لندن ـ «القدس العربي»: علق روبرت فيسك، الكاتب والصحافي في صحيفة «إندبندنت» على دور الإنترنت في نشر التشدد بين الشبان المسلمين أكثر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». وقال إن حديث وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» عن «داعش» باعتباره حركة قيامية جعله يشك أن مواقع الإنترنت والمدونات و»يوتيوب» بدأت تتفوق على الواقع، «وبدأت بالتساؤل فيما إذا كان داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية ليس إلا مخلوقا حقيقيا على الإنترنت أكثر منه في الواقع». وأردف أن هذا الكلام لا يقنع الأكراد في بلدة عين العرب (كوباني) أو اليزيديين أو من قطعت رؤوسهم من ضحايا «هذه الخلافة العجيبة»، ولكن ألم يحن الوقت كي نستفيق ونعترف أن الإدمان على الإنترنت في السياسة والحرب خطير وأكثر خطورة من المخدرات.
ويرى فيسك أن الأدلة تتراكم يوما بعد يوم وتقنعنا أن «داعش» ليس المسؤول عن «تطرف» الشبان المسلمين قبل سفرهم للقتال في سوريا ولكن الإنترنت.
ويتمنى الكاتب لو توقف ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني عن استخدام هذا المصطلح، أي التطرف.
ويرى الكاتب أن الإعتقاد بشاشة الإنترنت باعتبارها مصدرا للحقيقة والصدق لم يتم الإعتراف به وفحصه وهو قصور كبير في وعينا. ويجعلنا عرضة لتأثيرات الشاشة – حبا أو كراهية- بدون أن تكون لدينا القدرة على تصحيح الخطأ، أي أصبح ما تحتويه الشاشة واقعا حقيقيا وليس افتراضيا. ويدعونا الكاتب التعرف على شراسة الإنترنت وخطورتها بالنظر إلى «غرف الحوار» التي لا يمكن النظر إليها كبديل تقني عن الرسائل التي يرسلها القراء للمحرر في الصحف، ولكن يترك فيها المشارك العنان لنفسه ويكشف عن مظاهر مزعجة من شخصيته.
أدلة وقرائن
ومن هنا فقد تم نقل عملية تحول مهمة في الشرق الأوسط إلى الإنترنت التي أصبحت المصدر لمعلوماتنا. فأدبيات «داعش» مثل مجلة «دابق» الإلكترونية تعتبر مصدرا لمعلومات المسؤولين الأمريكيين الذين يريدون التحذير من خطر التنظيم وشروره. وجرى تقبل ما يقال بدون حس نقدي، وملئت به شاشات التلفزيون وأعمدة الصحف لدرجة ألفنا فيها عبارة «التشدد» الإسلامي الذي يقال إنه نتاج لتعاليم داعية في مسجد كان سببا في دفع شبان للجهاد في العراق أو سوريا بدون أن ندرك أن الكمبيوتر «لابتوب» وليس الداعية هو السبب.
ويشير الكاتب هنا إلى أدلة من لبنان والتي تترك فيها صور اليوتيوب أثرا على الشبان المسلمين وتدفعهم للسفر إلى سوريا والعراق أكثر من الدعاة والأئمة السنة في المساجد. فصور الإعدام ضد من يعتبرهم تنظيم الدولة «مرتدين» لها أثر أكبرمن الكلمات.
ويصف المحامي الفرنسي مارتن براديل الذي يدافع عن الجهاديين العائدين والسجناء منهم كيف قضى موكليه الساعات الطوال أمام الإنترنت وهم يفتشون عن صور ورسائل تحمل شعار «داعش»، «ولاحظ» كما يقول فيسك أنهم لم يذهبوا للمساجد. ويشير هنا لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية عن فتاة عمرها 15 عاما من بلدة أفينغنون الفرنسية هربت إلى سوريا في كانون الثاني/يناير بدون أن تخبر عائلتها. واكتشف شقيقها كيف عاشت الفتاة حياة مزدوجة، وكان لديها حسابين على «فيسبوك»، واحد تحدثت فيه عن حياتها العادية ونشاطاتها كمراهقة، والآخر عبرت من خلاله عن رغبتها بالسفر «إلى حلب لمساعدة إخواننا وأخواتنا السوريين». ويقول براديل إن «التشدد» بسبب الإنترنت كان سريعا. وفي إحدى الحالات حصل في مدى شهر واحد. ويذكر هذا كما يقول فيسك بالأولاد الأمريكيين الذين يغلقون الباب على أنفسهم لساعات طويلة قبل أن يحملوا السلاح ويهاجموا زملاءهم في المدرسة ويطلقون النار عليهم وعلى أساتذتهم.
