مصر و«تخوين» مزدوجي الجنسية

حجم الخط
10

على الرغم من الحكم التاريخي الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في مصر السبت الماضي ببطلان مادة في قانون مجلس النواب تحرم المواطنين مزدوجي الجنسية من الترشح في الانتخابات البرلمانية، لم تتورع الأبواق الإعلامية «الفلولية» منذئذ عن شن حملة «تخوين» ضد ملايين المصريين الذين إما يحملون جنسية ثانية أو في طريقهم إلى ذلك (لا توجد إحصائيات دقيقة). وشملت الحملة في الفضائيات استنكارا للحكم بل وإهانة لأعلى محكمة في مصر. وبالطبع فإن النظام، ومعه النائب العام، قرر أن يتغاضى عن هذا الانتهاك الفاضح للقوانين التي تحظر التعليق على الأحكام القضائية أو توجيه أي إهانة للقضاء.
وللمفارقة أن تأتي هذه الحملة الهستيرية قبل أيام قليلة من المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده في شرم الشيخ لجذب الاستثمارات. وبدلا من تشجيع أكثر من اثني عشر مليون مصري مقيمين في الخارج على المشاركة السياسية الكاملة، كما أراد المشرع الدستوري، إذا بهم يسمعون اتهامات بـ «نقص الولاء وازدواجيته ما لا يمكن معه الثقة فيهم لنيل عضوية البرلمان». بل وانبرى أحد أبواق فيما يمكن تسميته بـ «إعلام الدبة» تطبيقا لمثل يتحدث باللهجة المصرية عن (الدبة اللي قتلت صاحبها)، مطالبا بإجبار المصريين على الاختيار بين الحفاظ على جنسيتهم الأصلية (نقية) أو تسحب منهم في حال رفضوا التنازل عن الجنسية الثانية (..). وبالطبع فقد شعر ملايين المصريين في الخارج بالصدمة والذهول، وهم يتابعون إحدى الفضائيات وقد تحولت إلى «محكمة تفتيش» تشق عن قلوب المواطنين لتعرف أين يقيم ولاؤهم؟
وبعد أن كان بعض هؤلاء المصريين من بين من أيدوا مظاهرات الثلاثين من يونيو/حزيران، وصوتوا لمصلحة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات، إذا بهم يتلقون منه هذه «المكافأة». وتشكل تحويلات المصريين في الخارج مصدرا أساسيا للدخل القومي المصري، وعلى الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية خلال السنوات الأربع الماضية، فقد ضاعفوا تحويلاتهم تقريبا لتصل إلى اثنين وعشرين مليار دولار سنويا.
وينبغي التوقف هنا عند نقاط محددة لمعالجة هذه المأساة ـ الملهاة كما رأها كثيرون:
أولا: إن «إعلام الدبة» وجه الرسالة الخطأ في توقيت حرج. إذ أن البلد الذي لا يحترم نصا دستوريا، لا يتوقع منه الالتزام بقانون الاستثمار الذي تم «تفصيله» بعناية لجذب المستثمرين.
وهكذا تدمر هذه الأبواق المقيتة في ساعات قليلة جهدا مشهودا بذلته الدولة لشهور من أجل إنجاح المؤتمر. ناهيك عن أن الدستور الذي هاجمه «إعلام الدبة» بسبب مزدوجي الجنسية هو الدستور نفسه الذي كان يروج له ويتغنى به، بل ويكاد يدفع الناس دفعا للتصويت عليه العام الماضي.
ثانيا: لقد سمح المشرع للمواطن المصري منذ عشرا ت السنين بحمل جنسية ثانية، ثقة منه في انتمائه الغريزي إلى بلده مهما طالت سنوات إقامته في الخارج، وإدراكا بأن حملها يكون أمرا اضطراريا في كثير من الأحيان من أجل الاستقرار والحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وخاصة للأبناء. وليس من الإنصاف أن الدولة التي سمحت للمواطن بجنسية ثانية قانونيا أن تعود فتقرر معاقبته عليها بحرمانه من بعض أهم الحقوق السياسية.
ثالثا: قام رئيس الجمهورية بتعيين مصريين من مزدوجي الجنسية ضمن مجلس استشاري رئاسي، وبينهم السير مجدي يعقوب (بريطاني)، والمهندس هاني عازر (الماني) والدكتور احمد زويل (أمريكي)، وهي أسماء يعرف لها العالم قدرها، كما أن القانون لا يمنع مزدوجي الجنسية من تولي جميع المناصب التنفيذية ماعدا رئاسة الجمهورية.
فهل نسمح لهم بالتأثير المباشر على قرارات رئيس الدولة، وإدارة دفة الحكم في المحافظات والوزارات، ثم لا نثق في «ولائهم» عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في مناقشة مشروع قانون؟
رابعا- إن كثيرا من المصريين في الخارج سيحملون الرئيس السيسي شخصيا مسؤولية هذا الهجوم الموتور ضدهم، وهم الذين طالما ضرب المثال بوطنيتهم ودورهم في إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، وبينهم حتما من هو أكثر ولاء وانتماء لبلده من تلك الأبواق الإعلامية وهي نفسها التي طالما سبحت بحمد المخلوع مبارك وزينت له التدمير الممنهج لمقدرات البلاد طوال ثلاثين عاما.
وبدلا من أن يعالجوا معاناة المواطنين من التدهور الأمني، والأزمة الاقتصادية، والانسداد السياسي، وكوارث الطرق التي أودت بحياة أطفال أبرياء تحت عجلات قطار العشوائية والإهمال والفساد، إذا بهم ينشرون روح الفرقة والحقد والتمييز بين المواطنين.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أنا من ازدواجي الجنسية أرى أنه لا يحق لي تمثيل بلدي الأم سياسيا
    والا كنت منافقا مع البلد الثاني الذي أحمل جنسيته
    يكفيني زيارة البلد الأم أو الاقامة بها

