الناصرة – «القدس العربي»: على بعد نحو مائة متر من المسجد الأقصى غرب ساحة البراق تقام عمارة استيطانية جديدة يشارف بناؤها على الانتهاء، وترمز لعمليات تهويد المدينة. ويرى المركز الإعلامي لشؤون القدس والأقصى «كيوبرس» أن هذه العمارة المسماة بـ « إيش هتوراة « (نار التوراة) تقرّب فكرة المشروع الصهيوني لبناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى، في الموقع الفاصل بين حارتي الشرف والمغاربة.
ترتفع هذه العمارة العملاقة لثمانية طوابق وتجسد الاحتلال في أبشع صوره من حيث هدم البناء والعمران الإسلامي وحضارته، وبناء مركز توراتي يمرر الرواية التلمودية ويحاول التأسيس لمرحلة بناء الهيكل المزعوم. وتم إنجاز المبنى بعد 15 سنة من العمل المتواصل وبميزانية عشرين مليون دولار أغلبها من تبرعات أثرياء اليهود في الولايات المتحدة، ومن الممثلين كيرك دوغلاس وابنه مايكل دوغلاس.
بعد ست سنوات من الافتتاح الرسمي ينظم المركز «نار التوراة» فعاليات واسعة بطابع سياحي توراتي، تقترب شيئاً فشيئا نحو المسجد الأقصى ومحيطه القريب، كلها تمجيد لفكرة الهيكل الثالث كما يستدل من البرنامج المكتوب المعتمد. تشمل هذه الفعاليات مرافقة الزائرين اليهود من كل العالم في جولة في «حارة اليهود» وبيوتها وأزقة القدس القديمة، جولات جماعية منظمة ومنسقة مسبقاً للعائلات والطلاب الثانويين والجنود، زيارة لما يسمى بحارة اليهود – حي الشرف المصادر والمهدوم من قبل إسرائيل بعد احتلالها عام 1967.
كما تشمل زيارة البيوت والتعرف على ساكنيها اليهود وهم المرشدون عمليا فيها فيتحدثون عن أنفسهم وكأنهم أصحاب المكان الأصليون، والاستماع اليهم ولشروحات عن حياتهم، والتاريخ القديم، الحاضر والمستقبل، والعيش الفريد والخاص داخل هذه الحارة القريبة من المسجد الأقصى ومنطقة البراق والمواقع والوقائع التاريخية التي تتحدث عن تاريخ يهودي في الموقع. وتنظم الجولة كل أيام السنة.
كما يشمل البرنامج الصعود إلى سقف العمارة المطلة على البلدة القديمة، زيارة المجسم الأكبر في العالم للهيكل المزعوم المنصوب على سقف المبنى ومشاهدة «حفل موسيقي متميز بأدوات موسيقية تمزج بين القديم والجديد بروح التسامح وقصص عن ذلك».
وفي فعالية أخرى بعنوان «تمتع في رحاب القديمة/ تحت شعار القدس نور العالم» تدعو «نار التوراة» لـ «جولة تعظيم شعائر مختلفة قبل زيارتكم للمبكى (البراق) تحت شعار القدس نور العالم». وفي الشرح يقول القائمون على «نار التوراة» إن القدس ليست مجرد مدينة عمرها 3000 سنة، بل هي قلب الأمة، حجر الأساس ومحور الشوق والحنين، في كيلومتر من المساحة حيث تقع القدس القديمة، تحتفي بالتاريخ العريق المليء بالوقائع للشعب اليهودي من «ذبح» إسحاق، مرورا بمملكة داوود وحتى بناء الهيكل، هذه الجولة تحاول الرجوع بك إلى تلك الأيام واللحظات التاريخية التي تشعرك وكأنك تعيش في تلك الأيام».
وبالطبع يعتمد البرنامج مصطلحات تهويد المدينة بالقول «نطّلع على جبل موريا مدينة داوود والقدس نشعر ونلمس معا سحر الشوق إلى أرض الأجداد والآباء، نرجع 2000 سنة إلى الوراء ونزور مجسم الهيكل، نستشعر الهيكل وعظمته». وفي الفعالية المعدة لعيد الأنوار «الحانوكا» بعنوان «أضواء بالقديمة يكتشفون الضوء ويشعلون النار». ويوضح «نار التوراة» أن هناك معاني وتجليات خاصة في أزقة القدس القديمة، مئات المشاعل والشمعدانات المضيئة، الجو «الأورشليمي» اللطيف، يضاف إليه اضاءة الشمعدان على أنغام النشيد المتناسق مع أيام الحانوكا التقليدية.
عيد الشجرة
وهكذا في ما يعرف بعيد الشجرة الوشيك يقترح برنامج «نار التوراة « على الزائرين كأس نبيذ وأفضل فواكه الأرض، ويدعو لتفحص العلاقة بين الإنسان والشجرة، والتجذر في الوطن كما جذور الشجر «نتحلق حول طاولات مجهزة بالفواكه وبعض الشعائر الدينية المتعلقة بالمناسبة ونغني لأرض إسرائيل، مدة الفعالية: ساعتان، ومخصصة أكثر للمجموعات وجنود قوات الأمن».
وضمن مخطط مخاطبة يهود العالم يقدم «نار التوراة» برنامجا خاصة بالمشاركة مع مائة منظمة للتلاقي بين أمهات يهوديات من دول العالم في جولة في «ارض إسرائيل». وكانت هذه الفعالية قد انطلقت عام 2008، من أمريكا للاطلاع على التراث والتاريخ اليهودي «لتعميق التواصل العالمي. وفي الجولة التي تستمر أسبوعا تلتقي أمهات يهوديات من عشرات البلدان، في أهم المواقع الإسرائيلية، مواقع أثرية، وفي مركزها القدس القديمة ومحيطها، ومركز « نار التوراة «.
و» نار التوراة « كما يظهر في مدوناتها هي منظمة عالمية لنشر اليهودية أقيمت مؤسساتها ابتداءً في سنة 1974 في غرفة صغيرة في مبنى تاريخي إسلامي، في أطراف حي الشرف بالبلدة القديمة. وبحسب معطيات المركز، له اليوم 31 مركزاً في 17 دولة، في قارات العالم الخمس، ويشارك 100 ألف سنوياً في فعالياته في القدس المحتلة، ناهيك عن الفعاليات الأخرى. ويهدف المركز إلى نشر اليهودية بين اليهود داخل إسرائيل والعالم، ولدى اليهود غير المحافظين، عن طريق المؤتمرات والمراكز الدراسية والفعاليات الأخرى، وأغلب المنتسبين إليه هم من اليهود المتزمتين الأرثوذوكس «الحريديم» المعادين للصهيونية،واليهود المتدينين المحافظين.
ومن مشاريعه أيضا مركز الزوار «نار إسرائيل» يعمل في ساحة البراق ويهدف إلى تعميق الهوية اليهودية في المجتمع الإسرائيلي عن طريق برامج اجتماعية، ومنها أيضا المدرسة الدينية «نار التوراة»، بجانب المركز، ويضم كنيسا يهوديا وفعاليات أخرى حول التعليم التوراتي وكلها تصب في خدمة الهيكل الثالث المزعوم.
وفي المركز «كاميرات المبكى» وهو موقع انترنت يزوره نحو مليون شخص شهريا يبث صور مباشرة على مدار 24 ساعة من حائط وساحة البراق، بالإضافة إلى مركز معلوماتي إعلامي لدعم إسرائيل عالمياً.
وأخطر ما في «نار التوراة» مجسم الهيكل المزعوم القائم على سقف المركز، المبني من الرخام والحجر المقدسي والخشب وزنه 1200 كيلوغرام، يمكن التعرف على أجزاء رئيسية من الهيكل المزعوم (خزانة العهد، الشمعدان الذهبي، المذبح الذهبي).
وتزور المجسم في المركز العالمي وفود عالمية ومحلية تتلقى شروحا عن «الجذور والتراث اليهودي» ضمن فعاليات ثقافية تربوية تعليمية. وفي المركز تبث أشرطة فيديو تحتوي على لقاءات مع قادة إسرائيل السابقين والحاليين يتسحاق رابين، وشمعون بيريز، وبنيامين نتنياهو، وأريئيل شارون، في مناسبات عدة.
يشار إلى أن تقريرا لمنظمة «عير عميم» قد كشف قبل عامين أن ست وزارات تقدم دعما ماليا ومعنويا لـ 27 جمعية يهودية تعمل على بناء الهيكل الثالث المزعوم. في المقابل يحظر ترميم العمارات العربية- الإسلامية الأثرية في البلدة القديمة التي يبدو قسم منها متداعيا ومتصدعا.
وديع عواودة
مهما قمتم بفعله من تزوير للتاريخ أيها الصهاينة، لقد أصبحت نهايتكم المحتومة
قاب قوسين أو أدنى، اما نحن ابناء الشعب الفلسطيني الجبار فإننا الجيل الذي
سوف يعيش نهايتكم وسوف نحتفل بها قريباً جداً بإذن الله، ولن نسكن بعد ذلك
بأكواخ من طين! بل سنسكن في البيوت التي بنيتموها في مستعمراتكم غصباً عنا على ارضنا وهو وعد من الله تعالى والله لا يخُلِف وعده.