منبج: انتصار استراتيجي لتركيا أم تنازل تكتيكي من أمريكا؟

حجم الخط
21

خلال لقائهما مؤخراً في واشنطن توصل وزيرا الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والتركي مولود جاويش أوغلو إلى اتفاق مشترك حول مدينة منبج شمال سوريا، اعتبرا أنه «خريطة طريق» تشمل إرساء الأمن والاستقرار في المدينة الخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وكان جاويش أوغلو قد استبق اللقاء بالإعلان عن أن تفاهم أنقرة مع واشنطن حول هذا الملف سوف يشكل «نقطة تحول في العلاقة بين البلدين». ويبدو أن هذا التحول قد بدأ بالفعل، نظراً إلى اقتران الاتفاق بتصريح ثان من وزير الخارجية التركي، أفاد بأن الاتفاق على تسلم مقاتلات أمريكية من طراز «إف ـ 35» لا يزال قائماً دون أي تغيير، وأضاف أن بلاده ترفض «لغة التهديد في الكونغرس بصدد تسليم الصفقة».
وتنص خريطة الطريق حول منبج على العهدة إلى مفارز من الجيش التركي وعناصر مشتركة من الاستخبارات التركية والأمريكية بمراقبة الأمن في المدينة بعد انسحاب الوحدات الكردية، على أن تعقب ذلك مرحلة تالية تتضمن اعتماد آلية مراقبة وتشكيل إدارة محلية خلال 60 يوماً، وتأسيس مجلس مدني وآخر عسكري لضمان الأمن والاستقرار لسكان المدينة من كل الأعراق.
ومن الواضح أن تركيا تعتبر هذا الاتفاق انتصاراً استراتيجياً لها، يعزز وجودها العسكري في عمق الأراضي الحدودية مع سوريا بصفة إجمالية، وعلى امتداد المزيد من المناطق ذات الأغلبية الكردية بصفة محددة. كما أنه يستكمل العملية العسكرية التركية الناجحة في إخراج القوى العسكرية الكردية من عفرين، ويتلاقى مع خريطة ميدانية أخرى سبق أن رسمتها تركيا في عملية «درع الفرات». وهو أخيراً اتفاق يمنح أنقرة ورقة قوة إضافية حين يأزف زمن التفاوض على اقتسام الكعكة بين مختلف القوى الدولية المتطاحنة في سوريا. وليس غريباً بالتالي أن يتحمس جاويش أوغلو للاتفاق فيلوح بأنه يمكن أن يطبق في مناطق أخرى من سوريا، أي تلك التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية».
من الجانب الأمريكي يمكن أن يكون اتفاق منبج مرحلة أولى على طريق تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب التدريجي من سوريا، والذي سبق أن أعلن عنه في آواخر آذار/ مارس الماضي، ملمحاً إلى أن الولايات المتحدة سوف «تعطي الفرصة للدول الأخرى للاهتمام بالأمر». وبالنظر إلى تركيز البيان المشترك الأمريكي ـ التركي حول اتفاق منبج على مبدأ أنه أبرم بين «عضوين في حلف شمال الأطلسي ما زالا ملتزمين بمعالجة هواجسهما المشتركة بروحية الشراكة بين الحلفاء»، فإن واشنطن قد تكون سعت أيضاً إلى أغراض تكتيكية من وراء هذا التعاطي الإيجابي مع المصالح التركية.
بذلك فإن القوى الكردية في سوريا قد تكون تلقت ضربة غدر جديدة من الحليف الأمريكي تضاف إلى سابقة عفرين، وقبلها تل رفعت، في انتظار مواقع خذلان أخرى محتملة يحتاج الأكراد إلى تأمل دروسها بعمق. وأما النظام السوري من جانبه فإنه آخر من يُنتظر رأيه في شأن اتفاقات القوى الأجنبية على إدارة هذه المنطقة أو تلك في البلد، وانتهاك السيادة الوطنية هنا أو هناك.

منبج: انتصار استراتيجي لتركيا أم تنازل تكتيكي من أمريكا؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مصرى:

    وهل لازالت تركيا تثق فى وعود أمريكا ؟؟ عجبى على أمم لا تتعلم من اخطاؤها شيئا

  2. يقول Dinars:

    تتحرك أمريكا وفق مصالحها أو بالأحرى وفق هوى اللوبي اليهودي الأمريكي الذي يرى في تركيا قوة رادعة للأكراد الذين تتلاعب بهم قوى إقليمية ودولية حيث ضيعوا حقهم في باطلهم. فلو انصهر الكُرد مع بقية الشعب التركي لما تعرضوا لمظلمة أزمنت لعقود.

  3. يقول جمعاوي جمعة:

    ليست ضربة غدر إطلاقا، هذه خيارات خاطئة اختارتها القيادات الكردية. فالقيادات الكردية هي التي اختارت أن تتواطأ مع النظام السوري وأن تنفصل عن الثورة وتطعنها في الظهر في سبيل تحقيق مشروعها الانفصالي. القيادات الكردية كلفت الثورة السورية الكثير واضعفتها فلو أنها عملت مع الثورة لكانت الثورة أقوى ولما اضطرت تركيا للعمل مع أعداء الثورة روسيا وإيران وبالتالي اضطرت تركيا لتخفيف دعمها للثورة ولما توترت العلاقات بين تركيا وأمريكا مما أضعف الثورة. ولو أن القيادات الكردية عملت مع الثورة لحصل الأكراد على حقوقهم أو على الأقل لكانوا حصلوا على حقوق أكثر مما سيحصلوا عليه بخيارهم الانفصالي المتواطئ مع النظام السوري.

  4. يقول الكروي داود:

    الأتراك يتعاملون مع الأمريكان معاملة الند للند! ليت العرب يتعلمون من أشقائهم الأتراك!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول مؤمن الحاج فلسطيني من سوريا:

      اخي الكريم: لا تقارن الشعوب العربية النيام مع شعوب العالم الأخرى كايران او تركيا. أمريكا والعالم لا يحترمون من لا يحترم نفسه أولا. أمريكا لا يهمها ممبج او اي منطقة أخرى. رغم أن سياسة أمريكا بالشرق الأوسط هي مرسومة لها ومخطط لها من إسرائيل إلا أن أمريكا مضطرة للالتزام ببعض الخطوط التي لا تهدد أمن الدولة الصهيونية.

    2. يقول محمد الكوردي / سوريا:

      لا يغرنكم الكلام المعسول من قادة تركيا الطورانية وعلى رأسهم امير المؤمنين لهذا العصر اردوغان قدس سره فكم ؟ تصريحا ناريا اطلقه للمجرم بشار الاسد من انه لن يسمح بتكرار ماساة حماه ثانية وهي من الخطوط الحمر الى ان شاهدنا تكرار عشرات الحماواة ..من تدمير(حمص -حلب -ريف حلب – داريا -الغوطة واطراف الشام – كوباني البطلة….) الا يكفي كل هذا على نفاق اردوغان ومن لف لفيفه روسيا وايران شركاء المجرم بشار في قتل الشعب السوري قام اردوغان بوضع يده معهم في جميع تفاصيل خيانة الشعب السوري..اخر خطة لاردوغان لانصاف السوريين هي تجنيس حملة الشهادات الجامعية من السوريين للجنسية التركية . ياللللللللله ما اغبى الشعوب العربية والسوريين يا لسذاجة المسلمين والعرب لقد اختذل ماساة الثورة السورية برمتها بمنح الجنسية ..ان من يقرأ التاريخ يكاد يجزم ان التاريخ يكرر نفسه وخاصة في اواخر الاستبداد العثماني عندما اخذوا اهل الحرف والمهن والمهندسيين والمبدعين من المسلمين والعرب من القاهرة ودمشق ووو الخ واستقروهم في اسطنبول لتطويرها وتقدمها كما يحصل الان مع تجنيس السوريين..الا هل من متعظ؟
      اخيرا وبعد حين سوف يكتشف ويعلن الحقيقة المرة لدى لدى السذج من مسلمينا من ان اردوغان هو الامير الحقيقي لداعش المجرميين وكل الفصائل المنضوية تحت اسم الجهاديين.

  5. يقول صوت من مراكش:

    لامير الشعراء شوقي قصيدة كانت مدرجة ضمن النصوص الادبية بمدارس المغرب في الثمانينات

    عنوانها الاندلس الجديدة و فيها يرثي سقوط مقدونيا و لو كان شوقي بيننا في هذا الزمن المر

    لصعق من كثرة اخوات الاندلس المتساقطات في بلاد العرب بأيادي العرب و العجم و لشل قلمه

    سلام من صبا بردى أرق *** ودمع لا يكفكف يا دمشق

    ومعذرة اليراعة والقوافي *** جلال الرزء عن وصف يدق

    وذكرى عن خواطرها لقلبي *** إليك تلفت أبدا وخفق

    تحياتي

  6. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي االقدس اليوم عنوانه (منبج: انتصار استراتيجي لتركيا أم تنازل تكتيكي من أمريكا؟)
    ان العين الصهيوماسونية الصليلية بقيادة امريكا واسرائيل والحاقدة على الكل العربي الاسلامي،هذه العين الآن تركز على اسقاط تركيا والحاقها بدول الفشل والخنوع والانبطاح للتغول والغطرسة الاسرائيلية والسير في طريق الخيانة والتآمر على فلسطين كما هو حال دول حصار قطر وتحالفها مع امريكا وارائيل لدفن قضايا الامة العربية الاسلامية في مقبرة صفقة قرن ترامب.
    وانتصار تركيا على امريكا واسرائيل يكون بالصمود والتصدي لكل مخططاتهم التآمرية عليها، والاحتماء بالشعب التركي الذي اسقط مؤامرة غولن الذي لا يزال تحت الرعاية الامريكية وترفض تسليمه لتركيا لمحاكمته.
    واذا تنازلت امريكا لتركيا في شمال سوريا تكتيكيا فهذا لا يعني الكف عن التآمر والكيد لاردوغان وحزبه(العدالة والتنمية ) وانما يعني تجربة طرق اخرى لالحاق تركيا بركب السيسي والاسد ،ومحمد ابن سلمان، ومحمد ابن زايد وخليفة حفتر وغيرهم من اهل الانبطاح المذل لكبرياء امة محمد (ص) بالسر والعلن.

  7. يقول محمد منصور:

    الموقف التركي الحازم هو من أجبر أمريكا على القبول بانسحاب القوات الكردية لأن تركيا صرحت بعدم قبولها بسيطرة هذه القوات في المدينه وأنها عازمه على اخراجهم ان لم يكن بالتفوض فسوف تلجأ لأستخدام القوة.

  8. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    والدليل على كل هذه المؤامرات ان العلم الإسرائيلى يرفرف دائما فى سماء أنقرة و اسطنبول….و قواعد الناتوا تستغل بطاقتها لقصف إخوانهم المسلمين فى سوريا و العراق و أفغانستان….وكذالك تصدير الاسمنت و الحديد لإسرائيل لبناء المستوطنات بأسرع ما يمكن لم يتوقف يوما ….يجب ان يثبت السيد أردوغان على كل هذه المؤامرات الخبيثة….تحيا تونس تحيا الجمهورية

  9. يقول سامح //الأردن:

    *بالعكس تماما ..
    (تركيا ) تعلمت من سكوتها
    وحيادها وقررت العمل (الميداني)
    واجبرت (أمريكا وروسيا) على التعاون
    وتلبية شروطها.
    *السؤال;- هل تعلم قادة(العرب)
    من أخطائهم..؟؟؟
    سلام

  10. يقول بلحرمة محمد:

    الكل يتحرك وفق مصالحه الا الانظمة العربية التي تعمل ضد مصالحها ولا تريد بتاتا ان تتعلم من كوارثها المستمرة في حق اوطانها وشعوبها ان كان الامر كدلك بل همها الوحيد والاوحد هي كراسيها التي اعمت بصرها وبصيرتها.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية