من يبيع ذاكرة جديدة لمواطنة من العالم الثالث؟

حجم الخط
38

كان علي أن أنفجر ضحكا كالمتفرج الغربي أمام الأفلام والبرامج التلفزيونية التي نرى فيها كبار النجوم يتلقون ضربات من قوالب الحلوى (الجاتوه) المغطاة (بالكريما) البيضاء..
وتتلطخ وجوههم بقشدة الحلوى.. ويردون الضربة بتلطيخ وجه (الضاربة/الضارب) بقالب حلوى آخر فآخر، وهكذا، تتسخ الثياب والوجوه وأرض الاستديو بالطعام الشهي.. ويضحك الغربي المرفه أمام المشهد. ولكن هذه المشاهد لا تضحكني، بل تسبب لي غصة حزن.

أطفال يحلمون بالرغيف ويجهلون الحلوى

على الرغم من أنني قضيت معظم حياتي في الغرب المرفه، بين لندن وجنيف ونيويورك وروما وباريس، إلا أنني مازلت أرى العالم بعين بنت عربية من العالم الثالث، سورية لبنانية فلسطينية عراقية يمنية ليبية إلى آخر قائمة الأحزان القومية الماضية والآتية.. وأتذكر أطفالا في وطني العربي ينامون بلا عشاء ويحلمون بقضمة من حلوى كهذه ويتشردون من بيوتهم المهدمة إلى أوطان صارت تضيق بهم.. وأشعر أن مشاهد رمي الطعام الشهي للتسلية تفتقد إلى الخجل الإنساني أمام البؤس الشاسع في كوكبنا.. تماما كما في (الموضة) الجديدة لبنطال (الجينز) الممزق عند الركبة ويباع كذلك، وأجد فيه سخرية سرية من الفقراء الذين يرتدون مثله لأنهم لا يملكون ثمن سواه.. أرى في كل تمزق متعمد في السروال ما يشبه اللسان الساخر من الفقراءِ.
أنتمي إلى حضارة تحترم جوع الآخر وفقره، باحترام اللقمة.. جدتي الشامية مثلا علمتني وأخي أن نَلُمَّ عن الأرض قطعة الخبز التي قد تسقط ونقبلها ونضعها على رأسنا.. إنها حضارة العالم الثالث، ولن أضحك يوما لمشهد العبث (بنعمة الله) كما كانت جدتي تدعو الطعام.

مالُهم لهم لكنني أمقت (البطر)!

في المجلة الباريسية أطالع خبرا عن النجم فابريس لوتشيني وحبه للمطبخ الفرنسي العريق وذلك عادي، ما ليس عاديا أنه طلب من الطاهي الشهير في المطعم الباريسي الراقي إعداد طبق لكلبه الذي يتذوق الطعام الشهي أيضا مثله! وأنا شخصيا أحب الحيوانات الأليفة وأحب حب الناس لها ولكنني كمواطنة من العالم الثالث لم أجد الخبر طريفا، بل تذكرت المشردين في أوطاننا العربية الذين لا يحلمون بأكثر من رغيف كل ليلة قبل النوم!.
وبدلا من الإعجاب بالنجم شعرت بالنفور وتشاجرت مع نفسي، إذ يحق لكل إنسان إنفاق نقوده كما يحلو له، وذلك النجم فابريس لوتشيني ليس مسؤولا عن مآسينا العربية، ولكنه ببساطة حين دلل كلبه إلى هذا المدى ذكرني بشعوب بينها من ينام جائعا.

نمرٌ على الرصيف الآخر

احتفظت بعادة من أيام الحرب اللبنانية، التي عاشرت في بيروت أعواما منها تتلخص في النوم، وإلى جانبي في السرير مذياع (ترانزيستور) وبندقية (كلاشينكوف) لأغراض دفاعية. وأول ما أفعله حين أستيقظ (إذا تركني القصف أنام) الاستماع ـ كأهل بيروت كلهم ـ إلى المذيع الكبير الراحل شريف الأخوي الذي يدلنا على أي الطرق (سالكة وآمنة) وفقا لتعبيره اللامنسي ولأعرف على ضوء كلماته هل بوسعي، الذهاب إلى مقر عملي أم لا. ومن يومها وبعد أعوام طوال عشتها في الغرب، ما زلت حين أصحو وقبل أن (أشعل) الضوء أو أنهض من سريري استمع إلى موجز الأخبار وهي روتينية في باريس الآمنة، باستثناء ذلك الصباح الذي أعلنوا فيه عن هرب نمر من السيرك، وفوجئت بأن ذلك يحدث في الحي حيث أقيم وتخيلت اللقاء معه وهو على الرصيف الآخر!

التقيت النّمر المسكين، مقتولا

لم ألتق النّمر على الرصيف الآخر، بل عرفت من البقال بإعدامه، لأن صاحب السيرك لم تكن لديه «طلقات مخدرة».. وهذا من حظ النّمر المسكين، فالموت خير من (الاستعمال) التجاري في سيرك كما يحدث لبعض المواطنين في غير وطن من أوطاننا العربية حيث الحاكم «صاحب السيرك»، والمواطن هو النّمر الذي تم ترويضه جزئيا وسيتم قتله إذا تمرد ولكن بأقنعة محاكمات قانونية!!
لا أعتقد أن الكثير من سكان الحي حيث أقيم وحيث هرب النّمر تعاطفوا معه بل مع خوفهم فقط كخوفهم من اللاجئين المشردين الهاربين إليهم من سيرك أوطانهم وسجونها ومعتقلاتها.. وحروبها الأخوية.

قضبان السجون وصوت السياط والانفجارات

حين كنت بنتا صغيرة، جاء إلى دمشق «سيرك» واصطحبني أبي إليه ليدخل السرور على قلبي، إذ يبدو أنني كنت طفلة كئيبة..
وكان من المفترض أن أعجب بالمدرب الذي حين تفرقع سياطه يذعن النّمر له ويقفز عبر دولاب مشتعل، أو يركع الفيل والناس تصفق. شعرت بالغم والكراهية لصوت السياط وروّعني مشهد السجون بقضبانها المعدنية التي تعاد النّمور إليها بعد أن تُقدِّم نُمرتها ويربح صاحب السيرك المال. هذا المشهد كان يجرني إلى دنيا الكوابيس، ولعل ذلك ما دفعني بعد ذلك بعقود لكتابة فصل في روايتي «ليلة المليار ـ 1985» بعنوان «السيرك العربي الكبير» حيث المواطن العربي في أقفاص مختلفة! وكل منها يرمز إلى مرض سياسي عربي أليم. وفي باريس ما زلت أرتجف خوفا حين أسمع الانفجارات الاحتفالية للألعاب النارية بدلا من الابتهاج والتصفيق، فالانفجارات تذكرني بالحروب الأهلية التي ذقت طعمها. ألَمْ أقُلْ لكم إنني مواطنة من العالم الثالث ولا شفاء لي؟
في وسعك الحصول على جنسية جديدة، ولكن ليس بوسعك شراء ذاكرة جديدة!! تُرى هل بوسع أحد القراء إهدائي ذاكرة جديدة كورقة بيضاء لم يكتب الزمن فيها تأريخا من الأحزان؟ أم أن تلك «الورقة السحرية» ليست صناعة بشرية؟

من يبيع ذاكرة جديدة لمواطنة من العالم الثالث؟

غادة السمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    انا افكر، انا موجود.
    .
    انا افكر على ضوء خزان ذاكرتي.
    .
    انا بدون ذاكرة، انا لا افكر.
    .
    انا لا افكر، انا غير موجود.
    .
    حتى لو كنت قادرا على اهدائك الصفحة البيضاء يا نجمة في السماء، فلن افعل …
    .
    ان فعلت، فسترحل غادة عنا … سنفتقد وجودها و عطرها و ابتسامتها … هل يرضيك هذا …

  2. يقول المغربي-المغرب:

    البؤس المادي الذي يشمل الفقر والاحتياج باشكالهما ومستوياتهما المختلفة…هو انعكاس لبؤس اخر مغروس في اعماق ذوات البشر …قوامه الانانية وحب التملك…والرغبة الحيوانية الجامحة في الاستحواذ على اكبر قدر ممكن من امكانيات ووساءل عيش الناس…ومن ثم التحكم فيهم وسلب ارادتهم وجعلهم مجرد ادوات وارقام تكميلة في نطاق المدى الجغرافي الذي يصغر او يكبر بحسب قوة تلك الذات…التي قد تتجسد في شخص او اشخاص او منظومة سياسية او دول تسمى بالعظمى….!!! ورغم كل اشكال النفاق السياسي والاعلامي الذي يغمرنا …فان هناك ممارسات وتوجهات تتحكم في كل تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول… وقوامها ان المنتمين للدول الاستعمارية هم الاولى بالرفاهية وبكل وساءل الحياة المتطورة …وان نصيب الشعوب الاخرى هو الفتات …حتى ولو كانت اغلب مكونات الثراء في الغرب هي موارد وثروات مسروقة…ومنهوبة من تلك الدول التي يمشي سكانها فوق بحار النفط…ومناجم الماس…وتزخر مياههم باغلى الاسماك …وغاباتهم باندر الاخشاب واثمنها….ويعيشون عيشة العصر الحجري…!!! انها ياسيدتي ارادة المفلسين اخلاقيا …والفقراء المدقعين انسانيا….والعراة المجردين من ثوب الاحساس والانتماء الى المعاني والقيم….ومن اراد الدليل وهو موجود الى حد التخمة في القديم والحديث….فليستمع الى تلك الدرر التي تفوه بها بالامس من توج على راس اكبر دولة في العالم في حق نصف شعوب الدنيا …ولا ادري لماذا كلما رايت هذا الشخص اتذكر قول نزار قباني : وتاجه قبقاب…!!!! وشكرا لك يارمزنا المحبب…ولكل اسرة هذا المنتدى الجميل كل باسمه وموطنه…

  3. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

    بما ان الذاكرة هي حالة احتقان لاحداثٍ مضت , بحلاوتها وقساوتها , بانسيابها وبلجم التمادي في مواكبة تعاريج مسالكها ؟!
    كل الاشياء قابلة للتغيير والتبديل , الا محو الذاكرة من مجالات التعديل؟! فهذا ضربٌ من ضروب المستحيل!!.
    تُرى هل بوسع أحد القراء إهدائي ذاكرة جديدة كورقة بيضاء لم يكتب الزمن فيها تأريخا من الأحزان؟ لسؤالك الافتراضي هذا يا غادتنا نقول نعم ونستنسخ من الغيبيات اجوبة المحال!!
    اهدائنا لك يا ايقونتنا ذاكرة جديدة , هو عبارة عن بطاقة سفر وتذكرة للرحيل خالية من الحروف, عليها سهمًا موجهًا نحو السماء, نحو موطن الملائكة حيث لا جغرافيىة للاسى , ولا تاريخٌ لمواسم الاحزان!!
    بعد التثبيت لما لكِ , وما علينا , يجبرنا الواجب الاخلاقي بالتعهد لاطلاق اسم ام المستضعفين , او يا حاملة قهر المقهورين المسيرون بسوط الظلم والتسلط , اطلاق هذه الالقاب والاسماء عليكِ لانك انت با غادة يا ابنة السمان باعثة الفرح وكنز للتفاؤل وبركانٌ لا يستكين بوافر العطاء!!!
    نحن البؤساء لا يزيح عنا بؤسنا ونحن المشردون لا يُرجِع فرحنا الا مواساة الاحبة وكلمات الرضى الملائكية الصادرة من امثالك يا ملاكنا الطاهر,
    لن ازيد على ما قلت فيكِ ولكن لا يمكن ان نشتم في حدائق الياسمين الا اريجها ؟
    تحياتي المعطرة برائحة الطيب والياسمين ابعثها الى استاذي واخي نجم الشمال الاديب نجم الدراجي \ والفنانة افانين كبة \والى عمرو من سلطنة عمان \والسوري الحبيب \ واخي وابي بلنوار قويدر\ واسامة ومنى الغالية مع حفظ الالقاب \ ورياض وداوود وابن الوطن الجريح غاندي \والغوالي حسين من لندن وابن الول والدكتور الشيخلي \والدكتورمحمد شهاب احمد \ ومحمد الحاج\ وناظر لطيف وجميع المعقبين من رواد خان ابنة السمان ..لجميعكم من ابن فلسطين كل هالات الاعتبار وسلال الوقار ومسارات التحرير والاحراراهص\يها لكم والسلام.

    1. يقول نجم الدراجي - العراق:

      يسعد صباحك اخي الكبير استاذي رؤوف بدران
      أحد أعمدة هيكل النبيلة غادة السمان وجود تراتيل فلسطينية ينشدها الرائع رؤوف بدران باحاسيسه ومشاعرة التي توحي لنا عمقها الانساني ، ما أجمل هذه التراتيل حينما ترتقي الى السماء ، لتدلنا على فضاء لذاكرة بيضاء بلا احزان واوجاع ، نعم لايوجد في عالمنا ذاكرة بلا احزان غير العروج الى السماء الى عالم بلا خرائط .
      محبتي وتحياتي
      نجم الدراجي . بغداد

  4. يقول حسين/لندن:

    سيدتي ياسمينة الشام،،،وضيوفها الأفاضل صباح الخير
    أن تري العالم بعيون بنت عربية من العالم الثالث،، فهذا هو الشيء الطبيعي والعادي لشخص طبيعي إلا أذا أسثنينا بعض ممن هم محسوبين على أهل الثقافة والأدب المضبوع بالحضارة الغربية من أصحاب الفكر المستورد،،وهم للاسف كثر هذه الآيام،،وأما بالنسبة (لمشاهد رمي الطعام الشهي للتسلية تفتقد إلى الخجل الإنساني أمام البؤس الشاسع في كوكبنا.. تماما كما في (الموضة) الجديدة لبنطال (الجينز) الممزق عند الركبة ويباع كذلك، وأجد فيه سخرية سرية من الفقراء الذين يرتدون مثله لأنهم لا يملكون ثمن سواه.. أرى في كل تمزق متعمد في السروال ما يشبه اللسان الساخر من الفقراءِ). فهو خير دليل على مدى النفاق الغربي الذي ما فتئ يتشدق بحقوق الإنسان والحيوان وغيره،،ويتوقف مثل هذا التعاطف حين يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين وبعض الشعوب العالمثالثي والأمم المقهوره والمضطهدة بفضل استعمار قديم أو حديث،،، وها أنت تقدمين الدليل الدامغ بالحديث عن وجبة ذلك الكلب المدلل الذي يحظى بوجبة طعام في ذلك المطعم الباريسي الراقي.
    سيدتي
    (في وسعك الحصول على جنسية جديدة)، ولكن هل الحصول على جنسية بلد أجنبي يجعلك تصبح أجنبي وتابع لذلك البلد ؟هذا صراع هوية،وثقافة بل ووجود أيضا.

    ولعل المفارقة المضحكة المبكية عند حصول الفلسطيني مثلي على الجنسية البريطانية، فكف يكون الولاء والانتماء؟ هل أشعر بالإنتماء الحقيقي للدولة التي تسببت في تشريد شعبي وامتي بدون أي تناقض مع نفسي وقناعاتي وقيمي ومبادئي؟ ثم ماذا عن ألدين، وهذا مهم جدا؟ هل هناك انسجام؟ أم هو مجموعة تناقضات يحتار المرء ويبقى يدور في حلقة مفرغة،،ويضطر أحيانا إلى التعايش مع الواقع الجديد بدون التنازل عن الثوابت قدر الأمكان ،ثم تاتي بعد ذلك اسئلة تتعلق بالابناء! وسؤال اللغة والثقافة و و والكثير منها ومثلها وغيرها، وهذه اسئلة يطرحها قاريء لك لعله يجد عندك ذاكرة جديدة كورقة بيضاء لم يكتب الزمن فيها تأريخا من الأحزان مع العلم أن هذا القاريء يعلم علم اليقين أن تلك «الورقة السحرية» ليست صناعة بشرية؟

    تحياتي لك ولجميع رواد الصالون بدون أستثناء

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أخي حسين/لندن همومنا مشتركة تماما هذا ما أفكر به, لكن طبعا ليس لدي جواب وربما علينا أن نناقش ذلك في الايام القادمة لنجد أجوبة على هذه الأسئلة.

  5. يقول عبد المجيد - المغرب:

    سيدتي، نعتذر عن عدم تمكننا من تلبية طلبكم بخصوص الحصول على ذاكرة عذراء بسبب عدم توفرنا في الوقت الراهن على مخزون قطع الغيار المناسب. لقد كان بودنا النزول عند رغبتكم وتوفير المطلوب ولكن ازياد الطلبات من (العملاء) على المادة إياها وشح المخزون يجعلنا غير قادرين على تلبية كل الرغبات. ومما زاد من صعوبة مهمتنا في توفير طلبكم، أنكم (تصرون) على أن تكون (المادة) (اوريجينال) و (فورست هاند) لم (يفكر) بها من قبل إنس ولا جان وليست لها (تجارب) ولا (مغامرات) سابقة. ومثل هاته المواصفات غير موجودة وغير متوفرة، حتى في مدينة أفلاطون فما بالك في العالم الثالث وخاصة في منطقتنا العربية الموبوءة التي يتجول فيها الحزن حبله على الغارب؛ لا يردعه رادع ولا يرده راد. وعليه، وقبل أن نتمكن- في المستقبل- من تزويدكم بذاكرة جديدة بمواصفات تقريبية، ننصح بالإحتفاظ بالذاكرة الأصلية (على علاتها) لأنها على ما يبدو لازالت – في نهاية النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين- تشتغل كما كانت تشغل من قبل ولا زالت تخزن المفارقات المضحكة والمحزنة، كما كانت تخزنها في ثمانينات القرن الماضي؛ حينما كنا ننتظر يوم السبت من كل أسبوع لنتابع في مجلة لبنانية كانت تصدر من باريس، رحلات “ابن بطوطة” الشام التي لا تنتهي إلا لتستأنف من جديد (كأنما هو في حل ومرتحل/ موكل بفضاء الله يذرعه) وخاصة إلى دول آسيا حيث المفارقات الصارخة والغريبة والعجيبة كتلك التي تحدثت فيها عن بوذا المصنوع من الذهب والقابع في المعابد والناس الجائعين في الشوارع وأشياء أخرى لم تسعفني-للأسف الشديد- الذاكرة (المثقوبة) لتذكرها!

  6. يقول رياض- المانيا:

    الم يشبع بعضنا من دماء بعض. هل بقي من الاوطان ما لم نهدمه بأيدينا أو بأيدي اعدائنا. بالله عليكم من صنع هذه الأصنام التي تسمى حكام في بلاد العربان وسجد لها. أليس نحن أو بعض منا؟ لماذا لا نتحاور مع بعضنا إلا بالقنابل والرصاص ومع غيرنا من أعدائنا نطلب إعطاء الفرص والتحلي بضبط النفس حتى وإن اوغلوا في سفك دمائنا وسلخوا لحمنا عن عظمنا. نتحرك بفوضوية فكرية ونستغرب حدوث الكوارث. لعجزنا عن الاعتراف علقنا  كل أخطائنا  على شماعات  غيرنا حتى امتلأت وطأطأت فابتكرنا فكرة عبقرية لا تخطر إلا على بالنا نحن من بين الأمم ، فقررنا شراء شماعات من الاعداء  بالمليارات حتى نستطيع أن نعلق عليها مزيدا من خطيئاتنا.  اكلنا  مما لم نزرع ولبسنا  مما لم نصنع. أصبحنا شعوبا استهلاكية بامتياز. حبانا  الله بنعمه فكفرناها، وبمقدسات  فضيعناها وبالاسلام العظيم، أعظم منظومة أخلاقية وفكرية وروحية عرفتها وستعرفها  البشرية فاهملناه وشوهناه بجهلنا له  وأصبحنا فتنة لغيرنا فبدل أن نأخذ بايدي الأمم الأخرى لنخرجهم من ظلامهم إلى نورنا، ذهبنا نحن إلى ظلمات أفكارهم المادية التي أدت إلى ما نراه من ظلم عالمي شامل وأمتهان  لكرامة وحقوق الإنسان. ضاعت الطفرة النفطية التي لم تجلب لاوطاننا  بما فيها من فقراء إلى ألاطماع، فما فاض صرف دوما لتدمير دول كما حصل للعراق أو في تفاهات كشراء صورة المسيح المخلص بمئات الملايين من الدولارات. اعتدنا على وجودنا  في القاع وانحدارنا المستمر  في اللاقاع. أتمنى أن يصبح النفط العربي حساء عدس، فهي الفرصة الوحيدة ليستفيد منه الفقراء.  تحية لجميع الاخوة مع حفظ الألقاب: الاخ العزيز رؤوف، الأستاذ نجم , الاخ بلنوار، واختي العزيزة منى ،والاستاذ سوري والأستاذ عمرو ، د. بشير، والاخ حسين , والاخ داوود والجميع الجميع. ولك أستاذة غادة كل التقدير

  7. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    بعض افلام الخيال العلمي تفعل ذلك !
    فتمسح الذاكرة ، ثم تعود لتُعبأ بما يشاء مالك التجربة و في الغالب تُعبأ بطريقة ليصبح صاحبها عبداً لمالك التجربة ذاك ، يجعل منه جندياً روبوتياً ينفذ اوامره قسراً !
    .
    فما ارحم الله بنا ، حين اعطانا حرية الاختيار في معظم مسارنا الا ثوابت لا بد منها !
    .
    ذكرتني يا سيدتي الجميلة ، حين اذهب لأفرمت (اعيد تشكيل) ذاكرة حاسبتي في مكتب الحواسيب ، فتعاد كورقة بيضاء كما في اول شرائي لها ، و يسألني صاحب المكتب عما اريد ان املأ ذاكرة الحاسوب (المحمولة على ما يسمى بالقرص الصلب) ، و في كل مرة اطلب منه ( و اتوقع ان الجميع يفعل ذلك) ان يعيد لي كل المعلومات السابقة كما هي على الذاكرة البيضاء الجديدة بعد الفرمتة !
    .
    لذا اتوقع ، لو كانت هناك وسيلة لاهدائك ذاكرة بصفحة بيضاء ، لطلبتي قطعاً ملأها من جديد بنفس الذكريات القديمة !
    و هكذا جبل الانسان ، لو خير بين الغيب و الواقع ، لأختار الواقع !
    .
    ذكرني سيرك الحيوانات و كذلك تعليق اخي داود ، بمحاضرة قبل سنين (في نهاية التسعينيات) ، عن حقوق الحيوان (نعم الحيوان) في الاسلام!! و ذكر المحاضر في حينها و هو شخصية معروفة و لا تزال ، أن دولنا و حكامنا لو اعطونا نحن البشر ، حقوق الحيوان كما اقرها الاسلام ، لكانت حياتنا وحالنا افضل بكثير من حياتنا و حالنا اليوم !
    .
    و لعل ذلك يلخص كل ما جاء به المقال من افكار بديعة.
    .
    كل الاحترام و التحايا للجميع.

  8. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    تحية مودة وإخلاص لك سيدة الأدب وأيقونته ثمّ لجميع رواد خانك دون إستثناء ومعذرة للأخوة المعلقين إن ذكرت بعض الأسماء ومنهم:الإبن الغاليمجم الدراجي وأخيه رؤوف بدران من فلسطين الحبيبة والدكتور أثير الشيخلي والإبنة الحاصرة الغائبة نسأل لها العفو والعافية -غادة الشاويش-دون أن أنسى إبنتنا منى مقراني وسوري وإبن الوليد ورياض ألمانيا وجاري الكريم عبد المجيد – المغرب وأخيه المغربي-المغرب وحسن لندن وشيخ المعلقين داوود الكروي…
    أمّا بعد
    بداية نقول :كم أنت كبيرة يا سيدة الأدب وأيقونته كم أنت متواضعة رغم قامتك الطويلة في الأدب والمقامة وقد نمت قامتك طولا وعرضا كم أنت رقيقة الكلمة والمجلس وقد نسجتهما من تعابير المحبة والإخلاص لقد وجدنا فيم ما نفقده في كثير …يقول قائل لماذا كل هذا ?نرد بكل تواضع…:ٌرأ معي هذه الفقرة التي ختمت بها المقال:(…تُرى هل بوسع أحد القراء إهدائي ذاكرة جديدة كورقة بيضاء لم يكتب الزمن فيها تأريخا من الأحزان؟…) رغم قامة السيدة “غادة السمّان” ورغم شهرتها التي عرفها العالم سواء السياسي أو الأدبي إلاّ أنّها تنحني في تودد وتواضع وتنزل من عليائها ومن شموخها وذروة مجدها إلى قرّائها لتطلب منهم يد المساعدة هذا إن دل على شيء فلا يمكننا إلاّ أن نفسره بتفسير واحد ووجيد “كم أنت متواضعة رغم صلابة عودك وكثافة غابتك”هذه المواقف قليلا ما نجدها اليوم بل هي منعدمة وإن كان مثل هذه المواقف عند البعض فقد غطاها الكبر والرياء والأنانية وكثير من الغفلة ليس كمخلتنا “غادة” لم تستطع رياح التغيير أن تؤثر فيها سلبا ولا الأمطار الطوفانية إستطاعت أن تشتث جذورها لأنها ضاربة في صلب الحق والتواضع …إنّني لا أجاملم سيدتي ولكن أشهد بما فيك وما هو فيك وشهدنا بما نعرفه عنك سيدة الأدب حتى وإن أراد كم أراد أن يجعله إطراء لك فأنت تستحقين ذلك المدح وقد نكون قد قللنا وأنقصنا من حقك فمعذرة سيدة الأدب
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

    1. يقول نجم الدراجي - العراق:

      الأب والمعلم بلنوار قويدر
      السلام والاحترام
      رائع العبارات وفيض المشاعر تأتي من العظماء فأنتم أهل لذلك ياسيدي .
      كل كتابات السيدة النبيلة غادة السمان تأتي مخاطبة للنفس الانسانية بصيغة حوارية او محاكاة للمشاعر والاحداث ، ونجدها في الشعر والرواية والقصة والمقال .
      هذا التواضع يلامسه سمو ، وهذه البساطة تناظرها الحكمة ، أشعر حينما أقرا هنا في لحظة حرية بانها تخاطب اسرتها الادبية وتجمعهم على المودة والمحبة .
      محبتي وتحياتي للأب العزيز
      نجم الدراجي . بغداد

  9. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    صباح الخير والفل والورد والياسمين لك أختي غادة السمان وللجميع. عندما جئت إلى ألمانيا قبل أكثر من ربع قرن كانت أغنية لفيروز بصوتها العالي لاتفارقني,
    ياجبل البعيد خلفك حبايبنا بتموج من العيد وهمك متعبنا
    ومازلت حتى اليوم هي الأغنية الأكثر حضوراَ في ذاكرتي. لم أفكر أبدا في محو ذاكرتي عدا عن أننا لانستطيع كما هو واضح في المقال, بل أحيانا أخاف أن أفقد جزءاً منها وحتى عندما يتساقط مني الملح بعيدا عن الطعام أتذكر أن جدتي كانت تقول حرام هذه نعمة الله, ولايحوز اهدارها أو قطع الخبز الصغيرة أو طعام اليوم السابق (الأكل البايت) أبداَ لانرميها أنا وزوجتي, اللهم إلا ماندر. ولكن أكثر ما أخاف منه أن لا أستطيع أن أنقل ذاكرتي بأمانة لابنتي (سينا) لأن رسالتي قد لا أستطيع أن أنقلها بنفسي بسبب هذا الوضع المأساوي الذي وصلنا إلية وهي تسألني أحيانا مابدنا نسافر إلى سوريا وجوابي عادة, طبعاً بس تصرلنا فرصة!. لقد كان رحيلي لسبب واضح هو العلم والمعرفة كوسيلة للتغلب على الجهل والتخلف وليس لسبب أخر أبداً, لكن وطني ومجتمعي وأهلي وناسي هم بأمس الحاجة لمثلي وخاصة بعد أن عصفت بنا الأعاصير فكيف لي أن أنسى. ألم تتعلم أيضا من جداتنا أن نكون أولاد أصل وماننسى الخبز والملح اللي بين الناس. لابد لي أن أذكر أن هناك فيلم أمريكي عن هذه المشكلة هو we feed the world الفلم لم يلقى شهرة رغم أنه يتحدث عن هذه المشكلة الكبيرة جدا في هذا العالم.

  10. يقول المغربي-المغرب:

    شكرا الف شكر اخي بولنوار ..وكل الاحبة من الشعب الحبيب والشقيق…ودمت مساهما بارزا وفارسا لايشق له غبار في مضمار الكلمة الهادفة والمعنى المعبر امام ايقونة الادب العربي والانساني قامة وقدرا السيدة غادة السمان…

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية