نقابات مصر العمالية… عودة إلى ما قبل 25 يناير

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : التضييق على النقابات العمالية المستقلة، ومنعها من توفيق أوضاعها، وشكاوى النقابات التي تمكنت من توفيق أوضاعها، من التضييق على مرشحيها، أمران يرسمان ملامح أول انتخابات عمالية تشهدها مصر منذ عام 2006.
وأعلنت وزارة القوى العاملة المصرية، ترشح نحو 20 ألف عامل في المرحلة الأولى.
الوزارة، قالت في بيان صادر عنها، إن «20 ألفا و87 مرشحاً، هم عدد المرشحين في المرحلة الأولى في انتخابات اللجان النقابية العمالية، التي تقدر بـ1191 لجنة من إجمالي 2114 لجنة».
وأوضح أن «الوزارة ستعلن الكشوف النهائية لأسماء المرشحين والناخبين لأول مراحل انتخابات الدورة النقابية العمالية 2018/ 2022، يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين».
وتجرى الانتخابات العمالية على 3 مستويات تنظيمية بشكل هرمي، يبدأ باللجان النقابية للمنشآت والمصانع والشركات، وذلك على مرحلتين (23-24 مايو/ أيار) و(31 مايو/ أيار) الجاري، والثاني يتعلق بمجالس إدارات النقابات العامة، التي تشكلها تلك اللجان النقابية (7 يونيو/ حزيران المقبل).
أما المستوى الأخير، فيتعلق بـ»الاتحادات النقابية العمالية» (13 يونيو/ حزيران) التي تشكلها مجالس إدارات النقابات العامة، استجابة لتشريع أقره البرلمان نهاية 2017.
وقبل ثورة يناير، لم تسمح الدولة بتشكيل نقابات مستقلة أو بالتعدد النقابي، وقاد العمل النقابي في مصر التنظيم الرسمي، لكن بعد ثورة يناير، اتجه العمال لتشكيل تنظيماتهم المستقلة، ما أفقد التنظيم الرسمي التابع للنظام الحاكم دوره المعتاد في السيطرة على العمال. وبعد أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، اتجهت الدولة لحصار التنظيمات النقابية المستقلة، وتم تشريع قانون يلغي وجودها ويطالبها بإعادة توفيق أوضاعها، وهو القانون الذي عرف بقانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017.
وصدرت اللائحة التنفيذية للقانون في 15 مارس/ آذار الماضي، ومنحت المنظمات المستقلة مدة 60 يوماً لتوفيق أوضاعها. وتتهم المنظمات الأجهزة الحكومية بمحاولة التضييق عليها وعرقلتها حتى لا تتمكن من توفيق أوضاعها خلال المدة المحددة.
ضحايا القانون وفشلت نقابات مستقلة في توفيق أوضاعها، وكانت النقابة المستقلة للعاملين في «مترو الأنفاق» أول ضحايا القانون. وقال أعضاء النقابة في بيان حمل عنوان «كان هنا نقابة»، إن «القائمين على النقابة على النقابة حاولوا توفيق أوضاعها بعد نقل رئيسها وأمينها العام للسكة الحديد ما شكل عقبة كبرى لعملية التوفيق».
وأضاف أعضاء النقابة في بيانهم أن «العقبة الثانية أمام توفيق الأوضاع تمثلت في رفض إدارة الشركة النهائي لاعتماد كشوف الجمعية العمومية إلا بعد إحضار خطاب موجه لها من القوى العاملة التي رفضت هي الأخرى وطلبت أمورا تعجيزية كان آخرها إحضار استقالات أعضاء النقابة من اللجنة النقابية العامة، كل ذلك بتسويف ومماطلة وأحيانا تهديد بالنقل للسكة الحديد حتى انتهت المدة القانونية لتوفيق الأوضاع دون النجاح».
واختتم أعضاء النقابة بيانهم:»بهذا تطوى صفحة خالدة لنقابة كانت من أقوى النقايات المستقلة وتصبح هي والعدم سواء».
وأعلنت النقابة العامة للضيافة الجوية، تجميد نشاطها لأجل غير مسمى، نظرًا لما واجهته من تعنت من جهات الدولة المختصة بتوفيق أوضاع النقابات العمالية، وبخاصة موظفي مديرية القوى العاملة في القاهرة.
وقالت النقابة، حسب بيان لها، إنها «لاقت عدم مبالاة من قبل وزير القوى العاملة بشكواهم، رغم استيفاء كامل الأوراق والمستندات المطلوبة لتوفيق أوضاع النقابة مع القانون 213 لسنة 2017».

رفض الاتهامات

وزارة القوى العاملة المصرية، رفضت الاتهامات بالتضييق على النقابات المستقلة.
وقال هيثم سعد الدين، المتحدث الرسمي لوزارة القوى العاملة، إن «المديريات التزمت بالقانون واللائحة التنفيذية، خلال توفيق أوضاع النقابات المستقلة».
وعن اتهام نقابة الضيافة الجوية، لوزير القوى العاملة، بعدم المبالاة بشكواهم، ذكر المتحدث أن «هناك عدد من النقابات، لم تلتزم بالشروط المطلوبة، وبالتأكيد لم يتم توفيق أوضاعها، ونحن أمام قانون ولائحة، وملتزمون بما فيها». وواجهت اثنتان من كبريات النقابات المستقلة التي اتخذت كل الإجراءات اللازمة لتوفيق أوضاعها، أزمات في خوض الانتخابات المقبلة، بسبب تعنت من الجهات الإدارية وعدم تنظيم وتجاوز عدد من أسماء المتقدمين بالكشوف الانتخابية.

توفيق أوضاع

محمد عيسى، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في الوزارة قال إن «أكثر من 100 نقابة مستقلة تمكنت من توفيق أوضاعها بينها النقل العام، إلا أن مسؤولي النقابة توجهوا إلى ديوان وزارة القوى العاملة بسبب سقوط عدد من الأعضاء بالكشوف، بالإضافة إلى سوء تنظيم القوائم».
وفوجئ مجدي حسن، رئيس النقابة بسقوط عدد كبير من المتقدمين بالكشوف المُعدَّة في الوزارة، علاوة على أن الأخيرة لم تقسم الكشوف وفقًا للتوزيع الجغرافي واللجان التي حددتها النقابة في أثناء تقديم الأوراق.
النقل العام وفقت أوضاع كل لجانها النقابية الـ16 وفقًا للقانون الجديد، وعلى الرغم من أنها تقدمت بكشوف تتضمن 14 لجنة على مستوى الهيئة، فإن الكشوف نشرت، ولم تتضمن هذه اللجان، بالإضافة لأسماء سقطت من الكشوف المقدمة من النقابة، ولذلك قررت النقابة التوجه للطعن على هذه الملاحظات لتغييرها، وذلك حسبما ذكر مجدي حسن رئيس النقابة.
انسحاب
نقابة العاملين في أندية هيئة قناة السويس، أصدرت بيان انسحاب من خوض الانتخابات المقبلة، احتجاجاً على التدخل في شؤون نقابتهم، حسب قولهم، وإعرابًا منهم عن افتقاد الثقة في الجهات الإدارية ذات الصلة بالعملية الانتخابية.
وقال أعضاء اللجنة النقابية للعاملين في نوادي هيئة قناة السويس، إنهم كانوا يعتزمون ترشيح أنفسهم لانتخابات مجلس الإدارة وفقاً لقانون المنظمات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية، وإنهم فوجئوا بتعنت الجهة الإدارية وبعض الأجهزة الحكومية مع كرم عبد الحليم للحيلولة بينه وبين استكمال أوراق الترشيح المطلوبة، في إشارة واضحة إلى رفضها ترشحه لمنصب رئيس اللجنة النقابية، ما يشكل انتهاكاً فظاً لحقي الترشيح والانتخاب، ولحق أعضاء منظمتنا النقابية في اختيار رئيس المنظمة بحرية.
وتابعوا:«لما كانت الجمعية العمومية للمنظمة النقابية هي صاحبة السلطة العليا فيها، ومن حقها وحدها أن تقرر من تمنحه ثقتها، ومن تحجبها عنه، وكان منع أحد أعضائها من الترشح لمنصب الرئيس يعد افتئاتاً على حقها واغتصاباً لصلاحياتها، ولما كان تدخل الجهات الإدارية على هذا النحو يعد بادرة غير طيبة بشأن العملية الانتخابية تشي بمسار غير ديمقراطى في تنظيمها، والإشراف عليها، فإننا نحن أعضاء اللجنة النقابية للعاملين بنوادي هيئة قناة السويس قد قررنا الانسحاب من العملية الانتخابية وعدم ترشيح أنفسنا، احتجاجاً على التدخل الفظ في شؤون نقابتنا، وإعراباً عن افتقادنا الثقة في الجهات الإدارية ذات الصلة بالعملية الانتخابية».
وناشدوا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات.
وكانت آخر انتخابات عمالية شهدتها البلاد في عام 2006؛ حيث حالت اضطرابات سياسية وأمنية تزامنت مع اندلاع الثورة الشعبية عام 2011 دون إجرائها.
وتعهدت الحكومة المصرية بإجراء الانتخابات في أجواء تراعي «معايير العمل الدولية»، وبإشراف قضائي.
ويعتبر مراقبون في مصر أن الحراك العمالي في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011)، أسهم بجانب عوامل أخرى في اندلاع ثورة يناير 2011، التي أطاحت بمبارك.

نقابات مصر العمالية… عودة إلى ما قبل 25 يناير
منع من توفيق الأوضاع… وتضييق على المرشحين في الانتخابات
تامر هنداوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية