القاهرة ـ «القدس العربي»: لم يعش أنصار الرئيس السيسي في الفضائيات والصحف المصرية في ورطة أكثر مما هم عليه اليوم، حيث وجدوا انفسهم مطالبين بلعن ما صفقوا له بالأمس، فلازالت الذاكرة تعي مشاهد هؤلاء وهم يرقصون ويهللون من أجل الدستور، الذي هاجمه الرئيس قبل أيام، فكان لزاماً على فريق الكورس في فرقة الأوبرا الإعلامية، أن تكون رهن إشارة المحظوظ، الذي ترشحه الأنباء والشواهد لاحتمال أن يكون رئيساً أبدياً، وهو الأمر الذي يتوق إليه أنصاره، ويحذر منه خصومه، متسائلين ما فائدة ثورة يناير/كانون الثاني، التي زهقت من أجلها أرواح العديدين؟ وما معنى أن نذهب بديكتاتور فاسد ومستبد، جرف مصر وأذل شعبها طيلة ثلاثة عقود، كي تعيد مصر سيرتها الأولى من جديد؟
في صحف الأيام الماضية، وبعد أن قال الرئيس قولته «الدستور لم يكتب بنوايا حسنة» التي حذفها التلفزيون المصري لاحقاً، لم تجد الآلة الإعلامية، التي لاهم لها سوى غسل أدمغة الجماهير، إلا أن تناقض نفسها من أجل إقناع المصريين بأن الدستور الذي وصفوه من قبل بأنه إنجاز تاريخي، ما هو إلا رجس من عمل الشيطان، وخطر على صحة المواطنين، كما أنه يهدد الأمن القومي، لذا دقت طبول الحرب على مدار الأيام الماضية، وأغلب الظن أنها ستدق لشهور مقبلة، حتى يتم تغيير بعض مواد الدستور مجدداً، وهو الأمر الذي أسفر عن اندلاع معارك صحافية ضد المؤيدين والمعارضين على النحو الذي سنرى في ما يلي:
المصالحة ضرورة وطنية
يرى المخلصون لهذا الوطن أنه لا نجاة لأهله إلا بإعادة اللحمة بين ابنائه، وهو ما يصر عليه الشيخ عبود الزمر في «المصريون»، ويؤكد أن «معركة الدولة مع بعض الفصائل من أبنائها ليس فيها غالب ولا مغلوب، فالخاسر الأكبر هو الوطن. كما أن من يتصور قيام ولاية داخل الدولة، في وجود حكومة مركزية وجيش قوي هو واهم بالدرجة الأولى. وشدد الزمر على أن التفجيرات العشوائية التي تصيب المواطنين، سواء من الجيش أو الشرطة أو المدنيين، هو ظلم وعدوان على الدماء المعصومة. كما أن استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المواطنين يعتبر عملا خارج نطاق القانون، ومنتقدا على المستوى المحلي والدولي. كما أن البديل الواقعي عند عدم القدرة على التغيير هو الصبر والنضال السياسي السلمي، حتى تتحقق الأهداف. يضيف الزمر أن الثبات والتضحية في موضع لا يحقق المصلحة هو من باب إهلاك النفس والإمكانات بغير مسوغ شرعي «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» الحكومات أو الجماعات التي تترك المشورة حول القضايا الرئيسة في المجتمع تفقد كل يوم أنصارها، وربما شملتهم قائمة الخصوم. ويرى أن ما يريده المواطن إلى جوار المشروعات الاستراتيجية هو ذلك المشروع التنموي القريب العائد، الذي يظهر أثره على دخله ومستواه المعيشي. واشار إلى أن التغييرات الوزارية ليست مهمة بقدر تغيير السياسات التي يكون مردودها على الإصلاح ومقاومة الفساد وإقامة العدل ورد المظالم إلى أهلها. ويخلص عبود إلى أن وجود المظالم في المجتمع يعد مانعا أمام سبل النهضة».
