نواكشوط – «القدس العربي»: ينتظر أن تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط اليوم أكبر مسيرة تنظمها أطياف المعارضة لإظهار رفضها التام لتعديلات دستور العشرين من تموز/يوليو 1991، التي أجازها البرلمان مساء الخميس بـ 121 صوتاً من أصل 147.
ورغم الضغوط الكبيرة التي مارستها المعارضة لثني النواب عن التصويت لصالح تعديل الدستور، فقد صوت لصالح التعديلات 121 نائباً من أصل 147 وهو ما يزيد على نصاب ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية المشترط في الدستور لاعتماد أي تعديل. وتشمل التعديلات الجديدة ثلاث عشرة مادة من ضمنها ثلاث مواد خاصة بترتيبات انتقالية.
وتضمنت المادة الأولى من القانون المعدل للدستور، إلغاء أحكام المادة 8 من الدستور المتعلقة بالرمز الوطني واستبدالها بأحكام جديدة تقضي بإضافة شريط أفقي مستطيل أحمر اللون على جانبي العلم الحالي ويصل عرض كل من هذين الشريطين إلى 15% من عرض العلم، وكذلك تغيير النشيد الوطني.
وتقضي المادة 2 من القانون الدستوري بمراجعة المادة 46 من الدستور بما يسمح بالانتقال من برلمان مكون من غرفتين إلى برلمان مشكل من غرفة واحدة هي الجمعية الوطنية.
وشملت التعديلات إلغاء مجلس الشيوخ وهو ما استلزم تعديل 25 مادة وإلغاء اثنتين لارتباطها جميعاً- بشكل أو بآخر- بوجود برلمان مؤلف من غرفتين.
ونصت المواد 4 و5 و6 من مشروع القانون الدستوري الحالي، على تعديل عنوان ومادتي الباب الثامن من الدستور المتعلق بمحكمة العدل السامية، حيث تلغي المادة 5 محكمة العدل السامية المشكلة من برلمانيين وتستحدث هيئة قضائية جديدة مشكلة من قضاة مهنيين بدلاً منها، على أن تبقى سلطة تحريك الدعوى ضد رئيس الجمهورية والوزير الأول وأعضاء الحكومة، من اختصاص الجمعية الوطنية.
أما المادة 7 من القانون الدستوري الجديد فتتضمن دسترة المجلس الأعلى للفتوى والمظالم كمؤسسة استشارية وتوسعته بدمج مؤسستي المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية.
وتضمنت المادة 10 من القانون تعديلاً على المادة 98 من الدستور تنشئ بموجبه، مجموعات إقليمية جديدة، بالإضافة للبلديات، هي الجهات التي تديرها مجالس جهوية منتخبة وفق الشروط التي ينص عليها القانون.
ودافع جالو مامدو باتيا وزير الدفاع الوطني عن التعديلات الدستورية في عرض قدمه للجمعية الوطنية أكد فيه «أن تعديل المادة 8 المتعلقة بالرمز الوطني يأتي لإضفاء تحسينات على العلم الوطني تضيف ألواناً خاصة بتكريم وتمجيد من قدموا أرواحهم الزكية في سبيل استقلال البلاد».
كما دافع الوزير عن التعديل المتعلق بإلغاء غرفة مجلس الشيوخ مشيرًا إلى «أن إلغاء هذه الغرفة يجب النظر إليه من زاوية تجربة البرلمان المشكل من غرفتين لهما الدور نفسه تقريباً، حيث تتطلب مسطرة إقرار نص قانوني واحد مدة تسعة أشهر وهو ما يعيق تنفيذ السياسات الحكومية».
وقد أحدثت مصادقة الجمعية الوطنية على تعديلات الدستور ارتياحاً كبيراً في أوساط الحزب الحاكم، حيث أكد رئيسه سيدي محمد ولد محم في بيان وزعه أمس «أن إجازة التعديلات أظهرت بجلاء قوة التفاف الشعب الموريتاني عبر ممثليه الشرعيين وراء الخيارات الوطنية الكبرى، ووراء قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومشروعه الوطني».
وفي الجانب الآخر، أعلنت المعارضة الموريتانية «عن توحد جميع أطيافها في مسيرة وطنية كبرى مخصصة اليوم السبت للوقوف في وجه التلاعب بالدستور ورفض المساس به إبان الأزمات والتجاذبات السياسية الحادة».
ودعا حزب تكتل القوى الديمقراطية وحزب التناوب الديمقراطي أمس مناضليهما ومناصريهما، وعموم ساكنة نواكشوط، وجميع الخيرين من أبناء الوطن للمشاركة القوية في المسيرة التي ينظمها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، السبت 11 آذار/مارس 2017، للتعبير عن رفض الشعب الموريتاني المطلق للتلاعب بالدستور والعبث برموزه ومقدساته وتشويه علمه، ومحاولة تحصين الجنرال وشركائه من المفسدين من المتابعة على جرائمهم التي يرتكبونها أثناء تسييرهم».
هذا ونفى وزير الثقافة الموريتاني محمد الأمين ولد الشيخ الناطق باسم الحكومة أمس ما تحدثت عنه المعارضة من قمع وسجن لمناصريها في وقفات نظمت خلال اليومين الأخيرين.
وقال «إن الشرطة جاءت لتأمين المشاركين في التظاهرة التي لم ترخص لها الحكومة».
وجاء هذا التكذيب متزامناً مع بيان لحزب تكتل القوى الديمقراطية، أكد فيه الحزب «أن قوات الأمن البوليسي أقدمت على قمع تظاهرتين سلميتين منظمتين من طرف الحزب إحداهما في العاصمة الاقتصادية نواذيبو والأخرى في العاصمة السياسية نواكشوط رفضاً للمهزلة التي يحاول النظام تمريرها هذه الأيام ألا وهي العبث بدستور البلاد ورموز الدولة وقيم وثوابت الشعب الموريتاني».
وأضاف البيان «أن الشرطة تعاملت على مستوى ولاية نواذيبو بكل همجية مع الوقفة السلمية التي نظمتها اتحادية الحزب واستخدمت العنف بشكل مفرط لتفريقها وقامت باعتقال المسؤول الاتحادي للحزب على مستوى الولاية».
وجدد الحزب في بيانه «رفضه المطلق، لما سماه «المهزلة التي يحاول النظام تمريرها والمتمثلة في العبث بالدستور»، مؤكداً «على المضي قدماً في مقارعة قوى الاستبداد والتصدي بحزم لدعاة التفرقة والفتنة والعمل على حماية دستور البلاد بكل الوسائل المشروعة».
عبد الله مولود