الرباط – «القدس العربي» : أعادت الدولة المغربية الغيوم السوداء الى سماء منطقة الريف، بعد انفراجات لاحت في الافق، خاصة بعد وصول العاهل المغربي الملك محمد السادس الى منطقة الشمال، اشارة منه على حرصه على تبديد التوتر السائد بين الدولة وسكان المنطقة، بعد ان وجه انتقادات للحكومة في تعاطيها مع قضايا المنطقة ومطالب الحراك المندلع منذ ثمانية شهور واشارات عن اطلاق سراح المعتقلين بعد إطلاق سراح المرتضى إعمراشا، صاحب أثقل وأخطر التهم الموجهة لكل النشطاء المعتقلين.
واذا كانت المناشدات تزايدت قبل عيد الفطر، من اجل اصدار العاهل المغربي عفواً عن معتقلي الحراك، ورغم ان هذا العفو لم يصدر، لموانع دستورية، حيث ان العفو الملكي يصدر على المحكومين بأحكام نهائية، أي بعد احكام الاستئناف، وأي من ملفات معتقلي الحراك، لم يصل الى هذه الدرجة من الاحكام، ولان تدبير الجهات المعنية في كيفية دفع المعتقلين او عائلاتهم لطلب العفو، كان تدبيراً سيئاً دفع الى رفض تقديم مثل هذه الطلبات، فان العنف الذي مارسته قوات الامن ضد المتظاهرين في مدينة الحسيمة ومدن أخرى، نقل النقاش من كيفية الافراج عن المعتقلين، كخطوة أولية وضرورية للانفراج، الى السؤال عن ماذا يريد النافذون بالدولة المغربية من هذا العنف، وان كان هناك جهات تسعى للتصعيد لكسر شوكة الحراك والناشطين «حفاظًا على هيبة الدولة» وقطع الطريق على بقية المناطق المغربية لسلوك «الاحتجاج» لتحقيق مطالب اجتماعية وتنموية واقتصادية.
مسيرة الحسيمة
مسيرة «يوم العيد» يوم الاثنين، لم تكن مفاجئة، الناشطون يدعون لها قبل ايام، بيانات قادة الحراك الداعية للمسيرة تكثفت ومواقع التواصل الاجتماعي حفلت بالدعوات للمسيرة، التي كان محورها اطلاق سراح المعتقلين، بمشاركة ساكنة المنطقة وليس فقط ساكنة الحسيمة، وقامت قوات الامن منذ مساء يوم الاحد بنشر قواتها داخل المدينة ومحاصرة المنطقة وعرقلة وصول ساكنة المدن الاخرى للحسيمة.
وقبل انطلاق المسيرة قال أشرف الإدريسي، عضو لجنة الإعلام والتواصل بلجنة الحراك، وأحد النشطاء البارزين، إن «أكثر من 17 سيارة لقوات الامن مركونة في أكبر ساحة عمومية وسط المدينة، لمنع اي شكل احتجاجي او تجمهر (السيارات مليئة بالعناصر الامنية)» وأكد في تدوينة له على «الفيسبوك»، أن القوات الامنية تدخلت في حق مواطنين قبالة مقهى شمس، وتم اطلاق صفارات الانذار من سيارات الامن كما قامت عناصر الأمن بمطاردة نشطاء في شوارع المدينة وتفريق اي تجمهر ولو لثلاثة اشخاص» وهو ما اعتبره شهود عيان بأنه حظر تجوال غير معلن.
ونقل موقع لكم عن قيادي حزبي يقيم في مدينة الحسيمة، فضل عدم ذكر اسمه، «هناك فعلا حظر للتجوال ومطاردات لأي تجمع لكن لست متأكدة من وجود الاعتقتلات»، مضيفا: «وحتى إذا جرت اعتقالات فهي عادية في مثل هذه الحالة التي تعيشها المدينة».
وعملت قوات الأمن على محاصرة كل من حي «سيدي عابد» وحي «باريو حدوا» «ومرموشة»، قبل انطلاق «مسيرة العيد» بالحسيمة، وقال أحد النشطاء في الحراك، والمشارك في المسيرة المنظمة «إن المنطقة تعرف انتشاراً مكثفاً للبوليس السري وسط المدينة» وأن السلطات ملأت ساحة محمد السادس في الحسيمة المعروفة لدى نشطاء الحراك بساحة الشهداء، بأكثر من 10 سيارات للأمن وحوالي 100 عنصر من قوات التدخل السريع.
التفاف على الحصار
وأظهرت فيديوهات مبثوثة عبر تقنية «اللايف» محاصرة الأمن للطريق الفاصلة بين امزورن والحسيمة، الأمر الذي اضطر المحتجين إلى تغيير الوجهة، «رغبة منهم في الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات» وقال موقع الأول أن السلطات الأمنية اعتقلت حكيم بنعيسى مدير موقع أخبار الريف الجهوي أثناء تنقله من بني بوعياش إلى الحسيمة لتغطية المسيرة التي دعا لها اليوم نشطاء «حراك الريف»، وذلك في حاجز أمني يفصل بين بوعياش والحسيمة وتم توقيف مدير الموقع محمد الحنكاري الناشط في «حراك الريف» ببني بوعياشن ومجموعة من الناشطين أو المصورين الذين كانوا يريدون تغطية مسيرة الحسيمة.
وكان للساكنة من خارج المدينة أساليبها للوصول الى الحسيمة وفي الحسيمة كان لها أساليبها للتجمع وانطلقت المسيرة، مساء بعد ان كان مقرراً انطلاقها عصراً، في حي الحسن الثاني وسط المدينة، وتعرضت فوراً لتدخل أمني «عنيف» في حق المتظاهرين، الذين قدموا من مناطق عدة مجاورة، ورفعوا شعارات مناوئة للدولة محملة المسؤولية لها تجاه ما يقع في الريف، ومن بين الشعارات التي رفعت «كلنا ناصر الزفزافي»، و»هي كلمة واحد هذه الدولة فاسدة» وبعد قمع المسيرة، نجح النشطاء من جديد في العودة إلى التظاهر رافعين شعارات قوية «الموت ولا المذلة».
وحسب مقاطع فيديو تم بثها على صفحات الفيسبوك، فإن الأمن كان يطارد المحتجين ويصدر صفارات إنذار لتفريق المتظاهرين بعدما حاولوا العودة من جديد إلى الشارع للتظاهر وخلف التدخل الأمني إصابات مختلفة في صفوف المتظاهرين كما وقعت مواجهات بين الأمن والمحتجين بمدينة أجدير وقال مشاركون إن الشرطة أوقفت العشرات من شباب الحراك، دون ان يحددوا عدد الموقوفين الإجمالي وأصيب عدد من المحتجين إصابات خطيرة لان العنف استهدف رؤوسهم والمناطق الحساسة من الجسم، ولم تعرف بعد حصيلة الإصابات في صفوفهم لأن جل المصابين من الشباب تجنبوا اللجوء إلى المستعجلات لتلقي العلاج، خوفاً من الاعتقال، باستثناء الحالات الخطيرة وأكد عدد من شباب الحراك أن حصيلة الاعتقالات في صفوف الشباب كانت ثقيلة بالنظر إلى اتسامها بالعشوائية. وظلت العديد من الأسر تبحث، أمس، عن مصير أبنائها بعد المواجهة.
استمرار حملة الاعتقالات
وقال عبد الصادق البوشتاوي عضو هيئة الدفاع معتقلي «حراك الريف»، إن السلطات بدأت حملة الاعتقالات يوم الاثنين في الحسيمة، منذ صلاة العيد واستمرت إلى منتصف الليل، وعدد المعتقلين يظل خيالياً ولا يمكن تحديده في اللحظة الراهنة «الشرطة أفرجت عن عدد قليل، وظل الكثير منهم رهن الحراسة النظرية، ونحن كمحامين لا يمكننا التعرف على العدد الحقيقي إلا بعد الاتصال بالنيابة العامة وهي اليوم في عطلة». ورجح البوشتاوي أن يتم مثول المعتقلين أمام الوكيل العام للمك لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة اليوم الأربعاء، بعد انتهاء فترة الحراسة النظرية المحددة في 24 ساعة وقال «الاعتقالات وصلت حدها، رجال الأمن يحشدون المواطنين وبطريقة مهينة وقاسية، ويدخلونهم إلى السيارات، مستعملين جميع الأساليب لتفريق المظاهرات كالركل والجر، والغازات المسيلة للدموع «.
وأضاف قوات التدخل السريع لم تفرق بين رجل وامرأة، مسجلاً العديد من الإصابات في حق النساء، «لم تنج منها حتى عائلتي» مؤكداً ان رجال الامن حاولوا دهس المتظاهرين باستعمال سياراتهم. وقال إن المقاربة التي نهجتها السلطات ستزيد من الأزمة، وستعمق الجرح، «شعارات مثل دولة الحق والقانون التي ترفعها الدولة في إعلامها الرسمي، وفي اللقاءات الدولية تظل مجرد كلمات فضفاضة بعيدة عن التطبيق».
وقال ناشط من الحراك كان يتواجد في قسم المستعجلات بمدينة الحسيمة، إنه لم يستطع إعطاء تفاصيل أخرى عن ما وقع «الحالة جد مزرية الأطفال والنساء تعرضوا كذلك لإصابات جراء الغازات المسيلة للدموع والتدخل الأمني».
إصابة أطفال
وقال شهود عيان من داخل مستشفى في المدينة تم نقل ما لا يقل عن أربعين طفلاً إلى المستعجلات، فضلاً عن كبار السن من النساء، والرجال، بعدما اختنقوا بالغاز المسيل للدموع، الذي واجهت به القوات الأمنية المحتجين في الحسيمة داخل الأزقة وسط التجمعات السكنية.
وقالت السلطات إن 39 من أفراد قوات الأمن أصيبوا خلال المواجهات بجروح متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة وأوضحت إن «مجموعة من الأشخاص تضم بين صفوفها أشخاصًا ملثمين، قامت أمس الاثنين، باستفزاز القوات العمومية ومهاجمتها رشقاً بالحجارة» وأن هؤلاء عملوا على «مهاجمة مستعجلات المستشفى الإقليمي وإلحاق خسائر وأضرار مادية بمرافق المستشفى، وبإحدى سيارات الإسعاف، التي كانت تقل عنصرين من أفراد القوات العمومية المصابين، حيث تم الاعتداء على المصابين في داخلها، وعناصر الوقاية المدنية».
وقال بلاغ السلطات ان مجموعة من الاشخاص في منطقة أين يوسف أوعلي اقدمت على تخريب إحدى سيارات المصلحة التابعة للسلطة المحلية، كما تم توقيف ثلاث أشخاص قاموا بالاعتداء بواسطة عبوات الغاز المسيل للدموع على عناصر الدرك العاملين بسد المراقبة الطرقية على مستوى منطقة أجدير».
وتداول «فيسبوكيون» ريفيون، صباح امس الثلاثاء، صورة من مسيرة الأمس بالحسيمة، يظهر فيها مجموعة من الشباب المحتجين وهم يشكلون سلسلة بشرية محاصرة لبعض عناصر قوات الأمن، حيث لم يكن ذلك عبارة عن حصار سلبي، بل كان من أجل حمايتهم من غضب المحتجين.
حالة غضب واستنكار شديدين
وخلف التدخل الأمني العنيف حالة غضب واستنكار شديدين على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر برلمانيون وحقوقيون أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة وأن «هناك جهات في الدولة تجر البلد نحو الفوضى وتريد تفجير الأوضاع».
وأفادت البرلمانية السابقة، سعاد الشيخي، من خلال تدوينة على فايسبوك، أنها تلقت نداءات استغاثة عدة من مواطنين المسيل. وقالت «تصلني رسائل استغاثة صوتية بسبب الغاز المسيل للدموع، الأطفال يصرخون، والعجزة ومرضى القلب، والحساسية حياتهم معرضة للخطر، رائحة الغاز تخنقنا» وقالت «ارفعوا_عنا_أجهزتكم_القمعية».
وكتب محمد أحداد، الصحافي بجريدة المساء، الذي يتواجد بمدينة الحسيمة لقضاء عطلة العيد، على حائطه «الفايسبوكي» «لم اعد قادراً على الكتابة ولا على الوصف لكن الوضع مأساوي وكارثي وبئيس.. لقد انهارت الإنصاف والمصالحة بشكل نهائي وبروز جيل يدفعونه للحقد على الدولة والمؤسسات والمسؤولين وكل شيء..ويدفعون اكثر الناس اعتدالاً إلى التطرف..ويدفعون بالوطن والريف إلى هاوية سحيقة..مقدار الغل الذي رأيته في أعين النساء والأطفال والشيوخ يوم العيد لم يسبق لي يوماً ان رأيته في حياتي..اوقفوا هذا العبث..».
محمود معروف
أقول لمن يريد الإصطياد في الماء العكر رغم هذا الصدام العنيف الذي وقع في الحسيمة والذي قد يقع اكثر منه حتى في الدول العتيدة ديموقراطيا سيحل المشكل إن شاء الله بتدخل من محمد السادس ملك المغرب في التحقيق في كل ما جرى بهذه المنطقة وإن شاء الله سنصل لبر الأمان رغم الضربات التي تكال للمغرب.والضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك.
إلى الخ عزيز
النظام الملكي المغربي تغيّر منذ موت الراحل الحسن الثاني وفي عهده تم الإعتراف بضحايا تازمرات وضحايا سنوات الرصاص أما في عهد محمد السادس فقد تحول المغرب إلى جنة شبه ديموقراطية بالرغم من وجود بعض رموزالفساد من العهد البائد والتي لا تتحمل المس بمصالحها وهو ما جعل المغرب بؤرة للإحتجاجات والمظاهرات التي يخرج بعض المنتسبين إليها عن الخطوط الحمراء ويسعون إلى ضرب الإستقرار والأمن بالمغرب ومن ضمن رموز الفساد أيضا هناك بعض الحقوقيين ممن يركبون على مطالب الشعب الإجتماعية لأغراض ومصالح شخصية لا علاقة لها بمطالب الشعب والحمد لله أن النظام الملكي لم يرسل العسكر لسحق الشعب وكل ما في الأمر هو أن رجال الأمن مطالبون باستثباب الأمن والتصدي للمشاغبين ممن يستغلون الوقفات الإحتجاجية لتعطيل مصالح المواطنين والتشويش على السير العادي لمؤسسات الدولة وهذا معمول به في كل دول العالم
وما دمت تتحدث عن النظام الديكتاتوري والسجون السرية فما رأيك في المقابر الجماعية الهائلة التي تضم رفات ما يناهز ربع مليون مواطن جزائري ماتوا وأحرقوا وذبحوا ولازالت أسماء المجازر التي إرتكبها النظام الديكتاتوري (ديال بصّح ) مثل مجزرة بني مسوس ومجزرة الريس ومجزرة بن طلحة ومجزرة بني مريزق ومجزرة سجن سركاجي …إلخ ؟!!
وما رأيك في القول بأن مرتكبي هذه المجازر هم من لازالوا يحكمون الشعب الجزائري بالحديد والنار ويتوعدونهم بالعودة إلى سنوات الدم في حالة ما إذا لم يستسلموا لأمر الواقع ؟
وما رأيك في القول بأن مرتكبي هذه المجازر ومن والاهم من المنتفعين هم من بدروا أكثر من 1000مليار دولار من أموال الشعب وتركوه في عز رمضان يصطف في الطابور من أجل كيس حليب دون أن يحرك ساكنا أويساءل من يحكموه بالحديد والنار ؟!
يا أخي عزيز إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الجار بالحجارة بالرغم من أن جارك المغربي فقير كما تروجون لذلك فهو على الأقل إكتسح إفريقيا إقتصاديا وهو الآن في طريق بناء المواطن الحر الذي يعي ماله وما عليه
وأخيرا أسألك : هل المقابر الجماعية التي تضم أكثر من 200ألف جزائري يمكن أن تُقارن ببضعة عشرات عاشوا مآسي سجن تازمامرا؟ وحتى خلال سنوات الرصاص وحسب الإحصائيات الرسمية والغير الرسمية لم يتعدى عدد ضحاياها ممن ماتوا أقل من 1000 شخص رحمهم الله وإذا قارنا 200ألف ضحية جزائري وأكثر من 30ألف مفقود فستتضح لك الصورة بالكامل …
لا أريد أن أدخل في جدالات عقيمة وأسمع أسطوانات مشروخة تعود للحرب الباردة ، المغرب يسير في الطريق الصحيح وهذا ما يزعج حساده والمظاهرات هنا وهناك تقع في أعرق الديمقراطيات ، نحن الصحراويون المغاربة الحقيقيون ـ ولا أعني أولائك اللذين جمعهم عسكر الجزائر من دول الجوار في تندوف وصنعوا لهم علما ودولة وهمية وستبقى كذالك ـ