بغداد ـ علي لفته سعيد: لم يكن معرض بغداد الدولي للكتاب هذا العام يسير بصورة روتينية.. هكذا شعر المثقفون في العراق هذا الأمر منذ أن بدأت أولى الحملات الإعلامية والدعائية للمعرض، الذي أريد له ان يحمل أكثر من علامة فارقة كما يؤكد القائمون عليه، وكما قاله الكثيرون من رواده.
المعرض الذي افتتحت أبوابه أمام الرواد من مثقفين وطلبة وقراء ومتعطشين للجمال يوم التاسع العشرين من الشهر الماضي، ويستمر حتى الثامن شهر من نيسان/ ابريل الجاري، قد يكون الأكثر انضباطا من المعارض السابقة التي كانت فيها الأجواء أكثر فوضوية، ربما لأسباب عديدة كما يقول أحد المساهمين في إقامة المعرض الناشر بلال محسن البغدادي، إن المعرض يضم أكثر من 600 دار ومؤسسة نشر وتوزيع من مختلف دول العالم بما يعادل وبحسب ما هو متوقع وجود أكثر من 125 ألف عنوان بمختلف الاختصاصات والأجناس الكتابية.. وهذا هو المهم، بل إنه يعتقد إن المعرض هذا العام هو الأهم بصورة لا تقبل الشك من حيث سعة المشاركات وعدد الحضور وتسمية الدورة أن يكون ضيف شرفها دولة الكويت، إضافة الى حضور أكثر من 25 شخصية روائية معروفة على مستوى الوطن العربي من الجزائر والسعودية والكويت ومصر ولبنان، وربما الروائي العربي واسيني الأعرج الأكثر شهرة بين الضيوف، كذلك الروائي الكويتي سعود السنعوسي والروائية الكويتية بثينة العيسى والروائية اللبنانية علوية صبح.. وهذا الحضور اللافت والإقبال الجماهيري ليس في يوم الافتتاح أو أيام العطلة الرسمية، بل ان المفاجأة ان يوم الافتتاح كانت فيه عاصفة ترابية وكان الحضور كبيرا على المستوى الجماهير، وهو ما يدل على الاستقرار الأمني الذي يعيشه العراق وبغداد بالتحديد وانخفاض نسبة العمليات الإرهابية، فضلا عن التنظيم الجيد وتسهيل دخول الناشرين والشخصيات العربية المدعوة للمعرض ومشاركة دور نشر عربية لأول مرة في العراق، وكمية الإصدارات الحديثة لدور النشر العراقية وأيضا بروز دور نشر عراقية رصينة وفسح المجال لجميع الإصدارات دون حجب او مصادرة بعض المطبوعات.
ويؤكد البغدادي ان ساحة الكتاب العراقية تعيد نفسها للمنافسة العربية بعد انقطاع لحقبة من الزمن بسبب الحروب وسياسات الأنظمة القمعية التي حاولت طمس هوية الكتاب العراقي. بل ويضيف ان نجاح معرض الكتاب لهذا العام سيكون دافعا لبقية دور النشر العربية المهمة التي ستشارك في الاعوام المقبلة التي أتوقع ان يكون العدد أكثر من 800 شركة ودار ومؤسسة نشر..
المعرض الذي نظم تحت شعار (نقرأ لنرتقي) لا يكتفي بعرض الكتب ايضا بل ان أغلب دور النشر العربية سواء تلك التي تقيم في الدول العربية او في دول المهجر لديها إصدارات لأدباء عراقيين، وهو ما سهل القيام بحفلات توقيع للكتب، والأهم من هذا هو قيام حفلات توقيع لأدباء عرب حضروا وشاركوا في المعرض كضيوف ومحاضرين عن تجاربهم الأدبية والإبداعية.
المعرض ربما هو الواجهة الأكثر نصاعة كما يقول طارق الكناني الذي تجول في المعرض، وهو باحث وشاعر وله أكثر من كتاب معروض أصدرته دور نشر عربية. إنه تظاهرة فنية، لا نريد ان نبحث عن السلبيات بل نبحث عن أسباب النجاح لنطورها، الكتاب اليوم يعني خلاصة الجمال لمواجهة التحدي التعصبي سواء في الأفكار الدينية او الأفكار السياسية.. بغداد اليوم تريد ان تنهض من رماد الحروب العديدة التي تخوضها منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم.