على مدى الأسبوعين الماضيين، خاضت مصر معركتين فاصلتين في تاريخها، وتاريخ الأمة كلها، هي موقعة «المايك»، والتي دخلتها المحروسة منتصرة وخرجت منها منتصرة، وموقعة «الميموري»، والتي دخلتها منتصرة، ولم تخرج منها بعد، وإن كانت كل الدلائل تؤكد أنها ستخرج منها منتصر بإذن المولى عز وجل!
تاريخياً، لا يوجد في ثقافة الحروب، أن قوى عظمى قامت بخوض معركة على جبهتين في وقت واحد، ولكن مصر في الوقت الذي كانت تخوض فيه موقعة ميكروفون قناة «الجزيرة»، اندلعت معركة «الميموري»، الخاص بالسيدة زوجة عميد إحدى كليات جامعة الإسكندرية، التي اتهمت النائب والمخرج «خالد يوسف» بالتحرش بها، فخاضتها «بحيوية وعزم وقوة» كما تقول الأغنية الشهيرة!
فالدول الهشة، هي التي تخرج من الحرب منهكة، لكن مصر في عهد الحكم العسكري الرشيد، لم تكن هذه الدولة الهشة، فخاضت حربين في وقت واحد، فانتصرت في الأولى وستنصر في الثانية. والانتصار في الحروب، لا يكون بحجم الخسائر التي يتكبدها العدو، وإنما يكون بتحقيق الحرب أهدافها، وقد حققت موقعة «المايك»، وموقعة «الميموري» الهدف منهما، وقبل تلقي الحرب الثانية أوزارها.
في موقعة «المايك»، قال موقع «اليوم السابع»، إن وزير الخارجية «أطاح بميكروفون الجزيرة»، فكان كافياً، لأن ينصبوا له «زفة بلدي»، ويجري وصفه بـ «الدكر»، وهو الوصف الذي راج بعد أن أطلقه الإعلامي أحمد موسى، ولا أدري ما هي مشاعر «عبد الفتاح السيسي» بعد إطلاق هذا اللقب على أحد مستخدميه، وهو الذي كان يظن أنه «الدكر» الوحيد في مصر؟ فأنصاره أطلقوا عليه «الدكر»، لكن من الواضح أنه خيب رجاءهم فيه، فأطلقوا اللقب على «بوتين»، قبل أن يقفوا على أن الأقربين أولى بالمعروف، وأن وزير الخارجية سامح شكري يستحقه عن جدارة، بعد أن أطاح «بميكروفون الجزيرة»!
مؤامرة الجزيرة
مما قيل فأثلج الصدر، أن تصرف الوزير سامح، نجح في إحباط محاولة «القناة القطرية» لنقل أحاديث الوفد المصري في اجتماع مناقشة أزمة سد النهضة، ونشر الموقع سالف الذكر تصريحات تدور حول هذا المعنى على لسان أحد أعضاء الوفد المصري، لم يسميه، ولا أرى مبرراً لإخفاء اسمه في موقعة الشرف، إلا إذا كان الصحافي كاتب الخبر هو من تقمص شخصية عضو الوفد الرسمي في المباحثات!
ما علينا، فعضو الوفد قال: «تصرف الوزير كان ضرورياً، لأن وجود الميكروفون كان إقحام من المراسل لخصوصية موقع الوزير الذي لم يكن مخول بالحديث، وقد يكون وراءه هدفاً كالاستماع إلى التعليقات والأحاديث الجانبية الخاصة بالوفد المصري المشارك في الاجتماعات»!
هل كانت اجتماعات، أم مؤتمر صحافي؟، وإذا كانت اجتماعات، وزير الخارجية كان موجوداً ليبارك المكان لأنه لم يكن مخولا بالحديث، فلماذا تم السماح بدخول الصحافيين أصلاً؟.
الوزير الصامت نطق مع «وائل الإبرشي» في برنامجه على قناة «دريم»، وفي لقاء كان يستهدف أن ينقله إلى موقع قائد الجيوش، وكان «وائل» هو الذي يضع السؤال ويلقنه الإجابة، فسأله عن سبب إطاحته بميكروفون الجزيرة؟، ثم استطرد: هل قلت أن هذا الميكروفون ليس مكانه هنا؟.. فأجاب: بالضبط!
لم يقل الوزير أنه لم يكن مخولاً بالحديث، وأن المراسل وضع الميكروفون مقتحماً لخصوصيته، وليسمع دقة قلبه، كما لو كان وضعه في غرفة نوم الوزير؟!
