لندن ـ «القدس العربي»: تمكن مبرمجو كمبيوتر من ابتكار تطبيق هاتفي فريد من نوعه يُساعد مرضى التوحّد من الأطفال على الكلام ويُسرع لديهم القدرة على النُطق، وذلك بربطه بنظارة «غوغل» الذكية التي يمكن لأي شخص ارتداءها والاستفادة من الامكانات التي توفرها.
ويهدف التطبيق الذي يعتمد على الهاتف الذكي والنظارة الذكية التي تنتجها شركة «غوغل» إلى تنمية وتطوير مهارات التواصل الاجتماعي لدى الأطفال وغيرهم من مرضى «التوحُّد» الذين يعانون من الشعور الدائم بالعُزلة وضعف القدرة على التواصل مع الآخرين، ومن بين المهارات التي يتم تطويرها لدى مستخدمي هذا التطبيق مساعدته على الكلام والتجاوب السريع خلال المحادثات.
وأطلق الباحثون الذين أنتجوا هذا التطبيق الجديد اسم «Holli» عليه، حيث تقوم النظارة الذكية بالاستماع إلى الطرف الآخر خلال المحادثة مع أي شخص ومن ثم تقترح على مرتديها ما يقوله بعد ذلك، أو كيف يرد على الشخص، بما يؤدي في النهاية ومع مرور الوقت إلى تطوير مهارات الحديث والحوار لدى هؤلاء المرضى وتطوير ثقتهم بأنفسهم خلال أحاديثهم مع الآخرين.
وقام الباحثون الذين طوروا التطبيق الجديد في جامعة «تورنتو» الكندية بتجربته على 15 طفلاً من الذين يعانون من مرض التوحد ووجدوا نتائج إيجابية ومهمة، على أن الأطفال الذين خضعوا للتجربة كانت أعمارهم تتراوح بين ثمانية و16 عاماً، أي في أعمار يستطيعون فيها القراءة سريعاً ودون الحاجة لأي مساعدة من أحد.
ويتم الاعتماد على المايكروفون متناهي الصغر المزودة به نظارات «غوغل» من أجل الاستماع إلى المحادثة ومن ثم يتم ارسال الكلام إلى الهاتف المحمول لتحليله وإرسال الاقتراحات تبعاً لذلك للمستخدم، وكل ذلك يتم بسرعة فائقة تجعل المستخدم يقوم بالرد والتجاوب خلال المحادثات بشكل سريع جداً.
وبعد تحليل الكلام الوارد خلال المحادثة يتم إدراج الردود المقترحة على النظارة التي يرتديها المستخدم، حيث يقرأ الردود المقترحة ويقوم بالتحدث بها بشكل سريع دون أن ينتبه الشخص المقابل له، ودون أن يحتاج المستخدم ذاته للنظر إلى الهاتف أو مراجعة التطبيق لفحص عملية المراجعة التي يتم إجراؤها للمحادثة.
وبمجرد أن يقول المستخدم الكلام الذي ظهر أمام عينيه فان النظارة تُدرك ذلك على الفور فيختفي الكلام من أمام عينيه لتجنب أي التباسات في الكلام، على أن النظارة تبدأ حينها بارسال الكلام المقابل على الفور إلى التطبيق الذي يبدأ باصدار الردود التالية المناسبة تباعاً.
وتبين أن متوسط الإجابة عند كل مستخدم كانت 2.5 ثانية فقط بمساعدة هذا الابتكار الجديد، حيث تم إرسال الأطفال الـ15 الذين خضعوا إلى التجربة إلى مطعم، وتم تعريضهم إلى عشرة مواقف مختلفة وتمكنوا من التعامل مع المواقف العشرة بسرعة ونجاح كامل بفضل هذا التطبيق.
كما أن اللافت في التجارب هو أن النظارة الذكية كانت بفضل التطبيق تتمكن من استنتاج أو توقع ما يقوله المستخدم والشخص المقابل قبل أن يُنهي الجملة الذي يقولها، أو قبل أن ينهي حديثه، وهو ما ساعد أيضاً على التقليل من المدة الزمنية اللازمة للتطبيق من أجل القيام بتحليل مضمون المحادثة واقتراح الاجابات لها.
يشار إلى أن نظارات «غوغل» الذكية هي مشروع يهدف لإنتاج شاشة مثبتة على الرأس وهي تشبه النظارات العادية أي تستبدل العدسات بالشاشة المثبتة، كما أن «غوغل» قامت بابتكار مجموعة ألعاب جديدة تعمل بالتوافق مع نظارتها الذكية.
ومشروع النظارات الذكية هو جزء من «غوغل المختبر إكس» الخاص بشركة «غوغل» الذي عمل على العديد من التكنولوجيات المستقبلية الأخرى كالسيارة ذاتية القيادة، وتم الإعلان عن المشروع من طرف برويز باباك وهو مهندس كهربائي عمل أيضا على تثبيت شاشات العرض على العدسات اللاصقة.
وبدأ تجريب المنتج في نيسان/أبريل 2012 أما الغرض من هذا المشروع فهو التمكن من عرض المعلومات دون استخدام اليدين لمعظم مستخدمي الهواتف الذكية، بالإضافة إلى التعامل مع شبكة الانترنت استنادا إلى الأوامر الصوتية فقط بطريقة مشابهة لتطبيق الآي فون «سيري».
وتعمل نظارة «غوغل» بتقنية الواقع المُعزز، وهو تقنية حديثة تقوم بعمل نوع من الربط ما بين الواقع الحقيقي (أي الأجسام الملموسة المحيطة بنا) وبين عالم الحوسبة عن طريق إظهار طبقة افتراضية من المعلومات المفيدة فوق الجسم المطلوب.
وتتألف نظارة «غوغل» من إطار بلاستيكي خفيف يمكن ارتداؤه بشكل مستقل، كما يمكن تثبيته فوق النظارات التقليدية كالنظارات الشمسية، ويحتوي الإطار على البطارية والمعالج ومايكروفون لالتقاط الصوت وكاميرا لالتقاط الصور الثابتة والفيديو، وعلى شاشة عرض هي عبارة عن موشور يقوم بإسقاط الصورة على عين المستخدم. ولنقل الصوت إلى المستخدم لا تحتوي النظارة على مكبر للصوت بل على تقنية تقوم بإرسال اهتزازات الصوت إلى الجمجمة مباشرةً عبر العظام بحيث يكون الصوت مسموعاً للمستخدم فقط ودون الحاجة لأي سماعات. ورغم امتلاك النظارة الأساسيات المطلوبة، إلا أنها تتطلب الربط مع الهاتف الذكي لاسلكياً كي تحصل على الخدمات الإضافية غير الموجودة ضمنها.