أصبحت مصر اليوم على أبواب المعضلة الاقتصادية الأكبر، منذ الاطاحة بحكم الإخوان المسلمين منتصف عام 2013، فالقطاع السياحي الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد المصري يواجه ركوداً حاداً محتملاً خلال الفترة المقبلة، بسبب طائرة الركاب الروسية التي سقطت فوق سيناء، وبات في حكم المؤكد أن عبوة ناسفة «داعشية» هي التي تسببت بسقوطها.
تأتي أزمة الطائرة المنكوبة التي يتوقع أن تقضي على ما تبقى من قطاع السياحة المصري، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد في مصر من أزمات حادة وخانقة، فالجنيه المصري هبط بنحو 20٪ منذ منتصف 2013 حتى الآن، إذ غادر الرئيس محمد مرسي الحكم والدولار الأمريكي يعادل 6.30 جنيه، بينما يتجاوز الدولار اليوم 8 جنيهات، فضلاً عن أن نسبة التضخم تواصل الارتفاع الصاروخي، وأسعار المواد التموينية والسلع الأساسية تسجل ارتفاعاً تلو الآخر، يضاف إلى ذلك أزمة تراجع احتياطيات النقد الأجنبي، وأزمة تفاقم المديونية، وأزمة العجز في الموازنة، وهو العجز الذي يتوقع في نهاية العام الحالي 2015 أن يتجاوز 28 مليار دولار.
تمثل السياحة أهم القطاعات الاقتصادية على الإطلاق في مصر، وبحسب الأرقام الرسمية الحكومية فإنها تشكل نحو 11٪ من إجمالي الناتج المحلي، فضلاً عن أن 20٪ من إيرادات النقد الأجنبي تتدفق على البلاد من خلال السياح القادمين من الخارج، إضافة إلى أن نحو مليون مصري يعملون في السياحة، أو في مهن مرتبطة بها بشكل أو بآخر. لا أحد يستطيع التكهن بحجم الأضرار التي سيتكبدها الاقتصاد المصري وقطاعه السياحي، بسبب الإجراءات التي أعلنتها بريطانيا وروسيا ودول أخرى، في أعقاب تفجير الطائرة الروسية، لكن الافتراض في أحسن الأحوال أن القطاع السياحي سجل تباطؤاً بنسبة 50٪، أي أن الحركة السياحية انخفضت إلى النصف، ما يعني أن مصر تخسر 15 مليار دولار سنوياً، أي أن خسائرها اليومية تزيد عن 41 مليون دولار. أما ما ينبغي الإشارة له فهو أن هذه الخسائر المادية الباهظة ليست سوى أفضل الأحوال، أي أنها تقوم على افتراض تراجع النشاط السياحي إلى النصف، علماً بأن التوقعات تشير إلى تراجع أكبر وأعمق، بسبب أن السياح الأجانب في مصر يشكلون ما نسبته 93٪ من الوافدين إلى البلاد، بينما يشكل العرب (أغلبهم خليجيون) ما نسبته 7٪ فقط.
أزمة الاقتصاد والقطاع السياحي، على عمقها وخطورتها، إلا أنها تظل محدودة مقارنة بالأزمة الأمنية الأخطر، حيث تكشف عملية الطائرة الروسية ـ إذا صحت فرضية تفجيرها بعملية مدبرة- حجم الإمكانات التي تتوافر عند ولاية سيناء التابعة لتنظيم «داعش»، وهي إمكانات تفوق بكثير ما يتوفر لدى جماعة البغدادي في كل من الرقة في سوريا، والموصل في العراق، حيث تمكن مقاتلو ولاية سيناء من اختراق التحصينات الأمنية في مطار شرم الشيخ، ووضعوا عبوتهم الناسفة، ولم تتمكن أي من أجهزة الأمن أو الاستخبارات، لا في المطار ولا خارجه، من اكتشاف الأمر، أو حتى التوصل إلى تحذيرات أو معلومات مبهمة تسبق العملية. أما الأمر الأكثر خطورة فهو ما كشفته جريدة «ديلي ميل» البريطانية من أن طائرة سياح بريطانيين أفلتت قبل شهرين من صاروخ كاد يصيبها فوق سيناء، وهو ما برره النظام المصري في ذلك الحين بأنه ناتج عن تدريبات عسكرية، لتأتي حادثة الطائرة الروسية وترجح فرضية أن تكون الطائرة البريطانية قد أفلتت من عمل إرهابي. أما الأمر الأكثر إثارة الذي تكشفه حادثة الطائرة البريطانية في حال صح استهدافها بعمل إرهابي مدبر، فهو أن لدى «ولاية سيناء» صواريخ أرض جو، ولديهم القدرة اللوجستية على استخدامها، ولديهم مساحة من الأرض تكفي للتخزين والحركة والتخطيط.