    الحل باسقاط جنسية البلد الثاني حتى يكون ولائي كاملا لبلدي الأم
    والولاء هنا هو باحترام قوانين البلد والمحافظة على مصالحه
    أما الولاء المطلق فهو لله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح // الامارات:

    * 1 ـ يجب احترام قوانين ( المحكمة ) وتطبيقها ع أرض الواقع .
    * 2 ـ أنا ضد روح الفرقة والحقد والتمييز بين المواطنين .
    ** ومع هذا كرأي ( شخصي ) : أنا ضد حمل ( الجنسيتين )
    لأنّ ولاء الإنسان أكيد سيتوزّع وسوف يقل الولاء للبلد ( الأصلي ) .
    * اسمحولي أسرح قليلا : حمل ( الجنسيتين أشبه بالزواج من ( إمرأتين )
    ومستحيل الإخلاص وإرضاء الطرفين إلاّ من رحم ربي .
    * ( الهجرة ) الى أوروبا وكندا وأستراليا وأمريكا نتيجة لظروف
    ( سياسية أو إقتصادية أو أمنية ) شيء مفهوم ومهضوم أماّ حمل
    ( الجنسيتين ) بالنسبة لي شيء غير مفهوم ولامهضوم وأنانية زيادة .
    شكرا والشكر موصول لقدسنا العزيزة ( بارك الله فيها ) .

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله اللرحمن الرحيم..رأي القدس اليوم تحت ىعنوان(مصر و«تخوين» مزدوجي الجنسية)وقد اختتم المقال بما بين الظفرين ادناه(وبدلا من أن يعالجوا معاناة المواطنين من التدهور الأمني، والأزمة الاقتصادية، والانسداد السياسي، وكوارث الطرق التي أودت بحياة أطفال أبرياء تحت عجلات قطار العشوائية والإهمال والفساد، إذا بهم ينشرون روح الفرقة والحقد والتمييز بين المواطنين.)
    ازدواج الجنسية ليس عيبا او منقصة وليس له علاقة بالولاء اوعدمه وحملة بعض فضائيات الفلول على مزدوجي الجنسية هي حملة مشبوهة لا يعرف سسبها الا الذين يروجون لها هم ومن وراءهم من ذوي الولاءات والاجندات التخريبية التي لا تتقي الله في مصر وشعبها.وليس من مصلحة مصر ان تعود عن نص دستوري وتعاقب مواطنيها الذين يحملون جنسية اخرى تفيدهم وتفيد وطنهم الام(مصر)،ويكفي مليارات الدولارات التي يضخها هؤلاء المغتربين في الاقتصاد المصري المترنح
    حمى الله مصر من من الانقلابيين ومن الفلول ومن كل العابثين من الداحل والخارج وعلى رأس الجميع اسرائيل التي لا تريد ان ترى مصر الا جثة هامدة تدوسها بساطير العسكر،حتى تطمئن على وجودها .لان نهضة مصر واستفلال قرارها يتناقض مع هذا الوجود

  4. يقول Hiki د.حقي:

    ماذا سيكون موقفكم اذا قامت حرب بين بلدكم الام والبلد الثاني كما أسميته
    هذا هو الموقف الصعب علينا جميعا المتجنسين هنا في الغرب .
    في امريكا العملية محسومة عند التجنس وذلك بالولاء الى امريكا ضد البلد الام عند قيام حرب بين الاثنين ( نص القسم موجود في الشبكة الرسمية الامريكية ).
    وشكرا للقدس

  5. يقول عماد السيد:

    يا اخي الكروي انت لست مصريا لتكون نموذجا او دليلا في هذا الموضوع الذي يتحدث عن المصريين. انا مصري أعيش في الخارج منذ عشرين عاما لكنني كمن يعيش في مصر واكتر. نعم انا اكتر وطنية من الفلول والاخوان اللي دمروا البلد. ولا علاقة لجنسيتي التانية بولائي لبلدي الأصلي.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      عزيزي عماد بعد التحية والمحبة والاحترام أقول
      أنا مسلم وعربي الأصل ومصر هي قلب العروبة والاسلام
      اذا فأنا مصري بالتالي عروبة واسلاما وأمر مصر يهم كل محبيها

      أنا أحترم وجة نظرك غاية الاحترام فأرجو منك مبادلتي بنفس الشعور
      يشهد الله أني أحب مصر وشعب مصر وطيبة أهلها الكرماء البسطاء

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول S.S.Abdullah:

    عنوان رائع من القدس العربي لخص الإشكالية، لإسس اشكاليات مفهوم الوطن والمواطن والوطنية في دولة “الحداثة”، (منذ أعلن السامري نابليون بونابرت (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) على اسوار عكا، نيته إقامة دولة ديمقراطية/صهيونية على أرض فلسطين ليهود فرنسا وأوربا) هل الإنسان هو الأصل أم الورقة التي تصدرها النخب الحاكمة حسب مزاجيتها وانتقائيتها هي الأصل؟

    حكمة العرب تقول “ربَّ ضارة نافعة” فدولة “الحداثة” اشكاليتها في رفض النخب الحاكمة الالتزام بأي شيء وخصوصا الدستور والقانون، كما أوضح المقال أعلاه “إعلام الدبة، التي قتلت صاحبها”، فالمزاجيّة الانتقائية أو الفوضى الخلاقة في الإدارة والتحكم بحجة هو أفضل طريقة كي تبقى النخب الحاكمة صاحبة المبادرة في الدولة، وأظن ما حصل هنا يوضح ذلك كتطبيق عملي.

    فالمحكمة الدستورية كان رئيسها من ضرب الدستور والقانون عرض الحائط، عندما وافق على ما حصل في 3/7/2013، وتم إلقاء القبض على الرئيس الشرعي للبلاد بلا أي حجج قانونية ودستورية، بل حتى ووافق رئيسها ليكون رئيس المرحلة الانتقالية، السؤال الحقيقي إذن ما هو الموقف خلف قرارات المحكمة الدستورية مؤخرا، بخصوص الانتخابات أولا، ومن يحق لمن يدخل الانتخابات ثانيا؟ أنا أظن اهتزاز صورة القضاء المصري دوليا هو السبب، من خلال مهزلة طريقة تعامل الأجهزة الأمنية والقضاء مع قضية صحفيي الجزيرة فيما يتعلق من لا يحمل الجنسية المصرية تم إطلاق سراحه، ومن يحمل الجنسيتين طالبوه بالتنازل عن المصرية حتى يخرج، ومن لا يحمل جنسيتين بل جنسية مصرية واحدة بقي في السجن.

    حكمة العرب لخصت مفهوم ثقافة الـ أنا بقول “خالِف تُعرف”، الإشكالية تحدث عندما تفعل ذلك من زاوية تتناقض مع كل ما تؤمن به كنوع من جلد الذات، إن كان من زاوية صناعة الصنم أو تكسيره من أجل الصعود على أكتافه، فقط من أجل الحصول على الشهرة.

    ولذلك أظن، نحن في حاجة إلى نظام جديد الآن، اساسه ثقافة الـ نحن (الأسرة/القبيلة/الشعب)، بدل ثقافة الـ أنا (الفرد/الرمز/النخب الحاكمة)، الذي يمثله نظام الأمم المتحدة، ومفهوم حق النقض/الفيتو للنخب الحاكمة، لتمكينها من فرض الهيبة. فمفهوم الهيبة في النظام الجديد، يجب أن تستحقه، أي نخب حاكمة، من خلال احترامها، لحقوق وكرامة وحرية أضعف مواطن، في المجتمع
    وأضيف أنَّ العولمة، فرضت تحديات جديدة، فلذلك نحن في حاجة إلى نظام جديد، بدل نظام الأمم المتحدة، يتجاوز مفهوم الهيبة، للنخب الحاكمة، أو ثقافة الـ أنا فيه، من خلال حقي النقض/الفيتو، بل يجب أن يكون مفهوم استحقاق الهيبة، للنخب الحاكمة (والتي يجب أن تتجاوز، ضيق ثقافة الـ أنا (الفرد)، إلى سعة ثقافة الـ نحن (الأسرة) أو الزواج ما بين الـ أنا والـ آخر بعد الاتفاق على لغة مشتركة يتم الاتفاق على معنى المعاني فيها لكي يصلوا إلى اتفاق على دستور) في النظام الجديد، تستحقه من خلال احترامها، لحقوق وكرامة وحرية أضعف مواطن.

    ما رأيكم دام فضلكم؟

  7. يقول عبد الكريم البيضاوي. السويد:

    سياسة العرب المتخبطة ماتفعله اليد اليمنى ليس لليد اليسرى علم به, الولاء للدولة الأم أو دولة الإقامة شيئان مختلفان تماما ولايمكن مقارنتهما ببعضهما, ومايفرق بينهما أكثر مما يجمع. هم إنطلقوا من الجنسية أو التجنس ووثيقة قانونية تعطي الحق للمتجنس في البلد الجديد , هذه النقطة فقط يمكن الخلاف حولها , أسباب طلب حصول عباس على الجنسية ليست بالضرورة نفسها لبديع الزمان , لكل منهما أسبابه , الأول مضطر إضطرارا ملحا لأي سبب كان, الثاني فقط إحتياطا وأمانا وتأمينا لحقوقه كباقي مواطني البلد, بدون جنسية يرحل لبلده الأصلي إن حصل سبب , المتجنس لا, فقط هذا سبب مهم للبعض.

    مادخل الجنسية في الموضوع؟ باستعمال فكرة المؤامرة والتي على يقين أنهم من أجلها سيجرمون ثنائيي الجنسية بتشبيه “كي تتخلص من البيض الفاسد عليك تكسير كل البيض”, الشبهات بدون شك موجهة لحاملي الجنسيات الأمريكية والبريطانية بالتحديد وبعض الدول الكبرى الأخرى, لكن لماذا حشر كل جنسيات العالم وتكسيرها فقط للتخلص من البيض الفاسد ؟ الجواب سهل, لايقدرون منع جنسيات معينة دون غيرها بالأخص للدول العظمى, إذن إجمع الجميع وكسر البيض على روؤسهم فننهي القصة.

    هي سياسة العرب المتناقضة على الدوام. أما الولاءات فقد تجد مغتربا بجنسية أي دولة كانت أكثر ولاءا وحرصا على بلد آبائه وأجداده من مجرمين إنتهازيين عملاء وبجنسيات بلدهم لاغير , الولاءات في الأنفس والذاكرة والعقول وليست في الوثائق وبطاقات تعريف يامصريين .

    مثل بسيط , وزير المالية في الحكومة السويدية السابقة ” أندرش بوري ” له جنسيتين , الجنسية الثانية ” أمريكية ” وكان من أفضل وأحسن وزير مالية في أي حكومة سابقة رأيته في هذا البلد وولاؤه كان لدولته ومصالحها ولي عقود أتابع فيها السياسة المحلية.

    تعقلوا ياقوم, لاتخلطوا الحب بالتبن ” كما يقال في المغرب ” أنتم تعطون أمثلة قد يستعملها الغرب ضد مواطنيكم فينزعوا عنهم جنسيات البلد التي تعتبر صمام أمان في حياتهم, الآن لايقدرون فعل ذلك لكن من يدري مستقبلا , السياسة متحركة .

  8. يقول Hassan:

    الوطني الحر لا ولاء له إلا لوطنه. من خلال الإزدواج في الجنسية من دون أدنى شك أنه ثمة نية مبيتة وإلا من أجبر زيد أو عمر للسعي بشتى الطرق لنيل جنسية ثانية. ثمة من يعيش الآن في بلد غربي وله أكثر من أربعة عقود من الزمن وقد رفض نيل الجنسية مع أنها تحصيل حاصل له منذ زمن ورغم أنه الآن قد أصبحت له أحفاد. ثمة من يبيع نفسه خاصة من الشباب دون أسف عليهم للحصول على جنسية تلبية للأنانية.

  9. يقول ناصر الدين جعفر- المغرب:

    إن ازدواجية الجنسية حق من حقوق الانسان، يضمنه الدستور المصري كغيره من بعض الدساتير العربية الأخرى، وهو يدخل في نطاق احترام وتكريم المواطن، بالانتماء إلى جذوره بالرغم من سنوات الغربة في بلاد المهجر، فملايين العرب الذين اختاروا الاغتراب عن أوطانهم سواء بدافع الحاجة المادية وتحسين أوضاع عائلتهم المعيشية، ومساهمتهم في انقاذ اقتصاديات بلدانهم من الانهيار، وهي التي تمر بظروف صعبة، عن طريق إدخال العملة الصعبة إلى المصارف التي تحتاج سيولة، وتحريك عجلة الاقتصاد، أم بدافع الرغبة في نقل العلم والمعرفة من الجامعات العالمية، وبالخصوص في الدول الغربية، التي تتميز بكفأة عالية، مثل جامعات واشنطن، لندن وباريس….الخ، ، هذا بالنسبة للأسر الثرية، وعودة تلك العقول إلى تعزيز الإقتصاد الوطني بالخبرة والمعرفة اللازمتين لمحاربة الفقر وتحرير الأسواق والإقتصاد.
    أما عن التخوين، فهذا اتهام خطير جدا، بل يعتبر اضطهادا للمواطنة والمواطن على حد سواء، لعدة أسباب: أولها أن الولاء للوطن هو انعكاس لوعي ودرجة فكر المواطن ووطنيته، وميولاته الفكرية ورؤيته للعالم، ثانيا: الدول التي اختارت أن تمنح الجنسية لمواطنين قادمين من دول أخرى تعزي ذلك إلى التنوع الثقافي والديني، بما يساهم في بناء اقتصادها واحترام حقوق الانسان من حيث المبدأ، أي من حيث هو إنسان، بغض النظر عن جنسه، لونه أودينه…ولهذا نرى العديد من الوجوه العربية أو الإفريقية في البرلمان الايطالي أو في الحكومة الفرنسية …الخ، ثالثا: من يطرح فكرة تخوين حاملي مزدوجي الجنسية يعكس قصورا كبيرا في النظر وفي نظرة الأشياء بعين العقل، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة …..ألم يتم القبض على أكثر من مصري مخبر للموساد الاسرايئلي من دون أن يحمل أي جنسية ثانية؟ …نعطي أمثلة مثل هذه حتى لا يتم تقويض وتشويه مفهوم الأمن القومي المصري، والذهاب بعيدا إلى انتهاك حقوق الانسان مجانا….رابعا، وهذا الأهم، أن التخوين يصب في مصلحة اليمين الأوروبي المتطرف، الذي لا يريد للجالية العرب والمسلمة أي دور يذكر في الغرب، خصوصا مع تنامي حركة “بيجيدا” الألمانية، أو الجبهة الوطنية الفرنسية…بقيادة مارين لوبين، أو حتى إسرائيل، التي يطالب يمينها بالإعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وطرد أزيد من مليون عربي مسلم حامل للجنسية الإسرائيلية.

إشترك في قائمتنا البريدية