لندن ـ «القدس العربي»: أثار الإعلان في مصر عن البدء بتشييد قصر جديد للرئيس عبد الفتاح السيسي موجة جديدة من الغضب والانتقادات في أوساط النشطاء على الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب أن المشروع يأتي متزامناً مع التقشف الذي تقوم به الحكومة المصرية، وبالتزامن أيضاً مع اتساع رقعة الفقر وارتفاع الأسعار وهبوط سعر صرف الجنيه.
وأعاد الكثير من النشطاء تذكير الرئيس السيسي بمقولته الأشهر: «إحنا فقرا أوي» وهي المقولة التي يتندر عليها المصريون منذ سنوات، ويستعيدونها كلما صدر خبر مشابه لخبر بناء القصر الرئاسي الجديد، في إشارة بطبيعة الحال إلى الطلب من المصريين التقشف والصبر في الوقت الذي يتنعم فيه المسؤولون بالأموال المتوافرة في البلاد.
وأعلنت شركة «حسن علاَّم» القابضة للمقاولات قبل أيام أنها تولت إنشاء «قصر رئاسي» و«مقر لمجلس الوزراء» في مدينة العلمين الجديدة التي كان السيسي قد حضر حفل إطلاق تصوراتها الأساسية مطلع العام الحالي، وهو ما دفع الكثيرين إلى القول بأنها ستكون مركزاً مهماً للعمليات السياسية في مصر، وربما تكون عاصمة بديلة لمدينة القاهرة.
وقالت تقارير إعلامية إن السيسي يبني حالياً ثلاثة قصور رئاسية وليس قصراً واحداً، وما يتم تشييده حالياً سيكلف خزينة الدولة المصرية مئات الملايين من الدولارات.
وجاء الإعلان عن مشروع بناء القصر الرئاسي الجديد في مصر والمقر الجديد لرئاسة الوزراء بالتزامن مع ازدياد العجز في الموازنة العامة للدولة المصرية، وليس فقط التصريحات التي يدلي بها السيسي بين الحين والآخر عن الفقر والحاجة للتوفير والتقشف.
وأظهرت بيانات الموازنة العامة للدولة المصرية للعام المالي الحالي أن عجز الموازنة سيبلغ 438 مليار جنيه (24.5 مليار دولار) بنسبة تعادل 8.4 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، وبزيادة 7.5 مليار جنيه (419 مليون دولار) عن العام الماضي.
وأثار القصر الرئاسي الجديد جدلاً على «فيسبوك» وتعليقات متباينة من النشطاء، فيما أطلق آخرون على «تويتر» وسوما للتعبير عن تناقض النظام والتباين في التعامل المالي، ووجهوا انتقادات لاذعة للرئيس السيسي، فيما لفت آخرون إلى أن الرئيس المدني الأسبق محمد مرسي تولى الحكم وأطيح به وهو لا يزال يسكن في شقة بالايجار.
وخصص الإعلامي والمعارض معتز مطر جزءاً من برنامجه على قناة «الشرق» للتعليق على خبر تشييد القصر الجديد، حيث قال: «لدينا قصور عابدين والعروبة وحدائق القبة والعديد من القصور في الاسكندرية والاسماعيلية وأسوان وغيرها، وقصر عابدين وحده تم تقدير قيمته في بداية الثمانينيات بـ120 مليون جنيه، وحينها كان الدولار بـ40 قرشا، ما يعني أن قيمته كانت نحو 250 مليون دولار، أي خمسة مليارات جنيه بأسعار اليوم. هذا قصر عابدين وحده».
وأضاف: «نحن نمتلك 30 قصراً رئاسياً في القاهرة والاسكندرية والاسماعيلية وأسوان والقناطر وتسكنها الخفافيش، ومع هذا يبني السيسي ثلاثة قصور جديدة، أحدها في العلمين، والآخر في العاصمة الادارية، أما الثالث فهو فاحش الثراء يجري تشييده في مدينة المستقبل».
وتابع: «بلد ديونها تجاوزت أربع ترليونات جنيه، وتستدين بين اثنين إلى ثلاث مليارات يومياً، ومع ذلك تبني ثلاثة قصور رئاسية. أما أنتم يا شعب العبيد فجوعوا وابنوا البلد».
وتساءل مطر: «لماذا لا يتم تشييد ثلاث جامعات بدلاً من هذه القصور الثلاثة؟ لماذا لا نبني ثلاثين مدرسة نموذجية؟ وهل من يقول ذلك سيتهمونه بأنه ليس وطنياً؟».
وكتب أحد المغردين على «تويتر»: «عندنا حوالي 30 قصرا رئاسي وعندنا جوع، فبنعمل قصر رئاسي جديد.. عندنا أمية وتعليم متدهور، فبنقفل المكتبات وبنبني سجون.. عندنا فشل في كرة القدم، فبنحاول نهدم اللاعب اللي نجح وابهج الملايين.. وبعدين نقول أن التانيين عاملين مؤامرة علينا».
وغرد مصطفى رمضان قائلاً: «أمريكا: البيت الأبيض.. فرنسا: قصر الإليزيه.. إنكلترا: قصر باكنجهام.. مصر: قصر القبة، قصر الأتحاديه، قصر راس التين، قصر العاصمه الإداريه الجديده، قصر مدينة العلمين الجديدة…».
وكتب آخر: «محمد مرسي قال: «من يقولون مصر مفلسة هم المفلسون» وكان ساكن في شقة ايجار.. والسيسي قال: «استلمت مصر خربانة ومفيش فلوس اجيب لكم منين» و«محدش قالكوا اننا فقرا اوي».. بيبني ثلاث قصور رئاسية دفعة واحدة. استخرج من العبارة رئيس محترم خسارة في شعب مصر».
وكتبت ناشطة أخرى: «القصور ليهم والفقر لينا.. والأكل ليهم والجوع لينا.. والعلاج ليهم والمرض لينا.. والبيوت المرفهة ليهم ورصيف الشارع لينا.. العربيات الفارهة ليهم والمترو غلوه علينا.. نهبوا خيرنا وقتلونا والوطن استخسروه فينا».
وكتب حساب «راجعين»: «القصور ليهم والفقر لينا. قصر رئاسي جديد آخر في العلمين تكلفة تلك القصور الرهيبة ما كانت لتستغل في بناء أعداد من المدارس أو المستشفيات أو المساكن أو المصانع التي تحل مشاكل البطالة أو كانت تنقذ كام عيلة من الضياع والدمار».
وغرد ناشط يُدعى يوسف: «بمناسبة القصر الرئاسي الجديد في العلمين بمناسبة اننا فقراء اوي وغلابة اوي وظروفنا صعبة. مع مبارك واللي قبله لم يتم بناء قصر رئاسي واحد لان مصر بها من القصور الرئاسية والاستراحات ما يكفي من الفخامة مثل الاتحادية وعابدين والمنتزه. لكن نعمل إيه مع رئيس مريض نفسياً بداء العظمة».
وقالت مغردة تطلق على نفسها اسم آمنة: «يعمل مؤتمرات بمليارات ويقنع الشعب انو مصر فقيرة ولازم نستحمل والرغيف يتقسم على اربعة والشباب يسرح بخضار. ولازم نستحمل الجوع علشان تلاجته مافيهاش ميه. وفي الآخر نلاقيه بيشتري طيارات خاصة له وبيبني قصور».
وكتب أحد المعلقين: «رغم حالة الفقر والجوع والغلاء وأزمة الإسكان وانهيار السكة الحديد وانتشار الجوع والانتحار تحت عجلات المترو بسبب العوز، وانتشار الأمية، يبني الانقلاب قصوراً رئاسية جديدة فخمة في المدن العسكرية الجديدة، ويبني سجوناً جديدة (15 سجناً) بدلا من تحسين أحوال الشعب».
يشار إلى أن الرئيس السيسي كان قد دعا المصريين في أكثر من مناسبة وعبر أكثر من خطاب إلى دعم اقتصاد بلادهم والصبر على الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار، كما أطلق صندوق «تحيا مصر» ودعا المصريين إلى التبرع من أجل بناء بلدهم عبر مبادرة «صبَّح على مصر بجنيه» وهي مبادرة ترمي لجمع تبرعات مباشرة من الناس لدعم الحكومة والاقتصاد في مصر.
7med