرير» سنجد زميلنا وائل عبد الفتاح في عموده «مفترق طرق» يقول: «توفيق عكاشة محبوس بحكم نهائي 6 أشهر لسب طليقته والامتناع عن نفقة ابنه، الذي لم يعترف به، كانت تحيطه فرقة حراسة من الداخلية لأن اسمه موجود، على حسب وصفه، على كل قوائم الاغتيال، لكن وزير الداخلية سحب الحراسة بعد أن انتقده عكاشة في واحدة من مونولوجاته الطويلة، هذا يعني أن عكاشة كان تحت الحراسة بعد صدور الأحكام ولم يتم تنفيذها، عكاشة بعد سحب الحراسة وبعد آهة حسرة طويلة قال: «اتفضل يا سيادة الوزير لفق لي قضية»، وهذا يعني أن المذيع العراف المطلع على كواليس الأجهزة الأمنية يعترف أو يكشف علنا أن الوزير يلفق قضايا لمن يغضب عليه، وهذا الاعتراف المجرد جاء في لحظة فلتة لسان أو غلطة كاشفة لما يسميه علماء النفس اللا وعي».

تباطؤ النظام في تطبيق القانون وأحكام القضاء

«أما المدهش في الأمر كله فإن الجميع أصبح يركز الآن على وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، وأنه قام بتنفيذ الحكم القضائي بعد أن هاجمه عكاشة، بينما جميع الصحافيين والكتاب والسياسيين يعلمون جيدا أن هذه خطوة يستحيل على وزير الداخلية اللجوء إليها من تلقاء نفسه، لا بالنسبة لعكاشة، وإنما بالنسبة للصحافيين والسياسيين عموما، وهذا ما نعرفه جميعا، وحتى يسهل توجيه الاتهام للوزير وكأنه ينفذ أو لا ينفذ القانون حسب مزاجه، فقد تم تجاهل أن عكاشة لم يهاجمه وحده، وإنما هاجم السيسي بطريقة غير مباشرة، عندما انتقد عدم وضع صورة للرئيس الأسبق مبارك على جدارية قناة السويس الجديدة بجوار ناصر والسادات والسيسي، وأخذ يشيد بمبارك وإنجازاته ويشن حملات عنيفة على خالد الذكر، وهدد بالنزول بمليونية في الشوارع دفاعا عن مبارك وذلك في مكايدة مكشوفة للسيسي وتهديد غير مباشر له، كما يتجاهل من حصروا الهجوم في اللواء عبد الغفار أن عكاشة تحدث عن مجموعات تثير الفتن داخل الرئاسة منهم أربع قيادات عسكرية اثنان على المعاش واثنان في الخدمة وهذا في رأيي ابتعاد عن الأمانة المهنية، وأنا لا دخل لي بهذه القضية ولا أدافع عن وزير الداخلية في هذه الواقعة، لأننا أولا إزاء قضية حكم قضائي نهائي لابد من تنفيذه والاعتراض سيكون على أسباب تأخر تنفيذه، لأن عكاشة لم يكن هاربا إنما هو يذهب إلى مدينة الإنتاج الإعلامي كل يوم والاعتراض يكون أيضا على تباطؤ النظام في تطبيق القانون وأحكام القضاء، وأن يتم استخدام ذلك لإجبار بعض مؤيديه من تجاوز حدودهم ولعب ادوار خارج ما هو محدد لهم لحسابهم أو لحساب آخرين».

