في تصريح يحمل تلميحاً ساخراً لتشابه المواقف بين حكومتي العراق وإسبانيا تجاه حركتي الانفصال في كردستان وكتالونيا، قامت وزارة الخارجية العراقية أمس الأحد «بالإعراب عن أسفها من قيام سلطات إقليم كتالونيا إعلان الانفصال الأحادي الجانب عن أسبانيا» وهو ما رأته أمراً يتعارض «ومبادئ الدستور الإسباني»، و«يعرّض الأمن والتعايش السلمي في إسبانيا للخطر وزعزعة الديمقراطية»، وفي حال قامت وزارة الخارجية الإسبانية بردّ البادرة الظريفة للتنديد بقرار الاستفتاء الكرديّ ونتائجه فإنها لن تضطر سوى لترديد كلمات حكومة بغداد مع استبدال اسبانيا بالعراق وكتالونيا بكردستان.
قرارا الاستفتاء الكتالوني والكرديّ لم يفشلا فحسب بل إن مصير قائدي الإقليمين صار على كفّ عفريت، فرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أعلن أمس أنه لن يستمر في منصبه وطالب برلمان الإقليم بعقد اجتماع بأسرع وقت كي لا يحدث فراغ قانوني، وبعد إعلان مدريد عزل حكومة كتالونيا يواجه الرئيس الكتالوني كارليس بوتشيمون إمكانية الاتهام بـ«العصيان» مما يجعله خارجا عن القانون وقد يحكم بالسجن 30 سنة، وقد بدأت دول، مثل بلجيكا، دراسة إمكانية حصول الأخير على اللجوء فيها، على خلفية أن حصوله على «محاكمة عادلة» أمر صعب (وقد تعرّض نائب بارزاني، كوسرت رسول، لأمر شبيه مع طلب بغداد القبض عليه بعد وصف قواتها بـ«المحتلة»).
لا يمكن طبعاً إنكار الفوارق الكبيرة بين نظامي الحكم في مدريد وبغداد، والسياقات التاريخية المختلفة لمواطني كردستان وكتالونيا، ولكن، وبسبب هذه الاختلافات التاريخية، فإن من المهم، لأسباب سياسية وتاريخية ونظرية، مقاربة المفارقات والتناظرات العديدة التي تجمع بين المشروعين.
أول تلك التشابهات «النسبية» التي أدّت إلى فشل خطط استقلال كردستان العراق وكتالونيا، كان اجتماع المواقف الدولية على رفض الانفصالين (باستثناء الموقف الإسرائيلي نحو كردستان وموقف روسيا من كتالونيا)، وهو ما شكّل مانعاً سياسياً لا يمكن اجتيازه.
والتشابه الثاني كان وجود رفض داخلي مبطّن مثّله موقف الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي ساهم في اندفاع حزب بارزاني نحو الاستفتاء ثم انقلب عليه حين بدأت حكومة بغداد وقوات «الحشد الشعبي» بالتحرّك نحو كركوك (وهناك طبعاً مواقف تركمان وعرب إقليم كردستان الرافضين للانفصال)، ويناظره وجود تيّار مناصر للوحدة الإسبانية داخل كتالونيا وقد عبّر عن نفسه أمس بمظاهرة كبرى.
إضافة إلى هذين العاملين المهمّين فإن الجغرافيا، وليست السياسة فقط، لعبت دوراً كبيراً في إفشال مشروعي الانفصال، فإقليم كردستان العراق لا يملك منفذا بحريّاً وحدوده محاطة بدول معادية تستطيع خنقه فعليّاً، ورغم حظوظ كتالونيا الأفضل جغرافيا كونها تملك حدوداً بحرية كبيرة على المتوسط فإن حدودها البرية مع فرنسا وبقيّة اسبانيا يمكن أن تشكّل، لو أغلقت، حاجزاً هائلاً أمام وجودها.
التشابه الرابع كان في موقف حكومتي مدريد وبغداد الرافض بشكل مطلق للاستقلال، وهو أمر مفهوم في حالة بغداد، التي يسيطر عليها نظام قائم على الغلبة الطائفية وكسر الأقلّيات الدينية والقومية، وهو ما يدفع، بالتالي، للتساؤل عن مدى تجذّر النظام الديمقراطي في اسبانيا، مقارنة، على سبيل المثال، ببريطانيا، التي سمحت لاسكتلندا بإجراء استفتاء لتقرير المصير، وشارك زعماء الأحزاب البريطانية وقتها بإقناع جمهور اسكتلندا بفوائد البقاء تحت الراية البريطانية، بينما لجأت مدريد، كما فعلت بغداد، إلى القوّة، مما جعل حظوظ أنصار الاستقلال أكبر بكثير من حجمهم الحقيقي في مجتمع كتالونيا وأدّى إلى هذه الأزمة السياسية الهائلة التي لا يمكن لإسبانيا أن تهرب من نتائجها التاريخية اللاحقة.
رأي القدس
الفرق بين دكتاتورية وطائفية المركز المتمثل في دولة العراق ,وديمقراطية المركز للدولة المدنية باسبانيا كالفرق بين السماء والارض .
الاخ المغربي أصبت قلب الحقيقة في تعليقك الصائب نعم لا يمكن مقارنة العراق واسبانيا باي حال من الأحوال فالفروق شائعة جدا ولا يمكن التعبير عنها بجملة أو جملتين ..
هنيئا للبولساريو بإستقلال الكرد والكطلان وهم أقليات حقيقية تعد بالملايين وليسوا 50 ألف محتجز في يدعسكر المرادية