مهارة الدبلوماسية القطرية تربك خصوم الإخوان… وهل تنقذ «داعش» الاقتصاد المصري؟

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» يوماً بعد يوم يتأكد الكثير من المصريين بأن رهانهم على مستقبل اكثر رخاءً واستقراراً، انما هو من قبيل اضغاث الاحلام ليس إلا.. فالواقع اليومي لحياتهم يزداد بؤساً بسبب المشاكل التي تخنق الآمال وتحيلها لكوابيس مزعجة، فكل المشاريع حتى البسيطة منها تتبدد بفعل صراحة رئيسهم الجديد، الذي يبدو اليوم على هيئة مختلفة عن شهور اربعة ماضية، حينما كان يرسل لشعبه رسائل الفرح والامل، كعاشق يثق في قرارة نفسه ان بوسعه ان يفاجئ فــتاة احلامه بحصان ابيض وثوب زفاف وردي يخطفها من كآبة المنظر وبؤس المحيط الذي تعيش فيـــه إلـــى الفردوس الاعلى، غير ان الحلم سرعان ما تبدد بفعل انقطاع الكهرباء، الذي حال بين الفارس وبين الوصول لمقر اقامة حبيبته التي فوجئت بمرور الايام أن العريس احرق حتى قصائده القديمة، وبات غير قادر الا على ان يهيل عليها برسائل تشير الى مستقبل اكثر صعوبة، وأن الحصان الابيض الذي كان قد اعده للحظة الزفاف التاريخية أدركه الوهن فلم يعد قادراً على حمل الفارس وفتــــاة احلامه معاً.. مصر الآن تشبه تلك الفتاة التي انتقـــلت في غمضة عين من بحر التفاؤل إلى جحيم الانتظار على محطة لا يمر عبرها قطار واحد.. حتى تلك الرومانسية التي كشف عنها فارس الاحلام قبل عزله الزوج «الشرعي»، لم يعد لها محل من الاعراب، فالشعب الذي ورث عن فنانيه اضخم ميراث من الاغاني بدأ يتململ بعد ان اصبح اكبر امانيه نقطة ضـــوء تغنيهم عن تبديد رواتبهم في شراء الشموع التي لا تناسب سوى عشاق موفقين في قصص غرامهم. مضت المئة يوم الأولى من ولاية الرئيس ولم تشعر الجماهير التي انتخبته بتحسن ما على الارض، فقط جوقة الاعلاميين المحيطين بالرئيس يقيمون الافراح على إجلاء وسط العاصمة من الباعة الجائلين، لكن قرابة سبعين مليوناً يعيشون في الاقاليم يتساءلون عن اي فضل عاد عليهم من مشكلة لا تؤرقهم من الاساس، فيما يلعن ملايين الفقراء الذين فقدوا سندهم الوحيد بعد الله «بطاقات التموين» انفسهم، لان البديل لم يوفر لهم سوى قصائد شعرية «مستعملة» آنفاً.
وفي صحف الامس الاثنــين 15 سبتمبر/ايلول بدا المشهد مرتبكاً، حيث دخــــل عدد من اركان ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران في معارك وحرب تكسير عظام تسيء في الاساس لثورتهم، وتقوي خصمهم الذي لازال يؤمن بأن اقصاءه عن سدة الحكم إنما هو من قبــيل «الهدنة» التي ستنتهي حتماً من وجهة نظرهم، لإعادة البطل المغيب في سجنه محمولاً على الأعناق، وحتى يحدث ذلك ليس امامنا سوى متابعة تلك المعارك التي تشهدها الصحف واحصاء عدد القتلى والجرحي فيها وإلى التفاصيل:

حمودة يفوز على زويل بالضربة القاضية

أول تلك المعارك هي تلك التي نشبت بين العالم احمد زويل والكاتب عادل حمودة، الذي فاز فيها بالضربة القاضية.. بدأت الاحداث حينما اعرب زويل عن تبرمه من حمودة، الذي اتهمه بأنه لم يقدم شيئا لمصر على مدار تاريخه، رغم ان مصر فتحت له ذراعيها وابوابها ليضع تجاربه وخبراته في خدمتها، لكنه ومنذ سنوات لم يفعل اي شيء. كانت تلك التصريحات فضائية قبل ان تتلقفها الصحف بدون ان تشير اي منها إلى ان كلا الرجلين من اركان ثورة الثلاثين من يونيو وازدادت الازمة اشتعالاً حينما قال الإعلامي عادل حمودة، إنه تحدث منذ فترة مع العالم الدكتور أحمد زويل على الهاتف، وقال له إنه شاهد الحلقة وتساءل «بغطرسة» شديدة «أنا مقدمتش شيء لمصر؟»، فرد عليه حمودة قائلا نعم، فقال له زويل «أنت مبتفهمش في الإعلام»، واستنكر حمودة أسلوب زويل في الحديث معه، وبعد ذلك رد حمودة بعنف:»يجب على الدكتور أحمد زويل أن يذهب لطبيب نفسي، لأن شخصيته تغيرت تماما في الفترة الأخيرة». وأوضح حمودة أنه عادة عندما يصاب إنسان بمرض شديد وينجو منه فعليه أن يذهب بعد ذلك لدكتور نفساني لأن أفكاره وتصرفاته وأسلوبه في الحياة تكون قد تغيرت. وتابع حمودة خلال برنامجه «آخر النهار» المذاع على فضائية «النهار» (الأحد)، أنه يعتبر الدكتور أحمد زويل لم يقدم شيئا لمصر، وكل ما فعله هو وضع يده على مباني جامعة النيل، ووضع يافطة نيون زي كباريهات شارع الهرم»، على حد قوله. واضاف حمودة لا نعرف اين ذهبت التبرعات التي جمعها زويل، منتقداً اياه بسبب غطرسته وتساءل واين الاخلاق وتواضع العلماء واهالي الاسكندرية التي ينتمي لها زويل؟».

لماذا يستقبله الرئيس
رغم أنه صديق إسرائيل الوفي؟

ورغم العلاقة الطيبة التي تربط زويل بالاعلاميين وشباب الثورة إلا ان هجوماً آخر تعرض له هو الاقسى من نوعه وشنته في «اليوم السابع» نوارة نجم: «تساؤل بشأن شخص ما يعد تميمة الأنظمة الحاكمة لمصر على مر الأزمنة، ألا وهو الدكتور أحمد زويل. الدكتور أحمد زويل عالم، حصل على عدة جوائز عالمية مهمة، أهمها جائزة نوبل، ولم يكن زويل المصري الوحيد الذي حصل عليها، لكنه المصري الوحيد الذي حصل على جائزة «وولف» الإسرائيلية عام 1993، وقد سافر الدكتور أحمد زويل إلى إسرائيل لتسلم الجائزة، وقام بمصافحة الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان، بل إن الدكتور زويل له دور لا يُنكر في تطوير الصواريخ الإسرائيلية التي يتم بها قصف الأطفال والرضع، وقد برر الدكتور زويل هذا العمل بأن العلم لا وطن له! هو وشأنه، فالدكتور مواطن امريكي، ويعمل مستشارًا لإدارة الرئيس أوباما، وله أن يحدد ما يحلو له من اختيارات في الحياة. السؤال الذي يقض مضجع نوارة هو: لماذا زويل في كل وقت وعهد وحين؟ يقابله مبارك ويستعين به، يقابله مرسي ويستعين به، يقابله السيسي ويستعين به، حتى في فترة حكم المجلس العسكري تم اختياره في لجنة الحكماء، التي تهدف إلى «احتواء الأزمة»، أو بالأحرى احتواء الثورة؟ وتشير نوارة الى ان السيسي عقب تنفيذ الحكم القضائي «طيب خاطر» زويل بمنحه 200 فدان من الأراضى المصرية! من المعروف أن المخابرات المصرية تقوم باعتقال كل من يذهب إلى دولة الكيان الصهيوني و«تفليته»، ولا تطلقه حتى يتم التأكد من أنه لم يتم تجنيده، أو زراعة جهاز تنصت في فتحة أنفه، فماذا عن رجل يقطع الطريق ذهابًا وإيابًا إلى إسرائيل، ويطور سلاحها، وفوق كل ذلك يعمل في الإدارة الأمريكية التي أخبرتمونا بأن السيسي لم يثبت أقدامه إلا بدعم الدولة العميقة.
ونتحول نحو جريدة «المصريون» حيث يصر طه خليفة على ان اخفاق الرئيس المعزول مرسي في الحكم وتمكن السيسي، لا يعود بأي حال لعبقرية احدهما وخمول الآخر، لكن نجاح السيسي مرده ان مؤسسات الدولة تعمل معه بهمة: «السلطة تتمكن وتسيطر وترسخ أقدامها ليس بفضل منجزات تقدمها للشعب، فهي على هذا المسار مازالت عاجزة، إنما بفضل الدعم الكامل من مؤسسات الدولة، كل المؤسسات بلا استثناء، وعلى رأسها مؤسسات وأجهزة القوة والأمن، وأجهزة الدولة المدنية، والقوى الناعمة من إعلام ونخب ثقافة وفكر وفن، بل وتنظيمات وجماعات حقوقية، وجماعات ومصالح طبقية ووظيفية ومالية وأحزاب وكيانات سياسية قديمة وجديدة ولو هامشية غير مؤثرة، وحول هذه الدوائر دائرة أوسع وهي القطاعات الشعبية المؤمنة بأن مصالحها مع تلك السلطة، وأن وضعها سيكون أفضل في ظلها ومازال الرهان قائما لديها بأن تحقق أحلامها حتى اليوم رغم المصاعب المتزايدة وعدم تحسن تلك الأوضاع باستثناء الوجود الأمني المكثف هنا وهناك. يضيف خليفه:عندما تكون السلطة محمية ومحصنة بكل أنواع القوى المادية والناعمة والأطراف الإقليمية الفاعلة والقبول الدولي، يصعب أن تسقط بتأثير احتجاجات «جماعة» كانت في السلطة ولم تستطع الحفاظ عليها. ويتساءل بعد أن تفقد السلطة كيف يمكنك استردادها؟ ويؤكد ما نذهب إليه من أن السلطة الحالية تجتاز الشهر الخامس عشر لها، ورغم التعثر إلا أنها ماضية في طريقها، وخصومها لم يقدروا على فعل شيء تجاهها، بل هي تستفيد منهم بأن تلقي كل المصاعب أو الإخفاقات التي تواجهها على أكتاف هؤلاء الخصوم».
مصر تسعى لحل أزمتها
الاقتصادية عبر بوابة «داعش»

ونتحول نحو المعارك الصحافية ويقودها محمود سلطان في «المصريون» ضد الحكومة المصرية بسبب موقفها من الحرب على «داعش»:»يبدو لي أن الوعي الرسمي المصري بـ»داعش» ستترتب عليه أخطاء جسيمة في مواجهة جماعات «العنف المسلح» إذا جاز التعبير. تعكس هذا الخطأ، تصريحات وزير الخارجية في مؤتمر جدة يوم 11 سبتمبر/ايلول 2014.. فالوزير بدا وكأنه يعرض خدمات أمنية للبيع.. وليس من منطلق الإحساس بـ»الخطر المشترك».. حيث طالب بـ»الثمن ـ فلوس» أو مساعدات مالية لمصر. يؤكد محمود، ذهب الوزير إلى «جدة» بدون أي رؤية للأمن الإقليمي.. إلا «الرؤية الاتكالية» الأقرب إلى «التسول» من دول النفط الغنية، التي تعتبر معركتها مع الإخوان.. ستحسم في القاهرة وليس في الإمارات الخليجية «المرتعدة» من الربيع العربي. يتابع سلطان: كلام وزير الخارجية ـ عرض خدمات أمنية ـ لم يكن فقط بسبب «الهوس» بالتدفق المالي النفطي، ولكن أيضا مستندا إلى رؤية الطبقة التي تحدد معنى وفحوى «الأمن القومي».. وتعتقد بأن مصر بمنأى عن «داعش».. وأن الأخيرة ظاهرة «عراقية ـ سورية» وحسب. ويرى الكاتب ان الموقف الرسمي من «داعش» يحصره في تنظيم يحتفظ لنفسه بـ»هوية جامدة» أو بالأحرى بـ»مشروع حصري» لا تشاطره فيه أي جماعة أخرى.. وهو الخطأ ذاته الذي دلفت إليه «واشنطن» حين اعتقدت أن تنظيم «القاعدة» يتمسك بـ»هويته الأفغانية».. وأنه نموذج فريد في مشروعه، وأنه سيظل يتحرك في منطقته الجغرافية وتخومها.. حتى استيقظت صباح يوم 11 سبتمبر عام 2001، على «القاعدة» وهو يدك حصونها وقواها الاقتصادية بالطيران المدني.. في عقر دارها.. فيما لم يعد في العالم تنظيم قاعدة واحد.. وانما العشرات التي تتوالد وتهزم جيوشا عربية وتستولي على السلاح الأمريكي وتسيطر على مساحات من الأراضي أكبر من مساحة بريطانيا.. وتعيد رسم الحدود السياسية في منطقة الشرق الأوسط. ويشير محمود إلى ان مصر إذن ترى في «داعش» عدوا بعيدا.. ولكن يمكن توظيفه وتحويله إلى شيكات وتحويلات بنكية للخزانة المصرية».

هزيمة السيسي في موقعة
جدة سبب ترحيل الإخوان

وإلى القضية الاكثر جدلاً التي اهتمت بها معظم الصحف، الخاصة بترحيل سبعة من قيادات الاخوان من قطر، حيث اكد مجدي سالم، القيادي بـ»التحالف الوطني لدعم الشرعية»، إن مطالبة قطر بعض قادة «الإخوان المسلمين» بمغادرة أراضيها، جاءت بعد «هزيمة» الرئيس عبدالفتاح السيسي، في اجتماع جدة، ورفض قطر وتركيا تكوين التحالف الدولي الجديد القديم لمحاربة ما يسمى بالإرهاب، بأن تكون هذه الحرب ضد «داعش» و»الإخوان المسلمين»، على حد قوله. وأضاف سالم في تصريح نشره موقع «الحزب الإسلامي» ونقلته عدة صحف ومواقع: «هذا الموقف أثار غضب مصر والدول الداعمة للانقلاب، والآن هذه الدول لها نفوذ وتأثير. جاء الطلب القطري بمغادرة بعض الرموز الرافضة للانقلاب المقيمة في قطر في هذا الإطار ربما لترضية السعودية خاصة». وتابع: «نتمنى أن تستمر قطر في مواقفها المبدئية المحترمة، التي جعلت منها دولة محورية في العلاقات الدولية، لاسيما في المنطقة الإسلامية، ونحن ندرك الضغوط التي تعرضت لها ولازالت للتضحية بهذه المواقف المبدئية». ووجَه الشكر لقطر مشددًا على أنه «لابد أن نتقدم لقطر بكل الشكر والتقدير لموقفها الداعم للشعب المصري في رفضه للنظام الحالي، وإدانتها للمذابح الدموية التي ارتكبها في حق الأبرياء».

قطر الأكثر دعما
ً للثورة المصرية

ولازال الحديث عما جرى من ترحيل عدد من قيادات الاخوان من قطر موصولاً، ومن بين من تصدروا للقضية عصام عبد الشافي في جريدة «الشعب»: «قطر من أهم الأطراف الخارجية دعما للثورة المصرية ليس في عهد الدكتور محمد مرسي ولكن منذ اليوم الأول للثورة، وما زالت داعما كبيراً، وحريصة كل الحرص على نجاح الثورة لكل دولة مهما كانت توجهاتها، مصالحها وتوجهاتها الإستراتيجية وأجندتها الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها، أما وقد توافقت ثورتنا مع المصالح والتوجهات والأجندة القطرية، فنحن مع كل ما يدعم ثورتنا وفي المشهد الأخير، يضيف الكاتب: بما أنني قريب من الحدث، فمن واقع معلومات مؤكدة ومن واقع شهادات شخصية أقول، ان قطر تعاملت مع الموقف بمنتهى الرقي القيمي والأخلاقي، وبما يحفظ لكل هذه الشخصيات مكانتها وكرامتها، وان قطر حتى الآن ما زالت على توجهاتها في دعم الثورة المصرية. لتكن قضيتنا الأولى هي ثورتنا.. وثورتنا فقط بعيدا عن الشخصيات والتيارات والتوازنات السياسية، فكل هذا متغير، الثابت الوحيد هو نجاح ثورتنا فقط في الميادين نجاح ثورتنا لن يحققه سوى شبابنا الثائر في حراكه المستمر والدائم لا مكان بيننا لشماتة.. لا مكان بيننا لأحقاد.. لا مكان بيننا لضغائن. لن تنجح ثورة ينتظر بعض من يدعون حمايتها سقوط بعض المؤيدين لها.. ويحذر الكاتب المصريين: لا تعطوا الفرصة لمجرمي الانقلاب وداعميه لاعتبار ما حدث انتصارا. والله ثم والله لم أجد مِن بين مَن تواصلت معهم ممن صدرت بحقهم قرارات أخيرة إلا كل ثبات وصمود وإصرار وثقة في نصر الله. هكذا يكون الرجال.. وهكذا نتمنى أن يكون كل الثائرين. كونوا على قدر ثورتكم أياً كانت مواقعكم وأياً كانت أماكنكم دوروا مع الحق أينما يدور، وأنزلوا الناس ما يستحقونه من منزلة ولا تعطوا الجبناء الفرصة للنيل من الشرفاء في قطر وفي كل مكان ممن وقف ويقف خلف ثورتنا ونصرتها».

هل تبددت الغيوم بين
القاهرة والدوحة؟

سؤال جدير بالاهتمام يسعى للاجابة عليه رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين: «هل يفرق كثيرا أن تكون قطر أبعدت بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين من أراضيها وهي مضطرة إلى ذلك، أم كان من الأفضل لها أن تفعله عن طيب خاطر، وهي مقتنعة به؟!
في السياسة المهم هو النتيجة وليس الدوافع والنوايا، والأخيرة مهمة جدا في العلاقات العاطفية والجيرة و«قعدات المصطبة». يضيف الكاتب إذن ومثلما انتقدنا مرارا السلوك القطري في هذا المكان، فعلينا أن نرحب بالخطوة القطرية الأخيرة بغض النظر عن دوافعها وأسبابها. ويرى حسين ان الذي ينبغى أن يشغل مصر هو مراقبة السلوك القطري في المستقبل، وهل هذه الخطوة الأخيرة تعكس تغييرا فعليا في سلوك الدوحة، أم أنها مجرد مناورة لكسب الوقت وإعادة ترتيب الأوراق؟ ويؤكد ان الإجابة عن السؤال السابق ليست بالسهلة، لأنها تتطلب أولا الإجابة عن السؤال الاستراتيجي الأعمق، الذي حار في تفسيره كثيرون، وهو: ما تفسير المواقف القطرية في المنطــــقة منذ عام 1996، هل هي تبحث عن دور إقليمي أم هو اعتناق قادتها للأفكار المتطرفة، ثم كيف يستقيم كل ذلك مع وجود قاعدة العديد الأمريكية هناك؟! يضيف الكاتب وبما اننا لن نعرف الإجابة بسهولة، فنعود للسؤال الأول، لنقــــول إن خطـــوة قطـــر مساء الجمعة الماضي التي فاجأت أنصار جمــــاعة الإخوان، يكشف أن حجم الضغوط الخليجية كان كبيرا، وأن «المعلم الكبير» في واشنطن ربما يكون قد تدخــل «لتهدئة اللعب»، لأن هناك خطرا أكبر يلوح في المنطقة اسمه «وحش داعش الذي خرج أو تم إخراجه من القمقم». ويؤكد عماد: مرة أخرى، علينا أن نرحب بالخطوة القطرية، ونواصل طرق كل الأبواب حتى لا تتورط السياسة القطرية في مزيد من معاداة المصريين لإرضاء مجموعة صغيرة للغاية منه».

أخيراً فعلتها قطر

وبسبب القضية نفسها عبر عبد الفتاح عبد المنعم عن سعادته الشديدة بالموقف القطري مؤكداً في «اليوم السابع»: «عندما شعرت قطر أن مصالحها في خطر بعد تهديدات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية والإمارات بقطع العلاقات إذا استمرت قيادات الإخوان في الدوحة، خاصة من ينال من الشقيقة الكبرى مصر، يبدو أن التهديد جاء بنتائجه.. وسخر عبدالفتاح من الداعية وجدي غنيم بسبب التصريح الذي قال فيه بعد قرار طرده هو: «أرض الله واسعة»، ورد عليه الكاتب بقوله: ان أرض الله واسعة إلا للإرهابيين أمثالك، وأن مصيرك هو سجن طرة إن شاء الله مع إخوانك الإرهابيين يا شيخ وجدي، وسنظل نطاردك ولن ننصرف عنك حتى تعود لمصر، ثم إلى سجن طرة، وهو حلم جميع المصريين الذي سيتحقق قريبا جدا».

ما سر ارتباك القرار الأمريكي
من مواجهة الإخوان

يستغل كثيرون الحرب ضد «داعش» للدعوة لحصار دولي ضد الاخوان ومن هؤلاء جلال عارف في جريدة «التحرير»: «أمس كان وزير الخارجية الامريكي جون كيري يعلن في القاهرة أن مصر في الخطوط الأولى لمواجهة الإرهاب، وأنه تمت الموافقة على تقديم 8 طائرات حربية لمصر دعما لجهودها في القضاء على الإرهاب قبل أن يطال خطره الجميع! يضيف الكاتب في اليوم نفسه كانت هناك خطوتان أمريكيتان تعكسان التوجه نفسه. الأولى كانت قرار طرد بعض قيادات «الإخوان» من قطر. والخطوة الثانية كانت بدء التخلص من بعض الكوادر الإخوانية، التي وضعتها إدارة أوباما في مواقع مؤثرة على مراكز القرار، بعد أن تعالت الأصوات في الكونغرس وخارجه تحذر من خطورة هذا الاختراق وتحمل الرئيس الامريكي نفسه مسؤولية تهديد الأمن الوطني للولايات المتحدة الأمريكية. ويؤكد الكاتب علينا بالطبع أن ننتظر لنرى مدى جدية هذه التحولات، وإذا كنا نعرف جيدا أن واشنطن لا تحركها إلا مصالحها، وأن جهدها الأساسي الآن هو تكوين التحالف ضد «داعش»، التي تمردت عليها، وهددت مصالحها.. لكن المؤكد أنه لولا 30 يونيو ولولا صمود مصر شعبا وجيشا في وجه إرهاب الإخوان وحلفائهم بعد الثورة، لما كان الفشل العظيم لسياسة أمريكا في المنطقة، ولما كان الانكشاف الكامل للطريق الخطأ الذي سارت فيه الإدارة الأمريكية، حين راهنت على الإخوان وأمثالهم، وتحالفت مع الإرهاب، لكي تنشر الفوضى في المنطقة.. فإذا بالإرهاب الذي زرعته يهدد أمنها، وكأنها لم تتعلم شيئا من دروس «القاعدة» ومجاهدي «طالبان». يبقى الأساس في موقف مصر، الذي أعلنته في مؤتمر جدة، وسمعه الوزير الامريكي كيري من الرئيس السيسي وهو أن أي تحالف دولي لا بد ألا يقتصر على مواجهة تنظيم واحد، بل يمتد ليشمل كل البؤر الإرهابية، وأن يكون واضحا أن هذه الجماعات المتطرفة كلها خرجت من عباءة «الإخوان»».

الحرب على الإعلام
المصري مشبوهة

وإلى شهادة مهمة من مرسي عطاالله رئيس مجلس ادارة الاهرام الأسبق حول الحرب التي تشن على الاعلام المصري ادلى بها عبر «الاهرام»: «رغم كل ما قدمه الإعلام في خدمة قضايا الوطن والأمة، لا أجد أحدا في مصر يقول كلمة حق وإنصاف، وإنما على العكس هناك حملة خبيثة منظمة هدفها اغتيال الإعلام الوطني، قوميا وخاصا، وتشويه سمعته، مؤسسات وأفرادا، من أجل منح السيادة والسيطرة الكاملة على العقل المصري والعربي وإخضاع الرأي العام لتوجهات وتأثيرات الإعلام العابر للقارات والحدود، وفق أجندة مكشوفة لصناعة الفوضى وتعميق الانقسامات وتغذية التناقضات. وهذه الأجندة الخبيثة تلعب بكروت تقصير وتقاعس الإعلام الوطني عن طرح استحقاقات التغيير المطلوبة على صعيد الحرية والعدالة الاجتماعية، تحت مظلة المساواة والكرامة الإنسانية، وهو أمر كان يمكن فهمه عندما كان الإعلام مجموعة محدودة من المنابر الرسمية المملوكة للدولة، ولكن في ظل اتساع الساحة الإعلامية للخاص والمستقل والحزبي يصبح التعميم بمثابة لغز محير، خصوصا أن القائمين على هذه الأجندة كانوا يكيلون المديح لذات الإعلام الخاص والمستقل والحزبي ويشيدون بدوره في التمهيد لزلزال 25 يناير/كانون الثاني، ثم سرعان ما انقلبت الآية بعد انحياز الإعلام لتسونامي 30 يونيو/حزيران و3 يوليو/تموز و26 يوليو عام 2013 ثم مباركة استحقاقات بنود خريطة الطريق بالاستفتاء على الدستور وانتخابات الرئيس السيسي عام 2014. ويدعو الكاتب إلى المطالبة بموقف رسمي وشعبي لحماية الإعلام من محاولة اغتياله والإساءة لسمعته، من خلال منح حصانة للكلمة الحرة والرأي النزيه».

مؤامرة عالمية
لتفكيك الجيوش العربية

ونبقى مع «الاهرام» ومخاوف تعتري الكاتب عماد حجاب من مؤامرة عالمية لتفكيك الجيوش العربية: «تسعى الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي، لتغيير تركيبة الجيوش في المنطقة العربية وطبيعة التجنيد بها، مما يؤدي إلى تبدل أساليب الانتماء للقوات المسلحة ويضعف تدريجيا منها، والتلاعب في درجة أهمية القوات المسلحة في تاريخ الشعوب، وهي نقاط بالغة الأهمية في خلق الاضرار بالعلاقة بين الجيش والشعب، ولكن الهدف قصير المدى، هو تقليل أعداد المجندين في القوات المسلحة بدول المنطقة وعلى رأسها مصر، ودفع خريجي الجامعات لتفضيل العمل عن أداء الخدمة العسكرية، حتى لا يستفيد المجتمع منهم، بعد كل ما أنفقته الدولة على تعليمهم.
ويبقى لب القضية هو السعي من أجل أضعاف جيوش دول المنطقة في مواجهة الجيش الاسرائيلي، وبالتالي تزداد قدرته في المواجهة مع الدول المحيطة وتهديدها، وتحقيق مصلحة إسرائيل التي هي في الأساس مصلحة امريكا وأوروبا. وبهذا تعيش شعوب المنطقة تحت رحمة اسرائيل.
ويؤكد عماد ان الولايات المتحدة وأوروبا تستخدمان عدة طرق لتحقيق غاياتهما، أولها أنها تدعو بصورة علنية، من خلال المسؤولين الرسميين بالبنتاغون، لتخفيض اعداد جيوش دول المنطقة والغاء التجنيد الإجباري، وثانيا باتباع طرق خبيثة مستخدمة شعار لا للتجنيد وإطلاق صفحات على الفيسبوك لتأييد هذه الدعوة الساذجة، مرة باسم «وحوش في المنصورة». ومرة ثانية باسم «عفاريت من قنا»، ومرة ثالثة باسم «شباب على راحته»، ومرة رابعة باسم «حياتنا والتجنيد»، وكلها أسماء مستعارة تقف وراءها أجهزة مخابرات أمريكا وأوروبا واسرائيل، مستغلة طهارة ونقاء الشباب المصري في الدخول على تلك الصفحات والتعليق على ما ينشر بها والتأثر نفسيا ومعنويا بتلك الدعوات المسمومة».

بعض ضباط الداخلية خطر على الشرطة

ومن مخاوف تفكيك الجيش إلى مخاوف اخرى بمزيد من تشويه الشرطة بسبب سلوك بعض افرادها الذي يكشف النقاب عنه في «المصري اليوم» رامي جلال: «صباح الخير يا سيادة وزير الداخلية. النقد هو فرز الجيد من الرديء، أما الانتقاد فهو اصطياد الرديء وتعميمه. والجيد موجود وبكثرة بوزارة الداخلية، لكن الإشارة للسلبيات هي دوري والاهتمام بإصلاحها هو واجبك. وتلك السلبيات هي قلة كفاءة بعض الأفراد في التعامل المباشر مع الجمهور. وسيادتك لن تظل في المنصب إلى الأبد (كان العادلي أشطر)، فأصلح المائل لنذكرك بالخير…».

هل رضخ السيسي لمطالب كيري؟

بعض الكتاب يبدون اكثر غيرة على قانون منع التظاهر من وزارة الداخلية وها هو سليمان جودة يعرب عن مخاوفه مما تردد في احتمال النظر في القانون مجدداً، بناء على رغبة واشنطن: «أخشى جداً أن يكون الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أعطى جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، عند لقائه به أمس الأول، وعداً بمراجعة قانون التظاهر وتعديل ما يمكن تعديله فيه! وسبب مخاوف جودة مردها أن الوزير الامريكي عندما تكلم، بعد لقاء الرئيس، عن الموضوع، قال ما يلي نصاً: «أثق أنه خلال الأيام والأسابيع المقبلة، ستتم معالجة هذا الأمر».. وعندما قرأ الكاتب تلك الجملة على لسان الوزير الامريكي، سأل نفسه: من أين جاء الوزير بهذه الثقة التي يتكلم بها، وهل يمكن أن يكون واثقاً من كلامه إلى هذا الحد، إلا إذا كان قد أخذ وعداً من الرئيس أو حتى من أي مسؤول مصري كبير؟ وعن مصادر خوفه يجيب سليمان: بالطبع لست ضد مراجعة القانون، أو ضد تعديل ما يمكن تعديله فيه، وإنما لأن هناك أصواتاً مصرية انقطعت طوال الفترة الماضية، من طول مطالبة أصحابها بما جاء كيرى ليطالب به، ولكن أحداً لم يستمع إليها، ولا التفت لها.. وقد كان الأفضل بطبيعة الحال أن تستجيب الدولة لأصوات أبنائها المخلصين لها، وليس لصوت امريكي يطلب ما يطلبه، لأهداف نحن جميعاً نعرفها، تماماً لأنه رغم أن عندنا عشرات، بل مئات من القوانين التي تحتاج إلى تعديل إلا أن الأمريكان لا يهمهم في الحكاية كلها إلا قانون التظاهر، وينامون، ويستيقظون، وهم يحلمون بأن يجري تعديل هذا القانون على وجه التحديد.. وللأمانة هناك قانون آخر يهمهم بالدرجة ذاتها، هو قانون جمعيات المجتمع المدني الذي ينظم تمويلها من الخارج».

لماذا الجيش بمفرده يشرف
على مشروع قناة السويس؟

السؤال يتردد على لسان الكثيرين، ومن بينهم رجال اعمال وكتاب ومفكرين ويزيد على السؤال محمد عبد القدوس في «الحرية والعدالة» حيث تداخله بعض الهواجس التي يعبر عنها فيما يلي: «بمناسبة شهادات قناة السويس التي أقبل عليها الناس لحاجتهم إلى الفلوس! عندي ثلاثة تساؤلات حول هذا المشروع: السؤال الاول: هل تمت دراسته بطريقة متكاملة.. هذا السؤال أطرحه ﻷن هناك آراء محترمة اعترضت على حفر قناة جديدة، وكان يكفي توسيع ما هو قائم. اما السؤال الثاني الذي يسيطر على ذهن الكاتب فهو: لماذا القوات المسلحة هي المشرفة على هذا المشروع ولها الدور اﻷول في قيامه؟ في يقيني أن الشركات المدنية ببلادنا كانت تكفي، ومنها كيانات عملاقة. هذا التساؤل لا يقلل أبدا من احترامي لجيشنا العظيم ومهمته بالدرجة اﻷولى حماية الوطن وليس التوغل في الحياة المدنية وعسكرة المجتمع. قال أنصار هذا المشروع إنه ستكون له فوائد ضخمة تعود بالفائدة على الملايين، وهذا يجعل الكاتب يطرح سؤاله الثالث عن أوضاع مدن القناة الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس.. لقد عانى سكانها الكثير، وما تزال أوضاعهم سيئة، ولم أقرأ حتى هذه اللحظة ما يجعل قلبي يطمئن الى أن ثمار مشروع القناة المنتظرة ستعود بالدرجة اﻷولى على سكان هذه المدن، فإذا لم يستفد هؤلاء أولا قبل غيرهم يبقى فيه حاجة غلط».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبدالله عايض القرني:

    ان الطبيعة االفطرية التي نشاء عليها الانسان ، حيرت كثير من العلماء ، تفحصوا هذه الطبيبعة ، واغرقوا المكاتب العلمية بما نثروه من كتب ، ولم يتوصلوا للدلائل الحقيقة ، التي تجعل القاري ان يؤمن بها ، ولا تقنع العلماء انفسهم ، فهم يكرسوا جل وقتهم من جديد ، للوصول للمعلومة التي ترسي مراكبهم عليها ، وكل اجتهاداتهم وسعبيهم الحثيث قابل للخطأ والصواب ، فابونا ادم وامنا حواء ، كان استعجالهما للأكل من الشجرة ، عجل بهما للهبوط الى الارض ، لأنهما لم يسمعا نصيحة الخالق بنهيهما ، فخرج هذا النسل العالمي من ظهرهما ، والحقبة الزمنية التي يعيشها الشعب المصري ، حقبة ستشهد مصرفيها تقلبات ، وعدم الاستقرار ، والتقلص والتمدد ، والانزعاج وعدم الرضيى ، فالذي يصير الان في مصر من هيجان شعبي في ظل تقطع التيار الكهربائي ، امر مؤسف للغاية ، بالنسبه للشعب المصري ، حيث كانوا يتأملون ان الوضع سيستقر وتعود المياة الضحلة صافية ، والنيل اصفى ، وانفى ، ولكن كل هذه الاحلام بقيت راكدة ، اسنة ، لا تسير في وجهة مستقبلة جيدة ، وينعم المواطن المصري بالخير، هذه فترة تغيير وتصحيح ، ووقوف من سقوط مرتين متتاليتن ، كل واحدة اسقم من الاخرى ، في عهدين مظلمين ، وهذه شوائب ، من الصعب فلترتها في فترة وقتية قليلة ، فالرئيس السيسي تولي ارثا كبيرا ، من احتياجات الشعب ، ويحتاج لوقت هو ومن معه ، ليعيدوا الاوضاع لطبيعتها ، فالصبر ، الصبر مفتاح الفرج ، ولكن على الرئيس ومن معه الاسراع في تلبية مطالب الشعب ، وحلها سريعا ، حتى لا يدخل العجز في النفوس ، وتصاب بمرض ، من استمرار الاوضاع الغير مرضيه .

إشترك في قائمتنا البريدية