نواكشوط – «القدس العربي»: أكدت المعارضة الموريتانية «أن المسار الانتخابي الحالي المحضر للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المرتقبة، بعيد من أن يبعث على الطمأنينة، ولا يبشر بإمكانية تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة تمكن الموريتانيين من التعبير عن إرادتهم بحرية، بعيدًا عن الضغوط والمناورات».
جاء ذلك في بيان نشرته المعارضة، أمس، واحتجت فيه على اعتقال ثلاثة معارضين مترشحين للانتخابات المقرر تنظيمها مستهل أيلول/ سبتمبر القادم، وهم محمد ولد غده، الذي أكدت المعارضة أنه «موجود رهن الحبس التحكمي منذ عاشر آب/ أغسطس 2017، ومحمد ولد الشيخ المختطف، الذي هو، حسب قولها، منذ أسبوع، وبيرام ولد الداه المعتقل منذ يومين بحجة شكوى تقدم بها صحافي ضده». «إضافة إلى التسيير الأحادي لعملية تنظيم الانتخابات، تضيف المعارضة، بدأ المسار الانتخابي بتعيين لجنة انتخابية خارج القانون أظهرت عجزها عن القيام بالدور المنوط بها، ثم تواصل بتكوين ملف انتخابي ولائحة انتخابية مشبوهين، نظرًا لما اعترى عمليات الإحصاء والتسجيل من خروقات وغموض، مع إسناد هذين الملفين لهيئة خاضعة مباشرة للسلطة التنفيذية المنحازة».
وأضافت: «مع كل ذلك، نشاهد اليوم عمليات اعتقالات وحرمان صارخ من الحقوق تطال مرشحين للانتخابات، من أجل منعهم من تثبيت ترشحهم ومن أجل ترهيب المرشحين والناخبين على حد السواء، وأول هؤلاء هو المرشح برام الداه عبيد، الذي تم توقيفه بحجة شكوى مقدمة ضده، وقد اختارت السلطة اعتقاله اليوم الذي هو آخر أجل لتثبيت الترشحات لدى اللجنة «المستقلة» للانتخابات؛ فلماذا اختيار هذا التوقيت بالذات إن لم يكن متعمدًا لحرمان السيد برام من حقه في الترشح، خاصة وأن هذه الشكوى قد تم تقديمها للنيابة منذ فترة غير قصيرة، وليس هناك أجل قانوني للتعامل معها؟»، حسب تعبير المعارضة.
«أما المرشح الثاني المعتقل، يضيف البيان، فهو السيناتور محمد ولد غدة الذي حرم من الحضور لتثبيت ترشحه، وذلك في خرق سافر للمادة 47 من الدستور، والمادة 6 من القانون 029-2012 اللتين تحددان شروط الترشح على اللائحة الانتخابية للنواب؛ ومن المعلوم أن السيناتور محمد ولد غدة لا يزال رهن الحبس التحكمي منذ 10 آب/ أغسطس 2017، ولم يخضع حتى الآن للمحاكمة، وبالتالي فإنه لا يزال يتمتع بكامل حقوقه المدنية، ما يعطيه كامل الحق في الترشح».
وتحدث بيان المعارضة كذلك عما سماه «اختطاف المرشح الدكتور محمد ولد الشيخ منذ أزيد من أسبوع»، مشيرًا إلى «أن الاتصال بالدكتور ولد الشيخ، وحتى اليوم لا يعرف ذووه ولا محاموه ولا أعضاء الحزب الذي يرشحه، التهمة الموجهة له ولا الجريرة التي اعتقل بسببها».
وتابعت المعارضة احتجاجها قائلة: «إن هذه الحالات المقلقة تبرهن على التدخل السافر للسلطة التنفيذية في المسار الانتخابي واستخدامها للقضاء من أجل تصفية حساباتها السياسية، وممارسة الإكراه والضغط على المرشحين وترهيب الناخبين».
وطالبت المعارضة في بيانها «بإطلاق سراح المعارضين المعتقلين فورًا، وتمكينهم من ممارسة حقهم في الترشح وفي التمتع بحريتهم».
وجددت المعارضة مطالبتها «بتصحيح الانحراف الذي يطبع المسلسل الانتخابي الحالي منذ بدايته حتى يتمكن الموريتانيون من التعبير بحرية عن إرادتهم».
وتشارك المعارضة الموريتانية في الانتخابات المنتظرة دون أن تتوصل إلى تفاهم مع النظام الحكم يمكنها من تسيير هذا الاقتراع. وأكد الدكتور محمد ولد مولود، الرئيس الدوري للمعارضة، في تصريح أخير له «أن المنتدى المعارضة قرر المشاركة في الانتخابات المقبلة»، مشددًا التأكيد على أنه «لن يقبل التلاعب بإرادة الناخبين وتزويرها وسيقف بالمرصاد أمام ذلك كله».
وأوضح ولد مولود «أن المعارضة ستستخدم حقها عبر الطعن في شرعية اللجنة المستقلة للانتخابات».
وقال: «نعتبر اللجنة المستقلة للانتخابات فاقدة للشرعية والمشروعية، لأن القانون المنشئ لها ينص في مادته السادسة على أنها تشكل من طرف الغالبية والمعارضة، وواضح للجميع أن الذين نصبتهم السلطة في مكان المعارضة ليسوا معارضين فهم يمثلون طرفًا واحدًا مع الغالبية». وأضاف الرئيس الدوري للمعارضة: «الذين شكلوا اللجنة المستقلة للانتخابات لا يملكون الصفة القانونية الشرعية التي تخولهم تشكيلها والاستئثار بذلك، ومن أقصى غالبية أحزاب المعارضة في موريتانيا لا يمكنه أن يدعي بأن اللجنة بتوليفتها الحالية لجنة شرعية ولا وطنية، فهي مشكلة من جهة واحدة».
وقال: «إن ما ذهبت إليه السلطة بخصوص تشكيلها المعلن للجنة المستقلة للانتخابات قرار خطير؛ لكونه يدفع الانتخابات المقبلة لتكون انتخابات تطبعها النزاعات والمواجهات».
وأكد ولد مولود «أن المعارضة ستقوم بالتوازي مع المشاركة بفرض مسار انتخابي توافقي يضمن حياد السلطة وتكافؤ الفرص أمام كل الفرقاء ويفتح الطريق أمام التناوب السلمي على السلطة»، مطالبًا «بفرض رقابة جادة وكاملة من لدن الهيئات الدولية ذات المصداقية والتجربة في رقابة الانتخابات على غرار رقابة الانتخابات الرئاسية لسنة 2007، تلك الرقابة التي ظل النظام يتهرب من طلبها، حسب تعبيره، مكتفيًا بالحضور الرمزي لمراقبة هيئات محابية».