دمشق ـ إسطنبول ـ «القدس العربي»: في اليوم الرابع لعملية «غصن الزيتون» التي أطلقها الجيش التركي ضد الوحدات الكردية في مدينة عفرين وبعد توسع رقعة الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل جنديين تركيين حتى الآن وعدد من مقاتلي الجيش السوري الحر ومقاتلي الوحدات الكردية.
وواصلت قوات الجيش التركي بالتنسيق مع فصائل الجيش الحر التقدم العسكري على محاور هجومية عدة في منطقة عفرين حيث صعّد الجيشان التركي والسوري الحر من عملياتهما العسكرية في اطار تحرك جديد من شأنه توسيع نطاق الهجمات البرية انطلاقاً من الجهة الشرقية الشمالية لعفرين، وتحديداً من جبل برصايا الاستراتيجي الواقع في محور مدينة أعزاز والذي يرصد مساحات واسعة من بلدات وقرى عفرين، عقب تمكن القوات المهاجمة امس السيطرة عليه واستكمال عملياتها في تأمين الجبل ومطاردة قوات وحدات الحماية الكردية من المنطقة بهدف الدخول إلى عمق مدينة عفرين.
وضمن العمليات الأخيرة أعلنت فصائل الجيش الحر عن سيطرتها على قرية عمر اوشاغي في ناحية راجو عقب معارك عنيفة مع وحدات الحماية الكردية، فضلاً عن سيطرتها على قرية «حمام» والتلال المحيطة بها في ناحية جنديرس، إضافة إلى أكثر من سبعة تلال بالقرب من بلدة «الشيخ حديد» وبذلك كشفت القوات التركية والسورية مناطق واسعة ووضعتها تحت مرمى نيرانها، وهو ما يمهد دخولها إلى مدن وبلدات أخرى في محيط مدينة عفرين.
مواقع مهمة
وأتى ذلك بعد ان تقدمت القوات المهاجمة إلى مواقع هامة في جبل برصايا كانت تتحصن فيها القوات الكردية، وسيطرت على «هنغارات» وخنادق تحت الاراض كانت الميليشيات الكردية تتحصن داخلها، فيما باشرت المدرعات والقوات الخاصة التركية وقوات فصائل الجيش الحر عملياتها من محور أعزاز، باتجاه عفرين تزامناً مع استهداف الطيران الحربي التركي وراجمات الصواريخ والمدفعية التركية مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، حيث يعد جبل برصايا هو أولى المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية والتركية في هذا المحور، فيما تعتبر المناطق السابقة مواقع حدودية.
أما على المحور الشمالي الغربي، فقد كانت القوات المشتركة قد توغلت بعمق 6 إلى 7 كيلومترات، وانتزعت السيطرة على مواقع عسكرية عدة كانت خاضعة لسيطرة الوحدات الكردية اهمها كورنيه وادملي بالاضافة إلى اربع قواعد عسكرية.
بينما استهدفت القوات الكردية امس الثلاثاء مدينة الريحانية جنوبي تركيا بقذائف المدفعية، بعد ان كانت قد قصفت قبلها مخيمات عسكرية اقامتها انقرة لعناصر الجيش الحر المشاركين في عمليات «غصن الزيتون» ممن يتحركون عبر الحدود، وذلك في مدينة «كركهان»، حيث اصيب المعسكر بصواريخ الكاتيوشا وادى ذلك إلى مصرع مقاتل من الجيش الحر وإصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة، فضلاً عن استهداف القوات الكردية من معسكرتها في عفرين، مخيماً للاجئيين السوريين، بصاروخين من نوع كاتيوشا في المنطقة ذاتها، مما أدى لمقتل مدني وجرح آخرين. وفي الطرف المقابل شرعت وحدات من المخابرات والكوماندوز التركي بعملية تطهير الحدود في محاولة منها استكشاف مواقع الميليشيات الكردية والمنصات التي تستخدمها في عمليات اطلاق الصواريخ باتجاه الاراضي التركية.
وعلى الرغم من أن الجيش التركي الذي يعمل جنباً إلى جنب مع قوات الجيش السوري الحر تعمد فتح أكثر من جبهة والدخول البري من أكثر من محور في آن واحد في محاولة لتشديد الحصار على المسلحين الأكراد، إلا أنهم أبدوا حتى الآن مقاومة شديدة في جميع المحاور.
ويبدو أن الجيش التركي سعى في المرحلة الأولى للسيطرة على الجبال والتلال العالية التي تحيط بالمدينة، وهو ما أجبره على البدء بخوض معارك قاسية في مناطق وعرة وتلال يتحصن فيها المسلحين الأكراد داخل الأنفاق والسراديب ما أضاف صعوبات كبيرة على مهمة القوات المهاجمة.
وحسب مقاطع الفيديو التي نقلتها وسائل الإعلام التركية التي ترافق الجيش التركي من أرض المعركة، تشارك في الاشتباكات وحدات كبيرة من الجيش السوري الحر إلى جانب القوات الخاصة التركية وألوية مشاة من الجيش التركي الذي اضطر على ما يبدو للدخول في الاشتباكات البرية بشكل مباشر وسريع ولم يكتف بالإسناد المدفعي والناري لقوات الجيش الحر، وهو ما يفسر أيضاً الإعلان عن مقتل جنديين.
