موتوا كلكم وسلامة معبد «بل»..

حجم الخط
8

مسكين معبد «بل»، وأخيرا وصلته يد «داعش» الإجرامية، فهيا للأساطيل والجيوش، واتركوا الأسد بحاله الآن، فلا وقت إلا لإنقاذ ما تبقى من»بل»!
أدعو الذين يتباكون على التراث الإنساني، وعلى آثار تدمر التي تهدم وتفجّر أن يتوقفوا لحظة عند كلمة «إنساني»، ربما نسي بعضهم أن الإنسان أغلى من التحف التاريخية، مهما كانت قيمتها المعنوية والمادية، وأنه يجب الحفاظ على دم الإنسان أولا وقبل أي شيء. أما الذين لا تهزّهم مشاهد السوريين وهم يُدفنون أحياء تحت أنقاض بيوتهم، فهؤلاء شركاء في الجريمتين، جريمة قتل السوريين وتشريدهم، وكذلك جريمة هدم الآثار التاريخية.
عندما يتباكون على آثار تدمر، ثم يقولون «إن بقاء الأسد في السلطة هو جزء من الحل»! فإن موقفهم هذا يشير إلى ما في نفوسهم من حسابات لا تمت للإنسانية بصلة، بل هي في جوهرها عنصرية ودنيئة!
من لا يرون أن دماء مئات آلاف السوريين تستحق الغضب لأجلها، ثم يذرفون الدموع على معبد «بل»، من واشنطن إلى موسكو مرورا بأوروبا! هذا يقول، إنهم في أعماقهم لا يقيمون وزنا للإنسان عموما وللعربي والمسلم خصوصا، هذا يعني أنهم يقولون «اذبحوا بعضكم البعض، ولتعش مصالحنا وترتوي من دمائكم!
هذا يقول إن مصالحهم تتقاطع مع مصالح العصابة الحاكمة، وإنه لا يهمهم أن تستمر الحرب عقودا أخرى، فاستمرارها خير لهم، لأنها سوق لا تشبع من أسلحتهم ومناوراتهم وحسابات نفوذهم.
من لم يهزّهم اختناق واحد وسبعين إنسانا في شاحنة تهريب، من رجال ونساء وأطفال، ولم تهز ضمائرهم لحظات الرعب التي مر بها هؤلاء البشر، وهم يشعرون كيف يموتون مع أحبائهم لحظة بعد لحظة حتى حل الصمت المطبق على جميعهم، في ظلمة صندوق الشاحنة، هؤلاء الذين لم تستفز مشاعرهم فاجعة بهذا الحجم الإنساني، فليبلوا مشاعرهم تجاه «بل» وليشربوها.
نعم يجب حماية «بل» وغيرها من آثار وفنون وتاريخ بشري، ولكن ماذا مع حماية الإنسان!
ألا يهزّكم نزوح ملايين السوريين إلى البحار والظلمات ووقوعهم تحت رحمة عصابات القتل والعنصرية! ألا يحرك ضمائركم أطفال يتشردون بين قطارات أوروبا والأسلاك الحدودية الشائكة، بينما كل همكم هو بقاء الأسد في السلطة «كجزء من الحل»، لقد طلعت روائحكم النتنة أكثر من قمامة بيروت.
نعم «داعش» مجرم بحق البشر والحجر، ولكن هل أنتم أفضل أو أقل إجراما منه! الأرقام تقول إنكم مجرمون أضعافا مضاعفة وليس فقط في قتل الناس، بل في تدمير ونهب الآثار أيضا في العراق (مثل نهب المتاحف أمام عيون الجيش الأمريكي) ثم في سوريا!.
من يدفن آلاف السوريين تحت الأنقاض والنار والغازات السامة بطيرانه، أكثر وحشية ممن يهدم تمثالا من الطين! من يحتجز عشرات آلاف السجناء السياسيين ويعذب بعضهم حتى الموت، أو يرغم المعارضين على الهرب من بلادهم، لا يقل إجراما عمن يقطع رأس أسير أو يحرقه.
من منع إقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين السوريين منذ البداية، بل وزوّد نظام الإجرام بطائرات حديثة لتقتيل شعبه، هو شريك في الجرائم، وعندما يتباكى على الآثار ويجند أساطيله، فهدفه بالتأكيد لا يمت للإنسانية بصلة!
من يقولون إن محاربة «داعش» هي الأولوية القصوى قبل البتّ بمصير الأسد، هؤلاء لا يبحثون عن حل، بل عن حرب تستمر لعقود أخرى كي تستمر مصالحهم.
شعار أولوية محاربة «داعش حق» يراد به باطل، يراد به تجاهل جرائم الأسد وجرائم داعميه، ومنحه غطاء وفرصة لاستعادة قواه.
إذا كان «داعش» لا يعرف معنى المسؤولية أو الرحمة ويقتل ويضطهد الأقليات ويتاجر بالنساء! فهو عصابة! فماذا معك يا رئيس الدولة «المنتخب»! أنت متحضر وفي قلبك رحمة وعاقل، أنت علماني متنور ولست ظلاميا، أنت درست في بريطانيا طب العيون ومنفتح، تحافظ على حقوق الأقليات وحقوق المرأة! هذا يعني أنك مسؤول أكثر من رئيس عصابة على الأقل!
بإمكان الأسد وقف النزيف، بالإعلان عن استعداده للاستقالة وتسليم مقاليد الأمور لحكومة انتقالية لوقف الحرب الأهلية، أن يعلن على الملأ « إذا كانت استقالتي ستوقف الدمار والتهجير وإذلال السوريين! فأنا مستعد للاستقالة»! بإمكانه أن يعلن» إذا كان الخلاف بين روسيا وأمريكا والسعودية وإيران وقطر ودول الخليج وأوروبا هو أن أبقى أو لا أبقى في رأس سلم الحكم خلال الفترة الانتقالية، فأنا ولأجل شعبي أعلن استقالتي، فالمهم وقف هذا النزيف»!. طبعا هذا لو كان زعيما حقيقيا، ولكنه ليس كذلك ولن يكون.
كلما مال الأسد وآل للسقوط دعموه بضراوة من هنا وأخرى من هناك، تقاطعت مصلحة واشنطن وموسكو وطهران وتل أبيب وأنظمة عربية بأن يبقى الأسد، فصاحوا «محاربة داعش هي أولوية قبل البت بمصيره»، هذا حتى يستنزف ما تبقى من موارد شعبه، وحتى يزرع المزيد من الأحقاد بين مركبات الشعب لمئات السنين، ويركع أكثر وأكثر لداعميه، وحتى يختنق حلم أي عربي يفكر بالحرية. ورغم كل هذا، فالشعوب لن تعود إلى القمقم، قد يعرقل البكاؤون على «بل» مسيرتها نعم، وربما خلطت جرائم النظام و»داعش» الأوراق! ولكن في النهاية لا بد أن تحقق الشعوب الحرة أحلامها طال الزمن أم قصر.

سهيل كيوان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    مقال رائع
    فالحجر أصبح أغلى من البشر
    طز بالآثار كلها مقابل نقطة دم بريئة لا ذنب جنته

    دماؤنا رخيصة لا يسأل عنها أحد لأنها ليست زرقاء

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول قارئ فلسطيني:

    في الوقت الذي يتدافع الروس والايرانيون والتحالف المسؤول عن اطلاق الثورات المضاده ومن خلفهم قوى استعماريه لتعويم النظام الحاكم في دمشق و٢٠ بالمائه من سوريا من خلال مشروع داعش اولا وآثار تدمر نشاهد معاناة الاجئيين السوريين في محاولاتهم الوصول لالمانيا.
    اخوه لنا يتكدسون في محطات القطارات بدون ادنى مقومات الحياه الكريمه من طعام وشراب ومأوى.

    وفي نفس الوقت نسمع عن افتتاح حديقه في حي كفر سوسة جنوب دمشق والتي حملت اسم دكتاتور كوريا الشمالية “كيم إيل سونغ” تقديرا لدعم كوريا الشماليه للنظام.
    لاحياء ولاانسانيه وكأن هؤلاء السوريين فعلا كما يشاع سوريون غير مفيدون كما يصنفهم النظام الحاكم في سوريا وحلفاؤه. وربما ستعطى جنسياتهم السوريه لمن يقاتلون بجانب النظام من الاجئين الافغان في ايران العاطلين عن العمل والذين يرسلون لسوريا مقابل دولارات ووعود بإصدار اقامات لهم في ايران هذا اذا بفوا احياء طبقا لما صرح رأس الناس البلد لمن يدافع عن نظامه.
    النظام وأنصاره يلومون كل من تعاطف مع الثورة السوريه على مآسي السوريين الاجئيين الا انفسهم. لم نسمع بطلبات من النظام للامم المتحده بعقد لقاءات لمعالجة قضيتهم وتنسيق مساعدتهم ولا عن تشكيل فرق لتقديم الطعام لهم في محطات قطارات اوروبا وربما لا يذكروا في اعلام النظام وحلفاؤه المقاوميين. ايران لها حدود مشتركه مع تركيا فماذا قدمت للاجئيين؟ لاشيئ!
    وكما وضح الاستاذ سهيل فإن جرائم النظام لاتقارن بحجمها وبشاعتها وكما تعودنا نحن الفلسطينيون القول ان بشاعة ارهاب الدول لاتقارن بارهاب الجماعات من حيث الكم والبشاعه.
    كم مليون سوري سيذهبوا الى المانيا لو استطاعوا ومن سيفوز ياترى في رئاسة سوريا لو ترشحت ميركل للرئاسه السوريه!!
    ربما يفضل الشعب السوري لو كان يسأل في هذه الامور ميركل آولا وللرئاسه!!

  3. يقول محمد الأحمد:

    لقد عريتهم يا استاذ سهيل واحسنت وأجدت، انه الحقد على كل ما هو عربي ومسلم ولهذا سلموا سوريا لهذه العصابة الغادرة (ال الاسد) على مدي الخمسين سنة الماضية، فلا مقاومة ولا ممانعة بل معالكة ونصب وقتل ودجل في كل شيء.ان داعش والاسد ليسا الا وجهان لعملة واحدة والتى تم صكها وحمايتها وترويجها بواسطة مالكهما الاول والأخير؛ الصهيونية العالمية وكل ما دون ذلك اثبتت الوقائع عدم صحته. ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، ولا بد لهم من الوقوع في دسائسهم وحقدهم وهذا ما حصل مع الشعب السوري الذي لن يكن او يستكين الا بعد الخلاص من هذه العصابة الحاقدة وكنسها الى مزبلة التاريخ انشالله

  4. يقول Samaher:

    مقال صادق عظيم بحجم عظمة الوجع والاسى الذي خطته اناملك الكاتب سهيل ……..وانا اعتبر محبرتك اشرف المحابر لانها لطالما غمست بوجدان هذه الامه ..وتبجيلا لكل حرف صادق نسجته اتبعك بما قاله اشرف المرسلين (محمد صلى الله عليه وسلم ) :- لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من أن يراق دم امرئ مسلم) للاسف الشديد ما نلتمسه اليوم معاكس جدا ففي شتى اوطاننا العربيه يبكون على هدم الحجر ولم نرهم يتباكون على شلالات الدم التي تنهال كالسيل من كل حدب وصوب ..ولو كانت هذه الدماء لغير المسلمين بل لو كانت لحيوان لقامت دنيا أمريكا والغرب والمنظمات ومجلس الأمن ولم تقعد، لينقذوا الآثار البشرية أولا ثم لينقذواالآثارالحجرية، لتكن ضمائرهم كضمائر البشراولا ..ليعوا ان كل روح تزهق لا تقارن بكل متاحف العالم وآثاره، مدن دمرت بسكانها بأعتى الأسلحة وأخطرها ..نساء انتهكت وشيوخ قتلت واطفال غرقت ومآسي لا زالت تعد وتحصى حتى اللا منتهى .. ولم يرف لهم جفن عين، للأسف في زمن الحضارة والإنسانية والتقدم والتطور أصبح الحجر أغلى وأهم من البشر، ضمائر ماتت وأخرى في سبات الى متى ….!!! الى متى …؟؟؟

  5. يقول ماهر:

    أخ سهيل: بشار يستقيل؟ له له. مين بدو يحكم سوريا؟ ما في غيره بفهم. لما جابوه من البيت وحطوه رئيس قالوا للسوريين إنه بعرف يستخدم الإنترنت….. هزلت
    وبعدين حتى لو بده يستقيل، هل سيدعه المرشد وحسن وبوتين يفعل ذلك؟
    هل هو أساسا يحكم؟ حتى قبل الثورة، هل كان حاكم سوريا هو بشار؟؟؟
    الله يكون مع السوريين وكل المسلمين وينهي محنتهم. اللهم غضبك على من آذاهم وم أيد وناصر من آذاهم.

  6. يقول لا بل الاثار غالية جدا:

    لا بل الاثار غالية وغالية جدا… دماؤنا رخيصة يا أخ كروي لأننا نحن أرخصناها لا للونها ولا نستطيع أن نلوم غيرنا… الغرب “الكافر” أرحم بكثير من عرب الشرق الأوسط … ولا تقول لنا لا اسلام ولا مسلمين فالوقائع على الأرض واضحة لا يمكن اخفائها وانظر فقط الى استقبال ألمانيا للاجئين…

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      وانظر الى استقبال هنغاريا (المجر) لنفس اللاجئين
      حياك الله يا عزيزي وحيا الله الجميع

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول ابو القاسم عمر السودان:

    حسبنا الله ونعم الوكيل نحن نعيش فى زمن غريب جدا ..الاطفال والشيوخ والنساء تهدم المنازل فوق رؤوسهم وبشار يستعمل السلاح الكيماوى فى الغوطه والالاف من أبناء الشعب السورى ( الحبيب) ركبوا البحار فى رحلة نحو المجهول
    ثم بعد كل هذا يتحدث الغرب المنافق عن (تدمير الاثار) عجبى

إشترك في قائمتنا البريدية