مقتل زهر الدين وألغاز النظام الأمني السوري

حجم الخط
16

أثار مقتل عصام زهر الدين، العميد في جيش النظام السوري، ومسؤول الحرس الجمهوري في مدينة دير الزور، الكثير من الجدل ضمن المهتمّين بالشأن السوري، كونه أحد أدوات النظام الأمنية البارزة، كما أثار تساؤلات اعتاد السوريون على طرحها كلّما قُتل أحد مسؤولي النظام الكبار، متذكّرين سلسلة طويلة من الاغتيالات لشخصيات كبرى كانت مؤثّرة وفاعلة في البلد، ورابطين ذلك بألغاز كثيرة لم تحلّ رافقت النظام منذ نشوئه، ولكنّ وتيرتها زادت بشكل غير مسبوق منذ بدء الثورة السورية عام 2011 وحتى االيوم.
أحد أسباب أهمّية زهر الدين لدى النظام ارتبطت بكونه من عائلة عسكرية معروفة في محافظة السويداء التي هي معقل طائفة الموحدين الدروز، والنظام المعروف باشتغاله الدؤوب على المحرّكات الطائفيّة في سوريا قام بتوظيف الجنرال وعمل على توسيع شهرته منذ اشتعال الأحداث على خلفية توريط المحافظة وأهلها في المقتلة السورية الكبرى، وهو أمر وجد مفاعيله في الروايات التي تم تداولها حول مقتله، وفي تقليب آثار موته على أكثر من جهة ودلالة ومعنى.
تعامل الرأي العام مع اغتيالات النظام لأركان كبار فيه، كما حصل مع الجنرال المعروف غازي كنعان، ورئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي، باعتبارها تصفيات داخليّة، غير أن أحداثاً أخرى، كما حصل في تفجير الخليّة الأمنيّة عام 2012 والتي نتج عنها مقتل النخبة الأمنية والعسكرية للنظام، وكان بينهم وزير الدفاع داود راجحة، وصهر الرئيس آصف شوكت، بقيت في منطقة غامضة لم يستطع أحد اختراقها، فلا الناس صدّقت تصريحات المعارضة السورية عن مسؤوليتها عن الانفجار، ولا استطاع أحد تأكيد مسؤولية النظام عن التفجير.
بعض الاغتيالات الأخرى، كما حصل للواء رستم غزالة، الذي كان يوصف بكونه مخزن أسرار النظام في لبنان، وأحد المتهمين بالتخطيط لاغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق حريري، قيل إنه حصل على خلفية خلاف مع رئيس الأمن العسكري آنذاك، رفيق شحادة، الذي أقيل مباشرة بعد مقتل غزالة، وهو أحد الاتجاهات التي أخذتها القصص العديدة التي تم تداولها حول مقتل زهر الدين.
يضعف هذا التأويل الأخير ميلاً كبيراً لدى العموم إلى إظهار النظام السوري كآلة أمنية منتظمة تملك سطوة عقلانية شاملة على تصرفاتها، ويحرم معارضيها، نظريّاً أو فعليّاً، من قدرة ضربها تلك الضربات الموجعة، كما كان الحال في حادث الخلية الأمنية أو في حالة مقتل زهر الدين نفسه.
يظهر هذا التأويل، من ناحية أخرى، الطبيعة العشوائية والهمجية للآلة الأمنية السورية، حيث يؤدي صراع شخصيّاتها المفرطة التوحّش والتائقة إلى أعلى مراتب التسلّط، والعائشة على وهم القوّة المطلقة، إلى مواجهات ذئبية بين ضباطها، من دون سبب سياسيّ خطير، كما يحبّ مؤيدو السلطة أو معارضوها أن يعتقدوا أحياناً، وهو لا يفقد أمثال زهر الدين، أو غزالة، أرواحهم فحسب، بل معنى موتهم أيضاً. يضاف إلى ذلك أن كبار مسؤولي النظام الأمنيين والعسكريين تحوّلوا إلى أمراء حرب يديرون إقطاعيات واسعة تتحكّم بأرواح البشر وأرزاقهم، وتدور الخلافات بينهم على قضايا فساد ونهب أكثر مما تدور حول السياسة وتفاصيلها.
إضافة إلى تاريخه الدمويّ الذي جمع المجازر (حسب أحد مؤيديه، الذي كان سفيرا للنظام في تركيا، فقد تباهى بقتل أكثر من 1000 سوري) إلى الصور التذكارية أمام الأشلاء المقطعة المسلوخة للمعارضين، فقد اشتهر الجنرال بتصريحين شهيرين، قال في الأول إنه سيحوّل أرض دير الزور إلى حقل بطاطا (وهو ما يذكر بتصريح ينسب لبشير الجميل عن تحويل صبرا وشاتيلا إلى ملاعب تنس)، والثاني لمّح فيه إلى أن من سيرجع من اللاجئين السوريين إلى بلاده سيلقى حتفه.
مقتل زهر الدين تحوّل على صفحات مؤيدي النظام للتواصل الاجتماعي إلى مناسبة لتهديدات أكثر سوءاً للمعارضين (كما فعل السفير السابق المذكور الذي طالب الرئيس السوري بشار الأسد بسحب الجنسية ممن شمتوا بموت العميد!) كما تحول لحدث يطوّب الجنرال المنقوع بالدماء بطلاً وطنيّاً، وهو أمر مخيف حقّاً لأنه يظهر أن الإبادة والتوحّش وقسوة الإنسان ضد أخيه الذي يخالفه الرأي السياسي قد تكون اتجاها «شعبيّاً» شائعاً وليس محصوراً بنخبة قاتلة تدافع عن امتيازاتها.

مقتل زهر الدين وألغاز النظام الأمني السوري

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ذكرت وسائل إعلام النظام أن زهر الدين قُتل جراء انفجار لغم في منطقة حويجة صكر بمدينة دير الزور، زرعه مقاتلون من تنظيم داعش، إلا أن الإعلامي فيصل القاسم، الذي ينحدر من محافظة السويداء التي تُعد مسقط رأس زهر الدين، قال إنه حصل على معلومات من فرع الأمن العسكري في دير الزور، تكشف أن زهر الدين لم يُقتل جراء انفجار اللغم؛ بل إثر اشتباكات وقعت مع وحدة من قوات النظام بعد نشوب خلاف بينه وبين أحد الضباط.

    وقال “القاسم” في المعلومات التي نشرها على حسابه بموقع “فيسبوك”، الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إنه في يوم الثلاثاء الماضي (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2017)، في الساعة الـ9 صباحاً، كان هناك اجتماع للجنة الأمنية في دير الزور، يضم عدداً من كبار الضباط السوريين وبينهم قائد المهام الخاصة بمجلس المحافظة.

    وأشار القاسم إلى أنه كان هناك خلاف بين العميد زهر الدين، والعميد جمال رزوق، وأن زهر الدين رفض حضور الاجتماع بسبب وجود العميد رزوق، ليتم الاتصال به لاحقاً من قِبل رئيس اللجنة الأمنية، وقال إنه تم تهديده من قِبل اللواء رفيق شحادة وإن الأخير طلب من زهر الدين الحضور بأمر عسكري إلا أنه رفض.

    وتابع القاسم: “فتوجهت دورية بأمر اللواء رفيق لإحضاره موجوداً، وبقيادة العقيد عبد الوهاب حاج حسن من فرع الأمن العسكري، وتم الاشتباك بين مجموعة زهر الدين والدورية، وعلى أثرها أُصيب ابنه يعرب ومرافقه ويوسف العنداري، وأصيب زهر الدين بطلق ناري بعينه ليخرج من مؤخرة الرأس”.

    وقال “القاسم” إن الاشتباكات بين زهر الدين والدورية الأمنية وقعت عند “حديقة النصارى”، قرب مؤسسة الرداوي.
    – عن الهاف بوست بالأمس –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول سليمان حاطوم:

      كلامك صحيح يادكتور فيصل

  2. يقول سامي الصوفي - واشنطن:

    لا عصام زهر الدين، و لا نضال قبلان؛ سفير النظام السابق في أنقرة، يمثلون بني معروف.
    لا بل مقارنة بين من يؤيد النظام من بني معروف، و بين من ينتقد النظام من العلويين، تظهر بأن العدد واحد. النظام السوري هو نظام علوي أولاً و ثانياً و …أخيراً!

  3. يقول MOHAMAD MARTINI:

    من يعد الى أرشيف محاكمة كوهين في سوريا سيتفاجأ عندما يجد اسم معزى زهرالدين (والد العميد عصام زهرالدين ) اسماً مشاركاً ل (كوهين )في التجسس لكن كوهين كان يخدم شعبه ومعزى زهر الدين كان يخون شعبه. (عاش الممانعون)

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه(مقتل زهر الدين وألغاز النظام الأمني السوري)
    مافيا عصابة النظام السوري لا تتورع عن تصفية رموزها البارزين ؛ وهذه هي سياسة نظام الاسد الاب التي ورثها للاسد الابن، ( ولكنّ وتيرتها زادت بشكل غير مسبوق منذ بدء الثورة السورية عام 2011 وحتى االيوم.)
    الاسد الاب رضع الخيانة والدموية من ابيه وجده الذي عارض خروج الفرنسيين من سوريا بحجة حماية الاقليات.ولشطارته في الخيانة والعمالة لاسرائيل حماية لمنصبه الذي وصل اليه بالدسائس وتصفية المخالفين والمساعدة الخبيثة من الكيان الاسرائيلي لقاء اهدائه الجولان لها عندما كان وزيرا للدفاع في حرب 1967 حيث اعلن عن سقوط الجولان قبل ان يدخلها اي جندي اسرائيلي.
    ولا يزال العسف والتصفية الجسدية هي الحكم ؛يضاف الى ذلك مقتلة وتهجير الاكثرية السنية حيث نصف مليون قتيل واكثر من نصف الشعب السوري مشرد ولا يستطيع ان يرجع الى مسقط رأسه لان تركيبة الشعب السوري اصبحت اكثر انسجاما، كما صرح الاسد الابن مؤخرا.