الاحتفاظ ببعض المكاسب
خير من خسارة كل شيء

ثم ننتقل إلى المعارك والردود المتنوعة التي امتدت إلى قضايا عديدة سيبدأها زميلنا جمال سلطان رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة «المصريون» وقوله عن الذكرى الثانية لأحداث رابعة والنهضة والحزن ظاهر عليه، لأن أحدا لم يستمع إلى نصائحه من التيار الإسلامي: «كتبت مرارا، وتحدثت مرارا، أناشد أنصار مرسي أن لا يخوضوا الصراع بمنطق المعادلة الصفرية، لأن نتائج ذلك كارثية ومروعة، إما قاتل أو مقتول، ولا وسط، إما أن تعلقوهم على المشانق في ميدان التحرير، كما كنتم تتوعدون أو يعلقوكم هم على المشانق في السجون والمعتقلات، ولا وسط، وقلت وقتها إن هذه القضايا الملتبسة يصعب أن تتعامل منها بمنطق المبادئ والثوابت الديمقراطية، لأن البلاد في مرحلة انتقالية وزخم الثورة ما زال حاضرا وحراك الشارع أقوى من حراك المؤسسات، والديمقراطية الوليدة هشة جدا، والأفضل الوصول إلى حلول وسط، وأن تخسر بعضا وتحتفظ ببعض المكاسب أفضل من أن تغامر بخسارة كل شيء.كانت هذه رؤيتي، وقلتها بإخلاص شديد وتجرد كامل، وقلق على الجميع، وعلى الوطن.
بعد قرابة عامين على المذبحة قرر مجلس الوزراء في اجتماع رسمي أن يغير اسم الميدان، من ميدان «رابعة العدوية» إلى ميدان «المستشار هشام بركات»، وهو النائب العام الذي منح الإذن بعمليات الفض، ثم كان هو نفسه ضحية لتوابع وتداعيات الدم على الوطن فاغتالته خلية إرهابية في طريقه إلى مكتبه، وقد كان بإمكان الحكومة أن تجامل ذكرى المستشار الراحل بإطلاق اسمه على الميدان الذي كان يسكن فيه، أو الميدان الذي كان يقع في نطاقه مكتبه «ميدان الإسعاف»، ولكن، لأن ذكرى رابعة تشغل بال الجميع، وتهيمن على ذاكرة الجميع، وتضغط على أعصاب الجميع، ذهبوا ـ في حالة كيد بدائي ـ لإطلاق اسمه على الميدان الذي شهد المذبحة. أيا كانت التفاصيل وتحميل المسؤوليات هنا أو هناك، فإن مصر ستعاني طويلا ولسنوات مقبلة من تلك الذكرى الكئيبة، ولا أحد يعرف كيف سنخرج من لعنتها، وكيف سيتجاوزها أي مشروع سياسي أو تصالحي في المستقبل القريب أو البعيد» .

نبيل عمر: اللعب بالدِّين أمر خطير

أما زميلنا نبيل عمر في عموده «أوراق خاصة» في جريدة «التحرير» فقد ترك ما تناوله سلطان واتجه إلى قضية أخرى ليست بعيدة عن التيار الإسلامي هي الخطاب الديني قال: «يبدو أن البعض فهم دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، على أنها «رسالة سرية» لدعمه من المؤسسات الدينية، وإصدار فتوى لصالحه، وبعد أن أفتى الدكتور علِي جمعة بأن «طاعة الرئيس من طاعة الرسول وأن عصيانه من عصيان النبي»، تقدَّم وكيل وزارة الأوقاف صبري عبادة، خطوة إلى الأمام وقال إن «الخروج عليه خروج على ثوابت الإسلام» فلم يعد عصيانه عصيانًا للنبي، ومعصية خطيرة بل خروج على ثوابت الدين كله، وقد رجعت بنفسي إلى ثوابت الدين فلم أجد المصدر الذي لجأ إليه هذا الشيخ ليأتي بفتواه العجيبة نحن نعيد الكرة، بالتفاصيل المملة، كما لو أننا لا نتعلّم ولا نفهم أن اللعب بالدِّين أمر خطير، وإقحام له في عالم السياسة الذي لا يتمتع بأي قداسة من أي نوع، بينما الدين مقدس في كل جوانبه. هؤلاء الشيوخ سواء الذين أفتوا لمرسي أو الذين يفتون للسيسي ينسون أمرًا جوهريًّا هو أننا جاوزنا القرن السادس الميلادي بخمسة عشر قرنًا كاملة».