في لقائه على قناة «دريم» كان الوزير سامح منتشياً، ومن حقه أن ينتشي فهو قائد الجيوش في موقعة «المايك»، الذي انتصر، وكان مقدم البرنامج ينقل له سعادة الشعب المصري بهذا الانجاز العسكري. وقال الوزير إنه يشكر شعبه!.
المصريون شعب سامح شكري، أم شعب عبد الفتاح السيسي؟!، لا نعرف فما أعرفه أن الشعب المصري صارت له رأسين الآن، فبعد أن كانت له رأس واحدة، صاروا يعيشون في كنف زعيمين: السيسي، وشكري، أحدهما «دكر حاليا»، والثاني «دكر سابقاً»!
الأطرش في الزفة
ويبدو أن السيسي كالفريك، وقد ورد في الأثر: «أنا كالفريك لا أحب شريك»، ولأنه خشي من منافسة وزير الخارجية له في الزعامة، وخشي كذلك من أن يفتن المصريون في سامح، فكان لابد من خوض حرب على جبهة أخرى، فكانت موقعة «الميموري»، والتي بدا فيها «عمرو أديب» كالأطرش في «الزفة»، يبدو أنه لم يستدع للقيام بدور في هذه الحرب، فسأل عن تدمير تحالف 30 يونيو لبعضه؟.. أحياناً يبدو «عمرو أديب» طيب القلب، لعدم قدرته على استيعاب ما يجري!.
بدأت القصة، بما نشر من أن عميداً لإحدى كليات جامعة الإسكندرية، تقدم ببلاغ للنائب العام ضد المخرج السينمائي وعضو مجلس النواب «خالد يوسف» اتهمه فيه بالتحرش بزوجته، ونُشر على لسان السيدة، أن المخرج التقاها وزوجها في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وعندما طلبت أن تُلتقط لها صورة معه برفقة زوجها أيضا، قال إنها وجهها سينمائي وأنها أجمل من كثير من الممثلات، وطلب أن تأتي لمكتبه في القاهرة، وتركها زوجها هناك وغادر، وقد تحرش بها المخرج، فاستعصمت، فلما وجد أنها مشغولة بترتيب ملابسها أخذ هاتفها الجوال لحجرة أخرى وهناك سحب منه «الميموري»!
وفي اللحظة التي اكتشفت فيها الزوجة أن المخرج يوسف استولى على «الميموري»، قالت أن هناك من جاء لها بملف فيديوهات لممارسات منافية للآداب للمخرج، وأنها وجدتها أمام باب شقتها ولا تعرف من وراءها؟!.
وهنا دخلنا في فضاء اللامعقول، ولا ننسي أن عبد الرحيم علي عندما أذاع مكالمات لسياسيين عن حياتهم الخاصة، قال إن فاعل خير ترك له هذه التسجيلات تحت «عقب الباب» دون أن يراه!. ويبدو أن فاعل الخير واحد في الحالتين!
الزوج أثبت من السماحة، ما لم يتفهمه العقل البشري، عندما أخبر أنه انتظر حتى تنتهي الانتخابات التي يخوضها المخرج الكبير، حتى لا يؤثر على شعبيته فلما نجح تقدم ببلاغه للنائب العام، وقد طلب في البلاغ بأخذ التعهد اللازم على المخرج بعدم استغلال «الميموري»!. وفي لقائه مع «خالد صلاح» على قناة «النهار»، قال المخرج خالد يوسف، إن جهات في الدولة كانت تعمل على توظيف هذا الموضوع في جولة الإعادة في الانتخابات، لإسقاطه، لكن المفاجأة أنه نجح من الجولة الأولى.
لم يسم «خالد يوسف» هذه الجهات، لكن في العرف المصري عندما يقال جهات، فالمقصود بها الأجهزة الأمنية، وهذا ما يفسر لدى البعض قيام «أحمد موسي» بتفجير هذه القضية في برنامجه «على مسؤوليتي» بقناة «صدى البلد»، وهو القريب من الدوائر الأمنية، التي يمكن أن تستهدف «خالد يوسف»، كما أنه الذراع اليمني لعبد الفتاح السيسي ضمن أذرعه الإعلامية التي يرعاها!
