نقطة لقاء «مؤذية جدًا» بين «الليكود» ومشروع بن سلمان في «التطبيع بالقطعة»

عمان- «القدس العربي»: الانطباع المتشكل داخل المؤسسة الأردنية بخصوص الخصومة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يركز على عنصرين: الرجل الذي يقود حكومة متطرفة يراهن على تقدير دول الجوار والنطاق الإقليمي بأن «أي بديل جاهز سيكون أكثر تطرفًا في الانتخابات المقبلة».
العنصر الثاني في المشهد نفسه يؤشر على أن نتنياهو عندما يتعلق الأمر بالشريك الاستراتيجي الأردني تحديدًا يلعب بورقة «حاجة بعض المأزومين العرب له وللانفتاح على حكومته».
ما تقوله المؤسسات العميقة الإسرائيلية التي لا تزال لديها القدرة على التواصل بجرعة من المصداقية للأردنيين له علاقة بالقناعة بأن نتنياهو ترك الأطراف داخل إسرائيل جميعهم بـ «ورطة كبيرة» لأن سجله السياسي والدبلوماسي في افتعال الأزمات يتكثف، لكن المشـكلة فعـلاً في «البـديل» المـتاح الـيوم.
وسط هذه القراءات المعقّدة تمضي العلاقة الأردنية – الإسرائيلية وسط «أزمة متواصلة» بعد حادثة جريمة السفارة الإسرائيلية في عمّان لكنها «غير مسبوقة» من حيث تفصيلاتها.
نتنياهو تصرف «بعنجهية ووقاحة» عندما استقبل الحارس الدبلوماسي الذي قتل أردنيين وسط عمّان في تموز الماضي.. هذا ما يقوله وزير الخارجية أيمن الصفدي للسفراء الغربيين عندما يظهرون الرغبة في الاستفسار. ذلك التصرف وفي شروح الصفدي نفسه، «أحرج المملكة» وأظهر أبشع ما في الليكود الإسرائيلي، عندما يحكم وهو «الغرور»، فقد أدار نتنياهو أزمة تموز المستمرة برغبة في توظيف انتخابي، حتى ضدَّ خصومه في الليكود وهم «يتكاثرون» الآن حسب مرجع أمني وسياسي أردني تحدث لـ «القدس العربي».
الأردن عندما سلّم الحارس القاتل مخفورًا بضغط أمريكي، وبعد وصلة الإحراج التي تسبب بها نتنياهو وهو يستقبل القاتل ويلتقط معه صورة، اتخذ موقفًا على المستوى المرجعي الملكي من الطراز الذي «لا يمكن التراجع عنه»، فقد حاول نتنياهو التذاكي والاستمرار في الإحراج، عندما «أمر» أركان السفارة الإسرائيلية جميعهم بمغادرة عمّان للضغط على الأردن أكثر.
الموقف الأردني كان وقتها مرجعيًا وكالتالي: حسنًا.. سحبتم الطاقم ومن دون مبرر.. لن نسمح له بالعودة قبل محاكمة القاتل.
تأثر التشدد الأردني وقتها بتزامن ما يسمى في عمّان بـ «وقاحة نتنياهو» بالتناغم المؤذي جدًا بين نتنياهو والحكم السعودي في قصة البوابات الإلكترونية للمسجد الأقصى.
لعب نتنياهو على وتر بيع قراره برفع البوابات التي وضعها لمصلحة السعودية.. ذلك أحرج الأردن مجددًا، ومع الطرفين، لأنه صنف مساسًا مباشرًا بـ «الوصاية الهاشمية» أو على الأقل تحرشًا غير منطقي بها، فاتخذت عمّان موقفها بخصوص عدم السماح بعودة الطاقم الدبلوماسي إلى أن يحاكم الطاقم.
لا يُخفي كبار السياسيين في الأردن ــ عند الحديث عن نتنياهو حصريا ــ «قلقهم الشديد» من العامل السعودي، بالتوازي مع صدمة من الاندفاع السعودي الغامض، نحو إسرائيل نتنياهو، فقد كانت سلطات عُليا في الرياض تتدخل بقوة عندما يتم «تأخير» المندوب الجنرال أنور عشقي، وهو يعبُر الجسر الأردني الشمالي باتجاه إسرائيل مع مقاولين إسرائيليين وفلسطينيين متخصّصين بالتطبيع، حيث أن عمّان التي لا تريد تطبيعًا عربيًا مجانيًا مع الإسرائيليين، بكل الأحوال لا تعرف بصورة محددة سِرَّ الزيارات المكوكية للجنرال عشقي حتى تبينت التفاصيل لاحقًا.
ما يؤذي الأردنيين اليوم أكثر مع الإسرائيليين، هو أن نتنياهو بدأ يلعب بالورقة السعودية، حيث «التطبيع بالقطعة» ويستثمرها من دون أدنى التفاتة من الشقيق السعودي لمصالح البوابة الأردنية، وحتى من دون حماس من مؤسسات «عميقة» في تل أبيب.
وما يؤذيهم أن السعودية تحاول «قطف» دور وهمي في المسجد الأقصى، عبر الليكود، من دون أولًا؛ شروط أو قيود على الجانب الآخر، أو من دون تنسيق مع شريكها وحليفها الأردني.
وثانياً؛ – وهو الأهم- من دون تحمل كلف سياسية أو أمنية أو حتى مالية، فالخزينة الأردنية لا تزال تدفع رواتب 400 حارس من مرابطي المسجد الأقصى، والمواجهة مستمرة مع الأمن الإسرائيلي، برعاية أردنية، حيث وصل الأمر لتسلل الحراس ليلًا للقيام بواجبهم لأن الإسرائيلي يعتقل الموظفين الأردنيين ويمنعهم ويسجنهم.
في كل الأحوال، يبدو اليوم محور نتنياهو- ملتقيًا مع خط ومشروع محمد بن سلمان.. هذا وضع استراتيجي بالغ الخطورة. قال مسؤول أردني لـ «القدس العربي» متحدثًا عن نقطة لقاء غامضة تتفاعل حتى من دون تنسيق بشأن القضية الفلسطينية، بعدما أبلغ الرئيس محمود عباس أن الرياض عندما دعته للتشاور بحثت معه قضية «حياد سلاح حركة فتح والمنظمة في لبنان إذا ما اندلعت مواجهة مع حزب الله».
يحصل ذلك، فيما يكثف وزير البلاط الأسبق وخبير الإسرائيليات مروان المعشر من حديثه الذي تناقش فيه مع «القدس العربي» مرات عدة، بعنوان: «إسرائيل تغيّرت وانقلبت علينا وعلى السلام» وفيما يحذر مفكر سياسي كبير من وزن عدنان أبو عودة من عاصفة الحل الإقليمي كما يراه الثنائي ترامب- كوشنر.
العاهل الأردني قضى الأيام الخمسة الأخيرة في واشنطن يحاور ويناور ومن دون لقاء مع الرئيس دونالد ترامب.
وفي التوقيت ذاته كانت عمّان تستقبل وسيطًا إسرائيليًا يقدم «تسهيلات» لمعالجة «أزمة جريمة السفارة» بعنوان تعويضات للقتيلين الأردنيين، وتغيير السفير، وإصدار اعتذار، وتعبير عن الأسف كما نقلت رويترز، فيما تتسمّر عمّان عند موقفها المرجعي حيث.. «لا عودة لطاقم السفارة قبل محاكمة القاتل».
عمّان التي تواجه الإسرائيليين اليوم بشجاعة ويوميًا وفي الكثير من التفاصيل، ومن دون أي غطاء عربي، هذه المرة لا تفعل ذلك ترفًا لأن التشدد في وجه الوسيط الإسرائيلي بقضية جريمة السفارة استراتيجية صلبة، تُداعب ما هو أبعد وأعمق من الحادثة نفسها، حيث المصالح الجوهرية على المحك، لأن بيض الليكود الإسرائيلي يقترب بسرعة كبيرة من سلة مشروع التطبيع السعودي، بقيادة خط محمد بن سلمان وإسناد خلفي من أبو ظبي و«عدم ممانعة» ملموسة من مصر السيسي.

نقطة لقاء «مؤذية جدًا» بين «الليكود» ومشروع بن سلمان في «التطبيع بالقطعة»
نتنياهو والأردن وما هو أبعد من «جريمة السفارة»… وإضاءة على دور «الجنرال عشقي»
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول omar..jordan:

    تجنب الظهور بمظهر الراعي لما يدور ما بين (تل ابيب والخليج) امر مفهوم منطقيا .. الغير مفهوم هو .. الم يكن هناك وسيله اخرى او حجه اخرى لاغلاق السفاره في عمان بدون احراج العائله الحاكمه؟؟ .. تسفير القاتل هل كان حطئ ام توريط ام غياب لتعليمات طوارئ؟؟.. اين كانت وجدة الطوارئ او وحدة التدخل السريع؟؟ ام ارادوا فيها رفع اسهم نتنياهو عند المتطرفين على حساب كرامة اهل الاردن؟؟

  2. يقول أردن العزم:

    المسارعة السعودية للتطبيع مع اسرائيل وعلى حساب القضايا الاردنية ،وبعين مفتوحة على الرعاية الهاشمية للقدس الشريف ، قد تجعل الأردن يستدير نحو دول المحور الايراني والمحور التركي القطري ايضا ، ومع الحصول على منحة نفطية فورية عراقية تغطى من اموال الخمس الخاصة بآل البيت الهاشميين.
    والاهم يستطيع الرأي العام الاردني ومؤسسات المجتمع الاردني الاهلية المرتبطة والأكثر قربا من أصحاب القضية الفلسطينية من فتح صندوق الشرور بوجه كل من يريد التفربط بالحقوق التاريخية الفلسطينية .

إشترك في قائمتنا البريدية