لندن ـ «القدس العربي»: لم يكن النظام السوري في وضع أضعف منه اليوم، فخطط الحكومة الأردنية لإقامة منطقة عازلة في الجنوب السوري لحماية حدودها من تهديد الجماعات الجهادية، خاصة جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية.
والحديث المتزايد عن غزو تركي لسوريا وإقامة منطقة عازلة في الشمال لمنع أكراد سوريا من إقامة دولة لهم قريبا من حدود تركيا تظهر أن النظام لم يعد يملك القرار في البلد. فخسائره المتوالية في إدلب وجسر الشغور وأريحا والحسكة وحول درعا كلها تقدم صورة ان النظام لم يعد يهاجم المدن والمعارضة بل ويدافع عن وجوده المهدد وسط تكهنات بقرب نهاية حكم آل الأسد.
فلا يحكم النظام السوري اليوم سوى 5% من سوريا حسب تقديرات إسرائيلية. فيما تقول تقارير أخرى أن النظام لم يعد مهتما بالشمال ولا الجنوب قدر اهتمامه بتأمين دمشق وحمص وحماة والمناطق الساحلية وكذا خطوط الإمداد الإيرانية لحزب الله في لبنان. ومن هنا تأتي أهمية الخطوة التركية.
تركيا وخيار المنطقة العازلة
ففي تقرير لصحيفة «نيويوك تايمز» حللت فيه موقف تركيا من دعم الولايات المتحدة للميليشيات الكردية السورية التي تقاتل تنظيم الدولة. وتفكر أنقرة الآن بإجراءات للحد من طموحات الأكراد بما في ذلك إقامة منطقة عازلة داخل سوريا.
وترى تركيا في الأكراد السوريين خطرا محدقا على الأمن القومي بسبب علاقاتهم أكراد تركيا والذين أعلنوا حربا لعقود على الدولة التركية. ولذلك نظرت بقلق متزايد إلى توسيع التعاون بين الميليشيات الكردية السورية والقوات الأمريكية في الحرب ضد تنظيم الدولة. فقد أمدت الولايات المتحدة الميليشيات الكردية بمعلومات أمنية وأقام ضباط القوات الخاصة الأمريكية قنوات اتصال مع الميليشيات الكردية لمدهم بالمعلومات ولتمكينهم من الدعوة للغارات الجوية من التحالف الذي تقوده أمريكا.
وتحول الأكراد السوريون حليفا مهما للولايات المتحدة . وقد بدأ التعاون القريب العام الماضي خلال معركة عين العرب/كوباني وازداد في الأشهر الماضية وتوج بهزيمة تنظيم الدولة في بلدة تل أبيض القريبة من الحدود التركية.
وعقد الرئيس رجب طيب أردوغان اجتماعا لفريق الأمن القومي يوم الاثنين لمناقشة مواجهة تنامي قوة الأكراد السوريين وسط موجة من التقارير الإعلامية التي تقول إن أنقرة تفكر في اجتياح عسكري شمال سوريا لإنشاء منطقة عازلة.
وهاجم أردوغان ميليشيا حماية الشعب التي تعتبر الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي المرتبط بحزب العمال الكردستاني. وتحدث الإعلام التركي عن منطقة فاصلة تقيمها تركيا داخل سوريا كرد فعل على المخاطر المحتملة من تنظيم الدولة والأكراد الذين ينشطون في الجانب السوري من الحدود.
ولكن المحللين يقولون بأن المكاسب التي حققها الأكراد في سوريا أعطت دفعة للفكرة وهو ما فشلت تركيا في الماضي بإقناع الولايات المتحدة بدعمه في السابق.
ولا يتوقع المحللون أن تركيا ستحاول إقامة منطقة عازلة وحدها وهو الذي يحتاج إلى عملية عسكرية كبيرة والحاجة في الغالب لقتال تنظيم الدولة والأكراد. ويأتي التعاون الأمريكي الكردي في وقت لا ترغب فيه المعارضة السورية إلا انه ليس من المتوقع توغل وقيادة عملية لاستعادة الرقة مثلا.
وهو ما يعتبر تحديا للولايات المتحدة التي تحاول تكثيف برنامجها لتدريب الثوار على قتال «تنظيم الدولة» – بدلا من قوات الأسد ـ فلم تجد شريكا عمليا سوى الأكراد لحد الآن. وقال مسؤول أمريكي كبير إن أكبر عقبة هي «إيجاد رجال يريدون قتال تنظيم الدولة فكلهم يريدون قتال الأسد». إلا أن شبكة «سي أن أن» نقلت عن مسؤولين عسكريين في البنتاغون أن عدد أفراد المعارضة السورية المسلحة الذين تم تدريبهم على يد المدربين الأمريكيين قد تراجع إلى أقل من 100 وذلك بعد عام من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن برنامج من 500 مليون دولار لتقوية المعارضة المعتدلة.
ونقلت «سي أن أن» عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله إنه بعد محاولات لتدريب وتسليح المعارضة اضطرت البنتاغون لشطب عدد من المرشحين للبرنامج. وتم شطب طرد عدد من الذين سجلوا في البرنامج لأسباب تتراوح من كون أعمارهم لا تسمح لهم بالتدريب أو لكونهم غير مؤهلين جسديا للبرنامج. كما أن غالبية المرشحين لم يعبروا عن اهتمام من أجل قتال تنظيم الدولة كما تريدهم الولايات المتحدة ولكنهم يريدون قتال نظام بشار الأسد.
استراتيجية دعاية
لم تنعكس النكسات العسكرية على المزاج العام المتمثل بتصريحات أركان النظام ولا حتى على الطريقة التي يتعامل بها إعلام النظام مع الاحداث فلا يزال، كما تقول الصحافية البريطانية أبيغل فيلدنغ- سميث، في حالة معنوية عالية.
وتحاول قراءة المنطق في هذا الجنون في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية. وتنقل في البداية تقارير نشرتها وكالة الأنباء السورية «سانا» في 9 أيار/مايو «ساعة حمص تدق من جديد وتعلن عودة الحياة إلى البلدة القديمة»، «الجيش يحبط هجوما إرهابيا في درعا»، «مقداد: الكفاح البطولي لسوريا هو نتيجة لإنجازات شعبها» و»سوريا تفوز بالميدالية الذهب في القفز العالي في بطولة المغرب».
تعلق فيلدنغ- سميث أن الواقع غير ما ترسمه الأخبار هذه فقبل أسابيع من نشرها سيطرت المعارضة على عاصمة محافظة وانهارت قيمة الليرة السورية وظهرت تصدعات في قمة القيادة السورية. في نظرة دقيقة لأخبار سانا تبدو وكأنها محاولة من نظام قمعي إخبار مواطنيه أنه قوي وقادر، ومع ذلك يظل الدافع وراء الأخبار غير ذلك لأن المواطنين السوريين يستطيعون الحصول على معلومات وأخبار من الإنترنت والقنوات الفضائية المتعددة التي تقدم رواية مختلفة عن أخبار سانا.
ويعرف السوريون أن وضع الجيش السوري حرج لأن الجنود من قراهم لا يعودون بل واعترف الرئيس السوري نفسه بنكسات (6 أيار/مايو 2015).
وتتساءل إن لم يكن الهدف وراء هذه الأخبار غسل أدمغة المواطنين فماذا يكون، خاصة أن نشر أخبار كهذه تعني التزامات مالية للإعلام في بلد يعرف سكانه أن الحياة تسير نحو الأسوأ بعد أربعة أعوام من حرب استنزفت الشعب والجيش والاقتصاد.
ويعرفون أن نظامهم لم يعد القلعة الشامخة التي تصد الإرهاب. فما هي إذا لعبة النظام؟
أيديولوجية الدولة
ترى الكاتبة أن الإجابة على هذا السؤال تقتضي فهم طريقة استخدام النظام للدعاية والإعلام والعودة بالضرورة إلى نظام حافظ الأسد الذي وصل إلى السلطة عام 1970 بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية.
واستطاع حافظ الأسد بناء نظام قوي مستخدما أيديولوجية النظام البعثية وقمع وحشي للمعارضة وبالتالي شكل سوريا على صورته.
