منشق عن تنظيم «داعش» يعود إليه بعد أن نبذه الجميع

حجم الخط
1

انطاكيا ـ «القدس العربي» ـ أخبر «أبو أمين الأنصاري» قادتــــه في تنظيم الدولة الإســــلامية، بأنه سيذهب في جولة للبحث عن زوجة بعد أن طلق زوجـــته لخــــلافات مستمرة بينهما، ونظراً لإخلاصـــه وتفانيــه في خدمة التنظيم صدقه القادة وسمحوا له بالمغادرة لأجل ذلك، ولم يتوقع أحد منهم أنه قد ينشق عنهم.
أبو أمين الأنصاري شاب في العقد الثالث من العمر، من إحدى بلدات ريف حلب الشمالي، وكان قائد كتيبة ومقاتل في صفوف الجيش السوري الحر لشهور طويلة، كما عرف عنه الخلق الحسن ورفض حالات الفساد التي كانت تحدث في بعض الكتائب والألوية، بل وصل به الرفض إلى مقاومة هذا الفساد بكل ما يملك من قوة واستخدم قوته العسكرية عدة مرات لإيقاف عمليات سرقة أو رشوة ونجح في ذلك دائماً.
وبعد ظهور تنظيم دولة العراق والشام «داعش»، وجد أبو أمين أن أفضل ما يقوم به هو الانضمام لهذا التنظيم الذي يحتوي على مقاتلين سوريين وعرباً وأجانب، لم يسمع عن أحدهم انه قام بسرقة أو ارتكب فاحشة، ومن المعلوم أن التنظيم في بداية تشكيله حظي بسمعة طيبة وشعبية واسعة بين السوريين، الذين اعتمدوا في احتضانهم له على تغلغله في المجتمع ونجاحه وازدياد قوته شعبياً وعلى صعيد عدد المقاتلين على الأقل.
انطلق أبو أمين من مدينة الطبقة إلى الحدود التركية ليدخلها دون أن يعترضه أحد كونه أعلن انشقاقه عن التنظيم منذ لحظة وصوله إلى مناطق تسيطر عليها كتائب الحر، واتجــــه إلى مدينة أنطــــاكية ليلتقي احد أقاربه والذي ساعده في تأمين منزل وسط المدينة ورافقـــه لأكثر من أسبوعين في كل تحركاته، إلا أن قريبه شعر أن انشقاق أبي أمين ليس بالإنشقاق بل هو تجربة أراد الرجل أن يدرس إمكانية تعاون أصدقائه القدامى وأقربائه معه ليقوم بافتتاح مشروع صغير في تركيا ليعيش منه، وإن لم يوفق في ذلك يعود إلى التنظيم فهو قد حسب حساباً لما يسمى بــ«خط الرجعة».
وطلب من قريبه أن ينشئ له حساباً على موقع «تويتر»، وبدأ بالكتابة والتواصل مع عناصر التنظيم في الداخل السوري، وبعد ان اطلع من أنشأ له الحساب على مراسلاته ومنشوراته كونه هو من وضع كلمة المرور للحساب، أدرك أن الرجل لم يقطع علاقته مع التنظيم، ورغم ذلك فإنه كان يدرك أن السبب في ذلك هو أن أبا الأمين يحسب خط العودة إلى سوريا، فهو لم يعلن انشقاقه إلا للمقربين منه.
تخوف قريبه من سلوكه هذا واعتقد أن أبا الأمين قد جاء إلى تركيا لينفذ مهمة ما، رغم اعتقاده بضآلة هذا الاحتمال إلا أنه شعر بالخوف، ما جعله يطلب ممن أجروا البيت لـ»الداعشي المنشق» بأن يطردوه منه وأخبرهم أن مشاكل قد تحدث بسببه وأنه غير مسؤول عن ذلك، وعلى إثر ذلك تم طرد أبي أمين من المنزل.
وهنا بدأ أبو أمين بجولة على العديد من المدن التركية باحثاً عن مشروع صغير يقوم به وعن بيت يستأجره وعن زوجة جديدة، ورغم امتلاكه المال إلا أن الجميع رفضوا أن يساعدوه في أية واحدة من غاياته آنفة الذكر، حتى أن بعضهم استدان منه مبالغ كبيرة ما أدى إلى فقدان نصف ما حصله من «غنائم» في معاركه الأخيرة حسب تعبيره.
وكاد أن ينفق ماله قبل أن يستقر ويعيش الحياة الآمنة التي يطمح إليها، وبعد يأسه من كل شيء، خاصة بعد أن علم الجميع بأنه عاد إلى التنظيم في مدينة الرقة السورية، وجد نفسه كائناً غريباً عن مجتمعه السابق الذي أحبه وأشاد به، وعندما ساءت العلاقة مع التنظيم نبذه هذا المجتمع، بل وحاول البعض قتله.
نوايا أبي أمين الانصاري لم تكن بالسلبية مطلقاً والدليل على ذلك أنه حاول دفع كل ما يملك في سبيل أن يستقر ويتزوج في تركيا، كما أنه كشف بعض الحقائق التي كانت تصنف كشكوك فقط، إذ تحدث الرجل عن بعض عمليات الاعتقال التي قام بها التنظيم وأنكرها وكانت أهمها عملية اختطاف «علي بلو» قائد لواء أحرار سوريا منذ أكثر من عام، حيث ذكر أبو أمين الأنصاري أن التنظيم هو من اعتقل القائد المذكور وأكد أنه يعلم تفاصيل الأمر، إلا أنه رحل قبل أن يفصح عن باقي القصة بسبب خوفه من الانتقام إن ذكر أشخاصاً محددين بأسمائهم.
أما قريبه فقد قال لـ«القدس العربي»: «أعتقد أن أبا الأمين لم ينشق أصلاً، وكل ما في الأمر أنه ينظر إلى مصلحته بشكل كامل، فلو تم ما أراد هنا في تركيا لبقي واستمر على أنه منشــــق، إلا أنه وجد العودة خير من البقاء حيث يحتضنه التنظيم ويحظى بشعبية جيدة واحترام من قبل قادته وزملائه داخل التنظيم، وبكل الأحوال الرجل حسب أموره بشكل جيد وتصرف بذكاء بحيث يعود إلى التنظيم آمناً متى شاء، وهذا ما حدث بالفعل».

محمد اقبال بلو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسين الجزائر:

    باب العودة دائما مفتوح اما لحياة جديدة او لداعش.

إشترك في قائمتنا البريدية