وحديثي اليوم يتجه إلى المواطنة المصرية التي تخلت في صيف 2013 عن مطلبها المشروع الذي تمثل في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأيدت الانقلاب على الإجراءات الديمقراطية على نحو أسفر عن هيمنة المكون العسكري ـ الأمني على الحكم وإماتة السياسة بكونها ممارسة حرة وتعددية وسلمية تستهدف تعيين الصالح العام والتوافق بشأن السبل الأمثل لتحقيقه.
حديثي اليوم يتجه إلى المواطن المصري الذي دفعته إلى مساندة مظالم وانتهاكات كارثية للحقوق وللحريات وإلى الصمت على العصف المنظم بسيادة القانون وبالفرص الفعلية لتداول السلطة عبر صندوق انتخابات نزيه وتنافسي ومدني إما هيستيريا العقاب الجماعي لجماعة الإخوان المسلمين ولعموم اليمين الديني ـ قطعا، باستثناء حزب النور السلفي المنتقل سريعا من التحالف مع الإخوان قبل أحداث صيف 2013 إلى خدمة السلطة الجديدة في أعقابها مباشرة طلبا لثنائية الحماية والعوائد، أو هيستيريا تخوين وتشويه وقمع النفر القليل من دعاة الديمقراطية الذي رفض استدعاء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية للتدخل في السياسة وأدان المظالم والانتهاكات دون تغليب لمعايير مزدوجة أو تلاعب بحسابات رديئة تتعلق بالهوية السياسية للضحايا.
حديثي اليوم إليكم، أسألكم هل نزعتم عنكم صنوف الهيستيريا التي زيفت وعيكم وألغت عقولكم وعطلت ضمائركم؟ هل أصبحتم تدركون حقيقة أن ما حدث في صيف 2013 لم يكن غير الخروج الكامل على مسار التحول الديمقراطي، وغير التجديد الكامل لدماء حكم الفرد والمنظومة السلطوية التي يعتاش عليها والتي تسطو منذ خمسينيات القرن العشرين على المواطن والمجتمع والدولة في مصر؟ هل تيقنتم من أن سلطوية ما بعد 2013 تعتمد الدساتير لكي لا تلتزم بها، وتمرر الاستثنائي من القوانين والتعديلات القانونية لكي تخضعكم لسيف قمعها وتهجركم من المجال العام، ولا تنظم عمليات انتخابية إلا بعد أن تنتهي من تفريغها من الجوهر التنافسي والتعددي وتقرر توظيفها لاصطناع شرعية مشاركة شعبية لا معنى لها ولا مضمون بها؟ هل صار جليا أن حكم الفرد والسلطوية التي يعتاش عليها يعيدان إنتاج «جمهورية الخوف» باستخدام الأدوات القمعية المعهودة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية المتغولة لكي تحول بينكم وبين مساءلة ومحاسبة الحاكم الفرد، بينكم وبين مساءلة ومحاسبة النخب التي تحتكر النفوذ والثروة، بينكم وبين مجتمع مدني مستقل وفعال يحمي حقوقكم وحرياتكم، بينكم وبين عدالة انتقالية تحاسب جميع المتورطين في المظالم والانتهاكات دون تمييز وتنتصر لجبر الضرر عن الضحايا؟
هل مازالت تشكون ولو للحظة أن السلطوية لا تعنيها مشاركتكم في المشاهد الانتخابية العبثية التي تعدها إلا في حدود اصطناع شيء من مظاهر لجان اقتراع وصفوف مقترعين وقوائم مرشحين يحتكرها خدمة السلطان وتخلو من المعارضين، وتغضب منكم وتنتق من اصطناع «العطف الأبوي» إلى التهديد والوعيد حين تمتنعون عن تمكينها من المظاهر الزائفة للمشاركة التي يحتاجها الحاكم الفرد في مخاطبة الخارج قبل الداخل؟
حديثي اليوم إليكم، لم تصدقوني حين سجلت قبل 30 حزيران/يونيو 2013 أن استدعاء الجيش للتدخل في السياسة لن يقارب بينا وبين الدولة المدنية التي نبحث عنها (سلسلة مقالاتي في جريدة الوطن المصرية). تماهيتم مع تخويني وتشويهي حين وصفت علنا 3 تموز/يوليو 2013 وبعد أيام قليلة من حدوثه كانقلاب لن يترتب عليه سوى إماتة السياسة والقضاء على فرص التداول السلمي للسلطة (مع الإعلامي يسري فودة في 17 تموز/يوليو 2013، وفي مقالات عديدة في جريدة الشروق المصرية). استنكرتم رفضي لجريمة القتل الجماعي عندما فضت اعتصامات مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، وتحملي في حدود طاقتي المتواضعة لمسئولية العقل وأمانة الضمير بالمطالبة العلنية بمساءلة ومحاسبة المتورطين في القتل وفي استخدام القوة المفرطة في رابعة والنهضة على الرغم من الوضعية الهيستيرية التي كنتم عليها في أوج الترويج لكارثة « التفويض الشعبي» وللعقاب الجماعي ولنزع الإنسانية عن عموم المختلفين مع السلطوية التي كانت تجدد دمائها بامتصاص دماء الأبرياء (مع الإعلامي محمود سعد في 24 آب/أغسطس 2013، وفي مقالات عديدة في جريدة الشروق المصرية).
حديثي اليوم إليكم، استمرأتم نشر «طيور ظلام المرحلة» لإفك العمالة ومقولات التآمر الزائفة وحديث الجهل عن «الطابور الخامس» بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات، وصنفتموني كعدو للوطن عندما فككت أوهام «البطل المنقذ» و»مرشح الضرورة للرئاسة» و»رئيس الضرورة» التي كان يروجها بعض المؤيدين دوما لعسكرة الحكم وبنية الدولة والمنصب الرئاسي وبعض المستعدين دوما للمساومة على حق الناس في الاختيار الحر واختزالهم إلى قطيع يقبل جماعيا أن يملى عليه ما يفعل أو تصادر حريته (جريدة الشروق المصرية في 12 نيسان/ابريل 2014، تفكيك أسطورة مرشح الضرورة). صنعتم منا «مطاريد الديمقراطية»، ورفضتم الإنصات للتحذيرات المستمرة من كون هدف السلطوية الحقيقي هو تهجيرنا جميعا من المجال العام، وتعريضنا جميعا لسيف القمع دون تمييز، وإخضاعنا جميعا لإرادتها التي تقر دستوريا وضعية استثنائية للمؤسسة العسكرية وتجيز محاكمة المدنيين عسكريا وتمرر بقوانينها الاستثنائية تجريم لحق التظاهر وترهب بصياغات قانونية مطاطية المواطن لكي لا يعبر بحرية عن رأيه ويمتنع عن المشاركة في المجتمع المدني، وتهددينا جميعا بالتعقب الدائم لكي نرضخ لحكم الفرد ونقبل مساوماتها الرديئة «إما الأمن والخبر وإما الحق والحرية» و»إما مواجهة الإرهاب وحماية الأمن القومي وإما ضمانات سيادة القانون والتقاضي العادل»، وتوريطنا جميعا في الخوف وفي إلغاء العقول وتعطيل الضمائر (جريدة «الشروق» المصرية في 20 تشرين الأول/اكتوبر 2014، نحن المطاريد).
حديثي اليوم إليكم، فأنتم، وفي المقابل، أنصتم طويلا إلى طيور ظلام المرحلة وخدمة السلطان ومكارثيي الرأي الواحد الذين ما لبثوا يهددونكم بالمصائر العراقية والسورية بعد تبرئة الاستبداد من كارثن تفتت المجتمعات وانهيار الدول (جريدة «الشروق» المصرية في 8 تشرين الأول/اكتوبر 2015، متاهة ومأساة وتزييف للوعي). وعندما شرعتم في البحث عن بدائل للزيف المعروض عليكم عبر «الأذرع الإعلامية» للسلطوية المصرية، أغرتكم «الأصوات المرتفعة» لخدمة «السلطوية البديلة في الانتظار» بادعاءاتهم الزائفة لجهة احتكار الحقيقة المطلقة وحمل أختام النقاء الثوري ومكايداتهم الجاهلة التي أضحيت معها زورا وبهتانا «انقلابي» لكوني أصر على التمييز بين المطلب الديمقراطي لحزيران/يونيو 2013 «الانتخابات الرئاسية المبكرة» وبين الخروج على الإجراءات الديمقراطية في تموز/يوليو 2013، ولرفضي حديث «إسقاط النظام» احتراما لإرادتكم التي عبرت عنها مشاركة بعضكم في الاستفتاء على الدستور 2014 وفي الانتخابات الرئاسية في 2014 بالرغم من النواقص الديمقراطية العديدة التي وردت على عمليات الاستفتاء والانتخاب وتفضيلا للاستعادة السلمية لمسار تحول ديمقراطي وعدالة انتقالية تحاسب المتورطين في الدماء (في نشرة جدلية في 18 حزيران/يونيو 2015، النجاة بمصر ـ ملاحظات تأسيسية)
ثم ها أنتم تستمرئون مجددا اغتيال المعنى وغياب المضمون على يد خدمة السلطوية البديلة في الانتظار العاجزين أخلاقيا وإنسانيا عن طرح رؤية لإعادة مصر إلى دينامية فرصة التحول الديمقراطي والتوافق المجتمعي التي أضعناها جميعا في أعقاب 11 شباط/فبراير 2011 والتي ليس لها أن تنجح إلا بإدماج بعض عناصر السلطوية الجديدة غير المتورطة في الدماء وبعض عناصر اليمين الديني المعارض غير المتورطة في تبرير الإرهاب والعنف مع المدافعين عن الحقوق والحريات ومعكم عبر كافة الطبقات (جريدة الشروق المصرية في 18 تشرين الأول/اكتوبر 2015، خدمة سلطان وخدمة سلطوية بديلة في الانتظار)
حديثي اليوم إليكم، وبعد أن قدمتم الرد الصادق الوحيد على عبثية مشهد «الانتخابات البرلمانية 2015» الذي أنتجته السلطوية المصرية – العزوف الصريح، أسألكم ألم يئن لنا جميعا أوان البحث العقلاني عن بديل لحكم الفرد ولجمهورية الخوف التي يصنعها مع أجهزته الأمنية والاستخباراتية؟
ألم يئن لنا جميعا أوان البحث السلمي عن بديل لتزييف الوعي وإلغاء العقل وتعطيل الضمير وتبرير المظالم والانتهاكات عبر التحرر من صنوف الهيستيريا المحيطة بنا ومواجهة اغتيال المعنى وغياب المضمون والتفكير في شروط الخروج من أزمة مصر المستحكمة أيضا اقتصاديا واجتماعيا؟
أسألكم جميعا صادقا، ألم يئن الأوان بعد؟
٭ كاتب من مصر
عمرو حمزاوي
صدقت .واحييك على ثباثك على ما تؤمن به بالرغم من موجة الشتائم التي وجهت لك ايام الهستيريا
الديموقراطية في مثل مجتمعاتنا العربية نحت في الصخر ..استمر في الدق ياأستاذ حمزاوي.. وسندق معك كل بما يستطيع.. قطرات الماء تفلق الصخر
نعم آن الأوان لاسترجاع ثورة يناير
نعم آن الأوان لعودة الديموقراطية لمصر
نعم آن الأوان لظهور الثوار الحقيقيين للعيان
نعم لعودة الرئيس الشرعي الوحيد لمصر الدكتور مرسي
ولا حول ولا قوة الا بالله
السيد عمرو حمزاوي،مقالك جيد،ولكن اثق بك ان تقول لنا كيف خدعت في عملية ما يسمى التفويض،وهل كنت انت كمثقف ان تبتلع هذا الطعم ،وماذا عن العلمانيين الآخرين واليساريين ووووووالخ،أرجو ان تخصص لنا مقالات عن ماذا كان يدور تحت الكواليس قبل الانقلاب،وان تدعوا زعماء الأحزاب الذين دعموا السيسي عن الاعتذار للشعب المصري العظيم،وشكرا
مصر تستحق رئيس أفضل من السيسي مليون مرة وأفضل من محمد مرسي مائة مرة، مع انه ليس مجال المقارنة.
الشرعية ليست مرسي فقط الشرعية هي انتخابات جديدة نزيهة.
المثابرة كفيلة بتحقيق النجاح . نعم الأغلبية تريد دولة ديمقراطية , لا تخلط الدين بالسياسة , تستوعب الجميع بدون إستثناء , لا عسكرية ولا دينية , تحترم حقوق الإنسان وأولها الحق في التحرر من الخوف التهويل , تسودها حرية الرأى والتعبير من أجل الإصلاح لمحاربة الفساد المستشرى في أجهزة الدولة المصرية , المسؤولة الأولي عن تطبيق القوانين علي الجميع بدون إستثناء , المدير قبل الغفير .
If you religion from politics separates – then we have democracy, previously only false matches. The Islamic scholar said. At that time Europe knew also no different. Europe knew the difference not.The science separated from religion.
مع احترامى الشديد هذا الكلام يتناقض مع ماقلته على الهواء فى برنامج ممكن مع خيرى رمضان يوم 9/4/2015 بالحرف ان ماحدث 30 يونيو و3/7 لم يكن انقلابا وان انتخاب الرئيس والدستور الجديد شرعي وديمقراطى برجاء الرجوع للحلقة على اليوتيوب للتاكد مما اقول وشكرا
المحترم مصطفى، أشكرك على تعليقك. في الحوار المشار إليه مع الإعلامي خيري رمضان قلت أن 30 يونيه لم تكن انقلابا وليس 3 يوليه، ميزت بينهما بذات الصيغة التي اوظفها في الأسطر أعلاه. ثانيا، وبذات الصيغة أعلاه سجلت أن الاستفتاء على الدستور 2014 وانتخابات الرئاسة 2014 حدثت بهما مشاركة شعبية يتعين أن تحترم على الرغم من النواقص الديمقراطية الكثيرة، وقلت أن ذلك يعني الابتعاد عن حديث إسقاط النطام والتركيز على استعادة مسار تحول ديمقراطي يضمن مواجهة حكم الفرد والسلطوية وأيضا مساءلة ومحاسبة المتورطين في الدماء والمظالم والانتهاكات جميعا. وهذا أيضا هو موقفي في الأسطر أعلاه. لم أصف ابدا الاستفتاء أو الانتخابات بالشرعية أو الديمقراطية. لا أرى تناقضا، وأدعوك إلى مشاهدة الحوار كاملا والتمييز بين ما قلت وما قال الأستاذ رمضان. الحوار موجود كاملا على اليوتيوب، وهو بتاريخ 9 ابريل 2015. خالص التقدير، عمرو حمزاوي
من الواضح أن السيسي لا يدرك أبجديلت العمل السياسي ولكن يجد الدعم من المؤسسة الأمنية وبعض الدول الأقليمية والكيان الصهيوني ولهذا السبب يستمر في الحكم، في المقابل مرسي والأخوان لم يحسنوا ادارة العملية السياسية بسبب الأنغلاق على الذات والسطحية في التعاطي مع الشأن السياسي فتم التخلص منهم، والسؤال كيف يمكن التخلص من رأس النظام المشبع بالغرور وشهوة السلطة لكي تفتح الطريق أمام الشعب المصري لأقامة نظامة السياسي على الحرية وتداول السلطة.