الناصرة – «القدس العربي»: تشكك معلقة إسرائيلية بارزة بالتوتر المعلن بين روسيا وإسرائيل على خلفية ما تشهده سوريا من أحداث، وتؤكد أن هناك خطا مفتوحا وعلاقات تعاون بينهما وراء الكواليس. وتوضح المعلقة نوعا لانداو محررة الصفحة الأولى في صحيفة «هآرتس» أن روسيا وبخت إسرائيل قبل أيام بعد الكشف عن ضرب قاعدة عسكرية في منطقة حمص لكن العلاقات بينهما مستقرة وطبيعية. وتشير إلى أن روسيا منذ القصف الإسرائيلي في منطقة حمص تبث «حالة أزمة» مع إسرائيل تتجلى بإدانات وتوبيخات علنية واستدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو.
وتعتبر المحللة الإسرائيلية بخلاف زملاء إسرائيليين آخرين أن ما تقوم به روسيا هو خطوات رمزية في جوهرها وناعمة نسبيا، تعبيرا عن غضب على نشاط إسرائيلي متواصل في سوريا. لكن في المقابل وعلى أرض الواقع علاقات التعاون بين روسيا وإسرائيل مستمرة. وتنقل لانداو عن مصادر تصفها بالخبيرة قولها إن حوارا أمنيا سياسيا مثابرا ومستقرا يستمر بين موسكو وبين تل أبيب خلسة حتى بعد الضربة التي نسبت لإسرائيل وأغضبت فلاديمير بوتين. وتضيف «صحيح أن الوضع الراهن يوصف اليوم بـ «الحساس» أو «المتوتر» أكثر من الماضي وإسرائيل تبذل جهودا أكبر للحفاظ على لهجة حذرة وهادئة قدر الإمكان. وقد طلب من كبار الموظفين والوزراء التزام الصمت والالتزام برسائل متفق عليها لكن على الأرض لا توجد أزمة مع روسيا». وتنقل عن مصادرها الإسرائيلية ترجيحها أن اللهجة الروسية العالية في الأيام الأخيرة مردها الضربة الغربية بقيادة الولايات المتحدة في سوريا. وتضيف «في الفترة التي تقوم روسيا بتأسيس مكانتها في المنطقة مقابل دول عظمى غربية لم تكن لديها فرصة لمهاجمة الغرب لفظيا والسكوت بالتوازي على أداء إسرائيل. إن الاعتبارات المتعلقة بما هو ظاهر هي التي حددت اللهجة. اختيار الأدوات الدبلوماسية العلنية فقط مقابل الولايات المتحدة حاليا تدلل هي الأخرى على الحفاظ على «الوضع الراهن» على المدى القصير.
لقاءات بوتين نتنياهو…
سبع مرات في عامين
وتشير المعلقة الإسرائيلية إلى أن ديوان رئيس الوزراء هو الجهة المسؤولة عن علاقات إسرائيل بروسيا وأن نتنياهو كرر قوله في الماضي إن لعلاقاته الشخصية مع بوتين دورا مهما في المحافظة على علاقات طيبة بين موسكو وبين تل أبيب. وتستذكر أن نتنياهو وبوتين التقوا سبع مرات في السنتين الأخيرتين وتحدثا هاتفيا حتى بعد الضربة الأخيرة. منوهة إلى أن نتنياهو كان يوضح أن اللقاءات المتعاقبة مع بوتين تهدف لتحسين العلاقات المباشرة وتوفير قنال مباشر لتنسيق التوقعات والمحافظة القصوى على المصالح والتعاون بين إسرائيل وبين روسيا في المنطقة. وتقول إن ذلك لا يعني أن هناك تطابقا بالمصالح بين إسرائيل وبين روسيا بالضرورة لكن التركيز هو على التنسيق الأقصى بينهما . وتضيف متسائلة: «ماذا كان سيحدث دون هذا التعاون؟… هذا السؤال يوجهه أحيانا المتشككون حيال العلاقة الحميمية بين إسرائيل وروسيا وهم يرون إدانات روسيا العلنية وسماحها لإيران بتعزيز نفوذها في سوريا. وفي الجانب الآخر للجهات المسؤولة عن علاقات إسرائيل مع روسيا هناك مستشار الأمن القومي مئير بن شبات وطاقمه المسؤول عن صيانة العلاقات الجارية. هكذا على سبيل المثال أدار بن شبات الاتصالات مع زملائه في الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا قبيل الهجمة الجوية الثلاثية». موضحة أن على مستوى الوزراء يرافق وزير عضو المجلس الأمني- السياسي المصغر العلاقات المباشرة مع بوتين علاوة على قنوات أخرى مع الكرملين لوزير الأمن أفيغدور ليبرمان وهو مهاجر روسي الأصل. وتشير إلى تهميش دور وزارة الخارجية في العلاقات بين إسرائيل وبين روسيا. بين هذا وذاك تؤكد المعلقة الإسرائيلية أن معظم المسؤولين المتداخلين في موضوع علاقات إسرائيل – روسيا لا يبثّون أجواء أزمة بينهما لكنها تتوقع توترا مستقبليا بعد استكمال الولايات المتحدة انسحابها من المنطقة وبعد استقرار الحكم في سوريا مع حضور إيراني فيها. وترى أن نافذة الفرص الراهنة ستحدد قواعد اللعبة لسنوات كثيرة مقبلة وحتى استقرارها تسعى إسرائيل لشد الحبال مقابل قدر إمكانها مقابل الكرملين.
كيف سترد إيران؟
وفي سياق متصل تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى أن إيران ستنفذ التهديد بالرد على الهجوم الإسرائيلي على سوريا، الأسبوع الماضي، الذي قتل فيها عدد من الإيرانيين. كما تشير التقديرات إلى أن الرد قد يكون في مواقع أخرى في العالم، رغم أن إيران لم تنف أن يكون الرد مباشرا من الأراضي السورية. وقالت القناة الإسرائيلية الثانية إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الرد سيكون بواسطة «فيلق القدس» التابع لحرس الثورة الإيراني بقيادة قاسم سليماني. وتبين التقديرات أيضا أن إيران كانت تفضل أن يكون الرد على الهجوم من الأراضي السورية، ولكن مقارنة بإمكانية تنفيذ عمليات في أنحاء أخرى من العالم، فإن القوات في سوريا ليست قوية بما يكفي لذلك. وأشارت إلى أن ما نشر في «نيويورك تايمز» نقلا عن مسؤول إسرائيلي يقر فيه بمهاجمة عسكريين إيرانيين يزيد من حدة التوتر، كما يزيد من احتمالات ألا تمر إيران على الهجوم مر الكرام.
ورجح رئيس الموساد الأسبق الجنرال في الاحتياط داني ياتوم أن إيران سترد من خلال وكلائها في المنطقة وبالذات حزب الله. وقال في حديث لإذاعة جيش الاحتلال أمس إن إسرائيل قوية جدا ويمكنها التغلب على إيران لكنه دعا لتحاشي فتح حساب دم طويل معها والتصرف بحذر. وحاليا تحافظ إسرائيل على حالة تأهب قصوى، وجاهزية عالية على طول الحدود مع سوريا ولبنان، ولكنها لا تنفي إمكانية أن يكون الرد الإيراني في موقع آخر في العالم.
يذكر أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، كان قد اعتبر مجددا أمس أن «واقعا جديدا يتشكل أمام إسرائيل، يتحول فيه الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله والجيش السوري والميليشيات الشيعية في سوريا، وإيران إلى جبهة واحدة ضد إسرائيل»، وأن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يرد على ذلك بشكل صحيح ودقيق». وخلص للقول «الجبهة الشمالية هي تحد إستراتيجي من الدرجة الأولى، يلزم إسرائيل، الجيش والأجهزة الأمنية، بالارتقاء درجة أخرى، ورفع مستوى الاستعداد والجاهزية».
وديع عواودة: