نواكشوط – «القدس العربي» أكدت أحداث تتالت آخر الأسبوع الماضي وبداية الجاري اقتراب انفجار ثورة كبرى لشريحة «حراطين» موريتانيا وهي شريحة مستعربة ذات أصول زنجية عانى أوائلها من الرق وتعاني أجيالها الحالية من آثار العبودية.
فبعد أن قطعت حركة «إيرا» الناشطة في مجال محاربة الرق بزعامة بيرام ولد الداه المسجون حاليا بحكم قضائي، عبر خطابها المتطرف المقصي للمجموعة العربية، آخر روابط التعايش بين المكونتين العربية (البيظان) والزنجية المستعربة (الحراطين)، نظم شيب هذه الشريحة المعروفون بمجموعة الميثاق، مسيرة كبرى في نواكشوط وسط الأسبوع المنصرم تحت شعار «العدالة اليوم لا غدا».
وتوازت هذه المسيرة مع مؤتمر ساخن آخر نظمه شباب هذه الشريحة في العاصمة السنغالية داكار «لنقل قضية الحراطين من المحلية إلى العالمية»، حسبما أكده المنظمون.
كل هذه الأحداث طبعها خطاب مرير وصاحبها ترديد شعارات حادة تؤكد نفاد صبر نشطاء هذه الشريحة الذين يدعون أن عددها يفوق 57 بالمائة من مجموع السكان وأنها تعاني التهميش والغبن منذ عقود.
وأكدت اللجنة الدائمة لميثاق حقوق الحراطين «أن مسيرتهم التي جمعت عشرات الآلاف من المتظاهرين على اختلاف أعمارهم ولهجاتهم والقادمين من مختلف مناطق الوطن، تعتبر أبلغ رسالة ضد التهميش والغبن وأنجع استفتاء على حجم الرافضين للممارسات الاستعبادية وآثارها كما تبرهن على رفض المواطنين لكل مظاهر التزمت والتمييز العنصري وهيمنة شريحة بذاتها».
وكان المؤتمر الذي نظمه شباب الحراطين بداكار قبل يومين بمشاركة عشرات الطلاب أول حدث من نوعه خطابا ووعيا وتحديا، منذ أن بدأ سياسيو هذه الشريحة يطرحون قضيتها في موريتانيا مستهل سبعينات القرن الماضي.
«وتميز هذا المؤتمر»، حسب بيان صدر عن منظميه «بإمساك شباب هذه الشريحة بزمام المبادرة وبحضور ممثلين عن جميع التشكلات الحرطانية السياسية والحقوقية والمستقلة إلى جانب أساتذة وكتاب ومفكرين متحدرين من الشريحة نفسها».
وأكد المنظمون «أن مؤتمر داكار لشباب الحراطين يعتبر ردا على بعض كتاب ومفكري البلاط والمرتزقين من الطابور الخامس من الحراطين والمثمنين من أصحاب الحاشية من العرب البربر (البيظان) للنظام المارق المتحكم في البلاد».
وأوضح المنظمون «أن المؤتمر تولت تنظيمه حركة شباب الحراطين التي لا تتبع لأي جهة سياسية ولا حركية لا في موريتانيا ولا الخارج وليست لها علاقة مع أي دولة أخرى».
وأضاف البيان «أن هذه الحركة تهدف إلى لملمة شمل قومية الحراطين الذين يمثلون نسبة معتبرة في دول الإقليم السنغال ومالي وأغلبية في أرض الأجداد موريتانيا، مع الرفع من مستوى نضال الحراطين ونقل القضية من حصرها في الداخل إلى العالمية وإلى الجهات الدولية».
وناقش المؤتمرون في لقاء داكار، حسب البيان، «واقع شريحة الحراطين المزري والسبل الكفيلة بالخروج منه، إضافة الى التحديات الراهنة والآفاق المستقبلية لهذه الشريحة».
وشهد مؤتمر داكار تقديم عروض تناولت موضوعات منها التعريف بقومية الحراطين، وأربعون سنة من النضال: النجاحات والإخفاقات، وعلاقة الحراطين بالمكونات الأخرى للمجتمع الموريتاني في الحاضر والمستقبل، ومشكلة الحراطين والحلول، ودور المرأة الحرطانية في النضال، والحراطين والقوانين، وتراث الحراطين.
والأمر الجديد في خطاب الحراطين شيبا وشبابا هو انفصالهم عن الهوية العربية للشعب الموريتاني الذي ظل منذ أمد بعيد، إطارا يجمع شريحتي العرب والبربر ومستعربي الحراطين.
لقد ظهر في المشهد السياسي الموريتاني خطاب معاد لعرب موريتانيا يصفهم بممارسي العبودية في الماضي والصامتين عن الرق في الحاضر، كما يحمل المجموعة العربية البربرية الحاكمة في موريتانيا المسؤولية عن الواقع المزري الذي عاشه في السابق، ويعيشه حراطين موريتانيا اليوم.
وبالنظر لهذا الانفصام وهذا التميز الذي أصبحت تتبناه هذه الشريحة، فقد أثار مؤتمر شباب الحراطين حفيظة وسائل الإعلام الموريتانية ذات الخط القومي حيث نددت صحيفة «البديل» المحسوبة على الناصريين بما سمته «السكوت عن انعقاد مؤتمر شباب «الحراطين» في داكار بغض النظر عن مضمونه»، داعية «الجهات المعنية لوضع حد لهذه الحالة الغوغائية الناجمة عن الإفراط في استخدام الحرية».
وتابعت صحيفة «البديل» تعليقها على مؤتمر الحراطين قائلة «إن الحرية لا تعني الفوضى، والأعمى الذي يرقص في الحلبة وحيدا من الحكمة أن يوخز بالعصا مرة بعد أخرى حتى يدرك أن هناك من يتقاسم معه المكان، وإلا فإن كبح جماحه لن يكون سهلا مع مضي الوقت».
وختمت الصحيفة التعليق بالدعوة «لتوجيه رسالة واضحة ومحددة لكل المتعطشين للفوضى، الساعين لتقويض السلم الأهلي، من دعاة الفتن والحروب والصراعات، مفادها أن الدولة قادرة على الدفاع عن هيبتها متى ما أرادت، وأول خطوة في هذا الاتجاه هي توقيف ومساءلة كل من يقف وراء هذا المؤتمر، تنظيرا وتأطيرا وتحضيرا».
وتحت عنوان «قضية الحراطين.. المصالحة والمصارحة»، حذر الكاتب أماني ولد محمد سيدي مما أسماه « سياسة دفن الرأس في الرمال»، مؤكدا «الحاجة لمواجهة المشاكل بكل شجاعة لإيجاد حلول جذرية لها».
أما مطالب شريحة الحراطين فقد عبر عنها الكاتب المعلوم أوبك المنتمي لنفس الشريحة وذلك في مقال أكد فيه أمس «أن مسيرة العدالة 29 أبريل، تمثل رغبة من الحراطين في أن يفهم الجميع أن الدولة لا الأفراد، هي الضامن الوحيد للحقوق ويقع عليها تحقيق العدالة».
وأضاف «مسيرتنا تهدف لعدالة اجتماعية تضمن نظاما تعليميا لا تفرقة فيه بين الغنى والفقير أو المهمش، ونظاما صحيا لا ميز فيه بين المكونات، وفرص عمل كريمة للجميع على قدم المساواة، وطموحا لمنح الحراطين الحقوق التي تمكنهم من الوصول لمرتبة تجعلهم قادرين على أن يكونوا مواطنين، تهدف إلى خلق المساواة في المجتمع الموريتاني ومعاملة الجميع على قدم المساواة، فالحقوق لا تتجسد إلا من خلال المساواة كفعل عادل يعامل الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوت بينهم».
وختم الكاتب بصرخة مدوية قال فيها «لنقلها بملء صراخ أصواتنا: هنالك غضب عارم يسكن جيل شباب الحراطين من غياب العدالة وانعدام المساواة وتكافؤ الفرص وضياع فرص الحياة نحو الأفضل.. وسنصرخ ونصرخ بأعلى صوت لنؤكد بأن الحراطين عانوا في الماضي والحاضر من الظلم الذي لا يزال يطحنهم؛ ونحن سنكمل مسيرة العدالة لإيماننا بأنها هي وسيلة العبور نحو موريتانيا المستقبل».
والواقع أن ما يخشاه اليوم عرب موريتانيا الذين يسمون محليا بالبيظان والذين يحكمون البلد منذ عقود هو أن يتحد الحراطين ضدهم مع الأقليات الزنجية التي تتبنى هي الأخرى خطابا إقصائيا متطرفا معاديا للمجموعة العربية.
يذكر أن شريحة «حراطين موريتانيا» تطرح منذ بداية سبعينيات القرن الماضي مطالب ملحة للإنصاف والمساواة في مقدمتها قضية الرق ومحو آثاره المتشعبة مع التميز عن العائلات العربية والزنجية التي مارست الرق في الماضي.
وبضغوط من سياسيي مجموعة الحراطين، تم إلغاء العبودية ثلاث مرات في موريتانيا آخرها سنة 1981 ثم صدر قانون يجرم العبودية والممارسات الاستعبادية في شهر آب/أغسطس سنة 2007. وحاول الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع احتواء أزمة «الحراطين» التي انفجرت في خضم عهده حيث عين أفرادا منهم في مسؤوليات كبيرة، غير أن الأزمة لم تحل بل بقيت مطمورة جمرا تحت الرماد.
ورغم أن شخصيات من شريحة «الحراطين» تتولى حاليا مسوؤليات كبيرة في الدولة الموريتانية، بينها رئيس البرلمان محمد ولد ابيليل ورئيس المجلس الدستوري الصغير ولد امبارك، إلا أن الفترة الحالية تشهد تحركا واسعا لنشطاء منهم بينهم الساموري ولد بي وبينها بيرام ولد اعبيدي وآخرون.
ويرى محللون أن هذه المجموعة لاحظت رضوخ الحكم لمطالب «الزنوج» فانبرت هي الأخرى لتنتزع في فترة الاهتزاز السياسي التي تشهدها موريتانيا حاليا، حقوقا لها وتموقعات.
ويتألف المجتمع الموريتاني من القبائل العربية البربرية والقبائل الزنجية (البولار و»السنوكي» و»الولف» و»البامبارا»)، ومجموعة «الحراطين».
ذا ولا توجد إحصائيات متفق عليها لكل واحدة من هذه المكونات، إذ يدعي العرب أنهم مع «الحراطين» يشكلون الأكثرية بينما يرى «الحراطين» أنهم يشكلون لوحدهم نصف عدد سكان موريتانيا.
عبد الله مولود
يظهر ان وارثين الاستعمار الفرنسي او الاوروبي في البلاد الافريقية والاسيوية وحتى العربية لن تجد غير الاسلام اجتماعا ووحدة لصفها والانصاف لجميع مكونات الشعب لان الدين الاسلامي الذي جاء لنشر الحرية والتخلص من الرق والعبودية لغير الله فهل يستيقظ الحكام من سباتهم واهمالهم لقضايا الشعوب المظلومة فالى متى لقول الله تعالى ان الله ياءمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظمكم به ان الله كان سميعا بصيرا 0
allah twaklo ala allah