غداً بعد أن ينجلي هذا العماء الذي يضرب العقول والقلوب، سوف يشعر جميع من بقي حياً في بلادنا بالعار والخجل والمهانة. لم يسبق للغة أن أهانت نفسها مثلما يفعل اللبنانيون والسوريون اليوم بلغتهم. نجح الناس في تحويل مواقع التواصل الاجتماعي إلى مرايا للعار، بحيث صارت المجاعة مادة للتندر، والموت مجرد نكتة، والبشر الذين تحولوا إلى هياكل عظمية صاروا اليوم رسوماً كاريكاتيرية يتفنن البعض في التلاعب بها، كاشفاً عن عنصرية وطائفية وصلت إلى آخر المطاف.
الغريب أن شعباً ذاق أهوال المجاعة خلال الحرب العالمية الأولى يفقد اليوم إحساسه بذاكرته المأسوية. ما هذا؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ ومن حوّلنا إلى وحوش ضارية تتلذذ بنهش البقايا.
مضايا جائعة، هناك أطفال ورجال ونساء يموتون من الجوع. هذه هي الحقيقة. الواجب الإنساني يفترض بالجميع أن يهب لنجدة هؤلاء الجائعين. قبل السياسة وقبل الصراع على السلطة، هناك حقيقة اسمها المجاعة. ومن الواجب الإنساني انهاء المجاعة واغاثة الناس. قبل القيام بهذا الواجب يكون كل نقاش ومحاججة مشاركة في الجريمة.
هذه الحقيقة البديهية لم تعد بديهية، سياسيون وإعلاميون يتنطحون للتحليل والتبرير والتسويغ، هؤلاء المحللون قتلة وسفاحون. وهم لا يقتلون أهل مضايا فقط بل يقتلوننا جميعاً، ويقتلون لغتنا محولين الكلام والصور إلى ادوات للقتل.
كيف نقرأ هذا العار الذي يحاصرنا؟
ومن هو المسؤول عن رمينا في هذا الجبّ العميق من التوحش؟
لم يرمنا أحد، فالمسؤولية منا وفينا. المستبد استباح البلاد جاعلاً منها حقولاً للموت، وحلفاء المستبد واعداؤه من الأصوليين قادونا من هاوية الحرب الطائفية إلى هاوية الحروب الدينية.
في الماضي حين بشرونا بحرب الحضارات، قلنا إنها خدعة هدفها شيطنة العرب والمسلمين واختراعهم كعدو لأمريكا والغرب. وكانت قراءتنا دقيقة وصائبة، حرب الحضارات فخ يريد المحافظون القدماء والجدد دفعنا إليه كي تبقى آلة الحرب تعمل.
لكن انظروا ماذا فعلنا بأنفسنا، بدل أن نسقط في حرب الحضارات سقطنا في الحروب الدينية. جاء من اراد اقناعنا بأن الدفاع عن طاغية سورية هو دفاع عن مقام السيدة زينب، ونبت إلى جانب هذا الخطاب خطاب داعشي حوّل التوحش إلى نمط حياة.
الغرب يتفرج علينا، ونحن نتذابح إلى ما لا نهاية. الروس يقصفون بالحمم والأمريكيون يقصفون بالكلمات، دول الاستبداد الاقليمية تندفع إلى الحرب على أشلاء سورية، والطاغية ابن الطاغية يتفرج على الحرائق المشتعلة مبتهجاً بقدرته على دفع البلد إلى النار.
هذه الحرب المستعرة لا تشبه الحرب الأهلية التي شهدناها في لبنان. فالطوائف مؤسسات مدنية تتوسل الغرائز الطائفية من أجل تحقيق أهدافها في التسلط. قادة الطوائف في معظمهم ليسوا متدينين، انهم كائنات عنصرية كريهة يمكن في النهاية أن تتوصل إلى تسويات فيما بينها.
لكننا نشهد في سورية وانطلاقاً منها مؤشرات حرب من نوع آخر، انها حرب سنية – شيعية، أي حرب قبلية تتوسل الدين جاعلة منه شعاراً وممارسة.
والحروب الدينية هي أكثر الحروب بشاعة في التاريخ، لأنها تنطلق من مطلقات لا مكان فيها للتسويات أو أنصاف الحلول. هذا المنزلق الذي تذهب اليه المنطقة من السعودية إلى إيران، ينذر بحرب طويلة ومدمرة لا منتصر فيها. فهذا النوع من الحروب قادر على أن يتوالد إلى ما لا نهاية. إلى جانب القاعدة ولدت داعش وإلى جانب داعش قد يولد شيء أكثر تطرفاً في أي لحظة. من ولاية الفقيه إلى الخليفة، ومن إدارة التوحش إلى تنظيم المجاعة، وقائع تعصف بنا، وتجعلنا نخجل من كوننا قادرين على الاستمرار في حياة صارت فاصلة داخل تضاريس الموت.
الحرب الدينية تذهب بأبطالها إلى أقسى القسوة، فكيف إذا اجتمعت معها العنصرية الطائفية وجنون الاستبداد والخوف والتخويف.
نعود إلى مضايا، كي نشهد على هذا البؤس الهمجي الذي يحولنا جميعا إلى وحوش. الذين يطربون لمشاهد الجوع والعاجزون عن وضع حد لهذه المقتلة يتشاركون في التوحش. غير أن السؤال الكبير الذي أحار في الاجابة عليه هو سؤالي إلى الذين يحاصرون البلدة السورية المنكوبة، سواء أكانوا من جيش النظام أو من الحرس الثوري الإيراني أو من جنود حزب الله. سؤالي لهم لا علاقة له بمنطق من سيخرج منتصراً أو مهزوماً من المقتلة السورية، بل يتعلق بنظام القيم الذي ينتمون إليه. أي قيم هذه؟ ومن قال لهم إنهم يمتلكون الحقيقة؟ وما هي ماهية هذه الحقيقة التي تسمح لهم بأن يعتبروا بأن هناك قيمة تعلو على قيمة الانسان، وبأن هناك ما يبرر تجويع الآخرين حتى الموت؟
ألا يعرفون أن الهمجية سوف ترتد عليهم وأنهم حين يتوحشون يقومون بتوحيش الآخر، ويطيحون بانسانيتهم وانسانيته معاً.
البلوى الكبرى التي تنزلق إليها بلادنا هي بلوى الحروب الدينية التي تتفوق على جميع الحروب هولاً. كأن بلادنا صارت مسرحاً لتصفية حساب الهمجية مع العمران، وإطاراً لتدفيعنا ثمن كل الفشل المتراكم منذ قرن.
في لحظات البلاء يلجأ الناس إلى حكمائهم، لكن أين نجد الحكمة في هذا الزمن.
أين نجد شاعراً كالمتنبي يحول كلماته إلى صفعة في وجوه الأدعياء الكذبة معلناً:
«سادات كل أناس من نفوسهم/ وسادة المسلمين الأعبُدُ القزمُ/ أغايةُ الدين أن تحفوا شواربكم/ يا أمةً ضحكت من جهلها الأممُ».
وأين شاعر المعرة الأعمى يقف في وجه جيش ابن مرداس الذي ضرب الحصار على معرة النعمان. يومها خرج أبو العلاء وحده إلى العساكر التي تحاصر المدينة وطلب من قائدهم فك الحصار وسحب الجنود. احتكم فيلسوف المعرة إلى العقل وانتصر. لكن جحافل المغول انتظرت إلى أن استطاعت في هذه الأيام السوداء أن تجز عنق تمثال الشاعر. الرأس الذي تدحرج ابتسم بسخرية وقال حكمته عن علاقة العقل باللاعقلانية التي تتستر بالدين، وسقط على الأرض المصنوعة من تراب جثث الضحايا.
كنا ونحن نشهد زمن هذا الألم نتعب من تعداد أسماء المدن والقرى المنكوبة فنقول إلى آخره…، على أمل أن يكون هناك آخر لهذا البؤس. أما في مضايا فان عبارة إلى آخره لم تعد ملائمة. أشعر اننا نذهب من مضايا إلى آخرنا، من دون أن نمتلك القدرة على انتظار ضوء ينقذنا من هذه العتمة الشاملة.
الياس خوري
من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَمُ أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ
جازَ الأُلى مَلكَتْ كَفّاكَ قَدْرَهُمُ فعُرّفُوا بكَ أنّ الكَلْبَ فوْقَهُمُ
ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
– أبيات شعر للمتنبي تذم حاكم مصر كافور الإخشيدي وأتباعه –
نحن بحاجة لقائد كصلاح الدين يقضي على البدع ويوحد الأمة
ولا حول ولا قوة الا بالله
سالت سؤالا عميقا يا استاذ الياس اعتقد ان فهمي لهذه البيءة قد يساعد في الاضاءة عليه هذه البيءة بيءة حزب (الله) بيءة منغلقة على ذاتها ولو بدا لك انها اخطبوط يمد اذرعه ويخترق بمهارة ودبلوماسية كاذبة بيءات الاخرين عندما كنت في الحزب سيد خوري لاحظت عدة اشياء اثارت انتقادي :
*هناك نوع من القطيعية العمياء في تقديس كلمات القيادة مهما كان الواقع يفضح زيف الادعاء كما ان هناك تقوى بالغة في انتقاد الاشخاص تصل الى ما يشبه التاليه الصامت مثلا لا يمكن ان ترى عنصرا علا شانه او صغر في الحزب ينتقد الامين العام حسن نصر الله واتذكر صدمة احد
رفاقي السابقين في العمل الامني والعسكري قلت له يومها بالنسبة لك هو الامين العام بالنسبة لي هو الامين الخاص المسؤول عن بعض حزبه وكنت اناقش يومها في مظلمة ذات بعد شخصي قلت له لن اعترف بقيادة لا تحاسب ولا تستمع ولا تاخذ الحق انه خان امانتي كعنصر عامل تحت يده وبمنطق ديني يعد ارضية مشتركة قلت له سيحاسب الامين العام امام الله حسابا عسيرا لانه لم يقم بامانة حفظ حقوق من تحت يده كان الوجوم والصدمة هو المسيطر وكانني سببت الذات الالهية ! ما يقوله الامين العام مقدس حتى لو كان جريمة لا زلت اتذكر صدمتي كعنصر في المقاومة وانا اسمع كلمة الشهيد (اصف شوكت !!) يا الهي كيف يصبح مجرم حرب وجزار حماة واحد اقذر عناصر الامن ااسوري المتوحش شهيدنا !!لم يحتج احد !! مع انه من المسلمات لدى حلفاء دمشق واعداءها ان امن النظام السوري هو الاقذر والاشد ارهابا ربما على ظهر اابسيطة
*ثانيا ساهم المجد الذي صنعه تموز اخ الياس بالشعور بالغرور حتى الفساد والتطاول والتكبر وعدم رؤية الا الذات بل اصبحت ترى طبقة ترتكب كل التجاوزات لا يحاسبها احد ثقافة محاسبة المسؤول من قبل الرعية معدومة وثقافة النقد مختفية تماما
*ثالثا هناك ضعف فظيع في التواصل بين السنة والشيعة سببها الحروب الاعلامية الفضاءية وبعض الفضاءيات المتشددة الغبية التي بدلا من التقارب لا تعرف الا مجاكرة الاخر عبر سيل من الانتقادات المغرضة ويفقتقر بعضها ال الامانة العلمية في غراءزية طاءفية مستعدة ان تتحدى حقا كالشمس كي لا يطلع السنة على حق في بعض مذهبهم وكي لا يطلع الشيعة على حق
*هناك فكر تكفيري متجذر في بيءة الحزب فهم يعتقدون ان الوهابية جريمة او شتيمة كما يعتقد بعض ااسلفيين ان التشيع كفر وتحريف هذه الفجوة للاسف بدلا من ان تردم بمراجعة مذهبية شاملة يقوم بها وازنون علميا تحولت الى اصنام اصبح المذهب الذي هو راي في الدين وثنا يعبد دون الحق وويل لمن يخالف المنظومة المذهبية وان في بعض مفرداتها مهما امتلك من الادلة
*اخر البلاء ان الامر لا يفتصر على الافكار اصبح هناك حقد اعمى متوحش ومسعور ومصحوب بعمى مذهبي سببه التعبءة الطاءفية في بيءة منغلقة تؤله ذاتها وتعتبر من ينتقدها خاءنا صهيونيا !!ناهيك عن النبوءات الدينية التي تقول ان حرب سورية هي حرب ظهور المهدي
انها حرب الاصنام المذاهب من اجلها يسفك الدم الحرام وراس المعاصي وقبل اسراءيل طهران التي سفكت في حروبها دماء مءات الالاف اما عن القتلة بالكلمة وااشبيحة في الاعلام فلا تسال عن المرتزقة سلم قلمك وستكون مضايا بداية النهاية لهيكل الظلم المتوحش الذي يظن النتس صهاينة وعملاء لا تنس اخ الياس في سوريا من وجهة نظر الحزب القطيعي 22مليون تكفيري ومؤمن واحد خو الدكتاتور الوسخ بشار الاسد وارجو النشر
وزارة المستصعفين جريحة فلسطينية منشقة عن حزب قتلة الاطفال الوحش الطاءفي حزب الاسد الله سابقا !
أختي غادة شكرا على هذا التوضيح
الحرب الطائفية الدينية التي يدفع لها كل من النظام السعودي والإيراني هي من أكبر الجرائم في العصر الإسلامي الحديث. ولكن من العار أنه في الوقت الذي تصرف فيه عشرات المليارات على الحروب من كلا الطرفين لم نسمع أي منهما يعرض تقديم الطعام والمساعدات للمدنيين المجوعين في مضايا والزبداني وغيرها.
ومن العار أن نرى تطبيع النظام السعودي العلاقات مع الصهاينة اليهود والحوار معهم وتقديم مبادرات ومشاريع السلام لهذا العدو الإسرائيلي المجرم ولا نسمع أي حوار وإجتماعات وتطبيع العلاقات مع الأخوة الشيعة وتقديم مشروع سلام ووئآم مع الأخوة المسلمين في إيران. لقد حان الوقت للعائلة الحاكمة في المملكة وحكمائها لإعادة النظر في هذه السياسة الخاطئة والغير مسؤولة التي لا تعبر عن مشاعر الشعب في المملكة ولا تخدم مصالحه، قبل فوات الأوان. سياسة الإستبداد والعداء والنفاق لن تدوم وسوف ترتد على الحكم والحكام لأن هذه السياسة هي المسؤولة عن دفع الشعب والمستضعفين والمظلومين إلى التمرد والثورة ضد حكامهم والمتعاملين مع أعدائهم.
فهل من سامع وهل من مجيب؟؟؟
كلامك صحيح اخ علي ولا تأبه لمن يعارضك من الطائفيين
مشاعر نبيلة ليتهم يقراؤن ،،
الحيرة تبلغ مداها حين ترأي أن سوريا كلها محاصرة من الإخوة و الطامعون والأعداء يزرعون فيها قتلا وتدميرا و تجويعا وهي كانت افضل حالا من ديكتاتوريات تحظي بالحماية
الاخ علي النويلاني الايرانيون لا يفهمون الت لفة القوة ولا يتحاورون مع شعوب المنطقة الا بالدم وهظ المسؤولون عن تفاقم العداء المذهبي في العراق كان المالكي ع وفي سوريا مارسوا نفس السلوك الطاءفي تحميل السعودية اخطاء ايران لن يمر حتى لو كنا ضد سياسات العربية السعودية في بعض ملفات المنطقة فالحكمة الذهبية تقول ليس من الحككة ان تختار الخير على الشر فهذه مسلمة بل ان تختار اهون الشرين واحلام ايران التي تشعل الحراءق الطاءفية هنا وهناك وتحرق السفارات وتتدخل في سياسات الدول وخيارات شعوب المنطقة بحيث لدينا في سوريا شعب كامل تكفيري ومؤمن واحد هو الطاغية الدكتاتور المتوحش ستدفع الثمن لا من السعودية بل من شعوب المنطقة التي ستلتف كما تكره طهران حول السعودية حتى ينجلي قذارة اجرامها الطاءفي !
اخت غادة الشاويش المحترمة
لك كل محبتنا وانا اتابع تعليقاتك الصائبة والموزونة ولكن أرجو منك لطفا قراءة التعليق قبل نشره وتصحيح الأخطاء الطباعية فيه فهي كثيرة جدا وذلك على حساب رقي وصحة الفكرة
ولك كل التقدير
Shukran ustad Elias
Eye and heart opener
Saleh Oweini
Stockholm
يا أخي الياس صدقني منذ أن تدحرج رأس تمثال المعري شعرت بالخطر على الثورة وللأسف اصبح الشعور حقيقة والخطر على وجودنا كبشر ومن كل جانب وصوب وليس فقط على الثورة ولكي أعود قليلا إلى فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة استطيع أن أتابع وأقول بإقتباس وتعديل ( … هذا كلام خبئ معناه ليس لنا عقول ) هذا عمل خبيث معناها ليس لنا عقول
أخي إلياس،
هذا ما ابْتُلِينا بهِ في هذا الزمان الجحيمي العصيب… الانتقائية المتعمَّدة أو غير المتعمَّدة أمام تكاثر القرى والمدائن التي انهال عليها هذا الوبال الذي يُنذر بالقيامة الآن… كما قال صديق حميم، في هذا الصدد، نحن ننتقي مكانًا مؤلِمًا ونبكي، أو نتباكى، عليه (كمثلِ مضايا). وفي الآنِ ذاتهِ، ننسى، أو نتناسى، أماكنَ أشدَّ ألمًا بعد أن تَجِفَّ كلُّ أشكالِ الدُّموعِ (كمثلِ دير الزور).
لقد أصبتَ، يا أخي، عندما طرحتَ التساؤلَ عن رمينا في هذا الجبّ العميق من التوحُّش… نعم، فالمسؤولية الكبرى تقع على عاتقنا أولاً وآخرًا… صحيح أن طاغية النظام الأسدي المافْيَوي الطائفي المجرم استباح البلادَ جاعلاً منها حقولاً لرقصات الموت بكل أنواعهِ. إلا أننا، نحن الشعوبَ البائسةَ، سمحنا لأنفسنا بأن يصيرَ بنا هذا المصيرُ الجحيميُّ عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ، ويا لَلطَّامَّة العظمى!… كثير من المُحلِّلين يرون أننا، كشعوبٍ لا تفتقرُ إلى الإرادة الصلبة، نستأهل هذا البلاء الجحيميَّ الذي يحصل فينا اليوم… نستأهلهُ لأننا في الأغلب والأعمِّ التهينا برغائب أجسادنا قبل كل شيءٍ زمنًا طويلاً… نستأهلُه لأننا لم نهبَّ كلنا في وجهِ هذا النظام الأسدي المافْيَوي الطائفي المجرم في الوقت المناسب والحاسم، بل كنا عبيدًا منافقينَ لهُ وعبيدًا مهادنين له وعبيدًا متزلِّفينَ لهُ منذ البداية… ويحضرني هنا قول أحدهم، في هذا السياق: «لا تسألوا الطُغاة لماذا طغوا، بل اسألوا العبيد لماذا ركعوا»!!!
لكن، على الرغم من كلِّ هذا البلاء الجحيميَّ، لا بدَّ للَّيْل أن ينجلي…
شاءَ هؤلاءِ الطُّغاةُ المتوحِّشُونَ المُجرمونَ وأسيادهُم وأذنابُهم أم أبوا…