وحقق الأسد الشرعية من خلال تحالفه مع الاتحاد السوفييتي السابق حيث أقام عددا من المشاريع وبنى سدودا ومشاريع ري.
وفي ظل حكمه لم يعد للحكومة أو البرلمان أهمية فقد أصبحت الدولة غير منفصلة عن الأسد.
وعليه تخلل الخطاب البعثي المبالغ في تعظيم القائد كل حنايا الدولة وأصبح من يخرج عنه عرضة للعقاب.
وكان حافظ الأسد شرسا في قمع المعارضة الإسلامية وسحق قواهم في حماة عام 1982 وانتشر الخوف منه ونظامه إلى النظام الأمني الذي حول الناس إلى مخبرين عن بعضهم البعض.
وتنقل عن ليزا وادين الباحثة في جامعة شيكاغو كان المواطن السوري «يسأل نفسه حالة مغادرته البيت ماذا يريد النظام؟».
واضطر الناس لتكرار ما يريده منهم النظام بل وتنافسوا فيمن يقدم المديح اكثر للنظام. وبعد عشرة أعوام انغرست لغة النظام في داخلهم. ورغم أن النظام لم يكن مهتما بخلق نظام قمعي على غرار ما خلقه جورج أورويل في روايته «1984» حيث حاول الجلاد أوبرين تحطيم وينستون سميث كي يؤمن أن 2+2= 5 فنظام الأسد لم يكن يريد إلا مظهر القمع هذا والسبب كما تقول ويدين هو أن يجعل الناس متواطئين معه وخلق «سياسة كما أنهم يؤمنون»، وفي هذه الحالة لم يكن الشعب يؤمن بالروايات التي يخترعها النظام.
ولكن هذا الأخير كان قادرا على فرضها عليهم وإشراكهم فيها وهنا تكمن قدرته «فالطاعة تجعل الناس موالين وتورطهم في علاقة يفرضونها على أنفسهم من التسيد وهم ما يجعل المشاركين غير قادرين للنظر لأنفسهم كضحايا نزوات النظام».
عهد بشار
عندما تولى بشار الأسد السلطة عام 2000 بعد وفاة والده نظر إليه على أنه مرحلة منعشة خاصة أنه أدخل الإنترنت للبلاد وقاد سلسلة من الإصلاحات المحدودة.
وبدا بشار نفسه محبوبا وكان يقابل بالترحاب أينما ذهب. مع أن السياسة التي غرسها والده تجعل من الصعب قياس درجة شعبيته.
فالطبقة الوسطى المدينية رأت فيه ممثلا لطموحات سوريا. وبالنظرة الفاحصة فلم يتغير شيء في سياسة «كما أنهم يؤمنون بها» التي تعلم سيطرة النظام على حياة الناس رغم الفرجة التي حدثت.
وهو ما حدث عندما عام 2011 عندما قامت مجموعة من الأحداث من مدينة درعا بكتابة شعارات على الجدران عام 2011 قامت قوات الأمن باعتقال الأحداث وعذبتهم ما أدى لاندلاع التظاهرات التي سرعان من انتشرت في انحاء مختلفة من البلاد.
وتلاحظ الكاتبة أن غضب المتظاهرين انصب على رموز الدولة التي سيطرت على حياتهم، فقد حرقت صور بشار وديس عليها ودمرت تماثيل الأسد في ما أطلق عليها «حملة التطهير». ولم يرد الأسد على الأحداث إلا بعد أسابيع من إندلاعها وجاء خطابه للبرلمان في 30 تموز/يوليو 2011 مخيبا للآمال. فقد توقع منه وهو الشاب الذي درس في الغرب أن يقدم رؤية لإنقاذ البلد. وعوضا عن ذلك كرر نفس الخطابات العنترية والبلاعية التي تطبع لغة البعث.
وتحدث عن المؤامرة الدولية ضد سوريا مؤكدا أن التظاهرات تتلاعب بها أيد خارجية لإضعاف موقف سوريا المقاوم.
وتلاحظ الكاتبة إن خطابات الأسد لم تستثمر كثيرا في تطمين الغالبية السنية الغاضبة ولكنها كانت موجهة بشكل كامل نحو قاعدته العلوية، الشيعية والمسيحية والطبقة المتوسطة المدينية.
ويعتقد جوشوا لانديز أن الأسد كان مضطرا للتصرف بهذه الطريقة. فبحسب لانديز الباحث في تاريخ سوريا «لو تصرف الأسد بالطريقة التي كان يجب عليه التصرف بها، أي تقديم تنازلات لحدث انتقام ولعلق أزلامه على الجدران» فكل واحد يعرف من عذب وقتل اخوته وأفراد عائلته ولطالب بالعدالة».
حرب المفاهيم
تقول فيلدنغ- سميث أن الحرب اتسمت منذ البداية بين الطرفين بحرب مفاهيم. فالمعارضة حاولت خلق انطباع أن زخم الحرب في صالحهم. أما النظام فحاول تقديم صورة أنه العنف تم احتواؤه وأن رده على الأزمة مناسب ومسؤول.
ومشكلة النظام أنه لم يكن قادرا على منع الناس على معرفة ما يجري. فصور المعارضة وأشرطة الفيديو انتشرت عبر الإنترنت والفضائيات. وفي الوقت الذي لم يكن فيه النظام قادرا على فرض الرقابة دفع الناس لمساءلة مصداقية دعاية المعارضة.
ورد إعلام النظام بوصف الإعلام الخارجي بأنه جزء من مؤامرة ضد النظام. وعلق رسم كارتوني على مكتب في معبر حدودي مع لبنان صور سوريا كحمامة سلام محاطة ببنادق «العربية ، الجزيرة وفرانس24».
وذهبت قناة «الدنيا» الموالية للنظام أبعد من هذا وادعت أن قطر بنت أحياء وساحات للمدن السورية في الدوحة ونظمت تظاهرات دعت إليها الصحافيين الأجانب لتصويرها. وكان وراء كل هذه المزاعم الغريبة «تشويش» السوريين كما قال صحافي سوري لصحيفة بريطانية. فلم يكن مهما إن صدق الناس ما كان يرويه النظام فطالما أثرت عليهم وشوشتهم فقد تحقق الغرض.
وما ساعد الأسد على تحقيق استراتيجيته أن القنوات الفضائية مملوكة من نخبة خليجية لم تخف لاحقا رغبتها في التخلص منه. وكذلك من خلال أخطاء وقعت فيها المعارضة ونشرت مزاعم كاذبة. فقد كان توفر معلومات كثيرة مساعدا على بقاء النظام طالما كانت هذه لا تحظى بمصداقية.
واستخدم الأسد في مقابلاته مع الصحافة الدولية محدثا استقطابا دوليا، فقد كان صارما في نفيه استخدام السلاح الكيميائي أو استهداف المدنيين وعليه فلم تحظ الأدلة التي توصلت إليها منظمات حقوق الإنسان باهتمام.
ولقي الأسد حلفاء مثل الروس مستعدين للدفاع عنه إعلاميا. ففي الوقت الذي كان الناس يحاول معرفة ما جرى في الغوطة الشرقية في آب/أغسطس 2013 بثت قناة مدعومة من موسكو تقريرا شكك فيه بصحة فيديو الضحايا، مشيرا إلى أن الوقت في الأشرطة يحمل وقت كاليفورنيا وليس التوقيت في دمشق.
الحرب في الداخل
لم تكن الحرب على الإعلام الخارجي هي هاجس النظام الوحيد بل كان مضطرا لإقناع الداخل خاصة الطائفة العلوية التي تمثل مصدرا للجنود، وكذا بقية المجتمع والتأكيد على الخطر المشترك الذي يهدد البلد. فمع أن النظام تجنب تقليديا الخطاب الطائفي إلا أن اعتماده على المكون العلوي والشيعي القادم من العراق ولبنان وإيران ومناطق أخرى أدى لظهور خطاب طائفي.
ففي نهاية 2013 بدأت ملامح التعبئة الطائفية تظهر في أنحاء دمشق من خلال رايات حزب الله والجماعات الشيعية العراقية وسيف علي بل صارت صورة الأسد تطبع على مقبض السيف وتباع في الأسواق.
ورغم مظاهر التعبئة الطائفية إلا أن استخدام «سني» «علوي» ظل محرما في الإعلام الرسمي. وربما كان هذا لإعطاء صورة أن الدولة قائمة. صحيح أن العلويين يقاتلون من أجل النظام خوف انتقام تنظيم الدولة الإسلامية إلا أنه من المفيد القتال من أجل نظام وليس أمير حرب. والغريب أن النظام واصل لعبته في خلق انطباع عن رواية وطنية وبلد واحد في الوقت الذي كان هذا البلد يترنح ويتهاوى.
السيسي وصورة الرجل القوي
وفي محاولة لوضع سياق للدعاية التي انتهجها نظام الأسد تعقد الكاتبة مقارنة مع النظام المصري لعبد الفتاح السيسي مع الأخذ بعين الإعتبار الفروق بين البلدين. فمصر لديها تاريخ أعمق من ناحية الدولة ومنسجمة دينيا أكثر من سوريا.
وحللت الكاتبة استراتيجية السيسي الدعائية والانقلاب الذي أخرج بطريقة محكمة حيث ظهر السيسي وهو يلقي خطاب تنحية محمد مرسي محاطا بالنخبة المصرية الليبرالية محمد البرادعي والدينية مسيحية- ممثل الكنيسة القبطية ومسلمة ـ شيخ الأزهر.
وممثل عن حزب النور وأحزاب صغيرة أخرة والجيش ليعطي صفة المشروعية لنفسه. وفي نفس الوقت صورت الطائرات المصرية فوق المتظاهرين ضد محمد مرسي في صور قد يراها مخرجون من هوليوود مبالغا فيها.
ولكن صورة السيسي نفسه تحتاج إلى تحليل خاصة من ناحية ربطها بالزعيم التاريخي جمال عبد الناصر.
وهو ربط قبله مؤيدوه بدون جدال وحملوا صورته إلى جانب ناصر. كل هذا لإضفاء صورة الرجل القوي عليه.
مع ان مظاهر الشبه بينهما بعيدة ومتناقضة إلى حد كبير. فسياسات السيسي مدفوعة بالليبرالية الجديدة التي تعيد انتاج عصر مبارك لا اشتراكية ناصر الطاغية. كما أن قوة السيسي لا تنبع من شعبيته وإن حظي بقدر نسبي منها بل من القوانين التي فرضها وقمعت المعارضة وحرمت التظاهرات.
ومع ذلك لم يكن السيسي قادرا على إخفاء أكاذيبه فالأشرطة التي بثتها قناة «مكملين» من تركيا تقدم صورة مختلفة عن السيسي وخططه للوصول إلى السلطة. وفي مجال مكافحة الإرهاب فالحرب لا تسير كما يريد خاصة في سيناء.
ولم يتحسن الاقتصاد بالقدر الذي يجعل مصر مستقرة. وترى أندريا تيتي من جامعة أبردين البريطانية أن أي نظام يستخدم الوحدة الوطنية لحد معاداة الأجانب ويسوق عبادة الشخصية هو نظام غير قوي.
وهذه ملامح كلاسيكية في الأنظمة الإستبدادية. وترى سارة كار المعلقة حول الشؤون المصرية أن المصريين الذين عاشوا سنوات من عدم الاستقرار صدقوا رواية الجيش عن الأحداث الأخيرة لا لأنها صحيحة بل لأنهم راغبون على ما يبدو بتصديقها.
وتعتقد الكاتبة أن التركيز على المظاهر والأزياء قد تكون إشارة ضعف، كما كتب الأكاديمي نزيه أيوبي مرة.
وفي حالة أسد سوريا فالدولة ممثلة في رمز الأسد بالعلم التي يفترض أنها تمثلها أكثر من الواقع الذي يعيشه الناس.
لكل هذا فليس مدهشا أن يظل الناس يؤمنون بواقع ورواية النظام «كما أنهم يصدقون» لأن وكالة سانا وإعلام الأسد يعمي على الواقع بمدنه المدمرة والمحترقة بخطاب بعثي قديم وبخيارات لم تعد تصلح للشرق الأوسط اليوم.
qal
إبراهيم درويش