ليس بالتمنيات ـ وحدها ـ يكتب تاريخ الأمم، وقد كان 30 يونيو 2013 واحدا من أيام التاريخ الكبرى في مصر، وتدفقت فيه عشرات الملايين من المصريين إلى الشارع، وطويت صفحة حكم الإخوان القصير العمر، فقد كان الأمر انقضى، ولم تبق سوى تفاصيل من نوع ما جرى بعدها في 3 يوليو.
وأيا كانت توصيفاته، فقد كان الطريق قد أغلق على التطور السلمي السلس، ولم يستمع الإخوان إلى أي نصيحة أو تحذير، وأذكر أنني وجهت نداء على الهواء قبل أسابيع طويلة من 30 يونيو، ودعوت الرئيس ـ وقتها ـ محمد مرسي إلى أن يتخذ قراره الأخير، وأن يدعو فورا إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقلت له بوضوح إن الوقت ينفد بسرعة، وقد تكون بيده ـ وقتها ـ فرصة اتخاذ قرار، وقبل أن يصبح هو نفسه موضعا لقرارلا يرد، ولم يلق النداء سوى الرفض المتعنت، وكان ما كان.
المهم، أن صفحة حكم الإخوان طويت، وأعقبتها صفحات من دماء، وصفحات سياسة وحكم معروفة لكل الناس، حكم انتقالي لمدة أقل من سنة، كان الرئيس المؤقت فيها عدلي منصور بصفته رئيس المحكمة الدستورية، تم التعديل الموسع الشامل للدستور المستفتى عليه في يناير 2014، وانتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا في أواسط العام نفسه، وبدء حكم جديد، تراكم حصاده في عامين إلى الآن، وكان تلخيصنا لجوهر وقائعه في عبارة «إنجاز هائل وفساد مهول»، وإن كان التلخيص لا يغلق الباب على جراح أخرى دامية، فقد جرى دهس الحريات العامة، وامتلأت السجون بعشرات الألوف من المعتقلين أو المحتجزين السياسيين، إضافة لدماء كثيرة سالت، سواء في صدام فض اعتصام ميدان «رابعة»، أو في وقائع الحرب المتصلة ضد جماعات الإرهاب، التي احتدمت بالذات في «مثلث الرعب» أقصى شمال شرق سيناء، وقد كانت فاتورة الدم ثقيلة، وكلفت المصريين بضعة آلاف من أرواح بنيهم، وإن كانت التكلفة في الحد الأدنى مما جرى ويجري في المنطقة، فلم تنزلق مصر أبدا إلى حرب أهلية، ولم يحدث لها ما جرى في أقطار عربية إلى مشرقها ومغربها، وفي دول جوار كانت مستقرة وقوية اقتصاديا كتركيا التي ناهضت وحاربت حكم السيسي، لكن أحوال السلامة العامة البادية في مصر، لا تعني ولا تجيز إغلاق ملفات الدم، فقد لا يأسى بلد ـ بل يفتخر ـ على شهدائه في الحروب العادلة لتصفية جماعات الإرهاب، ومصر قادرة في كل الأحوال على هزيمة الإرهاب، لكن الضمير الوطني الجمعي لا يبدو مستريحا تماما، ويبدو مؤرقا بصدد وقائع دم أخرى، هي بطبيعتها بنت الصراع السياسي، وكما جرى ـ مثلا ـ في فض اعتصامي ميداني «رابعة» و»النهضة»، ومن دون تحقيق جدي لمعرفة ما جرى بالضبط، ولا إجراء محاكمات عادلة تقتص للدم المراق، ولا حتى «جبر ضرر» الضحايا وأسرهم، كما أوصى تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة القاضي الدولي فؤاد رياض، وكما يوجب الدستور نفسه في نص المادة (241) الخاصة بالعدالة الانتقالية، فلا تصح التفرقة في الدم عقلا ولا دينا، ودم المصريين المسالمين كله حرام، وقد طالبنا ـ ونطالب ـ بجبر ضرر شامل لكل ضحايا الصراع السياسي منذ ثورة 25 يناير 2011 وإلى اليوم، ومن دون استثناء ولا تمييز سياسي، ومن دون تفرقة بين دم الإخوان ودم غيرهم، اللهم إلا في حالات التلبس بالإرهاب الصريح الدموي المباشر، ورفع السلاح الذي يوجب العقاب بالسلاح، وتطبيق المعنى نفسه في حالات الاحتجاز أو الاعتقال السياسي، وإخلاء سبيل عشرات الألوف من المحتجزين في غير تهم العنف والإرهاب المباشر، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وبينها قانون التظاهر المطعون عليه دستوريا، والذي تتلكأ السلطات في تعديله، وإلغاء عقوبات الحبس فيه.
وإزالة المظالم وإغلاق ملفات الدم، لا تعني بالضرورة إيفاء بمطالب وأحلام الناس المنتفضين في 30 يونيو 2013، فقد خرج الناس وقتها رفضا لحكم الإخوان، وتشابكت إرادة الناس مع إرادة قطاعات في الدولة، وكان ما كان، مما لا يريد أحد العودة إلى ما قبله، فالناس لا يريدون أبدا عودة إلى حكم الإخوان، لكنهم لا يستريحون إلى أغلب ما جرى في ثلاث سنوات بعد 30 يونيو، وتتناوشهم مشاعر خيبة الأمل في ما يجرى الآن، فلم يحلم الناس في ثورة 25 يناير 2011 بحكم الإخوان على النحو الذي جرى، ولا رغبوا ولا تصوروا أن يعود «الفلول» من جماعة المخلوع مبارك، ولا من أشباههم إلى الحكم بعد 30 يونيو، فليس عدلا أن ينتحل الإخوان صفة 25 يناير، ولا أن تنتحل الفلول صفة 30 يونيو، وأن يدهس الشعب صاحب الثورة في الحالتين، وكما كان غضب الناس عظيما من حكم الإخوان، فإن الغضب المكبوت هو حال الناس الآن، فلم تعد للرئيس السيسي ذات الشعبية الهائلة التي أتى بها، لكن الشعبية التي تذهب عن السيسىي، لا تذهب إلى أحد غيره إلى الآن، وربما يفسر ذلك حال الركود التي تبدو عليها السياسة المصرية، فالغضب المكبوت لا يتحول إلى ثورة، ولا إلى بوادر ثورة وشيكة، ربما بسبب «صدة النفس» من وجود بقايا الإخوان في خلفية الصورة، وعلى حوافها المعتمة، فوق أن السياسة كطريق إصلاح بديل عن الثورة، تبدو هى الأخرى مأزومة خلقيا، بسبب تخلف قوى الثورة عن بناء حزب سياسي قادر، وبسبب القيود التي يفرضها تحالف مرئي بين «جماعة الأمن» و»جماعة البيزنس»، وهو التحالف الأسود الذي يملأ فراغ السياسة بالمقاولات، ويستولى على «الميني برلمان» المنتخب من «ميني شعب»، ويستعد لتكرار التجربة ذاتها في انتخابات المحليات الوشيكة، والمحصلة هي انسداد الأفق، وضياع المكاسب التي انطوت عليها نصوص الدستور الجديد، والتراجع في معدلات شعبية الرئيس السيسي، الذي يحكم استنادا إلى قوة الجيش وانضباطه وكفاءته، ويستعين بهيئاته لتحقيق إنجازات تبدو طفرية، لكنها ـ أي الإنجازات ـ بعيدة عن العين والقلب، ولا تؤثر مباشرة في حياة الناس بطبع «البنية الأساسية» الغالب عليها، فيما لا يجد الناس في حياتهم اليومية إلا جحيما متصلا، في أوضاع الاقتصاد بالذات، مع إغراق البلد في الديون، ومع تدهور قيمة الجنيه وجنون المضاربات على الدولار، ومع تضاعف معدلات تزايد الغلاء كل صباح ومساء، والفساد المتفشي في دواوين الحكومة والجهاز الإداري والأمني، وتحيز قرارات حكم السيسي وحكوماته ضد الفقراء والطبقات الوسطى، وتواصل خطة خفض دعم الدولة للطاقة والاحتياجات الأساسية، فقد لا ينكر الناس توافر إمدادات الكهرباء بفضل تطوير وتجديد وإضافة محطات الطاقة، لكن أسعار الكهرباء والمياه زادت مرات، ومرشحة للزيادة أكثر مع جنون الغلاء اليومي في أسعار السلع الضرورية، وتآكل القيمة الفعلية للأجور المنخفضة أصلا، مع تفاقم معدلات الفقر والبطالة والعنوسة والمرض والفساد، وكلها ـ مع غيرها ـ أمارات على صدق شعور الناس بالعودة إلى الخلف، وعودة التسلط إلى اختيارات مرفوضة، قامت الثورة ضدها، وعودة الفلول إلى التحكم تحت عباءة السيسي، الذي تبدو سياسته الخارجية والوطنية منضبطة، بينما تسود الفوضى في الاختيارات الداخلية، فلا شيء يبدو حيا سوى الإنجازات المدعومة من الجيش، بينما تترك بقية أجهزة الدولة على عفنها الموروث من أيام المخلوع مبارك، ويزداد الأغنياء ثراء، ويزداد الفقراء تعاسة، في بلد يعاني أفدح اختلالات توزيع الثروة، فواحد بالمئة من الناس يملكون نصف إجمالي الثروة، وتسعة بالمئة يملكون الربع، بينما لا يتبقى لتسعين بالمئة من المصريين سوى ربع الثروة الباقى، ومن دون أن تجري إصلاحات من أي نوع، ولا مبادرة حقيقية لكنس إمبراطورية الفساد التي تحكم وتعظ، ولا الإقرار بالحد الأدنى من العدالة وتوزيع الأعباء، ولا الأخذ «من كل برغوت على قد دمه» كما يقول المثل الشعبي المصري، بل يجري التجبر على الفقراء والطبقات الوسطى، ولا يجري الأخذ بالضرائب التصاعدية المعمول بها في رأسماليات الدنيا كلها، بل يتم تخفيض الضرائب على الأغنياء، رغم الأزمة الاقتصادية المخيفة، وإلغاء الضريبة الاجتماعية وضرائب البورصة، وخفض الحد الأقصى للضرائب إلى 5.22٪ لا غير، فوق أحمال الفساد المضافة بالتهرب من الضرائب والتهرب من الجمارك، ثم لا يكون من حل عند الحكم سوى إلغاء الدعم وإشعال الأسعار، وتحويل حياة الفقراء والطبقات الوسطى إلى جحيم لا يحتمل، وهذا هو الخطر الاجتماعي الذي يهدد بنسف ما جرى بعد 30 يونيو 2013 وإلى الآن، وإنهاء سيرته، ما لم يجر إصلاح جذري عاجل توقيا للطوفان، إنه غضب المجتمع القادم بعد إغلاق السبل على غضب السياسة وثوراتها.
٭ كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
عندما حكم الأخوان حكموا بأرادة شعبية عبر صندوق الأقتراع وبأنتخابات نزيه شهد لها القاصي والداني ولا يجوز مقارنتها بالطريقة التي وصل بها السيسي للحكم، صحيح أن الأخوان أداروا المرحلة بعقلية حزبية وبالنوايا الحسنة والتي لا تكفي لأدارة العملية السياسية، وأما حكم السيسي اليوم فهو يقوم على صناعة الخوف وتكميم الأفواه وهناك خطر حقيقي على كل من يختلف مع النظام ولهذا السبلب نلمسى الحذر الشديد لدى الكاتب في توجيه النقد المباشر لرأس الهرم في الدولة الحاكمة،والسيسي اليوم لا يحكم بما تملية مصلحة الشعب المصري بل ما تملية علية الأجندات الخارجية.
الجرائم يرتكبها الحمقى او الاشرار او الاشرار الحمقى.
الانقلاب على الديموقراطية الوليدة جريمة حمقاء شريرة.
الرئيس محمد مرسي و الاخوان وصلوا من خلال صناديق الاقتراع و كان يجب ان يذهبوا من خلالها. و لأن الانقلاب جريمة بحد ذاته فلن ينخرط فيه الا احمق او شرير او كلاهما.
المصيبة ان الانقلاب كان في الوقت الذي كانت تجري فيه محاكمات اشهر انقلابيي العصر بينوتشة و كنعان افرن و برويز مشرف. و لكن الحماقة و الشر لا بصيرة لهما.
و هاهي النتيجة المكررة للانقلابات كما علمتم و ذقتم و ليس هو عنها بالحيث المرجم. قتل و اعتقالات و قمع وانهيار العملة و زيادة معدلات الفقر و زيادة الفساد و تعميق التخلف.
الدول المتقدمة المحترمة تعتمد على مواردها البشرية. و الموارد البشرية تصنعها الانطمة التعليمية و الصحية و العقول الحرة المبتكرة و هذا ما لا يمكن ان يفهمه العسكر. هل تتصور ان انقلابيا سيعطي التعليم الاولوية عن الجيش و الامن و المخابرات. انهم يفتحون السجون و يعتقلون العقول و يهملون التعليم و الصحة.
الا ترى ان وزراء الدفاع في كل البلاد الديموقراطية سياسيون؟؟ او حتى نساء؟ السبب ببساطة ان العسكري يحتاج الى عقل مدبر. اما ان يكون هو العقل فهذا و صفة الخراب و امامنا مليون مثل. و لا يقول لي احدهم ان ايزنهاور او ديغول كانوا جنرالات فهذا هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة
عنوان شجاع، ولكن التحليل تبريري صرف ولذلك ضيّع كل شجاعة في العنوان، وأنا لاحظت هذه مشكلة أهل الفلسفة خصوصا من يدعي استخدام العقل بشكل عام، ممن يؤمن بالثنائيات أبيض/أسود، خير/شر، علماني/ديني، فتفكيره يجب أن يمثل التفكير الصحيح، والـ آخر هو الذي على خطأ والـ آخر بالنسبة لد. عبدالحليم قنديل هو كل من يمثل الفكر الديني، وهو هنا من وجهة نظري يمثل فكر دونالد ترامب في أمريكا للفوز في انتخابات 2016، وهو نفسه تفكير ديفيد كاميرون للفوز في انتخابات بريطانيا في 2013 والذي أدى إلى استفتاء الخروج من الاتحاد الأوربي في 2016، وبالمناسبة هو نفسه تفكير د. إبراهيم الجعفري ونوري المالكي ود. حيدر العبادي للفوز في كل الانتخابات التي حصلت في العملية السياسية التي حصلت بعد احتلال العراق عام 2003.
لكل موضوع هناك أكثر من زاوية يمكن رؤية الموضوع من خلاله، ولكني لاحظت بشكل عام هناك زاوية ثقافة الـ أنا (الرجل)، وثقافة الـ آخر(المرأة)، وثقافة الـ نحن (الأسرة)، ثقافة الـ أنا والـ آخر بالتأكيد ستؤدي إلى العزوبية/العنوسة، خصوصا وليس بيننا ملائكة أو شياطين، فمن يتوقع أن يجد ملائكة/شياطين بين البشر فهو ليس له علاقة بالواقع، بل له علاقة بالأحلام حتى لو كانت وردية فتبقى لون واحد بدرجاته المتعددة كما هو حال التلفاز أسود/أبيض، ولكن على أرض الواقع هناك ألوان الطيف الشمسي كاملة كما تعرضها آخر تقنيات العولمة وأدواتها التقنية في التلفاز الملون، ومن يرفض أن يتعامل مع الواقع بجميع ألوانه فبالتأكيد عنده مشكلة عمى ألوان، من أجل تكون جيل المستقبل أنت في حاجة إلى الأسرة، والأسرة تتكون من رجل وامرأة في كل لغات العالم، الإشكالية في عام 2015 عندما حاول باراك أوباما تغيير معنى الأسرة من علاقة ما بين الـ أنا والـ آخر إلى علاقة ما بين الـ أنا والـ أنا بغض النظر رجل كان أم امرأة فضرب كل معنى للأخلاق بكل لغات العالم عرض الحائط؟!
الاقتصاد عماد الأسرة/الشركة/الدولة، وأسهل طريقة لتدمير أي اقتصاد هو سياسة بث الكراهية للـ آخر داخل الأسرة/الشركة/الدولة، وسيؤدي إلى افلاس أي دولة مهما كانت عظمى مثل الاتحاد السوفيتي عام 1991 وليس فقط الصومال، ومهما كان غنيا بموارده الطبيعية كما هو حال دول الهلال الخصيب، فما بين دجلة والنيل، مهد نزول الوحي لليهودية والمسيحية والإسلام، فهل تعدّد تدوين الزواج القانوني يكفي كدليل على التعدّد لدينا؟!
إن كنت يا أستاذ قنديل قد وجهت ندائك للرئيس مرسي بالتنحي فهل ستجرأ أن توجه نفس النداء للسيسي وفشله في الحكم أوضح من ضوء الشمس بإعتراف ثوار وكسة 30 يونيو
لن يقبل اﻻخوان اى حكم غير حكمهم حتى لو اصبحت مصر اعظم من المانيا لقد ثار الشعب ضد اﻻخوان باعداد اعظم من اعداد 25 يناير و لكنهم عمى البصيره ستحيا مصر و ستنجح مع رئيسها المنتخب السيسى و تحيا مصر
تحيا مصر و يحيا السيسى الرئيس المنتخب بعد ثوره هائله