إسطنبول ـ «القدس العربي»: الخميس الماضي، أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي مقتل ثلاثة جنود أتراك وإصابة 10 آخرين في غارة جوية نُفذت ضد وحدات الجيش العاملة ضمن عملية «درع الفرات» قرب مدينة الباب شمال سوريا، قبل أن تعلن عن وفاة جندي رابع متأثراً بإصاباته الخطيرة.
البيان الرسمي للجيش التركي، الذي صدر عقب الحادثة مباشرة، لم يوجه اتهاما قطعيا لأي من أطراف الصراع الفاعلة في شمالي سوريا، لكنه لفت إلى أنه «يشتبه» في أن يكون نظام الأسد هو المسؤول عن قصف جوي أودى بحياة الجنود الأتراك في تمام الساعة الثالثة والنصف فجر الخميس.
هذا «الاشتباه» الذي لم يؤكده الجيش التركي أو كبار القادة السياسيين الأتراك وعلى الرغم من أنه ساد خلال الأيام الأولى للحادثة، بدأ يضعف أو يتلاشى تدريجياً في ظل ظهور معطيات جديدة ربما تؤشر إلى وقوف أطراف أخرى خلف الغارة وسط سيل من التكهنات التي أطلقتها وسائل الإعلام التركية.
وتؤكد جميع المعطيات أن الجهات الرسمية التركية ليس لديها أي دليل حتى الآن حول الجهة التي نفذت الغارة على قواتها في سوريا، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء بن علي يلدريم هدد بالرد بقوة على الحادثة، إلا أنه لم يشر إلى جهة معينة من خلال القول إن «مثل هذه الهجمات أيّا كان مصدرها لن تضعف أبدا من إصرارنا على مكافحة الإرهاب، هذه الهجمات ستجد لها ردا مناسبا».
واعتاد الجيش التركي على الرد بشكل مباشر وخلال دقائق على أي هجمات تستهدف قواته من سوريا، وأطلقت المدفعية التركية قذاقفها أكثر مرة على مواقع للنظام السوري عقب سقوط قذائف من مناطقه نحو الأراضي التركية، وذلك «وفق قواعد الاشتباك» كما تقول البيانات الرسمية.
لكن التطور الأبرز، جاء الاثنين، على لسان نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، الذي قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكّد شخصيًا أن استهداف القوات التركية لم يكن بواسطة مقاتلات روسية، لافتاً إلى أن «تركيا تملك معلومات حول جميع الأنشطة المتعلقة بحركة الطيران في المنطقة، وستوجه الرد المناسب بعد تأكيد المعلومات».
العامل الزمني وتصادف الحادثة تماماً في اليوم نفسه الذي يصادف الذكرى الأولى لإسقاط مقاتلات حربية تركية قاذفة روسية على الحدود مع روسيا، وحصولها بعد ساعات من جولة قام بها رئيس أركان الجيش التركي في سوريا عززت نظرية مسؤولية روسيا أو النظام بتوجيه روسي عن الحادثة. وهي نظرية لم تصمد طويلاً في الأوساط التركية.
فعقب الحادثة أجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان اتصالين هاتفيين، قدم بالأول تعازيه لأردوغان بمقتل الجنود وبحثا تفاصيل الحادثة، وأكدا في الاتصال الثاني على ضرورة استمرار التعاون والتنسيق في المجالات العسكرية والأمنية خاصة حول الملف السوري.
موقع «روسيا اليوم» نقل عن صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية قولها إن «بوتين خلال الاتصالين الهاتفيين تمكن من إقناع أردوغان بعدم وجود علاقة لموسكو أو لدمشق بالغارات الجوية في منطقة الباب، ولا يستبعد أن تكون هذه الهجمات محاولة من جانب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ولها علاقة بالذكرى السنوية لإسقاط الطائرات التركية قاذفة القنابل الروسية «سوخوي ـ 24» في الأجواء السورية».
وقالت الصحيفة: «بعد اعتذار أردوغان عن هذه الحادثة، لم يعد لروسيا حاجة إلى عمل انتقامي. كما أنه ليس من مصلحة دمشق مفاقمة الوضع».
كما اعتبرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن «الأنباء عن إغارة الطائرات السورية على المواقع التركية ذاعت بالذات يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أي في الذكرى السنوية الأولى لإسقاط قاذفة القنابل الروسية «سوخوي–24» لهذا فإنهم لا يستبعدون أن تكون هذه الحادثة استفزازا مقصودا، هدفه جر روسيا وتركيا إلى صراع جديد، ولا سيما أن إغارة الطيران السوري على مواقع القوات التركية ليس منطقيا، لأنها على الرغم من وجودها داخل الحدود السورية، فإنها تتجنب المواجهات مع قوات الحكومة السورية، وتقصر عملياتها على محاربة تنظيم «الدولة ـ داعش» والكرد».
هذه النظرية وجدت الكثير من الصدى لها في تركيا، حيث عبر العديد من الكتاب والمغردين عن اعتقادهم بأن الغارة ربما كانت «مؤامرة أمريكية» تهدف إلى «توريط» تركيا في مواجهة جديدة مع روسيا، معتبرين أن تصادف الغارة مع ذكرى حادثة إسقاط الطائرة الروسية ليس دليلا ضد موسكو بقدر ما يؤشر إلى احتمال وجود «مؤامرة أمريكية غربية» ضد تركيا.
وفي زيارة تحمل طابعا أمنيا، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان بالرئيس الإيراني ومسؤولين آخرين، السبت، أي بعد يومين من الحادثة، في الوقت الذي كانت فيه وسائل إعلام تركية تًلمح إلى إمكانية وجود دعم إيراني في حال ثبوت تنفيذ الغارة من قبل طائرات تابعة لنظام الأسد.
وبالتزامن مع هذه التطورات، من المقرر أن يعقد اردوغان، غدا الأربعاء، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي التركي بحضور كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والاستخباراتيين، لبحث آخر التطورات الداخلية والخارجية وخاصة تفاصيل عملية «درع الفرات» الجارية في شمال سوريا، حيث سيقوم رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار بتزويد الحضور بمعلومات تفصيلية عن سير العمليات العسكرية.
إسماعيل جمال
مثلا جميلا يستعمل في بلاد الشام :( ضاعت الطاسة. ) ويقصد به لا أحد يعرف ماذا يحدث ولا أحد يعرف من أين يجب أخذ حقه. لتركيا لم يكن لها الحاجة لان تضيع طاستها.كان لديها كل أدوات الاستعمال بما فيها ( طنجرة الضغط ) .تضغط بها على الغرب .كانت تملك اقتصادا قويا .استقرار سياسي وأمني .ملف حقوق الإنسان كان شبه مقفلا. أتمنى أن يبحث السيد اردوغان على الطاسة واكيد السيد بوتين يعرف أين هي . انشاء الله خير..