مؤتمر عالمي لتنظيم الإفتاء

وفي «الوطن» الأحد نشرت حديثا مع المفتي الدكتور الشيخ شوقي علام عن المؤتمر العالمي لتنظيم الإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء في القاهرة وأجراه معه زميلنا وائل فايز وقال فيه المفتي: «ليس الأول عالمياً، لكنه الأول لدار الإفتاء المصرية، ونهدف من خلاله إلى إعادة الدور الريادي لـ«الدار»، كمؤسسة إفتائية عريقة لها ثقل علمي وتاريخي، والارتقاء بالإفتاء من أزمة الفوضى والجمود إلى الإفتاء الحضاري بمنهجه العلمي الفعَّال والأصيل، والتعرف على المشكلات في عالم الإفتاء المعاصر، ومحاولة وضع الحلول الناجعة، خاصة ما يتعلق منها بمعرفة المخرج الشرعي الصحيح من الاضطراب الواقع في عالم الإفتاء، لذا ارتأينا دعوة مجموعة كبيرة من كبار المفتين من أكثر من 50 دولة من قارات العالم أجمع في محفل علمي، لنتباحث معاً الوصول إلى حلول حاسمة لفوضى الفتاوى ووضع ميثاق للعمل الإفتائي ونرسخ لمبادئ الوسطية في الفتوى والنظر إلى المآلات، وإعمال الرخص في مجالها، والتعرف على مواطن الأخذ بالعزائم، وتفعيل المقاصد. ونهدف من خلال ما نتوصل إليه في حلقاتنا النقاشية خلال المؤتمر أن يكون حداً فاصلاً بين عصر فوضى الفتاوى، التي تتسبب في زعزعة استقرار المجتمعات، وأدت إلى التطرّف، وبين عصر الفهم الدقيق لطبيعة الدور الإفتائي وما يكتنفه من ضوابط يمكنها مع التطبيق أن ترتقي به إلى أعلى مستوياته وتسهم في عجلة البناء والتنمية. نسعى لإصدار ميثاق شرف للفتوى في العالم لمنع غير المتخصصين، وسنمد أيدينا لوسائل الإعلام لمنع غير المتخصصين وضبط عملية الفتوى، لإيجاد إجماع عالمي لمواجهة الإرهاب من خلال المؤتمر رصدنا عشرات الفتاوى المتطرفة عبر مرصد التكفير بدار الإفتاء وتمت مواجهتها والرد عليها وتفنيدها، فضلاً عن إصدار ما يزيد على 25 تقريراً».

قانون الإرهاب قدم
خدمات جليلة للإعلام الأجنبي

قانون الإرهاب الذي وقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 17/8/2015، صدر وكأن مصر، قطعة جغرافية تعيش وحدها على كوكب آخر! ويفترض أنه لا يوجد صحافيون إلا في مصر!.. وأنه لا يوجد خارجها، صحف ومواقع إلكترونية ومؤسسات إعلامية ضخمة وعابرة للحدود والقارات.. هذا ما بدأ به محمود سلطان مقاله في «المصريون» مواصلا كلامه: «وبمعنى آخر: يفترض ترزية هذا القانون، أنه إذا قُطعت ألسنة الصحافيين في مصر، فلن يتكلم آخرون خارجها، بشأن ما يجري فيها من قمع وعمليات إرهابية و»السكوت» على أخطاء سياسية وأمنية في مواجهته. ففي الوقت الذي كان فيه القانون قد صدر لتوه، فإن محطات إخبارية ومواقع إلكترونية عالمية وتحظى بالمصداقية والمهنية وواسعة الانتشار، كانت تنشر تقارير عن عمليات إرهابية ومحاكمات لقيادات في مؤسسات حساسة، لو نشرتها الصحف المصرية، فإن مصيرها ومصير صحافييها سيكون ـ وبحسب قانون الإرهاب ـ أبعد مما هو وراء الشمس. هذه التقارير نشرت على نطاق واسع، وعلى صدر الصفحات والمواقع الأجنبية الناطقة بالعربية، وبالتأكيد اطلع عليها العالم كله، وقطاع كبير من المصريين، ومن بينها أخبار بالغة الخطورة، ماسة بالمؤسسات التي وقفت وراء صدور هذا التشريع، المؤسس لدولة الظلام. العالم كله قرأ التقارير، واطلع عليه مصريون، ولم يستطع القانون حجبها أو منعها من الوصول إلى «الجمهور المستهدف».. بل إنها سببت حرجًا شديدًا للسلطات المصرية، ففي حين غلت يد الصحافيين المصريين عن النشر، فإنها لم يصدر منها ما ينفي أو يؤكد ما نشر.. ما يشير إلى مستوى الارتباك، داخل الإدارات الرسمية التي خصها القانون، وحدها دون غيرها، بإصدار البيانات وجعلها مصدرًا وحيدًا لا شريك له للمعلومات، وإلزام الصحافيين بها، وإلا كان مصيرهم التجويع والتشريد والسجن.. والعمل على تنظيف دورات المياه للسادة ضباط الشرطة في أقسام البوليس. صباح يوم 18/8/2015، نشرت صحف أجنبية تقارير عن الإرهاب في سيناء، وتضمن بعضها إدانة واضحة للسلطات المصرية، ولم تعفها من مسؤولية تهيئة الأجواء المساعدة على العنف، بسبب السياسات الأمنية التي لا تخضع عادة للمراجعة. ما أريد قوله: إن القانون سيبقى سيفًا مسلطًا على رقاب الصحافيين المصريين.. ولكنه لن يوقف من تدفق التقارير والأخبار الأجنبية، التي تنقل مشاهد العنف وتفاصيل المواجهات مع الإرهابيين، سواء كانت حقيقية أو مبالغًا فيها، أو كتبت بنزعة تآمرية.. وسيجعل بالضرورة مواطنين مصريين، شغوفين بالبحث عن الأخبار من مصادر أجنبية، بما فيها مواقع «داعش» على الإنترنت، وقد يصدقها، بسبب خبرته الطويلة والسيئة مع مصداقية الإعلام الرسمي. وفي المحصلة الأخيرة فإن القانون أساء إلى النظام، وعزز من صورته «القمعية» في عيون العالم.. فيما قدم خدمات جليلة للإعلام الأجنبي «المتآمر» على الدولة.. وخدمة أكبر لإعلام «داعش» الإرهابي.. الذي سيجد فراغًا إعلاميًا وطنيًا.. سيتمدد فيه بطريقته الدعائية والمؤثرة في تجنيد المزيد من المقاتلين».

