لا يكاد يمر أسبوع الا ويجد المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو نفسه متورطاً في أزمة، أو يعاني اخفاقاً جديداً بخسارة فريقه تشلسي، الذي بات مركزه الخامس عشر في الدوري الانكليزي بنقاطه الـ11 ليس سوى أسوأ بداية في تاريخه. رغم ان مباراته التي أقيمت امس ضد ليفربول كانت من المفترض ان تكون الاخيرة له في حال خسرها، بحسب التقارير المريعة المرتبطة بحال «السبيشال وان».
قبل بداية الموسم الجاري، لم يتخيل أشد المتشائمين ان تكون بداية الفريق اللندني بقيادة بهذه الصورة، بل لم يتوقع أحد على الاطلاق ان يخسر الفريق 5 من أول 10 مباريات (قبل مباراة ليفربول)، وهو يفوق بمباراتين ما خسره طيلة الموسم الماضي، وكلما حاول مورينيو اصلاح الامر يبدو انه يزيده تعقيداً، داخل الملعب وخارجه، بل أصبح للمرة الأولى في مسيرته يتوسل رئيسه، بان يمنحه وقتاً أكثر لاصلاح الاعطاب، واعادة الفريق الى مساره الصحيح.
قد تبدو الأوضاع الحالية هي الأشد وطأة على المدرب البرتغالي، الذي دائماً ما يتباهي بسجل انجازاته، وقدرته على تحقيق الالقاب والنجاحات، لكن في الواقع هذه ليست المرة الاولى التي يرزح فيها مورينيو تحت ضغوط كبيرة، لان مسيرته ملأى بالضغوطات والجدل. ففي مطلع مسيرته التدريبية في العام 2000، عندما عين مدرباً للعملاق البرتغالي بنفيكا، فان كل ما كان يخشى منه ويتخيله ويخشى وقوعه، حدث بالفعل، فرئيس النادي الذي اختاره لتدريب الفريق خسر انتخابات رئاسة النادي ورحل، وكون مورينيو لا يملك سجلاً سابقاً في عالم التدريب، فانه بات تحت المجهر تلقائياً من الادارة الجديدة. وفي مباراته الرسمية الاولى مع بنفيكا، فان الفريق تأخر بهدف في الدقيقة الاولى من المباراة، وفي مباراته الثانية أقصي من كأس الاتحاد الاوروبي بعد خسارته على أرضه. وفي مباراته الثالثة، قرر قائد الفريق كالادو بين الشوطين انه لن يعود مجدداً الى أرض الملعب، وتوجه مباشرة الى غرفة الاستحمام، والسبب أن منافسه في الملعب أطلق شائعات وعبارات تفيد بانه شاذ جنسياً. وفي ظل هذه الظروف العصيبة، لم يكن مورينيو في أعين الجماهير والاعلام سوى «المترجم» لعملاقي التدريب بوبي روبسون ولويس فان خال عندما دربا برشلونة، ومورينيو لا يملك ذلك السجل الحافل عندما كان لاعباً كي يحميه من الانتقادات والضغوطات.
ومع كل ذلك، تغلب مورينيو على هذه المرحلة الصعبة ولم تكسره، مثلما تغلب على مرحلة طرده من تشلسي في الحقبة الاولى في 2007، وجلوسه من دون عمل لسبعة شهور، مثلما تحمل، بل واجه ضغوطات الاعلام الايطالي الشرس عندما درب انتر ميلان، ومن بعدها واجه، ربما، أصعب تجاربه مع العملاق ريال مدريد، عندما تعرض أقسى هزيمة في مسيرته في الكلاسيكو الاول امام برشلونة، بخسارته 0/5، قبل ان تنقلب عليه جماهير الريال، بل قلب عليه أيضاً نجوم الريال واعلامه، الذين اتهموه بمحاولة ضرب الوطنية الاسبانية، واثخان الجرح المدريدي ـ الكتالوني، وهو ما رفضه الجميع، ليعود بعدها الى مكان «يحبه الجميع».
نعم عاد الى تشلسي، بخبرة أكبر من السابق، لكن لم تختلف العادة، بتعبئة نجومه وحثهم واقناعهم بان العالم كله يكرههم، وانهم في معسكر واحد ضد الشر، وان عليهم القتال ضد الجميع، وهو أسلوب عادة من ينجح في الموسم الاول، ويقود في الموسم الثاني الى احراز لقب الدوري، لكن في الثالث تتفجر الامور، وهذا ما يحدث حالياً في تشلسي، وهو بالضبط مع حدث معه في الريال، وهو ما أزعج مورينيو عندما سئل ان كان سبب الاخفاق هو عدم قدرته على التدريب لأكثر من 3 مواسم.
الموسم الحالي بدأ بصدام مع طبيبة النادي ايفا كارنيرو في المباراة الأولى، وقاد الى رحيلها، لكن الموقف جلب العديد من الانتقادات، بينها من عائلات نجوم تشلسي وموظفيه. ومع استمرار النتائج السلبية، فان مورينيو وجد العذر في الحكام وفي منافسيه (مدرب أرسنال فينغر) لتخفيف الضغوط عن لاعبيه، من دون محاولة علاج الأزمة داخل الملعب. فغرمه الاتحاد الانكليزي 50 ألف جنيه استرليني بسبب تعليقاته ضد الحكام، وفي محاولة للثأر، فانه انتقد الحكم لكن عقب مباراة تشلسي في دوري الابطال، وكأنه يقول للاتحاد الانكليزي، اليويفا لن يعاقبني مثلما تفعلون. وعقب خسارته أمام وستهام في الدوري، فانه يواجه غرامة أخرى من الاتحاد الانكليزي بسبب عدم تحدثه لوسائل الإعلام وعقوبة جديدة بسبب طرده.
ورغم اعلان ادارة تشلسي علناً انها تقف الى جانب المدرب البرتغالي، لكن قلة باتت تعتقد ان مورينيو سينهي الموسم مع تشلسي، وكثيرون على قناعة ان الأزمة الحالية قد تنهي أسطورة «السبيشال وان»، الذي بنى غطرسته وجنون عظمته على انجازاته وألقابه، لينقلب الحال الآن، ويصبح تعامله مع الازمات المتلاحقة مجرد «جنون» فحسب.
خلدون الشيخ