حظر النشر أداة الدولة المستبدة
تحولت ظاهرة حظر النشر ـ إلى انطباع سائد لدى الجميع الآن، إن أي حادثة أو واقعة تتعلق بشأن عام أو ورطة يكون طرفها الحكومة أو أجهزة تابعة لها، سيتم حظر النشر فيها مباشرة، بحيث يغيب عن الرأي العام، كما يقول جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون»، أي معلومات عن الموضوع أو حوارات أو إضاءات إعلامية أو صحافية، وينتظر الناس البيانات التي تصدرها النيابة العامة فلا يجدون شيئا، ومن ثم يتحولون إلى المواقع الأجنبية والصحف الغربية لمحاولة تلمس أي معلومات حول الحادثة، لأن ستائر الصمت فرضت عليها في الداخل. وزير الخارجية المصري سامح شكري أصدر بيانا في صورة مقال مطول، ترجمته الخارجية إلى الإسبانية ولغات أخرى لنشره في المكسيك، تحدث فيها عن الواقعة وقدم العزاء للشعب المكسيكي وأسر الضحايا، ولكن الذي لفت انتباهي أن خطاب الحكومة المصرية، ممثلة في الخارجية، إلى العالم الخارجي كان مختلفا عن خطاب الحكومة وأجهزتها للداخل، فبينما توالت التصريحات والبيانات الرسمية في الداخل عن أن السياح هم الذين يتحملون المسؤولية لأنهم لم يحصلوا على تصريح، أي أنهم متسللون، وأنهم اقتحموا منطقة محظورا التجول فيها، وتلك جريمة بنص القانون المصري، إذ بخطاب الحكومة المصرية، عبر خارجيتها للشعب المكسيكي، يقول إن جهات التحقيق تبحث في ملابسات الموضوع ، وفي ما إذا كان هناك سوء استخدام للقوة في التعامل مع الموقف، وأن المعلومات ستوضح للرأي العام المكسيكي أولا بأول، وابتعد بيان الحكومة المصرية الذي أعدته للتصدير في الخارج عن أي اتهام للسياح بأنهم دخلوا مناطق محظورة، أو أنهم لم يحصلوا على تراخيص، وهكذا أصبح للواقعة خطابان، خطاب للشعب المكسيكي وخطاب للشعب المصري.. الصحافة المكسيكية تتابع وتنشر ولا تعبأ، والصحافة المصرية تلتزم بعدم الخوض في مجريات التحقيق، وإن كانت بعض الصحف تنشر تسريبات مجهولة عن مسؤولين في الداخلية أو «الغرف السياحية» تصر على إدانة السياح وتبرئة الحكومة… نتصرف في مختلف شؤون الدولة تصرفات عفوية أو عشوائية وغير مدروسة، ومتعجلة، وعندما يقع الخطأ من جراء ذلك نحاول احتواء الخطأ بتصرف آخر عشوائي هو الآخر وغير مدروس فيتعاظم الخطأ، وهكذا نظل نهرب من ورطة إلى حفرة ومن زلة إلى سقطة ومن مصيبة إلى كارثة، وهذه دائما من أمراض وعلامات المراحل الانتقالية القلقة» .
القبض على وزير الزراعة لازال لغزاً
لازالت قضية القبض على وزير الزراعة مصدر اهتمام الكثيرين، من بينهم يحيى حسن عمر في «الشعب»: «لا يكاد يشك عاقل في أن ملابسات سقوط وزير الزراعة المصري والقبض عليه هي في أقل أحوالها غامضة جدًا ومريبة، ولا يمكن تحليلها بمعزل عن السياق العام للأحداث، الذي تمر بها البلاد. الرجل أعلن أنه سيكشف قضية فساد ضخمة، وأشار إلى تغلغل الفساد في أروقة وزارته عدة مرات، ثم فجأة بعدها بأيام يُقال، ثم بعدها بدقائق يُلقى القبض عليه!
الحقيقة بحسب الكاتب أن الحدث وملابساته تنتمي لعالم اللامعقول، فأول العجائب صدور حظر نشر فوري في القضية، وهذه الظاهرة وإن كانت قد بدأت تظهر في الفترة الأخيرة وتصادر الحريات المتبقية للصحافة المصرية! لكن لم يحدث أن صدر القرار بهذه السرعة إلا نادرًا، ورغم حظر النشر الفوري فقد علمنا قائمة الاتهامات الموجهة له، وهذه أول علامة استفهام، ثم أن بيان ذلك خرج تفصيليًا من النيابة، وخرج راصدًا للصغيرة قبل الكبيرة حتى رصد قيمة جهازي هاتف محمول قيمة كل منهما 5500 جنيه، في الوقت الذي أهلك فيه المستشار هشام جنينة نفسه وهو يشكو لطوب الأرض ويصدر مئات التقارير عن الفساد المستشري في أروقة الوزارات المختلفة. وأعجب منه، وفق الكاتب، أن يُقال الوزير ثم يقبض عليه في اليوم نفسه! ألا يقبض على مواطن بالشبهة فهذا منطقي، لكن أن يظل الموظف في موقعه من دون عزل أو إيقاف رغم تراكم الشبهات وتعاظم الشك فيه، فهذا هو عين المشاركة في الفساد، فأين كان رئيس الوزراء وحاكم البلاد من هذا؟».
الأقصى خير شاهد… العرب لا يتعلمون من كوارثهم
قليلون هم الكتاب الذين باتوا يهتمون بالقضايا الكبرى في عالمنا الإسلامي والعربي، وها هو عبداللطيف المغربي في «الشعب» ينتقد ما وصل له حالنا: «إن ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي، وما تمخض عنه مؤخرا من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وصمت دولي وعربي وإسلامي، كصمت أهل القبور، حتى الشجب والاستنكار أصبح يحدث‘ إذا حدث أصلا، على استحياء وخنوع وهوان، سببه الرئيسي والحقيقي الذي لابد أن نواجه به أنفسنا اولا وقبل أن نلقي اللوم على شماعة ما يسمى المجتمع الدولي، فهذا الأخير لا يعمل ولن يعمل إلا لمصلحته ومصلحته فقط، ولا سوى ذلك، وهو أفضل منا نحن العرب والمسلمين، للأسف الشديد، لماذا؟ يجيب الكاتب قائلا: لأنه ببساطة، وفي كل وقت، وحين يصرح بكل وضوح وصراحة بأنه يعمل من أجل مصلحته العليا، بل وبكل صراحة ووضوح من أجل أمن وحماية اسرائيل. ونحن وكما يرى ويشاهد ويعلم الجميع نعول عليه، بل نستنجد به لحماية مقدساتنا! فعندما يقتحم متطرفون صهاينة بحماية شرطتهم، الأقصى المبارك ويدنسونه ويطلقون النار على المصلين، ماذا نفعل بكل خضوع وهوان وذلة ومهانة، نلجأ إلى المحتل، وما يسمى القوى العظمى لإنقاذنا، وللأسف الشديد، لم نتعلم من الدرس، فنحن العرب حينما خُدع صدام حسين وزُج به لاقتحام دولة جارة، هي الكويت، هرولنا إلى أمريكا لإنقاذنا من صدام وغطرسته، فماذا كانت النتيجة، كانت احتلالا لأكبر دولة عربية بعد مصر، وتفتيت جيشها وجعل أهلها شيعا».
أوباما.. حينما يكرم طفلاً ويقتل شعوباً
«يجب علينا أن نشجع مزيدا من الأطفال مثلك على حب العلوم، هذا ما يجعل أمريكا عظيمة».. بهذه الكلمات دعم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما الطفل أحمد محمد الحسن البالغ من العمر 14 عاما، المنحدر من أصول سودانية مسلمة، الذي اتهم بالإرهاب لأنه أحضر ساعة منزلية الصنع إلى مدرسته في ولاية تكساس الأمريكية. رد فعل الرئيس الأمريكي ليس مفتعلا أو تمثيلا أو واحدا من المشاهد الركيكة المبتذلة التي نراها في إعلامنا أو مسلسلاتنا، أو أيام الانتخابات البرلمانية.. كما يرى احمد سعيد طنطاوي في «الأهرام»: «دعا أوباما الطفل أحمد لزيارة البيت الأبيض ومعه ساعته، والمعنى واضح والمغزى أكثر وضوحا.. فلسان الحال يقول: لن نكرمك فقط يا أحمد ولكننا سنكرم أيضا اختراعك الذي يجب أن يراه كل العالم في كل مكان ليس لأنه الأفضل، ولكن لأنه من أحد أطفالنا المخترعين العباقرة».. وقد وافق أحمد على تلبيه دعوة أوباما.
وأبرز ما يستشهد به الكاتب من اللقاء أن «أمريكا تحترم طلابها وتعليمها» وقد صدر منذ عدة أيام تقرير عن ترتيب أفضل جامعات العالم وبالطبع احتلت الجامعات الأمريكية الصدارة.. فمعهد ماساشويتس الأمريكي جاء في المرتبة الأولى، وخلفه جامعة هارفارد في المرتبة الثانية وغيرهما من جامعات أمريكا التي لا يتسع المجال لذكرها».
ثروة مصر الكبرى بين يدي اللصوص
وإلى باب من أهم ابواب الفساد يحدثنا عنه فاروق جويدة حيث يؤكد في «الأهرام» على أن «مسلسل توزيع الأراضي في مصر هو أوسع أبواب الفساد الذي ظهر في تاريخ مصر الحديث.. هذا المسلسل يقف وراء كل جرائم نهب المال العام.. هذا المسلسل كان وراء إنشاء طبقة جديدة من أصحاب المصالح، كانت سببا في كل مظاهر الخلل التي أصابت التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للشعب المصري.. وهذا المسلسل هو الذي خلق كل التراكمات المالية التي حصل عليها عدد من الأشخاص الذين تكونت منهم الطبقة الجديدة.. ولهذا لم يكن غريبا أن تكون الأراضي هي القاسم المشترك في كل قضايا الفساد، سواء تلك التي كشفتها الأجهزة الرقابية أو تلك التي مازالت تبحث عن أيد أمينة تعيد للشعب ثرواته الضائعة.. ووفقاً للكاتب كانت الأراضي هي الغنائم التي سطا عليها عدد من الأشخاص تحت دعاوى الانفتاح حينا والخصخصة حينا آخر، في كل أنحاء المحروسة، ابتداء بالطرق الصحراوية وانتهاء بالشواطئ والبحيرات.. لا أحد يعلم حجم المساحات التي تم توزيعها، أو التي تم بيعها، ابتداء بالعقارات والمدن الجديدة وانتهاء بالأراضى الصحراوية، مرورا على تبوير الأرض الزراعية وتحويلها إلى مبان.. إن هذا التاريخ الأسود الذي خلفته عهود سابقة كان أكبر الجرائم في حق هذا الشعب ومستقبل أجياله القادمة.. ماذا يعنى أن يحصل شخص ما على ألف فدان لزراعتها بسعر 200 جنيه للفدان، ثم تتحول إلى قصور وفيلات يجمع منها مئات الملايين؟ ماذا يعني أن يتم توزيع مساحات رهيبة من الأراضي على الشواطئ في شرم الشيخ والغردقة بسعر دولار للمتر بالتقسيط ويباع في اليوم التالي بسعر 500 دولار للمتر نقدا؟».
المنافقون حول الرئيس
وإلى الحرب ضد المنافقين الذين يحتمون بالرئيس، ومن العجب أن من يهاجمهم أحد المناصرين للسيسي عمار علي حسن في «المصري اليوم»: «شيء أعجب من أي خيال أن نرى الذين كانوا يصرخون بالأمس القريب أمام الكاميرات ويقولون للناس: «إنه دستور عظيم نستحقه فانزلوا لتصوتوا عليه بنعم، وارفعوا أصابعكم في شمم ليخرق البنفسج عيون الإخوان وأذنابهم» هم الذين يتصدرون الآن مشهد المطالبين بتعديل الدستور، رغم أنه لا يزال حبرا على ورق، هو في واد والسياسات والقرارات في واد آخر، وبدلا من أن يستعمل هؤلاء حناجرهم ولو بمجرد همسة في أذن الرئيس: «من الخطر إهمال الدستور والتصرف وكأنه غير موجود»، ينفخون فيها لتطلق حروفا صاخبة: «تعديل الدستور ضروري». يضيف الكاتب استبق هؤلاء حديث الرئيس عن «دستور النوايا الحسنة» بقصف إعلامي شديد كي يمهدوا لمعركة تعديل الدستور فور التئام البرلمان، وبات واضحا، لكل ذي عقل فهيم أنهم ينفذون أوامر أو توجيهات سلطوية وأن أدوارهم محددة سلفا، ولو أحسن الرئيس صنعا لما التفت إلى كل من يحرضونه على التعديل، حتى لو كانت نفسه، أو ظنونه فـ «بعض الظن إثم». ويرى عمار أن المطالبات المتكررة بتعديل الدستور تعطي انطباعا عاما بأن هذه هي المهمة الأساسية لمجلس النواب المقبل، بما يفتح الباب أمام شكوك تتوالى حول هندسة نتائج الانتخابات على مقاس هذا الهدف الأساسي، وأن الأهداف الأخرى ستكون جميعها في اتجاه تنازل البرلمان عن القيام بمهمته الرئيسية في الرقابة والتشريع، على وجه يكافئ مطالب الشعب وآماله، والأخطر هو تنازل البرلمان عن صلاحياته على النقيض من المطلب الذي تبنته الحركة الوطنية المصرية منذ عقود في وجه دساتير جعلت من رؤساء الجمهوريات أنصاف آلهة».
كانوا يرقصون للدستور ثم يلعنونه الآن!
بينما كانت أنغام الأغنية الشهيرة تنادى على الصعيدي والبورسعيدي وكل المصريين في بدايات عام 2014 للتصويت في استفتاء الدستور الأخير بنعم، من أجل المستقبل، كان الإعلام المصري كما يشير مصطفى النجار في «الشروق»: «يصف مشروع الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين بأعظم دستور في الدنيا، وبأنه الدستور الذي ينقذ مصر من خطر عودة الإخوان! وخرجت الوجوه الموالية للسلطة حينها تبشر الناس بأن هذا الدستور سيفتح آفاق المستقبل، وأن التصويت بنعم هو دليل الوطنية وأن من يفكرون في التصويت بـ( لا) هم أعداء الوطن. وعقب انتهاء التصويت قالت الجهات الرسمية إن النتيجة النهائية للتصويت هي موافقة 98.1٪ من المصوتين على مشروع الدستور. ووصف الإعلام حينها النتائج بأنها إعلان وفاة لجماعة الإخوان، وبدء مرحلة جديدة يتشكل فيها نظام قائم على احترام الدستور والقانون، وأن نسبة الموافقة الشعبية الكاسحة على الدستور تجبر أي سلطة مقبلة على احترامه، بعد أن ارتضى الشعب هذه الوثيقة الدستورية البديعة على حد وصفهم. خلال الأيام الماضية صدرت إشارات من السلطة عن عدم ملائمة الدستور الحالي للظروف التي تمر بها البلاد، وفهم الجميع أن مغزى هذه الرسالة هي أن هناك تعديلات دستورية مقبلة، مطلوب من البرلمان المقبل إتمامها. وعلى الفور، بدأت زفة إعلامية وسياسية حول العوار الخطير الموجود في الدستور، وتطوع تحالف انتخابي موالٍ للسلطة بإعلان أن شعار حملته الانتخابية «هنغير الدستور»! وبدأت الأبواق نفسها التي كانت تصف الدستور بأروع وثيقة دستورية في تاريخ مصر، بوصف الدستور بالمعيب وكالعادة تم استدعاء فزاعة الأمن القومي لتخويف الناس من بقاء الدستور الحالي من دون تعديلات».
الرئيس صنع مأزقاً لنفسه
وإلى مزيد من الردود على تصريحات الرئيس بشأن الدستور، حيث قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة في مقال نقلته عدة صحف ومواقع منها «المصريون»: «إن هذه التصريحات تعكس توجها واضحا لإجراء تعديلات دستورية نابعة من عدم ارتياح الرئيس لمواد في الدستور، حسب تعبيره. وأضاف نافعة أن هذه التصريحات، التي تم حذفها لاحقا، شكلت «خطأ سياسيا كبيرا» يعكس الحرص على الإنفراد بالسلطة، والسعي لعدم وجود برلمان قوي ينازع الرئيس سلطاته. ورأى نافعة أن «الرئيس متخوف من أن يستغل البرلمان صلاحياته، التي جاءت أوسع مما كان عليه دستور 1971، حيث يعطي الدستور الجديد للبرلمان صلاحيات أوسع في تشكيل الحكومة، كما أن تلك الصلاحيات قد تصل إلى تهديد منصب الرئاسة نفسه». وكان دستور 1971 ينص على أن فترة رئيس الجمهورية ست سنوات تجدد مدة أخرى، إلا أنه تم تعديل المادة المتعلقة بذلك بتغيير كلمة «مدة» واستبدالها بـ«مدد»، ويتخوف البعض من أن ذلك التعديل ربما يتكرر مرة أخرى في دستور 2014 ، الذي ينص على أن فترة الرئيس أربع سنوات تجدد مرة واحدة فقط. وتابع نافعة أن «ما قاله الرئيس مقلق، ويعني أنه ليس مرتاحا للصيغة التي كتب بها الدستور، وبالتالي هو يميل إلى تعديله». مشيرا إلى أن الرئيس أقسم على احترام الدستور. وقال : «إنه لا أحد كان يتصور أن يدلي الرئيس بهذا التصريح قبل الانتخابات البرلمانية، حتى ممن أيدوا السيسي سابقا». موضحا أن الرئاسة أدركت أن هذه الجملة ستفسر تفسيرات شتى، فقامت بحذفها، معربا عن اعتقاده بأن هذا الحذف لن يبدد المخاوف».
لا يجتمعون إلا على كراهية الإسلاميين
ونتحول نحو الحرب ضد أعداء الإسلاميين ويشنها محمد عبد القدوس في «الحرية والعدالة»: «تابعت الجهات التي تطالب الانقلاب الذي يحكمنا بحل ما يسمى بالأحزاب الإسلامية، فوجدت الأقباط المتعصبين ويمثلهم القبطي المتطرف نجيب جبرائيل والمحامي سمير صبري، والتيار الناصري المتشدد ويعبر عنه المحامي عصام الإسلامبولي، واليسار المتطرف، وعدد من الليبراليين، بالإضافة إلى أجهزة الإعلام المعادية لكل ما هو إسلامي، وكذلك نجد المؤسسات الدينية الرسمية مثل، الأزهر الشريف ومثاله أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الذي يعتز بلقب دكتور ويرفض لقب شيخ!
وفي ظن الكاتب أنك إذا سألت دار الإفتاء حول هذا الموضوع، فستحصل على فتوى بحل تلك الأحزاب! وهكذا يتأكد لك أنه لا شيء يجمع كل هؤلاء سوى الكراهية للتيار الإسلامي، فهم سمك لبن تمر هندي، كما يقول المثل العامي، ولا تتعجب أن رأيت المؤسسات الدينية الرسمية من بينهم. ولدى الكاتب ملاحظات أربع حول هذا الموضوع: اولها في أي دولة محترمة تجد صندوق الاقتراع وحده هو الفيصل، فالشعب في انتخابات حرة يختار الأحزاب التي تعبر عنه وتلك التي يرفضها، وليس لأي جهة أخرى الحق في ذلك. كما أن الأحزاب المصرية ضعيفة ولذلك لجأت إلى المطالبة بحل خصومها. والمطلوب، بحسب الكاتب، ليس فقط حل حزب النور، بل كل ما له صبغة إسلامية قديمة، حتى لو اختلف مع الإخوان مليون مرة، مثل حزب الوسط الذي يقوده أبو العلا ماضي، ومصر القوية التي يرأسها عبد المنعم أبو الفتوح. ويذكر عبد القدوس أن الدستور المصري ينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للدستور، لذلك من الطبيعي أن ترى أحزابا تطالب بتطبيق الشريعة، ولكن في مصر بلد العجائب تجد من يقول إن هذا الأمر ممنوع!».
لا نملك سوى التعاطف مع السوريين
وإلى الوضع في سوريا وما يمكن أن نقدمه، وهو بحسب مكرم محمد أحمد في «الوطن» متواضع بالنسبة لعمق المأساة: «أغلب الظن أن طوفان الهجرة السورية إلى أوروبا عبر بلاد البلقان سوف يستمر، رغم كل محاولات إغلاق الطرق أمام زحف السوريين، إلى أن يفيق المجتمع الدولي، غربه وشرقه، إلى ضرورة إخماد حريق الحرب الأهلية المستعر في بلاد الشام بفعل فاعل، يدمر مقدرات البلاد ويهدد أمن العباد، ويدفعهم قسراً إلى أن يغادروا أوطانهم. وثمة تقديرات شبه مؤكدة بأن أكثر من مليون سوري جديد فقدوا بيوتهم عام 2015 ويعيشون من دون مأوى، يرتبون أنفسهم على مغادرة البلاد في أول فرصة سانحة، ما لم يقع حدث مهم، يؤكد لهم أن المجتمع الدولي المنقسم على نفسه جاد في إقرار تسوية سلمية للأزمة السورية في أسرع وقت ممكن، وأن ثمة توافقاً عالمياً واسعاً على إخماد هذا الحريق، وتيسير سبل الإغاثة لأكثر من خمسة ملايين سوري داخل البلاد يعانون فقدان المأوى وشح الغذاء والدواء، لن يكون أمامهم سوى الانضمام إلى طابور الهجرة، إذا استمر الحال على ما هو عليه، خاصة أن الوكالة الدولية لغوث اللاجئين لا تملك دولاراً واحداً يساعدها على مواجهة أزمة متفجرة، تقول تقديرات الأمم المتحدة إنها تحتاج بصورة عاجلة إلى ما يقرب من 750 مليون دولار للوفاء بالحد الأدنى لاحتياجات الإغاثة السورية. يضيف مكرم ومع الأسف فإن المشهد على المستوى الوطني يزيد الصورة بؤساً، بعد أن تجاوز عدد القتلى 350 ألفاً، وبلغ عدد المشردين خارج البلاد 4 ملايين نسمة، يتكدسون في عدد من بلدان الجوار السوري، الأردن والعراق ومصر ولبنان، أو يهيمون على وجوههم بحثاً عن مكان يؤويهم في أوروبا».
هل فقد الظواهري عقله؟
في أحدث تسجيل صوتي لأيمن الظواهري زعيم «القاعدة» مدته 45 دقيقة، بثته ووزعته شبكة السحاب «الذراع الإعلامية للقاعدة»، حث رجاله على القيام بتفجيرات في أوروبا.. وهو ما دفع القيادي السابق في الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم أن يتساءل: «لا أدري بأي عقل يفكر الظواهري وهو يدعو للتفجيرات في أوروبا، في الوقت الذي تخصص فيه بعض بلادها المليارات لاستقبال وتوطين اللاجئين السوريين، الذين لم ترحب بهم الدول العربية. فكيف يدعو لقتل وتدمير من يؤوي أبناء العرب والمسلمين ويسترهم، بعد أن شردهم غلظة وجبروت حكامهم والميليشيات التي تحارب بالوكالة في سوريا، بدءًا من «داعش» و«النصرة»، مروراً بالميليشيات الشيعية التي تقتل وتذبح بالاسم والمذهب، وانتهاءً بحزب الله الذي ترك العدو الحقيقي وأخذ يساعد طاغية مثل «بشار»، تاركاً نصرة المظلوم ومقدماً نصرة الطائفة. يتابع الكاتب هجومه: أي عقل هذا الذي تفكر به «القاعدة» وزعيمها لتدعو إلى تفجيرات في بلاد استقبلت اللاجئين بالورود والقبلات مثل ألمانيا.. أما من كان متشدداً فيها مثل بريطانيا، إذا بها تخصص وزارة للاجئين وتتحول عن موقفها. كيف أصنع الموت لشعوب أوروبية تظاهرت ضد حكوماتها من أجل السماح للاجئين السوريين بالعيش الكريم بينهم؟! هل أصدم هذه الشعوب مئات المرات في الإسلام وفينا وفي عقولنا وأخلاقنا؟ ويمضي ناجح في أسئلته: هل يتظاهر شعب من أجل نصرة قضايانا ونحن نحث على قتل أبنائه.. فأي عقل هذا الذي يفكر به الظواهري والقاعدة؟!».
حلم التغيير ذهب بلارجعة
الحلم بوطن تخيم عليه رياح الحرية، الذي ظل يلازم الثوار تبدد، وهو ما تعترف به إسراء عبد الفتاح في «اليوم السابع»: «بكل أسف أصبحت أخشى من التغيير قولا وفعلا، فقد نجحت الأنظمة المختلفة التي حكمت مصر منذ إطلاق قطار التغيير، أن تحبطنا، وأن ترسخ داخلنا الكفر بحلم التغيير، فمنذ قيام ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وحلم التغيير يتحول دائما لكابوس، من نظام مبارك لمرحلة انتقالية تخطف فيها الثورة من تجار الدين، بداية من لجنة إخوانية لتعديل الدستور عينها المجلس العسكري السابق، ثم برلمان تطغى فيه الدقون عن التشريعات، ثم رئيسا يختار أن يكون رئيسا لأهله وعشيرته من الجماعة الإخوانية. ثم نفكر فيما يسمى بتعديل المسار أو إنقاذ ثورة يناير من خاطفها، فتقوم ثورة يونيو/حزيران، ظنا منها أنه ما زال هناك أمل في تحقيق حلم التغيير، وبالفعل بدأنا بخطوة أراها الخطوة الوحيدة التي مشيناها في طريق الحلم وهي «الدستور أولا»، ولجنة العشرة تعقبها لجنة الخمسين لكتابة الدستور، ثم دستور يعد مثاليا بالنسبة للظروف والأحوال التي كتب فيها هذا الدستور، ولكنه للأسف كما تلمح الكاتبة لكلمات الرئيس السيسي مؤخراً كتب بـ«نوايا حسنة لا تبني أوطانا»! فتم استكمال الطريق في إحباطنا، وهدم حلم التغيير من جذروه فبعد تجميد هذا الدستور منذ التصويت عليه، وصلنا لانتهاك هذا الدستور انتهاكا يكاد يصل إلى مرحلة هتك عرض هذا الدستور، خاصة في الآونة الأخيرة عن طريق دعاة تعديل الدستور قبل تطبيقه».
«لسه الأحلام ممكنة»
وإن كانت إسراء عبد الفتاح فشلت في الحلم، لكن بوسع إيمان كمال في «الفجر» أن تكون أكثر تفاؤلاً: «أحلم بمصر التي في مخيلتي وإن غابت عن الواقع وأيضا عن الشاشات التي تعرض يوميا عشرات، بل مئات المشاكل التي لا نكاد نخرج من واحدة منها حتى تبدأ أخرى. فلا صحة ولا تعليم ولا كهرباء ولا بنزين ليصبح المعادل الوحيد للحياة على أرض مصر هو الفساد الذي نستنشقه مع كل نسمة هواء، لنصبح على حافة الهاوية بين قاب قوسين أو أدنى من السقوط في الهاوية، إن لم نكن قد سقطنا بها بالفعل منذ سنوات طويلة. إلا أن بارقة من الأمل جديدة راودتني وأنا أتابع حلقات برنامج «مصر تستطيع» وازداد هذا الشعور وأنا اتابع الحلقة الأخيرة التي استضاف خلالها أحمد فايق رئيس جامعة يورك ممدوح شكري، وهو أول رئيس مسلم في تاريخ أمريكا الشمالية. فشكري كما تقول إيمان الذي سافر إلى كندا قبل سنوات طويلة ليعمل في كبرى شركات المفاعلات النووية حتى أصبح قياديًا جامعيًا وتنقل هناك ما بين جامعة ماكماستر، التي كان عميدًا لكلية الهندسة فيها، ومن ثم نائب رئيس جامعة ليكون في ما بعد رئيس جامعة يورك، ليطور كثيرا من مستوى الأبحاث هناك، مستفيدا من حياته العملية الطويلة في مجال الطاقة النووية.
ممدوح شكرى ليس الاستثناء الوحيد خاصة أننا طالما سمعنا عن أسماء استثنائية وفردية استطاعت أن تحقق نفسها في الخارج».
الحكومة تستعين بـ500 قس لحل الأزمة مع إثيوبيا
ومن بين تقارير الأمس المهمة، تقرير أشارت إليه «المصريون» نقلاً عن موقع «المونيتور» الأمريكي، الذي سلطت الضوء على أزمة سد النهضة واستمرار التوتر بين القاهرة وإثيوبيا في ملف مياه النيل، حيث رأى أن النظام المصري اتجه لاستغلال الكنيسة وتحفيزها للقيام بدور الوساطة والتقارب في وجهات النّظر في ملف مياه النيل، بحسب التقرير. وأشار الموقع، في تقريره إلى إعلان وزير الموارد المائيّة والريّ حسام الدّين مغازي عن توقيع اتّفاق تعاون مع بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثاني، لإشراك الكنيسة في حملة الحكومة لإنقاذ النيل على المستويين الداخليّ والخارجيّ. وقال: «إنّ الكنيسة تدعم جهود الرّئيس عبد الفتّاح السيسي والحكومة في إدارة ملف سدّ النهضة والعمل على بناء الثقة بين الجانبين». وقال المتحدّث باسم وزارة الموارد المائيّة والريّ خالد وصيف في حديث مع «المونيتور»: «إنّ اللّجوء إلى الكنيسة المصريّة للمساعدة في حلّ أزمات المياه في مصر يعود لكونها مركزاً مهمّاً للتأثير على المصريّين، ولأنّ لديها القدرة على توصيل رسالة توضح أزمة المياه الّتي تعاني منها مصر لقطاع واسع من الرأي العام المحليّ والخارجيّ». وأضاف: من خلال برنامج التّعاون مع الكنيسة سندرّب 500 من القساوسة والخدّام والكهنة في الكنائس ليكونوا سفراء المياه، ويقوموا بتوصيل رسائل تركّز على العاطفة الدينيّة لحماية نهر النيل. إن الكنيسة لا تؤدّي دوراً مباشراً في المفاوضات السياسيّة أو الفنيّة مع إثيوبيا ودول منابع النيل، لكنّها تحقّق مصلحة أخرى وهي التأثير الثقافيّ والدينيّ، تفعيلاً لسياسة القوّة النّاعمة المستمدّة من نشاط الكنيسة المصريّة في أفريقيا».
حسام عبد البصير
بعد اكتشاف حقل الغاز المصري التريليوني في البحر المتوسط أصبح هنالك تعارض مصالح بين مصر وروسيا بشكل استراتيجي واضح حيث أنه منافس حقيقي للغاز الروسي في منطقة تسويقه الرئيسية وهي أوروبا خاصةً أنه أقرب ولا يخضع لابتزازات روسيا وهذا هو السبب الحقيقي لتصرفات روسيا مؤخراً في الإسراع بالدعم العسكري لإنشاء دويلة الغاز العلوية على الساحل السوري وذلك تحديداً بهدف الاستيلاء على حقل الغاز السوري في البحر المتوسط ومنافسة الغاز المصري في أوروبا بغاز سوري تقوم روسيا بكل التحضيرات العسكرية للاستيلاء عليه، لذلك لا بد لمصر أن تدرك ذلك قبل فوات الاوان وأن تعود بسرعة إلى تحالف دول الخليج مع العالم الحر لحماية مصالح مصر الاقتصادية المستقبلية من العدوان الروسي الاقتصادي العسكري في البحر المتوسط.