معركة «الجبال التدمرية» قرب السخنة… آخر معاقل التنظيم في بادية تدمر ومفتاح النظام لكسر حصار دير الزور

حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تكتسب معارك البادية الشامية أهمية مزدوجة، فهي مفصلية لتأمين الخطوط الدفاعية للنظام شرق سوريا الحيوية حيث حمص وحماة والسلمية وتدمر، وفي الوقت نفسه هي مفتاح استعادة آخر معاقل تنظيم «الدولة» شرق البلاد، من دير الزور وصولاً للحدود العراقية.
فقد أنجزت قوات النظام معظم الشق الدفاعي، باستعادتها قبل أشهر لمساحات في بادية حمص الشرقية، ومواقع استراتيجية تتحكم نارياً بمحيط تدمر في سلسلة جبال المزار والهيال وجبال المستديرة، ووادي أحمر وقلعة الهرى وحقول اراك النفطية، لكن ما زالت هناك أيضاً مواقع بيد تنظيم «الدولة» استغلها كخاصرة ضعيفة للنظام في البادية الشرقية كبلدة عقيربات التي شن منها هجومه العنيف الأخير على قرى شرق السلمية.
لكن الشق الهجومي نحو دير الزور قد يصطدم بمقاومة شرسة لمقاتلي التنظيم للدفاع عن آخر وأهم معاقله الصحراوية التي كانت ركيزة أساسية له في سوريا كما العراق، ومن الواضح أن معركة السيطرة على السخنة ستكون مفصلية وبوابة لخسارة التنظيم آخر حواضره في سوريا، دير الزور وريفها الممتد نحو الميادين للبوكمال، وإن بعد معارك منهكة للطرفين.
وفي سبيل هذه المعركة الحاسمه كما تصفها مواقع القوات الموالية للنظام السوري، تشير الأنباء إلى أن النظام استقدم مزيداً من الوحدات الخاصة المعروفة بـ»النمور» ، والأهم زاد من اعتماده على الميليشيات العشائرية المتحدرة أيضاً من قبائل الدير ومنها الشعيطات التي ما زالت تحمل روح الثأر ضد تنظيم «الدولة» والعشائر التي ساندته إبان سيطرته على قراها قبل ثلاثة أعوام، لينضم أبناء الشعيطات لكل الفصائل المعادية للتنظيم ابتداء بالنصرة في قاطع البادية وانتهاء بالنظام السوري!
وتتحدث مواقع النظام عن معركة حاسمة تمهد للسيطرة على السخنة وباقي الطريق نحو الدير، وهي معركة الجبال التدمرية التي تحيط بغرب وشمال مدينة السخنة، والجبال التدمرية سلسلة مرتفعات تنتهي شرقاً قرب السخنة وهو الجزء الذي نتحدث عنه هنا، والذي ستدور فيه معارك شرسة بين الميليشيات الموالية للنظام مسنودة بالقصف الروسي وبين تنظيم «الدولة»، وإلى جانب كونها مخبأ وعراً لمقاتلي التنظيم ومخزناً لعتادهم العسكري، فإن الأهمية الاستراتيجية لهذا الجزء من الجبال التدمرية المطل على السخنة يمنح المسيطر عليه قدرة التحكم بموقعين حيويين، الأول غرباً نحو عقيربات المجاورة للسلمية، والثاني شرقاً نحو دير الزور وبالتالي فإن النظام حال سيطرته على هذا الجزء من الجبال التدمرية ستصبح بلدة الطيبة شمال السخنة بحكم الساقطة عسكريا، وسيضمن النظام حينها قطع خط إمداد لتنظيم «الدولة» في عقيربات، وبالتالي يكمل جزءاً من خطة الشق الدفاعي لحماية خواصره الضعيفة المهددة من البادية الشرقية لحمص والسلمية، ومن جانب آخر فإن الهيمنة على هذه الجبال تمنح سيطرة نارية على الطريق نحو دير الزور شمال شرق السخنة، وتمهد للتقدم من هذا المحور إضافة لمحور آخر يحاول النظام التقدم خلاله وهو محور جنوب الرقة الذي حققت فيه القوات العشائرية الموالية للنظام تقدماً ملحوظاً وباتت تقترب من مدينة قباجب الملاصقة لدير الزور جنوباً، وقد تكون قباجب هي نقطة التقاء قوات النظام المتقدمة نحوها من هذين المحورين غربا وجنوبا نحو دير الزور.
هذا الهدف شرق سوريا بالغ الحيوية للنظام، لدرجة أنه أجل معركة ادلب لأجله، وهي في الوقت نفسه معركة مصيرية لتنظيم «الدولة» الذي سيواجه تقدم النظام بمقاومة شرسة، رغم أن النتيجة النهائية بخسارته لتلك المواقع تبدو محسومة ومسألة وقت وإنْ أبدى صلابة وصموداً من قبل مقاتليه الذين تجمعوا في منطقة الدير وريفها الشرقي من كل ولايات العراق وسوريا التي فقدها التنظيم في العامين الأخيرين، فقوة الأطراف المتنازعة ومآلات المعارك تم اختبارها بعشرات المواجهات على مدى الأعوام الماضية، و ما لم يحصل تغير دراماتاكي لا يبدو أن شيئاً يوحي بحصوله، فإنها ستكون الضربة الأقسى للتنظيم في سوريا بعد خسارته للموصل.
وبما أن خريطة توزيع القوى شرق سوريا الحيوية، منحت الرقة للأكراد ومن ورائهم الأمريكيين ولو مرحلياً، فإن حوض الفرات من دير الزور حتى البوكمال بات منطقة عمل النظام السوري، بمساندة عابرة متوقعة عبر الحدود العراقية من ضباط الحرس الثوري برفقة فصائل الحشد الشيعي العراقية، حال سيطرتهم على مدن الجانب العـراقي من الفـرات كالـقائم.
فهذه المواجهة لها اولوية بالغة في الاجندة الإيرانية للمنطقة، فهي تمهد لاستعادة السيطرة على اغلب حقول النفط السورية قرب دير الزور، ومن الناحية العسكرية فهو يكسر الحصار عن المئات من جنود قوات النظام المحاصرين في جنوب المدينة منذ سنوات بقيادة الضابط زهر الدين، ومن ثم يمهد إكمال التقدم نحو ريف دير الزور الشرقي للحدود العراقية ، لفتح هذا الشريان الحيوي للمشروع الإيراني بين حلفائه من بغداد ودمشق، خاصة وأن فصائل مسلحة مدعومة من البنتاغون والتحالف حاولت قطعه بعد أن سيطرت على نقطة التنف الحدودية واوشكت على التقدم نحو ريف دير الزور، قبل ان تقطع عليها قوات النظام وحلفائهم من الميليشيات الشيعية الطريق وتسيطر على شمال وغرب نقطة التنف على الحدود العراقية السورية ، ليحصر نفوذ قوات التحالف بالتنف ويتوقف عندها، فيما اعتبر مؤشراً على مزيد من التراجع الأمريكي أمام النفوذ الإيراني في سوريا.

معركة «الجبال التدمرية» قرب السخنة… آخر معاقل التنظيم في بادية تدمر ومفتاح النظام لكسر حصار دير الزور

وائل عصام

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية