مناسك عمرة بـ «طعم سياسي» لإنقاذ «المشروع السعودي»: جنرالات الأردن على مائدة الملك سلمان وبرقية «متأخرة» لفؤاد معصوم و«احتواء» سريع «لإشكال» ما بعد عبارة «النبي العربي الهاشمي»

عمان ـ «القدس العربي»: ساعات قليلة فقط فصلت بين عدم التوقف عند «الواجب الديني» في زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس الأول للسعودية وبين البرقية التي بعث بها الأربعاء للرئيس العراقي فؤاد معصوم بعنوان تضامن الأردن مع العراق ضد الإرهاب.
الملك عبدالله الثاني قضى برفقة وفد رفيع المستوى طوال يوم الثلاثاء في أداء مناسك العمرة. لكن وفي الجزء السياسي من زيارته التي لم تكن بخلفية دينية فقط استقبله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وأجرى الزعيمان على مائدة إفطار أقامها الجانب السعودي مباحثات «سياسية» تناولت وفقاً للبيان الرسمي ليس العلاقات الثنائية فقط بل «الأوضاع في الشرق الأوسط».
بالمعنى السياسي هو التفاعل الأول بين الزعيمين الحليفين بعد الجدل الذي أثارته وانتهت إليه قمة الرياض الإسلامية الأمريكية الأخيرة. وبالعادة يقوم العاهل الأردني بأداء مناسك العمرة في السعودية في الثلث الأخير من شهر رمضان.لكن زيارته هذه المرة بدأت بصورة مبكرة قياساً بالعادة، الأمر الذي يوحي بوجود «أجندة سياسية» بالأثناء ترافق الطابع الإيماني بدليل وجود شخصيات اردنية معنية بدوائر القرار في الإطار من بينها رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ورئيس الديوان الملكي فايز طراونة ومقرر مجلس السياسات عبدالله وريكات إضافة لرئيسي الأركان محمود فريحات والمخابرات عدنان الجندي.
التقديم في موعد الزيارة الملكية الأردنية والإشارات الناتجة عن وجود كبار المسؤولين في أجهزة الدولة الأردنية محاولة مشتركة من الجانبين للإيحاء بعدم وجود «إشكال او توتر» في العلاقة تحدثت عنه بعض التقارير والتقييمات الإعلامية مؤخراً وقد ظهر ذلك من حرص الملك السعودي على إقامة مأدبة إفطار سياسية في مدينة جدة لضيفه الأردني والوفد المرافق.
بوضوح يمكن القول أن محور عمان ـ الرياض يريد ان يبدد الانطباع بوجود «خلاف أو مشكلة» في جدار التحالف الثنائي خصوصاً بعد التعليق الذي صدر عن الملك سلمان في قمة الرياض تعقيباً على عبارة «النبي العربي الهاشمي» التي صدرت عن العاهل الأردني في خطابه الرسمي خلال القمة. فمسألة التعليق كانت قد أثارت الكثير من الجدل والضجة إعلامياً وسياسياً في عمان وعكست أجواء من التوتر الصامت بين البلدين.
من الواضح وفقاً لمصادر «القدس العربي» أن شكل وملامح وهوية ترتيبات الاستقبال الملكي السعودي للعاهل الأردني ووفده الرفيع صيغت بصورة تجدد التأكيد على التحالف الاستراتيجي وتزيل «التباس» محتمل خارج التأويل.
في كل حال يسمح النقاش في جدة بين الملكين حول مستجدات منطقة الشرق الأوسط بالعودة لنقاط التوافق وتدشين التفاصيل بخصوص ما يسمى بـ»المشروع السعودي» في مثلث الحدود الصحراوي الذي يربط الحدود الأردنية العراقية بأطراف من الأرض السورية وبمساحة ارض رديفة في السعودية خصوصاً في منطقة مثلث التنف.
الملك سلمان كان قد تحدث في قمة الرياض عن تجميع قوات عسكرية تتولى محاربة الإرهاب في العراق وسوريا. الخبراء يفككون هذه العبارة بالإشارة حصرياً لأن «تثبيت» عمل عسكري وأمني مشترك مع الأردن وتحديداً على حدوده مع العراق يخدم الأمن شرقي المملكة السعودية نفسها ويؤسس لعازل جغرافي عسكري يمنع قوات تنظيم «الدولة ـ داعش»من الاقتراب من حدود السعودية مع الأردن.
لذلك الحاجة جغرافياً وعلى الأرض للأردن ملحة جدًا بسبب طبيعة مثلث التنف الصحراوي والمنطقة الممتدة من اطراف بادية الشمال الأردنية حيث توجد قوات سعودية أصلاً وحيث ان المشروع السعودي الجديد في تمويل وتأهيل «قوات» ضد «داعش» في المنطقة الحدودية تلك لا يمكن تنفيذه بدون الأردن.
ولذلك ايضاً يعتقد أنه تم التبكير برحلة أداء مناسك العمرة واجتهد السعوديون في «إحتواء سريع» لأي مشاعر سلبية عند الأردنيين نتجت عن ما حصل في قمة الرياض، الأمر الذي يبرر برأي المراقبين اهتمام الملك سلمان بإقامة مأدبة إفطار لنظيره الأردني والوفد المرافق يتخللها اجتماع سياسي كما يبرر أصلاً على هامش جولة أداء مناسك العمرة وجود جنرالات الجيش والأمن الأردنيين ضمن كادر المشهد.
الاستدلال للاستنتاج السياسي نفسه ممكن ايضاً من خلال مراقبة «البرقية المتأخرة» التي أرسلها عاهل الأردن لفؤاد معصوم الرئيس العراقي ظهر أمس الأربعاء. في تلك البرقية يجدد الملك الأردني تضامن بلاده الكامل مع العراق ضد الإرهاب ويستنكر حادث التفجير الإرهابي الذي حصل يوم الاثنين الماضي.
يمكن هنا ببساطة ملاحظة ان البرقية الأردنية ارسلت لمعصوم وليس لرئيس وزراء العراق حيدر العبادي والأخير كان قد التقى قبل عشرة ايام في عمان العاهل الأردني. وعادة لا ترسل عمان برقيات من هذا النوع تجاه أحداث تفجير إرهابية تعتبر يومية في الحالة العراقية.
لكن الإشارة السياسية واضحة الملامح إلى أن الأردن وبعد وقفته مع الملك سلمان يظهر الاهتمام الثنائي بما يحصل في العراق ويبحث عن توافقات تساند المشروع السعودي القاضي بتخصيص رجال وسلاح ومال للتعاون الثلاثي في المربع الصحراوي الرابط بين حدود الأردن وسورياً والعراق وهو مربع مشتبك جغرافياً بصورة مباشرة مع جزء من الأرض السورية.

 

مناسك عمرة بـ «طعم سياسي» لإنقاذ «المشروع السعودي»: جنرالات الأردن على مائدة الملك سلمان وبرقية «متأخرة» لفؤاد معصوم و«احتواء» سريع «لإشكال» ما بعد عبارة «النبي العربي الهاشمي»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد سامي مناصرة:

    الحضورالامريكي في دائرة القرار العراقي يحيد بعض الشئ التأثير الصفوي فية اما في حالة سوريا وبالذات بمنطقة عمق عربية بقلب بادية الشام، ارض شمّر والرّولة والشعلان و العنَزة والسرور وغيرهم من القبائل العربية فالمسألة اصبحت مختلفة تماماً، هناك مجموعات احتلالية اولها مليشيات ايران وآخرها ما تبقى من ميليشيات بشار والكل ذات لون وطعم وأجندة صفوية للنخاع.

  2. يقول ابو غضب:

    نتمنى ان يكون ذلك ايضا لمصلحة الشعوب وليس فقط بهدف محاربة داعش واخوتها.

  3. يقول سامح //الأردن:

    *شيء طبيعي أن يكون تنسيق بين
    الشقيقين(الأردن والسعودية) لصالح
    البلدين بشكل خاص والمنطقة
    بشكل عام.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  4. يقول Passer-by:

    هذه الزيارة-العمرة المفاجئة للملك الأردني وزيارة ابن سلمان الأخيرة من يومين لروسيا وللقاء البوتين شخصياً يدل على أن السعوديين يحركون شيئاً ما وعلى عجلة من أمرهم. المعروف أن السعوديين خمولون جداً في رمضان ويؤجلون أسفارهم وأعمالهم لما بعد رمضان إلا إذا كان هناك أمر مستعجل. إن غداً لناظره قريب!

  5. يقول مروان /الاردن:

    نتمنى من القلب وحدة الاشقاء ، وان تتعدى العلاقات إلى العمق والأفعال الحقيقية على الأرض خاصة ما يتعلق بصندوق الاستثمار السعودي في الاردن برعاية سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتجاوز نتائج الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن خاصة أزمة بطالة الشباب الأردني الغير مسبوقة،لتحصين الأردن بوابة الخليج العربي على ما تبقى للامة من بلاد الشام والعراق .

إشترك في قائمتنا البريدية