يحتفل الكثير من المسلمين بميلاد النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، على أساس أنه «نبي فكرة»، فيما يحتفل بعضهم بميلاده على أساس أنه «جد أسرة».
وبين «محمد النبي» و»محمد الجد» يكمن فرق هائل بين جماهير الشعوب الإسلامية، التي تؤمن بـ»الإسلام الفكرة»، وزعامات التشيع السياسي التي تحاول تكريس مفهوم «الإسلام الأسرة»، أو بين من ينتسبون إلى «الأب النبوي»، ومن يحاولون الانتساب إلى «الأب الأسري». وعلى الرغم من أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يكن معروفاً قبل الحقبة الفاطمية في مصر، إلا أن الكثير من المسلمين يرونه مناسبة للاحتفال والفرح، لا غبار عليها. مع الإشارة إلى أن الفاطميين جعلوا «المولد النبوي» مناسبة سياسية لترسيخ فكرة «محمد الجد»، للتأكيد على انتمائهم بالنسب إلى شجرة النبي، وهو الأمر المهم لترسيخ مكانتهم السياسية والدينية في المغرب الإسلامي، مقابل مكانة العباسيين في المشرق، الذين وظفوا كذلك فكرة «العباس العم» لأغراضهم السياسية آنذاك.
ومع الزمن تحول الاحتفال بالمولد النبوي إلى أداة دعاية سياسية في يد فئة بعينها تريد أن تكرس «تميزها» سياسياً ودينياً على غيرها، بتكريس فكرة «محمد الجد»، على حساب فكرة «محمد النبي»، كما تفعل تيارات التشيع السياسي اليوم. وعلى الرغم من انتصار القرآن للرؤية الحداثية المدنية القائمة على أساس «الانتماء للفكرة»، ضد الرؤية التقليدية القبلية القائمة على أساس «الانتماء للأسرة»، وعلى الرغم من رفض القرآن لفكرة «محمد الأب»، وانحيازه لفكرة «محمد النبي»، إلا أن تيارات التشيع السياسي منذ القدم أبت إلا أنت تنتصر لفكرة «محمد الجد» على حساب «محمد النبي»، لتكريس «حقها الإلهي» في السلطة والثروة.
وقد جاء في القرآن نص واضح يقول «ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين»، في نفي واضح لـ»أبوته»، وانحياز واضح لـ»نبوته»، كما أن الواقع التاريخي يتحدث عن أن النبي مات بدون أن يترك أبناء من الذكور، في تعضيد واضح للانحياز للفكرة دون الأسرة. غير أنه، وجرياً على سلوك المجموعات البشرية، في اختراع تكتيكات معينة تمكنها من وسائل السلطة والثروة، دأبت قيادات سياسية شيعية في الماضي والحاضرعلى «أسطرة المؤنسن»، هذه الأسطرة لم يكن المقصود بها النبي في ذاته، ولكن «أسرة النبي»، لا لشيء إلا للاستفادة من «الفكرة»، وتوظيفها توظيفاً سياسياً لصالح «الأسرة»، في حيلة تحول بموجبها النبي ذاته – بقصد أو بدون قصد – إلى مجرد «تكتيك سياسي»، ضمن سلسلة معقدة من التكتيكات التي سعت بها «الأسرة» للوصول إلى السلطة والثروة على مدى تاريخ من الحروب التي كانت في ظاهرها دينية/طائفية، ولكنها في حقيقتها كانت دنيوية/سياسية. وبالطبع تحفل كتب التراث بنصوص كثيرة منسوبة إلى زعماء سياسيين شيعة يتحدث فيها الزعيم عن «جدي»، مشيراً إلى النبي محمد، في اختصار واضح للدين في النسب، وفي اختزال مقصود للنبوة في الأبوة، لقصد واضح هو تحويل «النبي الديني» إلى «جد سياسي»، في محاولة مكشوفة لتستفيد هذه الزعامات السياسية من «الجد» على حساب «النبي»، مع جناية واضحة على «ميراث النبوة» بتحويله إلى «تراث القبيلة»، وفي محاولات مستميتة للتحول عن «الفكرة» التي بها نال النبي التكريم، إلى «الأسرة» المؤسطرة التي تريد تكريمها على حساب الأفكار التي حملها النبي نفسه.
وقد استمرت محاولات تغييب الجانب «النبوي» في شخصية محمد لصالح الجانب «الأبوي» في تلك الشخصية لدى زعماء التشيع السياسي، حتى انتهى الحال بهذه الشخصية التاريخية العظيمة إلى النظر إليها على أساس أنها «مؤسس أسرة مالكة»، سعى لتمكين أسرته من بعده، وتسليطهم على أموال الناس التي تؤخذ اليوم لدى تيارات التشيع السياسي باسم الخمس، الذي لا يتورع أن يسميه فلان أو علان من القادة الدينيين والسياسيين «حق جدي»، والذي يدخل ضمن سلسلة من «التوتميات» المؤسطرة، التي أسست لفكرة «الحق الإلهي» الذي يدور حول حق «الأسرة» في السلطة والثروة. لا يمكن بالطبع الحديث عن هذه التكتيكات التي فبركتها جماعات التشيع السياسي قديما وحديثاً بمعزل عن المقولات التاريخية التي فبركتها ظروف معينة اتسمت بالحروب والصراعات السياسية بين فرعي قريش من الأمويين والهاشميين، التي تحولت مع الزمن إلى صراعات تاريخية بين فريقين قوميين من المسلمين هما: العرب والفرس، ليتجلى الخلاف الطائفي السني الشيعي في صورة خلاف قومي عربي فارسي في واحدة من تمظهراته الواضحة على الساحة الإسلامية. إن نقض فكرة «الحق الإلهي» التي لا تزال تعشش في أذهان الكثير من منتسبي «الإسلام الأسرة» اليوم لن يكون ما لم تتم مراجعة جادة لنصوص كثيرة في التراث الإسلامي، أسست لمسألة «محمد الجد»، على حساب فكرة «محمد النبي»، حتى انتهى الأمر إلى تحويل «الجد» إلى رمز للتسلط الاقتصادي والسياسي، وكأن النبي جاء ليؤسس لملك أسرته، وهو الذي رفض عرضاً بأن يكون ملكاً على العرب، تجبى إليه الأموال، وظل طول حياته يردد «لست عليهم بمسيطر»، في رفض واضح للسلطة، ويردد «ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم»، في رفض عفيف للثروة. هذا التسامي فوق السلطة والثروة هو الذي ميز الشخصية المحمدية عن غيرها من الشخصيات المتهافتة اليوم عليهما بكل الوسائل الممكنة، حتى لو أدى ذلك إلى إفراغ شخصية محمد من المحتوى النبوي وتحويلها إلى مجرد «أيقونة» تبرز في الطقوس والمناسبات لخدمة الطامحين للسلطة والثروة في العالم الإسلامي.
٭ كاتب يمني من أسرة «القدس العربي»
د. محمد جميح
سلمت يداك د.مجمد جميح مقالة رائعة جدا من حيث المضمون
لم اقرا في حياتي مقالة لخصت فصل خطاب الكتاب العزيز بهذا الفهم ااراءع الانيق العميق يا سيد جميح سلم قلمك اليماني الميمون ووالله ما رايت الله زمن محمد صلى الله عليه وسلم ذم بشرا زمن النبي باسمه وابقى ذمه مفتوحا الى يوم القيامة وما تلي الكتاب العزيز الا ابو لهب عم محمد صلى الله عليه وسلم وما ذكر مؤمنا باسمه زمن النبي الامي الا زيد من موالي الرجال وفقط ليمحو نسبه ال محمد الاب وينسبه الى اهله
نبوة الفكرة هي رسالة السماء العالمية الممتدة عبر اجيال الرسالة فابو ابراهيم شيخ الكفر الذي تبين لابراهيم انه عدو لله فتبرا من نسبه منحازا الى الفكرة ونوح القى الله تعالى درسا على ضمير البشرية يوم غرق ابنه بعد ان اوى الى جبل يعصمه من الماء ولما توسل نوح بادب الانبياء بلا طلب مباشر من الله قال رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين اعتبر الله اهل النبي من ينتسبون الى فكرته لا الى شجرته قالها الله مدوية في العالمين انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح حتى لم يقل له ابن غير صالح بل لخص الانسان وقيمته بكلمة العملالصالح الذي هو نسب الصالحين وزوجة نوح ولوط كانتا في الغابرين
والله ليس بينه وبين احد نسب الا بكتابه فاهل القرءان هم اهل الله وخاصته يا اجمل عقد وضع اليوم على جيد القدس العربي جد ام نبي سلم قلمك الراااااااءع يا د جميح ودم لنا القا على طريق الحق الذي ليس بينه وبين احد نسب الا باعتناقه شكرا لله انك كاتب في القدس
بارك الله فيك ياخ محمد علي هذا المقال الرائع وقد قلت الحقيقة عن الحوثيون ولاكن محيرني خطاب الحوثي يوم امس الذي يشيد بالإسلام بانه دين رحمة وعدل ومحبة وحرم ظلم الآخ لأخيه الإنسان وفي نفس الوقت الحوثيون يقتلون الشعب اليمني المسلم في تعز ويمنع عنه الطعام وألما والدوا ودمروا كل المدن اليمنية وسرقوا كل أموال الشعب والله أني أصبحت متحير من خطابات الحوثي وأعمالهم الإجرامية التي تناقض خطاباته وقلت نفسي أن الحوثي يكذب حتي يطبق تقيته حتي يظمن دخول الجنة .
ابدعت ياكاتبنا العزيز
مع احترامي للكاتب الكريم و اتفاقي معه في نهجه الانساني العام الا انني ارى ان هذا المقال ليس في مكانه و لا وقته.
هذا وقت نستحضر فيه سيرة النبي الكريم و نحاول ان نرتقي اليها.
اما عن استعمال الدين في السياسة فهذا ديدن البشر في كل الاديان و قد ابتلي به المسلمون كغيرهم و في كل مذاهبهم. و ما زالوا.
الاصل ان ننزه الدين عن نزوات البشر. و ان تعمل السياسة لخدمة المبادئ السامية للدين. و لكنهم للاسف و في كل الازمان استخدموا الدين بدلا من ان يخدموه. و لا استثني احدا
كل الشعب اليمني مع مقال الكاتب الدكتور محمد وياليت يوجد مزيد من كتاب اليمن والعرب لتثقيف اليمنين وتعرية الحوثي ومايصبوا اليه باسم الدين على حساب كرامة الشعب اليمني ولقمة عيشة واشكر بقية المعلقين وخاصة تعليق الاخت غادة الشاويش قد اوجزت كيف ان اعداء الدين يوظفون الدين الا لخدمتهم الخاصة وليس لخدمة المسلمين والاسلام وواردة بتعليقاتها امثلة كثيرة بارك الله فيها وفيكم جميعآ .
شكرا اخي فهد واتمنى ان تذكرنا انت والدكتور العزيز محمد جميح صاحب القلم الذهبي بدعاءك
قبل كل شيء – كل الشكر الى الاستاذ – محمد جميح – الذي عودنا على كتبابات في مستوى كل حدث – اليمن البلد الشقيق الذي لا يمكن ابدا ان يفصله احد عن عروبته واسلامه وهو جزء من الأمة العربية واسلامية والمعروف بخصائصه التي لا ينكرها الا جاحد او حاقد.
اليمن الشقيق كان مستهدف من زمن بعيد باعتباره منطقة استراتيجية ولما صعب الأمر على الحاقدين في زعزعته من خلال بعض القضايا البعيد عن الدين والاسلام فلم يفلحوا بحيث انهم غيروا ألأساليب واعتمدا على استعمال الدين الاسلامي في زعزعة هذا البلد الطيب وما حوله من بلداان عربية اخرى كسوريا والعراق وليبيا
حتى اليوم هناك بلدان مهددة بهذا النوع من عدم الاستقرار.
لكن المؤسف جدا ان بعض الأنظمة انجرت وراء الكذبة الكبرى وراحت تستعين بايادي صهيونية وامريكية وعملائها الذين اصبحوا يعبثون بالشعوب ومواطنا
اليوم الاسلام بريء دين محمد صل الله عليه وسلم بريء مما يقال عنه في العالم الغربي والاوروبي ونحن كمسلمين ندرك جيدا رسالة نبينا محمد صل الله على وسلم – رسالة السلام والمبحبة والرحمة-
وانا كعرب مسلم اعلم جيدا ان الغرب واوروبا بحد ذاتهم يعرفون جيدا ما معنى الاسلام والرسالة التي جاء بها نبينا صل الله على وسلم – ولكن لا يريدون ان يقروا بها وان المسلمين ” مسالمون” وبالتالي لم يجدوا سلاحا اقوى من اسلحتهم الفتاكة الا استعمال الدين الاسلامي لزعزة – الوطني العربي الاسلامي لنهم يعرفون ان هناك من يساعدهم بالداخل وهم ضعيفوا الايمان ومحبوا الشهواة وهكذا اصبح الوضع على ما هو عليه اليوم . في كل الدول العربية الاسلامية وخاصة التي تعيش حروبا عشوائية قذرة لو استعملت فيها الحكمة والعقل الراجح لما وصلنا الى ما نحن فيه اليوم – العالم العربي والاسلامي
وحسب علمي ليس بحاجة الى الغرب او غيره – فثرواتنا الطبيعية تغطي حاجياتنا واكثر – بل الغرب هو الذي بامي الحاجة الى خيرات الوطن العربي ولم استعملت كورقة ضغط لكل من اراد المساس بامننا لكانت المعادلة ليست
بهذه الحاسابات.
مبهر وعميق رغم الاختصار هو هذا المقال
Ok ممتاز