نيويورك – بيروت ـ «القدس العربي» : قال يان إيغلاند، المستشار الخاص لمبعوث الأمم المتحدة لسوريا، إن الاحتياجات الإنسانية لآلاف المدنيين في مدينة الرقة هائلة ولا يمكن تصورها. في وقتٍ يحاصر نحو 20 ألف شخص في الرقة من قبل تنظيم «داعش» لاستخدامهم دروعاً بشرية. في وقت قال مسؤول من قوات سوريا الديمقراطية لرويترز امس الجمعة إنها ستبدأ قريباً هجوماً لطرد تنظيم الدولة من محافظة دير الزور. بينما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 34 عنصراً من قوات النظام وقوات موالية له بهجوم شنه تنظيم الدولة في محافظة الرقة.
تصريحات إيغلاند الصحافية جاءت من جنيف بعد اجتماع مجموعة العمل المعنية بالوصول الإنساني في سوريا. وقال: «لا يمكن تصور حجم الاحتياجات، ونشعر بالقلق البالغ بشأن حماية المدنيين. يبدو أن نحو 20 ألف مدني يوجدون في منطقة صغيرة بالمدينة. لا أستطيع أن أتخيل وجود مكان أسوأ في العالم من هذه الأحياء الخمسة في المدينة».
وقال إن الفرار من الرقة يعتبر أمراً في منتهى الخطورة، ومن يحاولون الهروب يتعرضون لخطر إطلاق القذائف الكثيف والقصف الجوي الذي تنفذه قوات التحالف.
وتمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها من توصيل المساعدات لنحو 260 ألف نازح بسبب القتال في الرقة. وقال إيغلاند إن مساعدة الموجودين داخل المدينة أمر صعب للغاية، كما أن تقييم الاحتياجات هناك معقد.
ومازال أكثر من نصف مليون شخص محاصرين في 11 موقعاً في سوريا، ثمانية منها من قبل الحكومة فيما يحاصر مقاتلو المعارضة الفوعة وكفرايا.
كما يطوق تنظيم «داعش» مدينة دير الزور في الشرق، التي قامت الأمم المتحدة وشركاؤها بإسقاط المساعدات الغذائية جوا عليها أكثر من 160 مرة.
وبالنسبة للمحادثات السياسية السورية التي أُعلن عنها من قبل، فمن المقرر أن تبدأ جولتها المقبلة الشهر المقبل. لكن نائب المبعوث الخاص رمزي عز الدين رمزي قال إن شيئاً لم يتقرر بعد بهذا الشأن.
وأضاف أن مكتب المبعوث الخاص سيقوم بدراسة نتائج الاجتماع الأخير بين مجموعات المعارضة الرئيسية في الرياض. وقال: «بالنسبة للمحادثات التي كان من المقرر عقدها الشهر المقبل، سنواصل تقييم الموقف ونحن بانتظار تكوين صورة كاملة عما حدث في الرياض، وسنجري مزيدًا من المشاورات مع الأطراف المعنية. وعلى أساس ذلك سيتخذ قرار بشأن موعد عقد المحادثات».
معركة دير الزور
من جهة اخرى أكد مسؤول من قوات سوريا الديمقراطية لرويترز امس الجمعة إنها ستبدأ قريبا هجوماً لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من محافظة دير الزور. وقال أحمد أبو خولة رئيس المجلس العسكري في دير الزور الذي يحارب تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية إن الهجوم ربما يبدأ «خلال عدة أسابيع» بالتزامن مع معركة مدينة الرقة. من جهة أخرى وحسبما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد قتل 34 عنصراً من قوات النظام وقوات موالية له اثر هجوم شنه تنظيم الدولة لاستعادة مناطق كان جيش النظام سيطر عليها في محافظة الرقة.
وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحالف مدعوم من الولايات المتحدة ويضم جماعات مسلحة كردية وعربية، وهو يخوض معارك لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرقة القديمة، معقله الرئيسي في سوريا. وبدأت «قسد» بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية عمليتها العسكرية في حزيران/يونيو بعد أشهر من القتال لمحاصرة الرقة مدعومة بضربات جوية وقوات خاصة من التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وقال أبو خولة «تبدأ عملية تحرير دير الزور قريبا جدًا جدًا» مضيفًا «نحن دخلنا في أراضي دير الزور فحررنا قرى عدة بينها قرى كبيرة».
وقال الكولونيل ريان ديلون المتحدث باسم التحالف الذي تقوده أمريكا إن التركيز ما زال على الرقة. وذكر أبو خولة أن هناك أربعة آلاف مقاتل، معظمهم من العرب ومن دير الزور، في المجلس العسكري لدير الزور الذي يرأسه. وقال إن هؤلاء المقاتلين شاركوا في جميع الحملات التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية ويقاتلون الآن داخل الرقة.
ضربة للنظام
من جهة أخرى قتل 34 عنصرا من قوات النظام وقوات موالية له في سوريا اثر هجوم شنه تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة مناطق كان الجيش سيطر عليها في محافظة الرقة (شمال)، حسبما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة. واشار المرصد إلى ان التنظيم تمكن من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في شرق محافظة الرقة وطرد قوات النظام منها خلال المعارك التي جرت الخميس.
وكان الجيش السوري وحلفاؤه نجحوا الخميس في تطويق تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل في البادية السورية وسط البلاد تمهيدا لبدء المعركة من اجل طرده منها. ويخوض الجيش السوري بدعم روسي منذ أيار/مايو الماضي حملة عسكرية واسعة للسيطرة على البادية التي تمتد على مساحة 90 الف كلم مربع وتربط عدة محافظات سورية وسط البلاد بالحدود العراقية والأردنية.
ويهدف الجيش السوري من خلال عملياته هذه إلى استعادة محافظة دير الزور من الجهاديين عبر ثلاثة محاور: جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا، فضلا عن المنطقة الحدودية من الجهة الجنوبية الغربية . ويسيطر التنظيم على غالبية محافظة دير الزور باستثناء جزء صغير من المدينة التي تحمل الاسم نفسه ويحاصر فيها الجهاديون القوات الحكومية والمدنيين منذ عام 2015.
وذكر المرصد ان تنظيم «الدولة الإسلامية» تمكن من «تحقيق تقدم هام واستعاد السيطرة (…) ليوسع التنظيم سيطرته عند ضفاف الفرات الجنوبية». وأوضح المرصد ان «التنظيم تمكن من اعادة قوات النظام على بعد 30 كيلومترا من الضواحي الغربية لمعدان» اخر معاقل التنظيم في ريف الرقة الشرقي والمتاخمة لدير الزور، والتي تمكنت القوات النظامية في وقت سابق من هذا الشهر من الوصول إلى اطرافها.
ويخوض الجيش السوري عملية عسكرية ضد التنظيم المتطرف في ريف الرقة الجنوبي، وهي عملية منفصلة عن حملة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن لطرد الجهاديين من مدينة الرقة، معقلهم الابرز في سوريا. وبعد أكثر من شهرين ونصف من المعارك داخل الرقة، باتت قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على نحو 60 في المئة من المدينة التي فر منها عشرات الاف المدنيين. ولا يزال نحو 25 الف شخص عالقين في المدينة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
«قسد خارجة على القانون»
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، امس الجمعة، إن مقاطع مصورة تُظهر عمليات تعذيب وإعدام خارج نطاق القانون نفَّذتها ما تعرف بـ»قوات سوريا الديمقراطية» بحق المدنيين، موردة تحقيقات أجريت بحق أشخاص تم تعذيبهم وقتلهم.
جاء ذلك في تقرير صدر عن الشبكة امس، وصلت الأناضول نسخة منه، جاء فيه أنه «منذ بداية 2016 رصدت تصاعداً ملحوظاً في شدة أساليب التَّعذيب، وارتفاع حصيلة ضحاياه على يد قوات سوريا الديمقراطية، حملَ البعض منها صبغة عرقية».
ولفتت إلى أنه «انتشرت مؤخراً عبر شبكة الإنترنت مقاطع مصورة يظهر فيها عناصر مسلحة يُشير زيُّهم، ولهجتهم المحكية، ومحتوى الفيديوهات نفسها، وقرائن أخرى، إلى انتمائهم إلى قوات سوريا الديمقراطية، وهم يُنفِّذون عمليات تعذيب وحشية لمحتجزين.. وتظهر فيها أيضاً عمليات قتل عبر إعدام مباشر دون أية مُحاكمة، والتُّهمة الدائمة هي الانتماء لتنظيم داعش».
الشبكة أوردت تحقيقا لأحد هذه المقاطع، مبينة أنه «في 15 تموز/يوليو 2017، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع مصور يُظهر مجموعة من 3 أو 4 عناصر مسلحة تُطلق النار بشكل مباشر على شخص مكبَّل اليدين إلى جانبه جثتان».
وأضافت «يظهر المقطع تناوبَ العناصر على إطلاق النار على الضحية، وتصويب عدة رصاصات، مُعظمها في الرأس، ويقول أحد العناصر المسلحة في الفيديو أن هذا هو مصير كل من يحارب حزب ي ب ك (الإرهابي)، ومصير كل من ينتمي لتنظيم داعش».
إلا أن الشبكة أكدت أنها «استطاعت التَّعرف على الضحية وهو علي أحمد المحمد مواليد عام 1980 من قرية خس عجيل التابعة لناحية الكرامة بريف الرقة الشرقي، حيث تواصلت مع قريبه سامر، الذي أفادهم أن الضحية كان يعمل في لبنان منذ منتصف 2015 وفي آذار/مارس الماضي عاد إلى قريته، عبر الطائرة من مطار دمشق الدولي إلى مطار القامشلي».
وأردفت أن «سامر أبلغهم بأنَّ مشادَّة كلامية حدثت بين علي وشخص مقرَّب من عناصر قوات سوريا الديمقراطية، أدَّت إلى احتجازه عدة ساعات، وقد تكون هي السبب في تصفيته لاحقاً في 3 نيسان/أبريل الماضي كما ظهر في المقطع المصوَّر».
كذلك أورت الشبكة في تقريرها حادثة أخرى، حيث قالت «في 21 تموز/يوليو الماضي، نُشِرَ مقطع فيديو يُصوِّره مسلح يتكلم اللغة الكردية، ويظهر في الفيديو رجل مُسن تبدو ثيابه مُلطَّخة بالدماء، استطعنا الَّتعرف عليه وهو أحمد زينو، البالغ من العمر 80 عاماً، كنَّا قد سجلناه في قائمة الضحايا في 24 حزيران/ يونيو الماضي، بعد تعرُّض منزله في حي الرميلة بمدينة الرقة لقنابل يدوية من قبل قوات سوريا الديمقراطية تسبَّبت في مقتل ابنه أسعد زينو بينما أُصيب هو، ثم تمّت تصفيته».
وأوضحت أن «صورا تُظهره جريحاً؛ جراء طلق ناري في كتفه الأيمن، وبعد يومين من انتشار المقطع المصوَّر سجلوا اعتقال قوات سوريا الديمقراطية أحمد أسعد زينو، وهو حفيد أحمد زينو من منزله بالرغم من أنه يعاني من إصابة سابقة جراء قصف طيران التحالف الدولي لمدينة الرقة، ونعتقد أنَّ الاعتقال حصل نتيجة تسريب المقطع المصور».
وشددت الشبكة في تقريرها أن «تصوير ثم نشر عمليات القتل والتعذيب بشكل عمدي مقصود، يُعبِّر عن مرض مجتمعي تفشَّى بشكل صارخ وسط ترك الشعب السوري وحيداً أمام نظام يُمارس أبشع أساليب القتل، وميليشيات منفلتة من أبسط الأعراف والقوانين المحلية والدولية، وهذه الأفعال تهدف إلى إرهاب المجتمع وتركيعه لردعه عن أية مخالفة للسلطة الحاكمة».
وبينت أن «سجلَّ قوات سوريا الديمقراطية حافل بالانتهاكات، وعمليات القتل خارج نطاق القانون، والهجمات العشوائية عديمة التمييز على المدنيين، إضافة إلى عمليات الاعتقال التعسفي، ولم تَقُم هذه القوات بأي تحقيق يُذكر في أي نوع من أنواع الانتهاكات، كما أنها لا تستجيب لطلبات المنظمات الحقوقية ومحاولات التواصل بهدف التَّعرف على موقف القيادة من هذه الممارسات، وما هي سياستهم المستقبلية تجاهها».