لندن ـ «القدس العربي»: تحضر أمريكا لوداع حقبة الرئيس باراك أوباما واستقبال عهد جديد يحمل وعوداً بالخوف من الرئيس المنتخب دونالد جي ترامب. وقبل رحيله بدأت أصوات تتعالى في الولايات المتحدة ملقيةً اللوم على أوباما وتحمله مسؤولية صعود اليمين المتطرف ووصول ترامب إلى البيت الأبيض، وتقول هذه الأصوات إن أوباما ترك البلاد منقسمة.
وهناك من يحاول القضاء على منجزه خاصة في مجال العناية الصحية التي طمح الرئيس بأن تكون متاحة لكل الأمريكيين وليس الأغنياء، فهو لم يغادر السلطة بعد إلا أن الجمهوريين يحاولون الآن تمزيق هذا المنجز المهم.
ويحاول الرئيس الحالي حماية «إرثه» سواء في السياسة الداخلية والخارجية بسلسلة من القرارات الرئاسية التي ستقيد حركة الرئيس المقبل وتحفظ ما أنجزه إلا أن هناك من يشك في بقاء هذه القرارات في ظل رئيس مقبل يدير السياسة الخارجية والداخلية عبر «تويتر» – على الأقل في الوقت الحالي- وهاجم الجميع من الصحافة إلى منافسته الخاسرة هيلاري كلينتون إلى تراث الحقوق المدنية. فقد هاجم يوم السبت جون لويس وهو آخر الأحياء الذين تحدثوا في المسيرة التي قادها داعية الحقوق المدنية إلى واشنطن، مارتن لوثر كينغ عام 1963.
وكانت جريمة لويس أنه عبر عن موقفه من انتخاب ترامب وقال إنه لن يحضر مراسم تنصيبه، فرد عليه بتغريدة داعياً له للاهتمام بمنطقته الانتخابية التي تستشري فيها الجريمة.
قرارات
وعلى صعيد الإدارة الحالية فقد قامت باتخاذ سلسلة من القرارات التي تؤكد «بصمة» اوباما على التاريخ، فقد أعلنت عن رفع جزئي عن العقوبات المفروضة على السودان للدور الذي لعبه في مكافحة الإرهاب.
وامتنعت في الشهر الماضي عن التصويت لصالح قرار يدين النشاطات الإستيطانية في الضفة الغربية، بشكل أغضب إسرائيل التي شنت حملة ضدها. وزادت الإدارة عدد الجنود الأمريكيين في العراق للمساعدة في محاربة تنظيم «الدولة».
وواصلت عملية تفريغ معتقل غوانتانامو. وعلى الصعيد المحلي ألغت الإدارة السياسة القديمة المتعلقة بالمهاجرين الكوبيين ووقعت اتفاقين لمعالجة التحيز العنصري في دوائر الشرطة ووافقت على تخفيض شروط التأمين على الرهن العقاري لمئات الألوف من أصحاب الدخل المتدني وملاك البيوت لأول مرة.
وتعلق صحيفة «واشنطن بوست» أن إدارة أوباما قامت بالتسريع بعشرات من المهام التي ستؤثر على حياة الملايين وتقوي بصمة الرئيس على التاريخ. ولكنها تتساءل عن عدد هذه القرارات التي ستستمر في ظل تهديد إدارة ترامب بإلغاء معظمها عندما تتسلم السلطة.
وتنقل عن جوليان زيليازر، استاذ التاريخ والشؤون العامة في جامعة برنستون تعليقه على نشاط أوباما «من الواضح أنه يستخدم سلطاته التنفيذية بشكل شرس ويحاول عمل ما يمكنه في أيامه الأخيرة».
وأضاف «من الواضح أن الرئيس الذي كان متردداً في استخدام سلطته وهو في المكتب غير رأيه خاصة الآن بعدما شاهد تحضيرات الكونغرس المحافظ والرئيس الجمهوري المنتخب لتفكيك معظم ما فعله». ففي يوم الخميس وحده صممت الإدارة ثلاثة معالم تذكارية جديدة ووسعت اثنين بما فيها غابة على المحيط الباسيفكي ومدرسة للعبيد المحررين في ساوث كارولينا. وألغت واحداً من المميزات التي كان يحصل عليها المهاجرون الكوبيون حالة وصولهم للشواطئ الأمريكية ودخولهم أمريكا بدون تأشيرة وهو التميز الذي تمتعوا به خلال 50 عاماً الماضية.
وأعلنت إدارة أوباما عن عقوبات على 18 مسؤولاً بارزاً في النظام السوري وذلك لدورهم في استخدام غاز الكلور ضد المدنيين في عامي 2014 و2015. كما وقلد الرئيس ميدالية الحرية لنائبه جوزيف بايدن واتهمت الإدارة شركة فيات كرايسلر بانتهاك القوانين الوطنية المتعلقة بانبعاث ثاني أوكسيد الكربون.
وتشير الصحيفة إلى أن أعضاء الكونغرس من الجمهوريين ومسؤولي فريق ترامب لانتقال السلطة تساءلوا عن معنى كل هذه القوانين خاصة أن إدارة ترامب هي من ستقوم بالسيطرة على القرار التنفيذي.
وكان عدد من السناتورات الجمهوريين قد كتبوا رسالة للرئيس أوباما في 23 كانون الأول/ديسمبر وطلبوا منه التوقف عن إصدار «قوانين وتعليمات جديدة غير طارئة في ضوء نتائج انتخابات 8 تشرين الثاني/نوفمبر».
وجاء في الرسالة «إنها مهمتنا الآن لتقرير التوازن الصحيح بين التعليمات ومبادئ السوق الحرة والتأكد من أن حكومتنا الفدرالية لا تقف عقبة بين الأمريكيين والنجاح المالي».
ولا يتوقف الأمر عند قرارات عاجلة تنفيذية من الرئيس بل وسرعت الكثير من دوائر الحكومة عمليات التوظيف على أمل جلب أعداد جديدة للحكومة في ظل ما تعهد به ترامب من تجميد عمليات التوظيف للدوائر الفدرالية.
وكتب في يوم الثلاثاء رئيس لجنة الإشراف والإصلاح الحكومي جيسون تشافتيز إلى مسؤولي 18 دائرة حكومية طالباً منها تقديم معلومات عن سياسات التوظيف.
وتشير إلى أن كلاً من ترامب ونائبه مايك بنس قد تعهدا بإلغاء عدد من سياسات أوباما عندما يدخلان البيت الأبيض. ولكن، من الصعب إلغاؤها كلها في شهور أو سنوات مقبلة حتى تحقق الهدف المنشود وعليه فيجب على ترامب القبول بمحدودية سلطاته.
ويرى محللون أن المسارعة لقرارات وتعليمات في اللحظة الأخيرة ليست أمراً غير عادي. ففي عام 2008 كانت هناك توجهات مماثلة في نهاية حقبة جورج دبليو بوش وعام 2000 في نهاية حقبة بيل كلينتون كما يقول سام راتكين، مدير المعهد المحافظ «أمريكان أكشن فورم».
إلا أن أوباما أنهى قوانين ذات آثار اقتصادية وذات تداعيات اقتصادية بقيمة 100 مليون دولار لكل منها أكثر مما أنجزه بيل كلينتون حسبما يقول دانيال بيريز، من معهد دراسات الأنظمة في جامعة جورج واشنطن.
فقد أنهى أوباما حوالي 571 قانوناً وهو في المكتب البيضاوي أكثر من جورج دبليو بوش بنسبة 63٪ في أثناء فتريتن من حكمه. وتقول الصحيفة إن البيت الأبيض الذي كان متردداً في نشر تعليمات جديدة في نهاية ولاية أوباما الاولى عام 2012. وفي هذا السياق لم يعتذر المسؤولون في إدارة أوباما عن حجم القوانين التي صدرت في الفترة السابقة.
وحسب المتحدث باسم البيت الأبيض باتريك رودينبوش فالقوانين لها علاقة «بجهود الإدارة كي تنهي عملاً مهماً بدأته قبل شهور وحتى قبل سنوات».
