ملالا هي الفتاة الباكستانية البنجالية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والتي تعرضت لمحاولة اغتيال على يد أحد أفراد تنظيم القاعدة فرع باكستان. ملالا الطفلة الصغيرة برغم قضيتها -التي لا نستطيع إنكار عدالتها- إلا أن الحفاوة الغربية الشديدة بها تثير الريبة والشك. فالطريقة شديدة الحرفية التي تقدم بها في المؤتمرات الدولية، والندوات واللقاءات التلفزيونية التي يلوي فيها عنق الحقيقة لبيان دموية الإسلام نفسه، وليس القراءات الخاطئة لمتطرفي المسلمين. وأن بنية العنف والتخلف متجذرة داخل بنية النص المقدس المؤسس للدين الإسلامي نفسه.
تقدم ملالا في سياق دعائي غربي مصاب بفقدان ذاكرة متعمد يهدر عشرات السنوات المضيئة في التاريخ الإسلامي، وعشرات النماذج التي ساهمت عبر معابر الاحتكاك الحضاري في الأندلس وصقلية وغيرها في صنع عصور النهضة والتنوير الأوروبي.
هذا السياق الدعائي يتناسى عن عمد وجود آلاف «الملالات» من صنيعة يده هو عشرات الآلاف من الملالات في آسيا وإفريقيا السوداء وأمريكا اللاتينية يعشن في أشباه دول تتم مباركة ومعمودية ديكتاتوريتها الحاكمة برعاية دوائر السياسات الغربية وإشرافها .
هذا السياق الدعائي لا يعترف أيضا باغتياله عشرات الآلاف من الملالات تحت وطأة الشركات الكونية العملاقة الشافطة لثروات تلك البلاد والناهبة لخيراتها، بينما يمتن الآلاف منهن وهن يصارعن شظف العيش وقسوة الحياة حيث لا تعليم ولا سكن ولا رعاية صحية ولا حياة آدمية تذكر.
سياق دعائي غربي لا يعتري وجهه حمرة الخجل إلا على ملالا واحدة كان هو المسؤول وبشكل مباشر عن ما حدث لها. فاليد التي أطلقت عليها النار هي من الجيل الثاني الذي دربت أمريكا سلفه في الثمانينيات من القرن المنصرم لمواجهة الدب الروسي، وتم حشو رأسه عبر الممرات الآمنة وغير الآمنة للمخابرات الأمريكية بأشد القراءات الجهادية وحشية ودموية، واستخدام ورقة الدين في هذا الصراع بدلا من طرحها كقضية كفاح واستقلال وطني. هذا الجيل اللاحق لعبت الدوغمائية برأسه فظن أنه قادر على تغيير العالم بالرصاص لصالح السماء، ونسي أنه إفراز لجيل حارب لعقد كامل بالوكالة عن السيد في البيت الأبيض.وأخيرا فإن ملالا باكستان الطفلة التي يستخدمها الغرب كدليل حي على همجيتنا هي ملالا التي تحت الفحص المجهري التاريخي تبدي كما هائلا من فيروسات الاستعمار والتجويع والتركيع والتجهيل والإفقار والمرض الذي تم عن عمد لمجتمعات أفرزت العقلية التي حاولت قتلها في هذه الحالة تحديدا، وفي هذا السياق عينه لا النص المقدس ولا وطأة النصوص الفقهية الخارجة عن إطار الزمان والمكان (والتي لا ننكر أنها في حاجة إلى مراجعات) مسؤولة عن محاولة قتلها.
وحده الغرب هو المسؤول ووحدنا نحن من ندفع الثمن مرتين.
إعلامي مصري