«التركي» و«الحر» معاً
ضباط في الجيش السوري الحر مشاركون في العملية أكدوا لـ «القدس العربي» أن جميع محاور الاشتباكات يشارك فيها الجيش التركي جنباً إلى جنب مع الجيش الحر، ورداً على سؤال حول إن ما كان الجيش التركي يكتفي بالإسناد وتتقدمه قوات «السوري الحر»، أكد هؤلاء الضباط أن الطرفين يتقدمان في آن واحد وعلى المستوى نفسه.
العقيد هيثم عفيسي، نائب رئيس هيئة الأركان في «الجيش الوطني» التابع للحكومة السورية المؤقتة، أكد أن 5 آلاف من عناصر «الجيش الوطني» (فصائل من الجيش الحر ألحقت بما قالت عنه الحكومة السورية المؤقتة نواة للجيش الوطني التابع لها)، يشاركون في عملية «غصن الزيتون» إلى جانب الجيش التركي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ «القدس العربي» أنه جرى التقدم ما بين 5 إلى 6 كيلومترات من جميع المحاور، لافتاً إلى أن التقدم البري «يتم حسب الخطة ووفق ما هو مرسوم له حيث يتم الأخذ بعين الاعتبار عدم وقوع خسائر في صفوف القوات المهاجمة والمدنيين في المدينة».
وعن توزيع المهام بين الجيش التركي والسوري الحر، أشار إلى أن مهمة الجيش التركي الأساسية هي الإسناد المدفعي والصاروخي وتوفير الغطاء الجوي وإسناد المعارك بالأسلحة الثقيلة، فيما يخوض مقاتلو السوري الحر الاشتباكات بالأسلحة الخفيفة، لكنه لفت إلى أن قوات المشاة تسير على المستوى نفسه من التقدم مع الجيش الحر ولا تكتفي بالإسناد.
وحسب الخرائط التي نشرتها وسائل الإعلام التركية، فتح الجيش التركي 7 محاور للتقدم البري، منها 4 محاور من مدينة هاتاي التركية، ومحوران من مدينة كيليس التركية، ومحور سابع من مدينة أعزاز السورية، حيث تقدمت القوات قرابة 6 كيلومترات من كل محور في ظل مقاومة كبيرة من المسلحين الأكراد. وتشير آلية التقدم إلى إيلاء الجيش التركي أولوية في السيطرة على التلال التي يعتقد أن الوحدات الكردية تطلق منها القذائف على البلدات التركية الحدودية.
نفير عام
وبينما أعلنت «الإدارة الذاتية الكردية» في شمالي سوريا «حالة النفير العام دفاعاً عن عفرين»، طالبت جميع الشباب بحمل السلاح «دفاعاً عن عفرين»، فيما تواصل إطلاق عدد من القذائف الصاروخية وقذائف الهاون من عفرين باتجاه بلدات تركية حدودية والتي أدت في اليومين الماضيين إلى مقتل شخصين وإصابة العشرات. وبينما أعلنت الوحدات الكردية تنفيذ هجمات كبيرة على الجيش التركي و«قتل العشرات من الجنود»، بينما لم تؤكد تركيا سوى مقتل اثنين من جنودها، حيث يعرف عن الجيش التركي إعلانه الرسمي عن جنوده القتلى والمصابين مع صعوبة إخفاء أي من هذه الأخبار للعديد من الاعتبارات السياسية والاجتماعية والإعلامية في البلاد.
ومع الجدل حول المدة التي سوف تستغرقها العملية التركية في عفرين، لا سيما عقب طلب الإدارة الأمريكية من أنقرة أن تكون العملية محدودة، أكد رئيس الوزراء بن علي يلدريم أنها سوف تتواصل «حتى تطهير آخر إرهابي في عفرين»، وذلك بعد يوم من تأكيد إردوغان بأن العملية لا تتعلق بحسابات رياضية وأن العمليات العسكرية تسير حسب التطورات على الأرض والتي تؤشر إلى أن العملية بحاجة إلى أسابيع في حال كانت تهدف إلى تضييق الخناق وحصار المدينة، وإلى أشهر في حال كانت تهدف إلى تطهيرها بشكل كامل من المسلحين الأكراد.
وقال متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أمس إن «العملية تواصل تقدمها بشكل آمن، عبر تدمير المواقع المحددة في المدينة، لافتاً إلى أن العملية «ستستمر حتى تطهير المنطقة تماماً من المنظمة الإرهابية الانفصالية، وعودة أصحاب سوريا الأصليين الذين تستضيف منهم تركيا نحو 3.5 مليون، بأمان إلى منازلهم».
تصريحات قالين جاءت عقب اجتماع أمني موسع ترأسه إردوغان في العاصمة أنقرة وضم كبار مسؤولي الحكومة وقادة الجيش والمستشارين العسكريين لبحث سير العملية العسكرية في عفرين، وقال وزير الدفاع التركي عقب الاجتماع: «سنسطر ملحمة جديدة في عفرين وغيرها حتى القضاء على آخر إرهابي».
معركة عفرين اثبتت ان تركيا مهتمه بوحدة سوريا ،اما الاسد فيبدو انه قد باع سوريا .