ليس غير عادي
وتقول «واشنطن بوست» إن حالة الطوارئ لدى البيت الأبيض لها مبرراتها في ضوء التزامات ترامب التي تعهد من خلالها بوقف عدد من سياسات أوباما وهو ما فعله الأخير في سياسات سلفه جورج دبليو بوش بعد توليه السلطة عام 2009. ففي 20 كانون الثاني/يناير 2009 كتب مسؤول طاقم البيت الأبيض رام إيمانويل رسالة لمسؤولي الدوائر الفدرالية طلب فيها منهم وقف أي أنظمة جديدة لم تنشر بعد في السجل الفدرالي الرسمي.
ومدخل كهذا قد يؤدي لتجميد الكثير من سياسات أوباما بما فيها خمسة قرارات صدرت عن وزارة الطاقة في 28 كانون الأول/ديسمبر ولها علاقة بمكيفات الهواء المتحركة وحمامات السباحة حول تزويدها بطاقة كهربائية بدون توقف. وتوقعت الوزارة أن يؤدي القراران إلى توفير ما بين15 ـ 35 مليار دولار أمريكي ولم يصدر إلا قرار منها في السجل الفدرالي الرسمي. ويأمل الجمهوريون الذين يسيطرون على الكونغرس بإلغاء سلسلة من القرارات التي مررتها إدارة أوباما في تصويت واحد بدلاً من التعامل معها بطريقة فردية.
وقام المشرعون بتمرير قرار في 4 كانون الثاني/يناير يسمح لهم برفض أي قرار أقرته الإدارة في الستين يوماً الأخيرة من حكمها.
المجهول
ومع اقتراب موعد تنصيب ترامب، يترقب العالم بحذر وخوف موعد وصوله إلى البيت الأبيض بعد حملة شرسة في الانتخابات اتسمت بالاتهامات واستخدم فيها كل طرف أبشع ما عنده.
وظلت الفضائح تلاحق الرئيس المنتخب طوال الحملة وحتى الأسبوع الأخير من قبل توليه السلطة، خاصة العلاقة مع الروس والملف القذر الذي كشف عن دور للمخابرات الروسية ومحاولات ابتزاز الرئيس المنتخب وتحضيره منذ 5 أعوام لكي يكون «مرشح موسكو في البيت الأبيض».
وركزت صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية في افتتاحيتها على أهمية المناسبة يوم الجمعة حيث قالت إن حفلات التنصيب عادة ما تكون فرصة للأمل واحتفالاً بالديمقراطية التمثيلية ونقل السلطة بطريقة سلمية.
وهي تأكيد للمثل والقوانين التي وضعتها الولايات المتحدة عام 1789 في دستورها والتي لا تزال معياراً دولياً للحكم الرشيد ولا تزال الحكومات الأمريكية المتعاقبة تحترمها وتطبقها. وتقول إن مراسم تنصيب الرئيس هي بمثابة منح رأس الدولة الشرعية باسم «نحن، الشعب» وبالمقابل فعلى الرئيس أن يحترم ويتمسك بأهداف الدستور الرئيسية وبشكل رئيسي «تشكيل اتحاد تامة وتحقيق العدل والتأكد من توفير الازدهار المحلي وتقديم الدفاع العام والترويج للرفاه الاجتماعي للكل وتأمين الحريات».
لكن تنصيب ترامب الرئيس الرقم 45 للولايات المتحدة لن تكون لحظة طبيعية. وبالطبع لن تكون كذلك بالنسبة للأمريكيين الذين لم يمنحوه صوتهم، وهي ليست لحظة أمل بالنسبة لأعداد لا تحصى من المشاهدين حول العالم.
فقد جاء صعود ترامب لتولي ما يطلق عليه أقوى المناصب في العالم وسط قلق وترقب. وتعيد الصحيفة ما قالته عندما فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري الصيف الماضي من أنه لا يصلح للرئاسة، فقد أظهر نزعة جهل وتعصب عنصري وعدوانية للمرأة وعدم صدق وعداء لحرية التعبير وبلطجة خطيرة وقومية تقوم على التلاعب بمشاعر الجماهير.
وكل هذه الصفات تجعله غير صالح للحكم. وتقول الصحيفة «لم يحدث منذ الفوز بهامش ضيق في تشرين الثاني/نوفمبر ورغم حصوله على 3 ملايين صوت أقل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لكي يغير هذه النتيجة غير السعيدة».
وأشارت إلى المؤتمر الصحافي الأسبوع الماضي الذي فشل فيه ترامب لكي يعطي فكرة عن تغير في سلوكه المتهور حالة توليه المنصب بطريقة رسمية. ففي أقل من دقائق بعد بداية مؤتمره الصحافي قام بالتشهير بالمؤسسات الأمنية للبلاد وتعهد مرة أخرى ببناء الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك وهدد الشركات الأمريكية التي تستثمر في الخارج وبتدمير قانون التأمين الصحي لأوباما وتهجم على المؤسسات الصحافية التي نشرت أخباراً لم تعجبه «وليس هذا هو سلوك الرئيس».
وتقول إن ترامب لم يبق أمامه سوى أيام معدودة لدخول المكتب البيضاوي إلا أنه لا يزال يكشف عن مواقف غير ناضجة حول موضوعات حساسة «وعلى ما يبدو فهو لا يفكر ملياً قبل أن يفتح فمه أو حسابه على التويتر. وما يخرج عادة جارح وناري وغير دقيق وبدا واضحاً في هجومه على الممثلة ميريل ستريب».
وتأمل أن يكون كاتب خطاباته أذكى منه ويعد خطاباً هادئاً للتنصيب. خاصة أن الحفلة يوم الجمعة ستكون مناسبة عظيمة وستشاهد حول العالم. وهي مناسبة تعرض فيها أمريكا نفسها ولكن ترامب هو بمثابة إحراج وصعوده يعتبر إهانة وطنية.
حصاد
ولن يستمتع بهذا المنظر الصارخ شخص أكثر من فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي وفريقه من الذين قاموا بهجمات قرصنة ألكترونية ومسؤولي الأخبار الذين نشروا أخباراً زائفة.
فالتدخل الروسي في الانتخابات نيابة عن ترامب والذي أكدته إدارة أوباما والأجهزة الاستخباراتية ألقى ظلاً أسود على المناسبة.
كما أن صدور ملف احتوى على معلومات لم يتم التأكد منها حول تعرض الرئيس المنتخب للابتزاز أعطى صورة أن روسيا لا تزال تحاول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة التلاعب بالرئيس المنتخب وقلة خبرته.
وتقول الصحيفة إن ترامب نفى بشدة ما جاء في الملف إلا أن نرجسيته التي تترافق مع كراهيته العميقة لباراك أوباما وسياسته الخارجية وقابليته للإغراء تجعله هدفاً سهلاً.
وتقارن «أوبزيرفر» رد فعل ترامب الذي يشبه اندلاع وباء الكوليرا بالرد الهادئ من بوتين الذي رفض الإنجرار للموضوع بالطريقة نفسها التي رفض فيها الرد على طرد أوباما للدبلوماسيين الروس من واشنطن. ويتوقع الزعيم الروسي ثمناً لكل هذا من خلال قمة أولى مع ترامب. وعندها سنعرف أهداف بوتين الحقيقية والتي ستشمل رفع العقوبات التي فرضت عليه بسبب أوكرانيا والقبول بضمه لشبه جزيرة القرم وأن تكون له اليد المطلقة في سوريا وانسحاب الناتو من أوروبا الشرقية. وفي الوقت نفسه سيجلس بوتين مرتاحاً ويتمتع بمراقبة التشوش والتشتت الذي أسهمت نشاطاته بتوليدهما في واشنطن.
فوضى
وتضيف الصحيفة أن حالة الفوضى التي ترافق عملية الانتقال يتحمل ترامب مسؤوليتها بنفسه. فرغم تأكيده على نجاحه كرجل أعمال وصانع قرار إلا أنه يفتقد القيادة الحاسمة وسط تضارب في السياسات التي قدمها مرشحوه للمناصب الكبرى.
فقد قال ريكس تيلرسون، مدير شركة إكسون موبيل الذي اختاره ليكون وزيراً للخارجية إن الولايات المتحدة ستحاصر الجزر الصناعية المحصنة التي اقامتها بكين في بحر الصين الجنوبي. فرغم المشاكل التي تسببها هذه الجزر إلا أن التهديد باستخدام القوة ليس الطريقة المناسبة للتعامل معها.
وتأتي هذه التصريحات بعد ما قاله ترامب حول ترامب من كلام ناري أدى لردة فعل صينية. وتشير الصحيفة للفوضى التي تتسم بها المرحلة الانتقالية وتصرفات فريقه. فمن جهة وصف ترامب الأجهزة الاستخباراتية بأنها تتصرف كألمانيا النازية ومن جهة أخرى كال مرشحه لمنصف مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» مايك بومبيو المديح للعاملين فيها وغير من وكالات الأمن القومية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس المنتخب وأبناؤه والشلة حوله أن لا تضارب في المصالح إلا أن مرشحه لمنصب وزير الإسكان، بن كارسون لم يستبعد استفادة مملكة الرئيس المنتخب من عقود بمئات الملايين من الوزارة. وبدا التناقض في درجاته العليا عندما أدلى الجنرال جيمس ماتيس، المرشح لوزراة الدفاع بشهادة أمام الكونغرس أكد فيها أن روسيا عدو لأمريكا بخلاف تصريحات الرئيس المنتخب حول علاقات ود وصداقة معها واتهم ماتيس القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب في سوريا وهو رأي تشترك فيه إدارة أوباما وبريطانيا والأمم المتحدة إلا ترامب.
وتختم بالقول «حتى لو وضعنا مظاهر القصور المتعددة ومواقفه الشخصية جانباً فنقص التماسك والمواقف القائمة على الحقيقة والسياسات العقلانية التعاونية خاصة على المستوى الدولي تظل كارثة. وانظر مرة أخرى لما يدعو إليه الدستور الأمريكي: عدالة، إزدهار وحرب ودفاع عام وخير عام. وكل هذه المبادئ عرضة للخطر. ومع بداية عهد ترامب فاتحاد غير تام هو المنظور الحزين». وفي هذا السياق علقت صحيفة «صاندي تايمز» في افتتاحيتها أن الرئيس المقبل قدم في تغريداته على التويتر ومؤتمره الصحافي يوم الأربعاء صورة عن علاقته بالإعلام و «أخباره المزيفة».
هل سيكتشف الصواب؟
ويظل ترامب أمام امتحان لمقولة ليندون جونسون «أصعب مهمة على الرئيس ليست فعل ما هو صحيح ولكن معرفة الصح». وسنعرف في السنوات اللاحقة إن كان ترامب يعرف فعلاً ما هو الصواب.
وسواء كان قادراً على تنفيذ وعوده في مجال الاقتصاد وحمايته فمن الواضح أن الكونغرس لن يعطيه يداً مطلقة وسيقيض سياساته المتعلقة بالضريبة وزيادة النفقات العسكرية وتحسين البنى التحتية.
وبعيداً عن السياسة الاقتصادية فهناك ثلاث قضايا في السياسة الخارجية وهي روسيا التي سيكون رئيسها أول من يلتقيه في ريكافيك ـ أيسلندا. وهو على خلاف ما كان البريطانيون يأملون بأن تكون رئيسة الوزراء تريزا مي أول من سيقابله.
وتظل روسيا إشكالية خاصة فيما يتعلق بالقرصنة على الانتخابات الأمريكية. لكن فريق ترامب متفق على فشل إدارة أوباما الذي منح موسكو يداً حرة في سوريا.
ومن هناك اعتقاد بإمكانية تعاون أمريكي ـ روسي في الحرب ضد تنظيم الدولة. أما الموضوع الثاني فهو الصين التي نجح ترامب بتحديدها في حملته الإنتخابية بالعدو الإقتصادي رقم 1 ولكنها ترى أن وضع تعرفة على البضائع الصينية ومعاقبة الصين سيكون خطأً كبيراً. ويجب في الوقت نفسه السكوت على نشاطاتها في بحر الصين الجنوبي.
وعليه ترى الصحيفة أن على الرئيس موازنة تشدده في مجال الاقتصاد مع مرونة في مجال التهديدات العسكرية القادمة من الصين. أما الموضوع الثالث فهو يتعلق بعلاقة الرئيس مع المؤسسات الأمنية.
وتعتقد الصحيفة ان المؤسسات الأمنية لم تتصرف بحكمة مع ملف الاتهامات عن ترامب وكان الأولى عدم الالتفات إليها. وقد وعد ترامب بتجفيف المستنقع في واشنطن. وعليه تغيير مسار اللعبة ورفع مستواها مع المخابرات لا تحييدها حسب رأيها.