نواكشوط – «القدس العربي»: دخلت الساحة السياسية الموريتانية بشكل محسوس أمس خضم المعارك السياسية الممهدة للانتخابات النيابية والبلدية المقررة مستهل شهر أيلول/سبتمبر المقبل والتي تشارك فيها المعارضة بكل فصائلها بعد مقاطعة أطيافها المتشددة لانتخابات 2013 التي أفرزت أعضاء الجمعية الوطنية الحالية.
واتهم الحلف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية في بيان وزعه أمس «نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالعمل على تفكيك المجتمع الموريتاني عن طريق إحياء
وإذكاء النعرات العرقية والقبلية والشرائحية من أجل إحكام قبضته على البلد، وهو ما بدا جليا، يضيف الحلف، من خلال حملة انتساب حزبه الأخيرة، وترشيحاته للمجالس البلدية والجهوية».
«والأخطر من ذلك، يضيف الحلف، هو أن السلطة أقدمت على تعريض البلاد لمخاطر لا يمكن التنبؤ بعواقبها من خلال الزج ببعض جنرالات الجيش في أتون السياسة الحزبية والقبلية، في مخالفة صارخة للنظم التي تحكم المؤسسة العسكرية والأمنية، وللقوانين المتعلقة بحياد الإدارة، وتلك المتعلقة بالشفافية والتعارض بين بعض الوظائف والتدخل في المسار الانتخابي».
وتابع الحلف انتقاده للزج بجنرالات الجيش في السياسة قائلا «إن القوات المسلحة وقوات الأمن يجب أن تبقى جسما واحدا منسجما، يؤدي مهامه بتجرد لخدمة الوطن والمواطن، بعيدا عن التخندق والاصطفاف، فالانتماء للوطن، وللوطن وحده، يجب أن يظل دائما فوق كل القناعات الشخصية والانتماءات الفردية».
«إن إقدام بعض الجنرالات، يضيف الحلف الانتخابي للمعارضة، بصورة علنية على جمع الوحدات القاعدية لحزب السلطة، وتنظيم الاجتماعات القبلية في بيوتهم، والتدخل السافر في الترشيحات الحزبية، وقيادة الطوائف السياسية في ولاياتهم، يفتح المجال أمام كل ضابط وكل ضابط صف وكل جندي في التعبير العلني عن قناعاته السياسية والانحياز لانتماءاته القبلية والجهوية، وعندها لن تكون تسوية الخلافات السياسية والصراعات القبلية عن طريق المناظرات والمطارحات السلمية».
وأضاف «إن إقحام بعض قادة الجيش وقوات الأمن في السياسة يعني تصدير الخلاف والشقاق إلى المؤسسة العسكرية، مما يعني تفكيك هذه المؤسسة التي هي الضامن الوحيد لوحدة البلد وأمنه واستقراره، وهذه الاعتبارات هي ما جعلت جميع دول العالم تنأى بقواتها المسلحة وقوات أمنها عن ممارسة السياسة».
وطالب الحلف الانتخابي للمعارضة في بيانه «بالوقف الفوري لدخول بعض قادة الجيش وقوات الأمن في المعترك السياسي والقبلي، لما لذلك من خطر على وحدة البلد وأمنه واستقراره»، مشددا «على بقاء القوات المسلحة وقوات الأمن مؤسسات جمهورية تؤدي مهامها النبيلة بكل تجرد ومهنية.»
ودق الحلف «ناقوس الخطر أمام هذه الممارسة الشاذة التي تعرض البلد ومؤسساته العسكرية والأمنية للخطر»، حسب تعبير الحلف.
وبينما تقدم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم حاليا بقوائم في جميع الدوائر الانتخابية، عقدت أحزاب المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم، تحالفات بين قوائم مترشحيها في معظم الدوائر، مع التركيز على العاصمة نواكشوط التي رشحت المعارضة لها أبرز وجوهها.
وطغت التحالفات السياسية على أجواء الاستعداد للانتخابات البلدية والجهوية التي ستشهدها موريتانيا بداية شهر سبتمبر/ المقبل، وأغلق باب الترشح لها ليلة الجمعة الماضية.
وأظهرت الخريطة الأولية لترشحات المجالس البلدية والجهوية، اعتمادا واسعا لأحزاب المعارضة على التحالفات السياسية، من حضور أكبر في العديد من الدوائر الانتخابية، على الرغم من تمايزها في كتل سياسية متباينة.
ووقعت كتلة من أحزاب المعارضة الديمقراطية، التي قاطعت الانتخابات السابقة، اتفاقية شكلت من خلالها ما سمته «الحلف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية»، ضمنت من خلاله التحالف في الشوط الثاني.
كما أن عدداً من أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار مع السلطة، وقعت هي الأخرى اتفاقية تحالف سياسي، مكنتها من التقدم بلوائح ترشح مشتركة في العديد من الدوائر الانتخابية، للمجالس الجهوية بشكل أساسي.
وتقدمت أحزاب التحالف الشعبي التقدمي، برئاسة رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير، والوئام الديمقراطي الاجتماعي بقيادة الوزير السابق بيجل ولد هميد، والتحالف الوطني الديمقراطي، الذي يقوده النائب السابق يعقوب ولد امين، بلوائح مشتركة في جميع الدوائر الانتخابية للمجالس الجهوية.
ونسقت أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يوصف بأنه أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، على مستوى لوائح الترشح للمجالس الجهوية.
وكان حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «المحسوب على الإخوان»، من أكثر أحزاب المعارضة اعتماداً على نفسه، مع أنه لجأ في بعض الأحيان للتحالف مع بقية أحزاب المنتدى، إذ نجد أنه قدم 13 لائحة جهوية، من ضمنها 4 فقط بالتحالف مع زملائه في المعارضة والباقي بقوائم خاصة بالحزب.
أما التحالف السياسي الأكثر إثارة ما بين حزب الصواب المحسوب على حزب البعث العراقي وحركة «إيرا» الحقوقية المحاربة للرق بطريقة توصف بالتطرف، فقد تقدم هذا التحالف بتسع لوائح جهوية مشتركة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى 74 لائحة على مستوى المجالس البلدية.
وتؤكد المؤشرات القائمة أن انتخابات سبتمبر/ايلول النيابية والبلدية والجهوية ستكون حامية الوطيس بالنظر لاتساع قاعدة المشاركة فيها ولأن المعارضة الموريتانية اضطرت للمشاركة فيها بدون اتفاق على آليات تنظيمها مع السلطات.
وينتظر أن تنعكس الخريطة التي سترسمها الانتخابات المقبلة بصورة ضاغطة على أجواء الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام المقبل والتي ستشهد مغادرة محمد ولد عبد العزيز للسلطة بعد عشر سنوات من الحكم.
اينماحلت او كانت الجنرالات فتأكد الن الموت الاكلينكي ينتظر كل الشعب