مجلة دابق
ويشير فيسك إلى مجلة «دابق» الإلكترونية التي تحمل اسم»مرج دابق» في حلب الذي سيكون موقعا للمعركة الكبرى ضد الكفر حسب بعض الروايات.
وتحتوي المجلة أو العدد الذي طبعه الكاتب على صور إعدامات، وموضوعات أخرى مثل جيمس فولي، الصحافي الأمريكي الذي اعدم الشهر الماضي.
ويعلق فيسك على دعوة محرر «دابق» القراء لتزويد طاقم المجلة بالنصح والتعليقات بشرط أن تكون مختصرة لأن «إخوانكن منشغلين بالكثير من المهام وعليه فليس لديهم الوقت الكافي لقراءة رسائل طويلة. وعلى العموم ف «داعش» مشكلة والإنترنت مشكلة.
وتظهر الدراسات التي أجريت إلى تسيد التنظيم للإنترنت. وفي مقال مطولة نشرها موقع «دايلي بيست» كشف عن الطريقة التي يتم فيها استنساخ مواقع «داعش» على مواقع وشبكات انترنت عالمية مما يجعل من الصعوبة بمكان السيطرة عليها وحجبها.
وقال التقرير إن ما يجري عادة هو حجب بعض الحسابات للأفراد على «التويتر» ولكن لا يتم حجب حسابات التقنيين والمهمين من ناشطي «داعش» والجماعات الجهادية. وكشف التقرير عن توفر نسخ عدة من فيلم مهم لـ «داعش» «لهيب الحرب» على شبكات انترنت متعددة، روسية وإنكليزية وعربية.
وتوصل إلى نتيجة مفادها أن مزاعم بعض الدول الغربية السيطرة والحد من قدرات «داعش» غير صحيح. ومع ذلك فاستخدام الإنترنت و»التويتر» لنشر رسائل جهادية قد يقود إلى الإعتقال والسجن كما في الاردن.
في الأردن
وتشير إلى حالة وسيم أبو عايش (20 عاما) الذي استمع في محكمة أمن الدولة لشهادة مسؤول أمن لم يعرفه من قبل.
واعتقل أبو عايش في مدينة إربد، شمال الأردن في آب/اغسطس الماضي ووجهت إليه اتهامات «بنشر الدعاية والأيديولوجية الإرهابية عبر وسائل التواصل الإجتماعي».
ووجه الإدعاء تحديدا لأبو عايش اتهامات بوضع فيديو لـ «داعش» على «اليوتيوب» و»الفيسبوك» وهو عمل إجرامي في نظر الدولة يعاقب فاعله بالسجن لمدة تتراوح ما بين 5- 15 عاما. وترى الصحيفة إن أجهزة الأمن الأردنية راقبت ولسنوات اللاجئين والناشطين المتشددين من أبناء البلاد خاصة بعد قيام ناشطين من أتباع الدولة الإسلامية في العراق- جماعة أبو مصعب الزرقاوي تفجير فنادق في العاصمة الأردنية عام 2005 وأدت لقتل 60 شخصا وجرح العشرات. واستخدمت الدولة الأردنية القوة الناعمة عبر تشجيع الأصوات المعتدلة للتحدث ضد التشدد، وكذا القمع وملاحقة الناشطين. ومع صعود تنظيم الدولة الإسلامية تقوم المملكة الأردنية بالرد على تداعيات صعود «داعش» في كل من سوريا والعراق، وذلك عبر تعديل قانون لمكافحة الإرهاب صادق عليه الملك عبدالله الثاني. فليس هناك تسامح مع أي نشاطات عامة تدعم «داعش» أو تقوم بتجنيد الشباب الأردني في صفوفه.
وبحسب محمد المومني وزير الإعلام الأردني «موقفنا عدم التسامح مع رفع أعلام داعش» وأي شخص يقوم بهذا يخرق القانون ويعاقب على ذلك. وأكد المسؤول الأردني ان «داعش» ومن يدعمونه لن يتم «الترحيب بهم» في الأردن.
ويرى ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أن ما قامت به الحكومة في حزيران /يونيو من تعديل لقانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2006 اعطى السلطات الأمنية «صكا مفتوحا» لاعتقال معارضين إسلاميين بدون توجيه تهم لهم وتوسيع عمليات القمع لتشمل ناشطين غير إسلاميين ومعارضين للحكم. فبحسب القانون لا يسمح لنشر عبارات، صور او فيديو حيث يعتبر نشره «تحريضا على الإرهاب».
وقائع محكمة
ويقدر عدد الأردنيين الذين يشاركون أو شاركوا في الحرب الأهلية السورية خلال السنوات الماضية بحوالي 2.000 متطوع وذلك حسب أرقام المركز الدولي لدراسات التشدد والعنف السياسي في لندن.
وشارك الأردنيون في القتال إلى جانب «جبهة النصرة» و»داعش» وفصائل سورية أخرى. وشهد الأردن في الأشهر الأخيرة عددا من التظاهرات الصغيرة في الزرقاء وعمان ومدينة معان رفع فيها أشخاص ملثمون أعلام تنظيم الدولة الإسلامية. وتقدر مصادر الإسلاميين والمحامين الذين يدافعون عنهم عدد من اعتقلوا في الفترة الأخيرة بتهم دعم «داعش» بما بين 60 -90 ناشطا، ولم تتم إحالة سوى 11 شخصا منهم للمحاكم. ويعتبر أبو عايش أول من يقدم للمحاكمة التي حضرها محاميه موسى العبداللات وترأسها ثلاثة قضاة عسكريين وشهد فيها ضابط من المخابرات العامة.
وأكد وأقسم أبو عايش أنه أخبر المحققين طوال جلسات التحقيق أنه ضد قتل أي أحد وأنه ضد الدولة الإسلامية في الأردن.
وقال إن المحققين معه أعطوه شهادة مكتوبة طلبوا منه التوقيع عليها بدون قراءتها. وساءل العبدلات ضابط الإستخبارات إن كان موكله قد أخبر المحققين أنه ضد القتل وضد الدولة الإسلامية في الأردن. فرد الضابط بأنه لا يتذكر.
وسأل إن كان وسيم قد أخبر المحققين أن شريط الفيديو المتهم بوضعه على «الفيسبوك» يتعلق بسجن أبو غريب وليس له صلة ب «داعش»، فرد ضابط الإستخبارات «لست متأكدا».
وبعد سلسلة من الأسئلة قال ضابط الإستخبارات إنه لم يحقق مع المتهم ولكنه قرأ الملف الذي أعد ضده. وعندما طلب المحامي الإطلاع عليه قال الضابط إنه «سري».
وذكر القاضي محامي الدفاع أن ملفات المخابرات سرية ولا يمكن الكشف عنها. وفي نهاية المداولات الطويلة أكد المتهم براءته وأعلن القاضي تأجيل المحكمة لوقت لاحق في هذا الشهر.
إبراهيم درويش
ربما يجب ان نتعمق اكثر ونستعين بعلم النفس:
“ان الارهابيون يحاولون ان يجبروا العالم على ان يلبي رغابتهم النرجسية في حب الظهور والعظمة, وعندما يفشلون… يردون بعنف على ذلك العالم.
الارهاب هوالفشل في ايجاد حلول خلاقه ومبدعة في تعاملهم مع عقبات الحياة.
الارهاب في معظم الاحيان, هو تعبير عن الجنون والقهر والحقد الذي يعانيه من يتبنى تلك الافكار…والرغبة الجامحة في الظهور واخذ دور البطولة في مسرحية الحياة”.
لمزيدعن الموضوع باللغة العربية هذا هو الرابط:
الدوافع النفسية للارهاب
http://raialhor.blogspot.com/