والسؤال الذي يبدو ملحاً في حال صحت فرضيات العمل الإرهابي في ما يتعلق بالطائرتين الروسية والبريطانية هو: أين كان الجيش المصري عندما وقعت هذه العمليات؟ وما نتائج عامين كاملين من محاربة الارهاب في سيناء؟ وماذا يعني أن يكون الارهابيون في سيناء قادرين في عام 2013 على استخدام الأسلحة الرشاشة فتتطور قدراتهم اليوم ليصبح بمقدورهم تفخيخ الطائرات وإطلاق الصواريخ المتطورة؟
وبالعودة إلى الانعكاسات الاقتصادية لحادثة سقوط (أو تفجير) الطائرة الروسية، فان تراجع إيرادات العملة الأجنبية من السياحة، سيُضاف إلى تلاشي المساعدات النقدية الخليجية (لم تتلق مصر أي مساعدة مالية طوال 2015 بسبب انهيار أسعار النفط)، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الوضع بالنسبة لاحتياطيات النقد الأجنبي التي تسجل هبوطاً متتالياً منذ ثلاث أشهر، بما يؤدي في النهاية إلى مزيد من التدهور في الاقتصاد والهبوط في سعر صرف الجنيه، ويُفاقم من الأوضاع المعيشية للسكان الغلابة في مصر.
خلاصة القول، إن النظام في مصر فشل سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وفشل في الحرب على الإرهاب، وبات بحاجة إلى عملية إصلاح شاملة، وهي عملية تبدأ أولاً بتشخيص المرض والاعتراف بالخطأ، ومن ثم إجراء مصالحة شاملة تعترف بكل المصريين، وتدعو كل المصريين لتحمل مسؤولياتهم والمشاركة في إعادة الحياة لبلادهم، أما حكم الفرد الواحد الذي يُمسك بزمام السلطات الثلاث، ويهيمن على السياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام والبرلمان وأجهزة الرقابة، فلا يمكن أن يصمد طويلاً.
٭ كاتب فلسطيني
محمد عايش
مع عظيم الاحترام للاستاذ محمد عايش ولكل المعلقين
مع الاعتراف ان مصر تمر بفترات صعبة وليس هناك مجال فى التشكيك فى ذالك وخاصا اقتصاديا
ولكن الشعب المصرى سوف يتغلب على الصعاب نظرا لتجاربه قديما اوحديثا ويكفى تجارب نكسة ١٩٦٧ واتذكر رغم الهزيمة وواغلاق قناة السويس وتهجير كل مدن القناة الا ان الشعب صمد وكان يقف فى صفوف طويلة امام المجمعات الاستهلاكية للحصول دجاجة مجمدة او سمك وكان لا يتزمر او يشكى لمعرفته بما تمر به بلده مصر
والشعب المصرى صامد كعادته وسوف يتخطى كل الصعاب باذن الله
وتحيا مصر وتحيا السيسى
تحيا وستحيا مصر بدون السيسى وعصابته وكل المطبلين والمهللين له ..وإنا غدا لناظره قريب
اليوم فقط وصلت مطاري شرم الشيخ والغردقه119رحله
عاشت مصر عاش الرئيس السيسي