رام الله ـ «القدس العربي»: كشفت منظمتان حقوقيتان في إسرائيل، إنه بعد فحص نتائج مئات التحقيقات، تبيّن لديهما أن منظومة التحقيقات الموجودة في إسرائيل، لا تسمح بإجراء تحقيق جدي وفعال، وأن الآلية تعاني من إخفاقات هيكلية خطيرة، تجعلها غير قادرة على إجراء تحقيقات مهنية، وأن الآلية القائمة حاليا غير مؤهلة للتحقيق في مسائل سياسية أو في انتهاكات للقانون من قبل أشخاص ذوي رتب عسكرية عالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك فإنه من غير الممكن أن تؤدي هذه الآلية إلى محاكمة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
وبحسب بيان رسمي صدر عن منظمتي «يش دين» «وبتسيلم»، فإن المعطيات تؤكد أن السلطات الإسرائيلية غير معنية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بحق فلسطينيين على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، وإن ما يعزز هذا الاستنتاج هو عدم تنفيذ توصيات لجنة «تيركل»بعد مضي عام ونصف على نشرها.
منظمة بتسيلم من جهتها، قررت رفض طلب المقدم في الجيش الإسرائيلي «ئرونن هيرش»، المدعي العام للمسائل المتعلقة بالعمليات العسكرية في النيابة العامة العسكرية، الذي كان قد طلب إرسال معلومات للجيش، حول أحداث «استثنائية»حصلت أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. فقد أكد مدير عام بتسيلم حاجاي إلعاد: «ترى منظمة بتسيلم أنه من الضروري التحقيق في التعليمات والأوامر التي أعطيت للقوات العسكرية، من قبل الأشخاص ذوي المراتب السياسية والعسكرية العليا، وبالأخص التحقيق في شبهات حول سياسة الهجوم غير الشرعي، التي تم التمهيد لها مسبقا من قبل النيابة العامة العسكرية».
وجاء في البيان، «نظرياً من الواضح جداً أن هيئة معينة لا تستطيع أن تستجوب نفسها، ولكن هذه المرة أيضا، من المتوقع أن يقوم الجيش بالتحقيق في أفعاله التي قام بها خلال عملية «الجرف الصامد»، وسوف تجري التحقيقات هذه المرة أيضا من دون مراقبة خارجية. بصرف النظر عن نظام السرية القائم حاليا، إذا تم إنشاء آلية تحقيق مستقلة لفحص شبهات انتهاك القانون الإنساني الدولي، هدفها الكشف عن الحقيقة واتخاذ إجراءات ضد المسؤولين، فإننا سنبارك هذا الأمر وسنقدم مساعدة مهنية، بأفضل ما لدينا من قدرات احترافية، في تحقيق جدي كهذا».
أما بيانات منظمة «يش دين» المنشورة والمتعلقة بنتائج التحقيقات في الاشتباه بارتكاب انتهاكات من قبل جنود الاحتلال ضد فلسطينيين، فتشير بوضوح إلى انخفاض ملحوظ بتقديم لوائح الاتهام مقارنة بالسنوات السابقة، داعية إلى القيام بإصلاحات عاجلة وبعيدة المدى في منظومة التحقيقات والتشريعات المتعلقة بارتكاب جرائم حرب ومعاقبة مرتكبيها. وقالت إن هذه الخطوات ضرورية من أجل ضمان تحقيقات مهنية وفعالة ومن أجل مقاضاة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وقالت المديرة العامة لمنظمة «يش دين» نيتا باتريك «إن منظومة التحقيقات لدى الجيش الإسرائيلي فاشلة. على المعطيات أن تعطي ضوءا أحمر بشأن عدم استعداد إسرائيل للقيام بتحقيقات جدية ومهنية، اذ أن الدراسات التي قامت بها ‘يش دين’ طوال سنوات عديدة تثبت أن هذه المنظومة غير مؤهلة لإجراء تحقيقات فعالة في الأيام العادية، فكيف بأيام حرب؟. في كل سنة نعود ونحذر مجددا رشان الوضع الخطير لمنظومة التحقيقات، لكن على ما يبدو فإن إسرائيل ترفض معالجة الإخفاقات الهيكلية، أو على الأقل محاولة القيام بفعل من أجل تحسين الوضع، رغم انتقادات اللجان العامة والمنظمات. الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن دولة إسرائيل غير معنية بالتحقيق بانتهاكات حدثت ضد فلسطينيين».
«بتسيلم» بدورها رأت أن البيانات المتعلقة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في الماضي، أشارت إلى فشل آلية التحقيقات في أحداث الحرب، وقالت المنظمة، أنه بعد العملية العسكرية «الرصاص المصبوب» تم فحص حوالي 400 حدث، اشتبه فيها في ارتكاب انتهاك للقانون خلال العملية، وفي أعقاب الفحص تم فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية الإسرائيلية في 52 حالة على الأقل، بعدها تم تقديم لائحة اتهام في ثلاث حالات فقط، والعقوبة الأكبر تم فرضها على جندي سرق بطاقة ائتمان.
وأضافت أن نتائج التحقيقات في العملية العسكرية «عامود السحاب» لم تكن مختلفة كثيرا، إذ قالت النيابة العامة العسكرية إنه تم فحص أكثر من 80 حدثا من بينها 65 حدثا لم ير المدعي العام العسكري الرئيسي أنه يتوجب فتح تحقيق جنائي بها اعتبارا من نيسان/ أبريل 2013، ولا علم لدى بتسيلم عن فتح تحقيقات جنائية بعد العملية العسكرية.
فادي أبو سعدى