عمان – «القدس العربي»: تصاعدت في الأجواء أزمة حقيقية بين القطاع الخاص المتمثل في مراكز الرعاية والتربية لذوي الاحتياجات الخاصة من جهة والحكومة الأردنية والمتمثلة في وزارة التنمية الاجتماعية من جهة أخرى.
ومع قرب انتهاء المهلة التي حددتها وزارة التنمية الإجتماعية لتصويب أوضاع مراكز الرعاية، هدد نحو 25 مركزا بالإغلاق، لعدم القدرة على تحقيق متطلبات نظام مراكز الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذي وصفه البعض بـ»المجحف».
وبحسب مالكي المراكز اللذين تحدث بعضهم لـ»القدس العربي»، فإن المشكلة تكمن في بند الكفالات البنكية الذي يشكل عبئا كبيرا ماليا عليهم، ويستحيل تطبيقه، حيث ينص النظام أن على طالب الترخيص تقديم كفالة بنكية أو شيكا مصدقا من البنك، تحدد قيمة أي منهما فيه، وبواقع ألف دينار عن كل منتفع.
واعتبر عدد من مالكي المراكز الذين وقعوا على «عريضة تفويض» وعددهم (25) شخصا وحصلت «القدس العربي» على نسخة منها، أن قيمة الكفالة تشكل عبئا ماليا كبيرا، يستحيل معه أن تتمكن نسبة كبيرة من المراكز في الاستمرار بعملها، لافتا إلى أن الكلفة التشغيلية مرتفعة لتلك المراكز.
وأوضحوا أن «الكفالة البنكية، تعني في المحصلة رفع رسوم ما يقدم من خدمات وتحميلها للمنتفعين وأسرهم، في وقت تعاني فيه غالبية الأسر من ضغوطات مالية».
ومن جانبها، وبعد طول إنتظار خرجت وزيرة التنمية الإجتماعية ريم أبو حسان لتؤكد على جدية الوزارة بإغلاق كل مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة غير الملتزمة بالنظام مع انتهاء المهلة التي حددتها الوزارة في الأول من الشهر الحالي لافتة الى أن «النظام يهدف إلى حماية المراكز وكذلك حماية مصالح المنتفعين من ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم.
وأوضحت أن بند الكفالة المالية في النظام والمحددة بألف دينار عن كل منتفع ينحصر تطبيقها على «المراكز الايوائية فقط وليس النهارية»، مشيرة إلى وجود نحو 61 مركزا تابعا للقطاع الخاص تقدم خدمات الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة منها 30 نهارية و31 إيوائية.
وتابعت ان «المراكز النهارية غير مشمولة ببند الكفالة، نظرا لأن الطفل يعود في كل يوم إلى أسرته» فيما يكون الأطفال في المراكز الإيوائية «أكثر عرضة لحالات الإساءة».
استهداف الوزارة بشكل مباشر للمراكز الخاصة التي تعمل على رعاية المعاقين ذهنيا جاء بعد تقرير مصور نشر قبل ثلاثة أعوام حول حادثة اعتداء على أحد الأطفال المعاقين في أحد المراكز، ليتدخل بعدها الملك عبد الله الثاني شخصيا ويطالب بفتح ملف تحقيق بالحادثة، التي أثارت ضجة كبيرة في أوساط الرأي العام الأردني.
وفي هذا السياق أكدت مديرة مركز «المدار للتربية الخاصة» سميرة الخطيب، والتي تحدثت لـ»القدس العربي» بتفويض من 25 مركزا خاصا، أن الحكومة الأردنية متمثلة بوزارة التنمية الاجتماعية فهمت رسالة الملك عبد الله الثاني بطريقة خاطئة، مبينة انه شدد على وجود شراكة حقيقية بين الحكومة والمراكز الخاصة.
وأشارت الخطيب إلى إن هناك عدائية بين الوزارة ومراكز التربية الخاصة، وذلك لفهم الحكومة الخاطئ لتوجيهات الملك بهذا الخصوص.
ويحوي النظام على بنود صارمة، تتعلق بتقديم الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، وضمان إجراءات السلامة لهم من حيث طبيعة الخدمة المقدمة وشروط البناء ومؤهلات مقدمي الخدمة.
ويخول النظام الجديد، وزير التنمية الاجتماعية بإغلاق المراكز دون الحاجة لتوجيه إنذار، في حال ارتكاب المؤسسة مخالفات متعلقة بأمن وسلامة المنتفعين. كما يحق للوزير اغلاق المراكز في حالات ارتكاب أعمال عنف أو إيذاء للمنتفعين أو ارتكاب مخالفات جسيمة، تتعلق بأمن وسلامة المنتفعين ولم يبلغ عنها للوزارة والجهات المعنية، واتخاذ التدابير لمنعها حسب الأصول.
كما يحق للوزير، إغلاق المركز في حال مُنعت لجان المتابعة والإشراف وموظفي الوزارة من دخول المركز أو المؤسسات.
ووفقا للنظام، ففي حال إغلاق المركز أو المؤسسة إغلاقا دائما أو مؤقتا، فللوزير نقل المنتفعين إلى أي من المراكز أو المؤسسات التي يراها مناسبة، وعلى نفقة المركز أو المؤسسة، لحين استلامهم من ذويهم، على ألا تزيد المدة عن العام.
وحسب تعليمات النظام، فإن الوزير يصدر قرارا بصرف الكفالة البنكية لتغطية نفقات المنتفعين ممن نقلوا من المركز أو المؤسسة التي صدر قرار بإغلاقها، لصالح المراكز والمؤسسات التي نقلوا إليها.
ويشترط في التعليمات أن يكون المبنى آمنا بيئيا وتتوافر فيه تجهيزات ومعينات لتسهيل حركة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأمين سلامتهم حسب كودة البناء الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة المعتمدة، وان يكون دائما ومستقلا بكل مرافقه ومساحاته وغير مشترك مع أي بناء آخر في ممراته ومرافقه، وان يكون صحيا، ويحقق شروط السلامة العامة.
وتتمثل الإجراءات التأديبية والعقوبات التي قد تتخذ في حال ارتكاب المخالفات بالإنذار الخطي، لإزالة المخالفة خلال شهر من تاريخ الإنذار، وإلاغلاق لمدة ثلاثة أشهر، وإلغاء الترخيص نهائياً إذا لم يصوب المركز أوضاعه خلال فترة يحددها النظام.
ومن جهته، بين مدير مديرية ذوي الاحتياجات الخاصة في الوزارة محمد السوالقة أن النظام الجديد سيترافق تطبيقه مع «تشديد الرقابة على المراكز لتوفير الحماية للمنتفعين» مشيرا إلى توجه لتطوير الرقابة الالكترونية (الكاميرات) لضمان عدم تعرض ذوي الاحتياجات الخاصة للإساءة والحفاظ على خصوصيتهم.
وتابع ان «أحد أبرز التحديات تكمن في تعرض ذوي الاحتياجات الخاصة للإساءة في غرف النوم في المراكز الإيوائية، وكون التعليمات تشترط عدم وجود كاميرات في غرف النوم للحفاظ على الخصوصية وحقوق الإنسان، فإن توثيق والتأكد من تلك الانتهاكات يعد أمرا صعبا» مشيرا إلى «ضرورة البحث عن آلية رقابة تكون منسجمة مع حقوق الإنسان وحق ذي الاحتياجات الخاصة في الحفاظ على خصوصيته».
طارق الفايد