نور الشريف

أخيرا إلى الحكايات والروايات وستكون عن الفنان الراحل نور الشريف وكتبتها في مجلة «روز اليوسف» يوم السبت زميلتنا الجميلة شيماء سليم وجاء فيها: «كان الشريف من أكثر المتحمسين والمدافعين عن القضية الفلسطينية، حيث انسحب من إحدى الحفلات التي كان يتم تكريمه فيها، بعد أن قام المونولوجست عادل الفار، بتقديم فقرة كاريكاتيرية عن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وفي مناسبة أخري كتب نور «بيانا باسم السينمائيين ونقاد السينما العرب في مهرجان فينسيا عام 1982 يعلن فيه عن موقفه المساند للقضية الفلسطينية بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأرسل برقيات إلى عرفات والملوك والرؤساء العرب بعد هذا البيان بعشر سنوات تخرج إلى النور وثيقة تعبير «الشريف» عن دعمه للقضية الفلسطينية وهو فيلم «ناجي العلي» الذي قام ببطولته وإنتاجه وقام بإخراج الفيلم الراحل عاطف الطيب، وتم عرض الفيلم للمرة الأولى في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1992. عقب عرض الفيلم شنت الصحف المصرية القومية هجوما عنيفا على نور وعلى خلفية انتقاده السابق لاتفاقية كامب ديفيد وعصر الانفتاح في عهد السادات، وقادت جريدة «الأخبار» الحملة الشرسة بمقالة إبراهيم سعدة رئيس تحريرها تحت عنوان «من أجل حفنة دولارات» كتب فيها أنه بقدر تقديره وحبه لنور الشريف كفنان مهم، إلا أنه لن يتسامح معه في سقوطه بسبب هذا الفيلم، المرفوض الذي ساهم نور في إنتاجه، وقام ببطولته وتناول فيه قضية فنان كاريكاتير متواضع الموهبة فلسطيني الجنسية جند ريشته لسنوات طويلة متصلة، وحتى آخر يوم في حياته من أجل التشهير بمصر. استمر الهجوم على الفيلم من معظم الصحف الموالية للحكومة، وفي الوقت نفسه استمر الاهتمام بالفيلم وتم عرضه في بعض الجامعات والجهات الثقافية. هدأت الحرب مع تدخل بعض المسؤولين في الدولة، ثم اتصال صفوت الشريف وزير الإعلام في عهد مبارك بالفنان نور الشريف ليطلب منه القيام ببطولة مسلسل «الثعلب». وكان التلفزيون أرسل له سيناريو المسلسل وتردد في قبوله ولكن صفوت الشريف أكد له بوضوح أن «الثعلب» مسلسل مخابرات من إنتاج التلفزيون المصري، وأنه سوف يؤدي شخصية الضابط المصري وهذا كله يؤكد أن الدولة ليست ضده وأمام هذا الموقف من الدولة قبل نور الشريف العمل في المسلسل.

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عمر من المغرب العربي:

    رابعة العدوية ستيقى رابعة الصمود و الدفاع عن الحرية والكرامة الإنسانية، ليس في مصر فقط، بل في كل ضمير انسان حي يعشق الحرية و العدالة الإجتماعية مهما حاول الإنقلاب.

    فتغيير الإسم أو محاولة طمسه لا تجدي نفعا مع إصرار الشرفاء في أرض العروبة على دحض الإنقلاب و كشف حقيقة أعمالهم المشينة.

    وما المظاهرات التي تكاد أن تكون يوميا في مصر المغصوبة و التظاهرات و الملتقيات في مختلف أنحاء العالم للتذكير بما حدث في رابعة و أخواتها إلا دليل على أن التاريخ لا يمكن أن يمحى أ يطمس ، و لا بد لليل أن ينجلي و للقيد أن ينكسر.

إشترك في قائمتنا البريدية