ابن الثورتين
ليست كل الحملات يصدر بشأنها توجيه موحد لهذه الأذرع، لأن هناك من مقدمي البرامج من يمكن أن يحتشد لتشويه سمعة معارض للانقلاب العسكري، لكن في التفاصيل سيحدث الاختلاف، فلن يستغل «الحسيني» مثلاً لضرب «خالد يوسف»، وكلاهما يتعامل على أنه ابن الثورتين، في حين أن هذه الأجهزة ومعها أحمد موسى، وتوفيق عكاشة، وغيرهما لا يعترفون إلا بثورة 30 يونيو، وما عداها مؤامرة خارجية، ومن شارك فيها هم «طابور خامس»، وإن كانت الضرورة استدعت وجودهم كغطاء ثوري للثورة المضادة، فقد قويت شوكة 30 يونيو وليسوا بحاجة إلى هذا الغطاء!
عبد الفتاح السيسي نفسه ضد ثورة يناير، ولم يذكرها على طرف لسانه سوى مرة أو مرتين عرضاً، ولهذا بدأ في التخلي عن كثيرين من أنصاره لمجرد أنهم شاركوا في ثورة يناير وهتفوا ضد الأب الروحي له حسني مبارك، ومن علاء الأسواني، إلى عبد الحليم قنديل، إلى سليمان الحكيم، إلى عبد الجليل مصطفي، إلى عمار على حسن، وكلا من عبد الجليل وعمار ينتظران التعيين في مجلس النواب!
لقد قامت حرب الطوائف في الفضائيات على مدى أسبوع كامل يقودها خالد صلاح، ويوسف الحسيني، ضد أحمد موسى، وكل منهم هدد وتوعد الآخر بأنه يملك عليه مستندات، وفيديوهات، وقريباً سيتدخل الكفيل العام ليوقف حروب الرعية، بعد أن تكون الحرب بالتوازي مع حرب «المايك» قد أدت مهمتها ونسينا الموضوع الأخطر!
إنها حروب ممتعة فعلاً، وأكثر تشويقاً من لعبة المزرعة السعيدة، وبعد أن استمتعنا بها بقي أن نسأل ماذا تفعلون في الخيبة الثقيلة، والورطة التي وضعنا فيها السيسي بتوقيعه على اتفاقية المبادئ الخاصة بسد النهضة، الذي أعطى المشروعية القانونية لبناء السد، كما قال وزير الري الأسبق نصر الدين علام. ويمثل تفريطا في حق مصر في حصتها التاريخية من المياه، أو كما قال الدكتور أحمد المفتي العضو المستقيل من اللجنة الدولية للسد وبعبارة أكثر دبلوماسية: «اتفاق المبادئ لا يمنح مصر نقطة مياه واحدة»، وكما قال الوزير الأسبق أيضاً: «إذا اكتمل سد النهضة فمصر ستشتري المياه لكي تعيش».
لقد عشنا لحظات جميلة مع حربي «المايك» و«الميموري»، إذن فلندخل في الموضوع!
صحافي من مصر
[email protected]
سليم عزوز
استاذ عزوز ضحكت بصوت مرتفع على التعبيرات المصرية المهضومة الدكر والفريك اللي مالوش شريك ثم في اخر المقال بكيت عندنا تصورت الفرق الاخلاقي بين ابناء مصر المخلصين المضحين يذبلون خلف القضبان وبين هؤلاء الذين يبدو ان كب واحد منهما ارخص من صاحبه وانهم طلاب كراسي وليسوا اهلا لا لعمل اعلامي ولا سياسي يمكنني القول ان قلمك رشيق يتسلل الى القلب بلا استءذان فتارة يضحكنا من شر البلية حتى يصل بنا حدود البكاء وتارة يبكينا ولكن انى يصل بنا ثانية الى حدود الضحك من شر البلية بل الى شواطيء حزن امهات شباب كالورد هتفوا لمصر بدم قلوبهم لياتي لص الزعامة ودكتاتور فقسه دكتاتور اخر وصفته بالاب الروحي فمتى سيتوقف تفقيس الدكتاتوريات واذنابها الصغار من مرتزقة الاعلام والسياسة متى يا مصر قومي وشدي الحيل كل اللي تمنيه عندي رحم الله الشهداء والفاتحة عن ضماءر الشياطين الخرس هذا ان كانت تجوز عليهم !
أستاذ عزوز حقا إنك لمبدع،،هذ الحروب ليست بالشئ الجديد فى مصر العسكريه، فالبلطجه أو بالبلدى الفَتْوَنَه وهو ماتمثله حرب المايك والذى أصبح من دعائم الحكومه المصريه سواء السلطه القضائيه او السلطه التنفيذيه بجانب السياسين، أى من هؤلاء يعتبر فتوه أودكر طالما يفعل مايرضى صاحب الجلاله العسكري وذلك منذ خروج الملك وإحتكار العسكر للسلطه، الإنحطاط الخلقى فى الإعلام والمتمثل فى حرب الميمورى بداء فى نفس التوقيت منذ أيام أحمد سعيد وجلال معوض وغيرهم من الأبواق الموجهه وخاصة إلى دول الرز قبل بزوغه، أما الجهل والتبلد الفكرى مع بعض البلطجه والمتمثل فى حرب سد النهضه فقد بدأ منذ أن أعلن القائد العسكرى الملهم قفل خليج العقبه وماترتب عليها من هزيمه نكراء ماذال الشعب المصرى المطحون يدفع ثمنها . هذه الحروب ليست جديده على المصريين ومكرره لدرجة أن المصريون أصبحوا يشككون فى كل شئ وأن الشعب المصرى هو اكثر شعوب العالم إيمانا بنظرية المؤامره،،،،وصاحب أصدق مقولة ياعم أشترى دماغك
كم انت رائع يا عزوز و لسان حالك يقول يكفي مهازل يا مصر لقد طفح الكيل
الاخ سليم عزوز المحترم
أضف إلى الحربين السابقتين حرب إغراق حدود غزة وحصار الشعب الفلسطيني
اذا جاز لنا ان ننتقي من الانقلاب العسكري الدموي ميزتين ايجابيتين
فالاولى انه كشف لنا كثير من حقيقة اشخاص ورموز في الاعلام والسياسة والدين ، هؤلاء الذين ياما اتحفونا بما كانو يدعونه من مبادئ وقيم ومثل ، فإذا بهم يتخلون عن كل ما يرتدون من ملابس حتى ورقة التوت
اما الثانية : فهي اننا اكتشفنا كم يوجد ايضا اناس وكتاب رائعون امثال كاتب المقال الاستاذ سليم عزوز – هؤلاء الذين اثبتو لنا انه مازال في الدنيا اناس محترمون – لم يفجرو في الخصومة مع من كانو يختلفون معهم – بل انصفوهم ووقفوا معهم حين تعرضوا للظلم والبطش .
يسقط يسقط حكم العسكر
وماذا تنتظر يا أستاذ سليم عزوز من بلد لا يستطيع مغتصب سلطتها أن يقرأ أو ينطق جملة واحدة صحيحة, ويعترف هو وكبارمساعديه أن مهمتهم الكبرى فى الحياة هى حماية أمن إسرائيل … وبرنامجه الإنتخابى الوحيد هو القضاء على جيلين كاملين من الشعب المصرى!!!, وأسعد أيام حياته هى مهرجانات التسول التى يقيمها فى شرم الشيخ … وإذا لم تعجبك موقعتى المايك والميمورى, فانتظر حتى ينعقد مجلس الأنس والفرفشة ومسح أحذية الديكتاتور (مجلس الشعب سابقاً), انتظر وسوف ترى ما تشيب له الأجنة فى بطون أمهاتها!! … لقد أصبحت مصر بعد الإنقلاب العسكرى مسخرة الكرة الأرضية, ولسه بكرة حتشوفوا مصر كما قال طبيب الفلاسفة!!! … يا حسرة عليكِ يا مصر
الكاتب الكبير عزوز بعد التحية
ياريت المقال القادم لك تكتب وتفسر المعركة الإعلامية والمعارك بين أفراد جماعة الاخوان المسلمين واتهاماتهم لبعضهم بالقول وبالصوت والصورة
كل ما يجري اليوم في مصر هو مهزلة بكل معنى الكلمة ولكن السؤال الى متى يرض الشعب المصري عما يجري؟ لا بد من التخلص من الصنم الذي تم تقديسه على أمل ان تتحرك الأمور في مصر الى الأمام.
أقسم أني انتظر مقالاتك يا عزوز ..
عندما تكتب عن شي معين نجده واقعا فيما بعد
خيانة 30 يونيو فيها كل الخير لكل المصريين فهي كشفت المستور سواء من الأعلاميين أو السياسيين أو غيرهم
فعندما يثور الأحرار المصريين ويسقطوا الأنقلاب الظالم الغاشم سنرى محاكم ثورية في المياديين ..