نجوم السينما المصرية الصغار:من الشهرة والأضواء إلى الاعتزال المبكر والنسيان!

حجم الخط
0

القاهرة – «القدس العربي» : ظاهرة نجوم السينما الصغار لا بد أن يبدأ الكلام عنها من الطفلة فيروز، الفنانة المصرية فهي الأكثر شهرة وتمكناً وصاحبة الرصيد الأوفر من البطولات السينمائية المطلقة في أفلام يحفظها الجمهور المصري والعربي عن ظهر قلب، فقد منحها الفنان الراحل أنور وجدي فرصاً ثمينة ساهمت بشكل كبير في نجوميتها ونجاحها، فقد تقاسمت معه البطولة في أفلام مهمة كان من بينها «دهب وياسمين وفيروز هانم، ومن خلال هذه الأفلام صارت الطفلة الموهوبة نجمه يشار إليها بالبنان، ولكن بدأت نجوميتها وانتهت عند مرحلة الطفولة، فحين كبرت فيروز لم تمتد مسيرتها، كما كان متوقعاً واكتفت بما حققته وعاشت عليه إلى أن توفيت قبل سنوات قليلة.
الحالة ذاتها تكررت مع أطفال آخرين كان أبرزهم أحمد يحيى، الذي لعب بطولات كثيرة مع كبار النجوم كان أشهرهم عبد الحليم حافظ في فيلم «حكاية حب»، حيث لعب يحيى دور سمير شقيقه الأصغر، وأيضاً شارك الطفل الموهوب النجوم الكبار، زكي رستم ومحمود المليجي وفريد شوقي في فيلم «رصيف نمرة خمسة» وتعددت أدواره وظهر نبوغه الفني في عشرات الأدوار المهمة، ولكنة حين نضج وصار شاباً فتياً اختار مجالاً آخر غير التمثيل وفوجئنا به مخرجاً كبيراً بعد عدة سنوات وحقق نجاحاً ملحوظاً وراء الكاميرا وهو البطل الصغير، الذي أدهش الملايين بخفة الظل وخفة الحركة وسرعة البديهة، وفي ما يخص أحمد يحيى لم يكن تحوله مفاجأة كبرى، لأنه ظل على علاقته بالسينما ولم يهجرها تماماً وإنما غير وجهته فقط من ممثل بارع موعود بالنجومية إلى مخرج يبحث عن التميز ويفني وقتاً طويلاً في إيجاد الفكرة الملائمة التي يقدمها ويختلف بها عن سائر المخرجين وهي عملية شاقة في ظل تزاحم الساحة الفنية بالساعين فيها والمشتغلين بها، فالكل يبحث لنفسه عن موطئ قدم كي يثبت أنه موجود ولديه القدرة على الإبداع.
ويأتي ذكر الطفل أحمد فرحات مقروناً اسمه بفيلمين مهمين كان له نصيب أكبر من المساحة الإبداعية فيهما، الأول فيلم «طاقية الإخفاء» مع عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن وزهرة العلا، والثاني «إشاعة حب» مع يوسف وهبي وعمر الشريف وهند رستم وسعاد حسني، ومما لا شك فيه أن أداء فرحات الطفولي التلقائي كان له أثر بالغ في نجاح الفيلم وإكسابه طابعاً كوميدياً كان جديداً آن ذاك على عمر الشريف، ويعد علامة فارقة ومختلفة في مشواره الفني.
ورغم النجاح الملحوظ للطفل أحمد فرحات إلا أنه انقطع فترة طويلة عن السينما وعمل في مجال آخر ولم يظهر إلا من خلال أدوار صغيرة كضيف شرف في بعض الأعمال الكوميدية الخفيفة بعد أن زاد حنينه للكاميرا والأضواء وعز عليه أن يترك كل ما حققه من نجومية الطفولة فعاد على استحياء وقد صار رجلاً مسناً.
ولا يمكن أن ننسى في هذا الصدد نجوم الجيل الآخر من الممثلين الصغار ومن ثم لا ننسى شريف صلاح الدين، الذي جسد دور عميد الأدب العربي طه حسين وهو طفل في مسلسل «الأيام»، رائعة المخرج الكبير يحيى العلمي وبداية التألق في مشوار النجم أحمد زكي، فقد تفوق شريف على نفسه في تجسيد الدور المسند إليه وهو من الصعوبة بمكان، كون البطل كفيفاً ويحتاج لقدرات فائقة في التدريب والتجسيد والتعامل الصعب مع الكاميرا، وهي معضلات تجاوزها البطل الصغير ببراعة وبقي دوره التاريخي نقطة الارتكاز الحقيقية في حياته الإبداعية التي لم تستمر على الوتيرة نفسها بعد تخطي شريف صلاح الدين مرحلة الطفولة وانخراطه في عوالم أخرى لم يكن الفن وحده غايته فيها فتوقف قسراً أو طوعاً وتوارى بعيداً عن الأضواء وبات دوره في أيام طه حسين في ذمة التاريخ.
ولم تتوقف أدوار الصغار واستمرت في تواترها وظهرت مواهب جديدة بقي منها مؤمن حسن، الطفل الوسيم الذي لعب دور ابن عادل إمام ونورا في فيلم «عنتر شايل سيفه»، ولم يكن هذا دوره الوحيد ولكنه كان الأشهر، وكغيرة لم يستمر مؤمن في التمثيل بعد سن البلوغ، فيما يؤكد أن البطولة في الأدوار التي قام بها ونجح فيها كان قوامها الطفولة ذاتها بما تضفيه من براءة وحضور وارتياح يستشعره المشاهد فيرتبط بالنجوم الصغار إلى أن تنتهي طفولتهم ويدخلون في أطوار المراحل التالية من المراهقة والشباب فيصبح كأي موهبة أخرى.
آخر هؤلاء النجوم الذين بدأوا صغاراً كان الفنان ماهر عصام، الذي وافته المنية قبل أسابيع قليلة عن عمر يناهز الثامنة والثلاثين، وقد ترك من الأعمال ما يستحق التوقف والإشادة، فقد اكتشفه المخرج الكبير يوسف شاهين وقدمه في فيلم «اليوم السادس»، ثم كان دوره الأهم مع آثار الحكيم، حيث لعب دور ابنها في فيلم «النمر والأنثى» أمام عادل إمام وأثبت جدارة في تقمص الدور وتقديم شخصية الولد الشقي، الذي يعرف وحده كلمة السر التي اتفقت عليها عصابة تهريب المخدرات، التي يتزعمها المعلم الكبير عبده القماش «أنور إسماعيل»، اشتهر ماهر بهذا الدور فاستعان به الفنان الراحل نور الشريف في دور تلميذ في المرحلة الثانوية وكان قد تجاوز سن الطفولة وبات على أعتاب المراهقة فأسند إليه دورا مهما في فيلم «أولى ثانوي» مع مجموعة من الوجوه الجديدة، وبعدها توالت أدواره المتميزة والناجحة، ولكنه اختفى فجأة أيضاً وصار ظهوره عزيزاً لأساب غير معلومة لدى الجمهور إلى أن جاء خبر وفاته ليفسر حالة الاختفاء ويضع الإجابة الشافية عن السؤال الذي طالما تردد. أين ذهب ماهر عصام؟ ولماذا يظهر سريعاً ويختفي؟! رحم الله الفتى الموهوب.

7AKH

نجوم السينما المصرية الصغار:من الشهرة والأضواء إلى الاعتزال المبكر والنسيان!

كمال القاضي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية