الناصرة ـ «القدس العربي»: واصلت إسرائيل ممثلة برئيس حكومتها ووزرائها وإعلامها حملاتها على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واتهمته بالتحريض والكذب بالتزامن مع تصعيد للإجراءات الأمنية في القدس المحتلة، وسط تشكيك متزايد بجدوى محاصرتها. ويرى معلقون وخبراء إسرائيليون أن الحصار على القدس الشرقية يكشف مزاعم إسرائيل بأنها عاصمة موحدة، وأنه لا يحول دون الهجمات الفلسطينية وهو يهدف لرفع معنوياتهم بالأساس.
وخلال إحياء ذكرى اغتيال وزير السياحة الأسبق الإسرائيلي رحافعام زئيفي برصاص عناصر من الجبهة الشعبية انتقاما لمقتل زعيمها ابو علي مصطفى، وعد نتنياهو بالمزيد من الإجراءات الصارمة لمواجهة «موجة الإرهاب « في أسرع وقت. وتابع «إننا موجودون في مواجهة نخوضها جميعا وسنتغلب عليها معا. لقد عشنا موجات إرهاب سابقة وانتصرنا عليها.»
نتنياهو الذي يتهمه فلسطينيو الداخل بالتحريض عليهم توجه للرئيس الفلسطيني قائلا «توقفوا عن الكذب، توقفوا عن التحريض. إن الزعيم الحقيقي يجب أن يتصرف بشكل يتحلى بالمسؤولية. وعليك أن توقف التحريض الذي يخرج من أراضي السلطة الفلسطينية .»وعلى غرار الصحافة الإسرائيلية حاول نتنياهو وصم عباس بالكذب بإشارته إلى أن الفتى الفلسطيني المقدسي الذي أصيب بجراح بالغة برصاص إسرائيليين، لم يمت وما زال على قيد الحياة وجراحه متوسطة.
وكان الرئيس عباس قد أشار لصورة الفتى الفلسطيني وهو ملقى وسط بركة دم بالشارع بعد إصابته بالرصاص وإسرائيليون يحيطونه ويعتدون عليه ويدعون للإجهاز عليه ومنعوا إسعافه، معتبرا ذلك «عملية إعدام». وتابع نتنياهو متحاشيا قول ما من شأنه تبديد التوتر «أقول للرئيس الفلسطيني: لا تجعل القتلة أبطالا. وإذا حدث هناك تصعيد نتيجة هذا التحريض الذي تقوم به كل من حماس والحركة الإسلامية والسلطة فإنكم ستتحملون المسؤولية».
كما توجه نتنياهو لفلسطينيي الداخل الذين يتعرضون لاعتداءات يومية بالشوارع وأماكن العمل والمرافق العامة بالقول: «لا تسمحوا للمحرضين الذين يريدون أن يحرقوا الدولة بجركم وراءهم. نحن نعيش معكم ونؤمن بالتعايش. من السهل للغاية فتق الخيوط التي تربطنا بعضنا البعض. لا تنخدعوا بذلك.»
وفي محاولة للتمييز بين «متطرفين ومعتدلين» أضاف «أعلم أن هناك جماهير حاشدة وقيادات عربية في الدولة التي تفهم تماما ما أقوله. على هذه القيادات أن تجد الجرأة لتقول هذا الكلام وتقف ضد المتشددين والمتطرفين».
وبعد أيام من دعوته الإسرائيليين لحمل السلاح خلص لـ «مناشدة «المواطنين في إسرائيل ـ لا أسمح برفع اليد على أبرياء من أي طرف كان. إسرائيل دولة قانون وكل من يأخذ القانون باليد سيعاقب».
ويواصل عدد كبير من الخبراء والمعلقين وبعض السياسيين في إسرائيل التشكيك بحصارها للقدس الشرقية المحتلة. وحذر المعلق العسكري عاموس هارئيل من أن الهدوء النسبي في القدس التي تعد نحو 370 ألف نسمة باليومين الأخيرين ليس حقيقيا. وعلى غرار مراقبين آخرين يرجح هارئيل أن تستمر الهبة الفلسطينية أكثر مما كانت تعتقده إسرائيل لأنها انطلقت من القاعدة وبقيادة شباب مقدسيين ولا تمتثل لتعليمات عليا. كما يحذر الجيش من أن الإغلاقات من شأنها أن تزيد حالة الغليان، وأن تحديد شوارع معينة لليهود فقط يسهل عملية المهاجمين الفلسطينيين.
وقال المعلق العسكري رون بن يشاي إن إغلاق الأحياء المقدسية العربية بالمكعبات الإسمنتية وتضييق الخناق على سكانها بهدف ردعهم ومجاراة الحالة الانفعالية بالشارع الإسرائيلي فاقد الشعور بالأمن لن يجدي نفعا. وكانت المرة الأخيرة التي أغلقت فيها سلطات الاحتلال مداخل المدن الفلسطينية وأدخلت الدبابات اليها خلال الانتفاضة الثانية عام 2000. بالتزامن تعمل السلطات الإسرائيلية اليوم على ملاحقة العمال الفلسطينيين دون تصاريح الذين يقدرون بنحو 40 ألفا مقابل 120 ألف عامل يعلمون فيها بتراخيص.
ويوجه المعلق البارز اريه شافيط انتقادا لسياسة إدارة الصراع الإسرائيلية واستهجن تفاجؤ الإسرائيليين من انفجار البركان. وقال ساخرا في مقال نشرته «هآرتس» أمس إن اليمين طلب «دولة ثنائية القومية» وها هو يجدها. وقال إن السلام الاقتصادي «لا يستبدل القرار الجريء المطلوب من إسرائيل بتقاسم البلاد مع الفلسطينيين. وأضاف «لم نر مسيرة سياسية حقيقية جريئة وبالتالي دخل الإحباط والغضب في الفراغ».
إلى ذلك منعت إسرائيل رئيس الحركة الإسلامية الجناح الشمالي الشيخ رائد صلاح من السفر وأعادته من الطريق للمطار بعدما كان متوجها لتركيا. وقال الشيخ رائد صلاح في بيان إن «وجود الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة خارج عن القانون. «وحول سياسة الإبعاد عن القدس والأقصى التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، بحق قيادات في الحركة الإسلامية وشبان من الداخل الفلسطيني، أضاف»: لو ابعدتمونا إلى النجوم، فسنعود إلى المسجد الأقصى المبارك.»
وبخلاف «المعسكر الصهيوني» المعارض سخرت رئيسة حزب «ميرتس» المعارض زهافا غالؤون من إغلاق القدس، وقالت إن هذه الإجراءات غير مجدية. ودعت إسرائيل للكف عن استخدام القوة المفرطة التي جربتها كثيرا. وانتقدتها واشنطن أيضا وحذرت من مواصلة اللعب بالنار وطالبت بخطوات تستبدل اليأس بالأمل. كما حذرت من أن إغلاقات القدس ستعود كيدا مرتدا لتتفجر بوجه الإسرائيليين، داعية لتفكيك مستوطنات ووقف التصريحات التحريضية والعودة للحوار.
من جهته دعا يارون أحد أبناء حبيب حاييم 78) عاما ( الذي قتل في العمليات الفلسطينية، إسرائيل للاستثمار بالحوار مع الفلسطينيين بدلا من التعويل على القوة فقط.
وديع عواودة