الأفكار وحدها تطْوي المسافات، وتصِلُ الماضين باللاحقين، وفي غمْرة الشعور بالانتماء لذلك الركب السائر عبر التاريخ، تتبدّد وساوس اليأس من الإصلاح، ويجد المرء في الحياة مرعىً خصيبا ليحلم بالأعمال الكبيرة، ويخرج من سجن الجيل الذي قال عنه الرافعي «تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليتلهّى بها».
غرقت في كتبه، وبغرقي هذا نجوت، نعم هكذا كان الحال مع شيخ الإسلام ابن تيمية، هناك مَن بث في قلبي الفزع تجاه تلك الشخصية التي كِيلت لها الاتهامات بالتكفير والتكريس للغلو وصناعة الفرق والاختلاف، وهالني ما رأيت من نصوص له اجتزأها أهل التضليل والغواية، فقابلت التخويف منه بجرأة السباحة في بحر علومه وتصانيفه، وجمع أطراف حديثه، وضمِّ ما أجمَلَه إلى ما فصّله، لأقف على الحقيقة التي صرتُ وما زلت أنافح عنها، أنّ ذلك الفذّ الثِّقة قد أصّل لفقه الائتلاف، يتلقى اتّهَامه بالكفر بالاعتذار عمّن كفّره، يتخذ من الحوار البنَّاء نهجا، يُبرز خِصال الخير في مخالفيه قبل نقدهم، يتمرد بوعي على الجمود الفقهي، ويراعي فقه الأولويات وضرورات الواقع.
فلما عرفته هِمْتُ به كحال عاشق يسكن الصحراء، حيث العاطفة الرحبة التي تتناغم مع اللاحدود، وحيث الطبيعة العذراء المُلهمة، وودت لو كنت أحد شعراء عصره فأنتصر له بالاسترسال مع فطرة الجمال، ومقارعة شانئيه الذين ناجزوه لدى العامة بِرقّة الشعر وروعة البيان.
أفلا ألتقيه؟ بلى قد حان الموعد.
وفي يوم مسْغبةٍ أحاطت بجفاف روحي، أتاني البشير وكأنه قميص يوسف، فارتدّت إليّ همّتي عندما عرضَتْ عليَّ شركة إنتاج المشارَكة في فريق البحث الخاص بعمل درامي يتناول سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية.
قلت مَرْحى، هي فرصتي لخدمة تراث هذه الشخصية التجديدية، أن أشارك بجهد المقلّ بحسب ما يسر الله لي مع نخبة من الباحثين، أنا لهم تَبَعٌ، لنبحر معا في تاريخ تلك الشخصية والوقوف على ما يلزم لخدمة السيناريو الذي سيكتبه أحد الموهوبين، تحت قيادة مخرج مُبدع.
ألا أيها القارئ لا تعجل عليّ بالعذْل متهما إياي بالخوض في شأني الخاص، فسعادتي بالعمل على خدمة تراث ابن تيمية، توازيها فرحة أخرى تغمرني، إنها فرحتي بولادة مشروع طالما حلمت به وكتبت عنه ودعوت إليه، إنه حلم الدراما الهادفة، التي تبني الشخصية المسلمة، تبني المجتمع المسلم الذي يتعرض لطوفان من المواد الدرامية التي تسلبه قِيَمه وهويته.
التأثير العميق للدراما في نفوس الشعوب لا يحتاج إلى برهان، فقد استطاعت الولايات المتحدة من خلال هوليوود رسم صورة ذهنية بين شعوب العالم تنسجم مع تطلعاتها وأطماعها. كما تُعد الدراما إحدى أبرز أدوات القوة الناعمة، ولا أدلَّ على ذلك من الغزو الثقافي الهندي للأمة الإسلامية العربية عن طريق الأفلام الهندية، التي عرَّفت المواطن العربي بالعادات والسلوكيات والأنماط الحياتية داخل الهند. ثم يأتي تأثير الدراما الهابطة التي تخضغ غالبا في الوطن العربي – كجزء من الإعلام – إلى النظرية السلطوية التي يكون مصدرها فلسفة السلطة المطلقة للحاكم، فتصبح الدراما أداة لترويج ودعم سياسات الأنظمة، وتعمل على تشكيل الرأي العام بما يتناسب مع توجّهات الحكام.
لقد اكتسبت الدراما أهميتها من كونها نابعة من النزعة الفطرية البشرية للمحاكاة، ومن ثمّ تنسجم اتجاهات الإنسان النفسية مع العمل الدرامي، الذي يتألف من كلمة تُجسّدها الحركة والفعل والإيحاءات النفسية. إننا لا نجد عناءً في رصد تأثير الدراما على العلاقات الاجتماعية والإنسانية، فعن طريق الدراما المُغرضة تفكّكت أواصر المجتمع، حيث أصبحت – على سبيل المثال – العلاقة بين الطالب والمُعلم تجري على غير مثال سابق، بعدما أهْدرت السينما العربية كرامة المعلم، عن طريق الأنماط والقوالب السلبية التي أظهرته من خلالها. وتأثرت العلاقة بين الزوجة وحماتها في البيت المسلم، فبعد أن كانت تُمثل لها أُمّا ثانية، صارت حربا ضروسا بينهما للاستيلاء على الزوج الكادح، الذي يعود من عمله مُتعبا لتستقبله الأزمات المتلاحقة بين الأم والزوجة، وعليه أن يختار بينهما، فلا ريب أن الدراما التي جسدت أمّ الزوج في قوالب الشر والسوء، صنعت حاجزا في نفوس الفتيات بأثر تراكُمي.
فكيف الأمر لو كانت هناك دراما هادفة تغرس القيم في الأجيال الناشئة، وهم في بيوتهم، تُعرفهم بتاريخهم المجيد لينطلقوا منه إلى البناء والنهضة، تعالج قضاياهم وأزماتهم الاجتماعية في إطار نظيف لا يخرج عن إطار الشريعة والقيم الاجتماعية المتناغمة معها.
كاتبة أردنية
إحسان الفقيه
ابن تيمية و428 فتوى بعنوان: (يستتاب وإلا قتل)
التكفير .. إنه أبرز أمراض المسلمين اليوم، وهو مصدر ثقافة الكراهية التي تعصف بالمسلمين وتحول دون انفتاحهم على الحياة، وهو مصدر فوضى الدماء التي يعانيها المسلمون اليوم، وتحت هذا العنوان تحديداً ترتكب أشد الفظائع في المجتمعات الإسلامية.
وينصحك كثير من الناس أن تؤجل المواجهة مع التراث إلى زمن نتصالح فيه مع أنفسنا، ويقولون الوقت غير مناسب لفتح خلافات الماضي، وعلينا أن نبحث عن خطاب يوحد ولا يفرق، ويجمع ولا يمزق.
وكأن الأمة موحدة مستقرة لا يعكر صفوها شيء، وكأن الأمة لا تعيش فوضى القتل والدماء والتكفير، وكأن الناس لا تشاهد كل يوم حز الرقاب وقطع الرؤوس وفتاوى الردة والتكفير التي يتلوها زبانية قساة تحت الرايات السوداء يستبيحون بها دماء الناس وأعراضهم وأموالهم.
فهل علينا أن نصمت حتى لا نعكر هدوء ساحات القتل المنتشرة في المدن المنكوبة بالرايات السوداء؟ وهل علينا أن نوفر للمحاربين الجهلة القساة فرصة تنفيذ أحكامهم بهدوء حتى لا نشرخ وحدة الصف الإسلامي؟
ابن تيمية… فقيه إسلامي هائل يملأ الدنيا ويشغل الناس، وهو الإمام الأول لحركات السلفية الجهادية، وهناك عشرات الملايين من المسلمين يعتبرونه أهم إمام في الإسلام ويسمونه شيخ الإسلام وهو لقب لم يحظ به أحد في التاريخ قبله ولا بعده.
شيخ الإسلام ابن تيمية ترك تراثاً كبيراً، كان متفرقاً في الكتب الصفراء حتى قامت السعودية ومؤسساتها الدينية الرسمية بنشر فكره وكتبه، وبإمكانك أن تجد فيها هذه الفتاوى.
هذه سلسلة فتاوى لا يحق لدولة محترمة أن تأذن بروايتها على لسان عاقل، ويتعين محاكمة من يفتي بذلك وزجه في السجون لدرء شره عن الناس، وبالمناسبة فهذا ما فعله الوعي الإسلامي بابن تيمية أيام الناصر بن قلاوون 726 هجرية، وهذا ما اقترحه الفقهاء الكبار المعاصرون لابن تيمية كابن حجر الهيتمي المكي صاحب كتاب الصواعق المحرقة وأبي الحسن السبكي وولده التاج والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية الذين عاصروه.
ومع أن المؤسف أن الروايات التي أشارت إلى فتاوى العلماء في سجنه لم تتحدث عن هذه الفتاوى التكفيرية وإنما تناولت فتوى تحريم زيارة قبر الرسول وفتوى إيقاع طلاق الثلاث بواحدة، ولكن فيما يبدو ان الأسباب الحقيقية لسجنه لم يذكرها من ترجم لحياته، وعلى كل حال وبغض النظر عن تار
ليس ابن تيمية إلا إنسان عادي , يصيب و يخطئ , سواء بالمفهوم العلمي أو حتى الغيبي الديني .. و هو فوق ذلك ابن عصره و ابن بيئته .. نعرف أنه كان هناك على الدوام محافظون و آخرون مؤمنون بالتطور و آخرون يدعون إلى التغيير العنيف و الجذري لكل شيء , ابن تيمية كان محافظا مثله مثل محافظي هذه الأيام , سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو هندوس , الخ .. ليس مفاجئا أن كل هؤلاء قد يختلفون على اسم الرب و نبيه الحقيقي لكنهم يلتقون جميعا على محاربة الإجهاض و ما يسمى بحقوق المرأة و المثليين و على حدود حرية التعبير و العقل في نقد الأفكار السائدة خاصة نقد مقدساتهم الخ .. لم يسمع ابن تيمية بنظرية البينغ بانغ و لا نظرية التطور و لا فيزياء الكوانتم أو النسبية , بينما لا يعنيني و لا يعني أحدا نقده لأرسطو و ابن سينا و المعتزلة و الجهمية و الصوفية الخ التي تدرس فقط في حصص التاريخ .. سواء كان متطرفا أو مدافعا عن الإسلام أو تكفيريا أو شيخا جليلا فإن هذا لا يجعله شيئا أكثر من إنسان من عقل و لحم و دم , مثلنا جميعا .. أخيرا أجد من غير المنطقي أن يقوم ابن تيمية الذي لم يتزوج و لا تسرى بجارية بتعليم الآخرين أمور الحب و الجنس
لله ذرك لم اقرأ المقال ولكن على العموم سيسير على نهج سابقيه
محبتي
لله ذرك بصراحة لم اقرإ المقال ولكن على العموم سيكون على نهج سابقيه لله ذرك
على بركة الله أختاه … الفكرة رائدة وأنتم أهل لها فامضوا تحفكم رعاية الله وتوفيقه
شارك ابن تيمية في خمس معارك وكان شيخا : فتح عكا، وقتال الباطنية، ووقعة قازان ، والدفاع عن دمشق، ومعركة شقحب وسجن 7 مرات، ومات في السجن .
في الدفاع عن دمشق ضد المغول عام 1303 ، بدأ ابن تيمية تحريض أهل الشام في دمشق وحلب وانتدبه الناس للسفر إلى مصر لملاقاة سلطانها الناصر محمد بن قلاوون، وحثه على الجهاد وأعاد نشر فتاويه في حكم جهاد الدفع ورد الصائل ثم سافر إلى أمير العرب مهنا بن عيسى الطائي فلبى دعوة ابن تيمية لملاقاة التتار. وفي وقت المعركة قال لهم : اين الموت ؟ قالوا : في القلب ( أي قلب الجيش ) ، فكان في القلب .
اندلعت الحرب بقياد السلطان الناصر والخليفة المستكفي بالله الذي كان يقيم في القاهرة فدامت يومين انتهت بانتصار المسلمين.
__________________
حياك الله على جرأتك والى الامام امنياتي لك بالتوفيق
أعداء الأمة يخططون بصورة علمية ومدروسة لضرب أعمدة الأمة ورموزها والتي تشكل جزء مهم من تكوين هوية الأمة ومن هنا نجد كيف يجند الأعداء من هم من أبناء جلدتنا للنيل من هذه الرموز وأخرها كان تطاول بعض الأقزام على شخص صلاح الدين، ومن هنا علينا أن نعمل على ابراز هذه القامات لكي تستلهم الأجيال منها العلم والثقة وتشكل القدوة بدل ما تصنعه لنا بعض البرامج الهابطة من قدوات يتم تكوينها ببضعة أشهر لتكون نماذج لأجيالنا.
سلمت اناملك ايتها الرااااائعة…….
إستمري فأنتي احد منابر النور اللتي تضيئ لنا الطريق……
نسأل الله لكم التوفيق و السداد مقال ممتاز