  5. يقول سليم ياسين:

    أنظر إلى الصورة أعلاه فلاأرى وجه إنسان، بل وجه حقد على كل مايمت إلى الأنسان. رؤوس فارغة إلا منن الحقد وحب القتل والتسلط

  6. يقول سوري:

    مهما تكن الروايات حول مقتل هذا القاتل فإن مقتله هو النهاية الطبيعية لهكذا سفاح يعمل بالروموت كونترول من نظام بشار الكيماوي. يكفي ان تشاهد الصورة لتكتشف شبيحة النظام واشكالهم القميئة. ومقتله جاء بأمر من المجرمين الكيماويين ماهر وبشار الأسد، وهذا النظام لا يتوانى لحظة واحدة عن تصفية اي شخص يرى فيه تهديدا او مخالفا لاوامره، ونضال قبلان هذا ” السفير تحت العادة” كل إعلامي يعرف قصته فهو كان مترجم في وزارة الدفاع السورية ثم عمل كمترجم في البي بي سي وعندما افتتحت قناة الام بي سي عمل فيها كمذيع وتم طرده منها ثم عمل في تلفزيون ابو ظبي وتم طرده ايضا منها ثم عمل مع احد شيوخ الامارات في شركة انتاج وقام بسرقة معدات الشركة وحاول الهرب الى سورية فألقت الشرطة الاماراتية القبض عليه ونشرت صورته في الصحافة تم سجنه وسحب جواز سفره حتى تم التدخل من نظام المقبور حافظ الأسد وإعادته الى سورية ليعمل ضم اجهزة إعلام التشبيح الأسدية ثم اوفد كسفير ” تحت العادة” إلى تركيا والان يطلب من فأر قاسيون بشار الكيماوي ان يسحب الجنسية من اللاجئين السوريين، هؤلاء هم رجال نظام الاجرام الاسدي

  7. يقول Dinars:

    تُراه قد أغراه مكان الأسد فنال الجزاء قبل فوات الأوان.

  8. يقول د.راشد المانيا:

    هذا النظام يعتمد سلسلة الحلقات المتصلة لكن لكل حلقة حجم وشكل يختلف عن الحلقة المتصلة قبلها بحيث إذا سقطت حلقة لا تؤثر في غيرها فهؤلاء الضباط الذين صفاهم النظام هم حلقات في هذه السلسلة ولكل حلقة مهامها القذرة ضمن هذا الجهاز الأمني فعندما تنتهي مهمة أحدهم يتم اغتياله من قبل حلقة أخرى في ذات السلسلة الأمنية وبذلك تختفي بموت هذا الشخص كل المعلومات والخطر الذي من الممكن أن تشكله هذه الشخصية فيما بعد .
    بمعنى أن هذا النظام يعتمد في تشكيله الأمني
    نفس نظام المافيا والعصابات .
    أما زهر الدين فاغتاله النظام لأن الأول بدأ يفرض نفسه كأمير حرب في طائفة الموحدين وهذا يعتبر عند النظام توحدا للطائفة خلف شخص وهذا مايخافه النظام لذلك رتب له بشكل سريع هذا الاغتيال.

  9. يقول كنعان - ستوكهولم:

    تصريحات “زهر الدين” التي نقلتها وكالات الأنباء قبل مصرعه إضافة إلى مابثته وسائل الإعلام مسبقا عن لقطات حيه مصوره له بقتل أسرى مدنيين بوحشية لا متناهية، إلا يجد المرء تماثلا مطابقا لأعمال تنظيم الدولة ، أي أن الجانب العقائدي الذي يحرك هو الذي حدد له الأعداء الواجب قتلهم بوحشية والجبهات التي يخوضها والوحشية الواجب الظهور فيه، وهي تلتقي مع المنظور العقائدي /الديني لتنظيم للدولة، بمعنى آخر إلا يفهم من ذلك أنهما ( زهر الدين وتنظيم الدولة) نتاج لمؤسسة واحدة هي النظام القمعي /الاستبدادي/الأمني الذي يحكم الأرض السورية، هذا النظام الذي أفرج عن 800 معتقل سلفي إبان أحداث الحراك السلمي وانتزع منهم تعهدا بعدم محاربة الدولة.
    تساؤل مشروع يطرح للتفكير به بعمق !!!

  10. يقول سامح //الأردن:

    *لا يهم كيف مات هذا (الشبيح)..؟
    المهم أنه مات واستراح الناس من شره.
    سلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية