هل يمكن أن تعيش حياة أخلاقية وأنت خائف؟ هو سؤال يلاحق البشرية كلها وهي تعيش اليوم تطورات علمية هائلة تأخذها إلى حدود أبعد من كل تلك التي أوجدتها المعارف والمعتقدات السابقة، في حين أنها لا تزال محكومة أخلاقياً ومعقودة نفسياً بأنظمة تقاليدية ومعتقداتية قديمة تستخدم التهديد والوعيد وتستثير المخاوف العميقة إلزاماً لهؤلاء البشر بأنظمة أخلاقية محددة. في زمن الوصول إلى نظريات الفيزياء الكمية والأكوان المتعددة السحيقة والأبعاد الجديدة المختلفة، في زمن التلاعب بمفهوم الزمن والتعامل معه على أنه بعد آخر يمكن التأثير عليه، في زمن اكتشاف كل هذه البقايا للجنس البشري والأجناس التي تسبقه وصولاً إلى أنواع قد قضى عليها جنسنا «الهومو سيبيان»، في زمن التكنولوجيا والتواصل والتنقل الخارقة جميعاً، هل لا يزال من المجد تهديد البشرية بالحرق والقطع والتعليق والتعذيب البشعة؟
يبدو أن الخوف حالة سيكولوجية مزمنة، جينية التأسيس في كينوناتنا البشرية الضعيفة، فلا يزال الخوف يجمعنا، يسيرنا ويحكمنا ويتحكم في أبسط أمور حياتنا، بل إن الخوف لا يزال قادراً على قسرنا على التضاد وقناعاتنا، على تحوير المنطق ومعاندة الدلائل ومقاومة الثابت علمياً وعقلياً. هو الخوف الذي يدفع هذه البشرية لمقاومة المنطق المسلوب من الكثير من الممارسات البشرية الدينية، هو الخوف الذي يجبرها على حمل عادات وتقاليد ومفاهيم بالية عفّ عليها الزمن والمنطق ونفتها الدراسات والعلوم الحديثة أثقالاً مضنية على أكتافها وهي تخطو باختيارها أو من دونه إلى الأمام، هو الخوف عدو البشرية الأول وسلاحها الأنجع لترويض بعضها البعض.
والخوف أداة خلابة، فهو ينبع من فكرة، والتي لا تلبث تغرس مخالبها في النفوس فتسيرها كيفما تشاء. عندك مليون إنسان، كيف يمكنك أن تتحكم بهم؟ هل تضع شرطياً على رأس كل فرد منهم يراقبه ليل نهار أم تزرع فكرة مخيفة في نفوسهم عند وحدك مفتاح التحكم بها، فكرة تكبلهم حتى وهم في خلواتهم، حتى وهم يفكرون سراً مع أنفسهم؟ وهكذا هم نحن، مسيرين منذ أزل الدهر بالخوف، خوف يمنعنا التصرف المنطقي، يحرمنا التفكير العقلاني، والأهم يقسرنا على الطاعة ويحرمنا المعارضة أو المجادلة أو المساءلة، فكل تلك، يسر لنا الخوف، ستقودنا إلى الإثم الذي سيعرضنا لأشد أنواع التعذيب والذي في أحايين كثيرة يكون أبدياً. يطفو الخوف في النفوس كعفن أخضر، يسد علينا كل الحواس، فلا نعود نرى أو نسمع أو نشتم سواه، خوف طاغ يسيرنا ويطوعنا مغلقاً علينا منافذ العقل والمنطق، قاطعاً علينا كل الطرق الى حيث نسمة هواء الحرية وحق تقرير الفكرة المقنعة.
إنه الخوف في أكثر صوره بدائية هو الذي لا يزال يحاصرنا خلف الخط الاحمر، هو الذي يجعل أقلية تتحدث بإسم الخالق وبصفة الموت وبهوية الحياة الأبدية تتحكم بنا وتسيرنا وتقرر مصيرنا. هناك، في الشطر الآخر من الكرة الأرضية، حيث الزمن سبق بألف سنة أو تزيد، بدأت البشرية تقاوم فكرة الخوف وترفض فكرة العذاب الأبدي وتدحض منابع الرعب ذات الصور عميقة القدم، حتى أن المؤسسات الدينية الغربية بدأت تفلسف مفهوم الآخرة وفكرة الثواب والعقاب بشكل مختلف غير حبيس لأنماط التعذيب القديمة من حرق وقطع وتعليق وخوزقة، والتي كلها تشير الى عنف بشري قديم يفترض أنه ما عاد يشكل جزءاً من العقلية الإنسانية الحديثة. اليوم، التفكير والشك أصبحا فضيلتين، والمقاومة وعدم الإنصياع للسائد أصبحا ميزتين. اليوم، الإنسان الحديث هو الذي يرفض الذل والإستعباد، هو الذي يبني نفسه بنفسه على هذه الأرض، بأخلاق يرتضيها لإيمانه بها وبفائدتها لا بأخلاق يلتزم بها رعباً من نار تحرقه أو عذاب أزلي يحبس فيه.
الإنسان الفاضل اليوم هو الإنسان حر الإختيار، هو الذي يقوده عقله ومنطقه وقناعاته، لا خوفه ورعبه وأطماعه في ملذات حرمت عليه في الدنيا، فكيف تكون هي أخلاق حقيقية إذا ما كان الدافع كل الدافع لهذا الإنسان في أي عمل يؤديه هو الخوف أوالشهوة؟ وكيف يستتب المنطق لتحريم وتحليل يفرق بينهما الزمن (كما كتب أحدهم في موقع لا أذكره) حرام في الدنيا وحلال بلال في الآخرة؟
سيبقى الخوف أبداً جزءاً من سيكولوجيتنا البشرية الهشة، ولا خلاص لنا سوى بمقاومته بالمنطق والتفكير الحر، وهما ليسا يسيرين أبداً على بشر مثلنا قادمين من أزمان سحيقة، متمسكين بأنماطها، متلبسين روحها، مكبلين بكل مخاوفها، مهددين بكل أفكارها. طريقنا طويل، وصراعنا مرير، مع أرواحنا ودواخل نفوسنا قبل أي طرف آخر. لكنها الدنيا، لا تسري إلا الى الأمام، ولا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للنفق أن ينتهي، ولا بد للخوف أن ينقشع حين يشع نور العلم وتشرق شمس العقلانية وتهب نسمات المنطق العليلة، فنعلم أننا قد وصلنا إلى نهاية النفق، ونخرج إلى الحياة.
د. ابتهال الخطيب
أختي ابتهال طبعاً ولاشك في ذلك أن الإنسان الفاضل هو الإنسان الحر وفقط بالمنطق والتفكير الحر يمكن بناء المجتمع السليم المعاصر الذي يهتدي بنور العلم وتشرق فيه شمس العقلانية المعاصرة أو ما بعد المعاصرة. كل هذا كان الهدف الأساسي للربيع العربي الذي أرادت فيه الشعوب العربية كسر الخوف نعم كسر الخوف بالذات كان المحرك الأساسي لكل هذا والحقيقة مازلنا نريد كسر هذا الخوف رغم أن الأنظمة القمعية الاستبدادية مازالت تصر وتشدد على البطش والقمع والإرهاب في محاولة أعتقد أنها يائسة ومصيرها الفشل وأن شمس الحرية والتحرر ستشرق على مجتمعاتنا مهما طال الظلام وطال هذا النفق لكن نهاية النفق آتيه وإرادة الحياة أقوى بكثير.
عزيزتي الرائعة الراقية .. د. ابتهال الخطيب
كل اسبوع انتظر كلماتك بشوق كبير .. انحني لكي احتراما لقلمك العميق .. انة يصل الي اعماق الخالات النفسية و العقلية و الروحية .. انة يستخرج ما يظن الكثر ان ما يمر بة من احاسيس ذكرتيها مثل للخوف و غيرها هو سرة وحدة .. نعم عزيزتي العالم العربي و اسلامي منذ المهد حتي القبر عائش في مقبرة الخوف .. حتي عند الممات يهددو بعذاب القبر و الرعب و الويل .. اما الغرب عند الممات .. يلطف لاجواء و يقول . .. ارقض بسلام و ستحمل الملائكة روحك للسماء بسلام .. و حتي اثبت صحة كلماتك سوف اروي قصة .. قسمي مفضل .. ابيض و اسود واشارك كثر بة .. في احدي مرات كتبت … ارقض بسلام و ستحمل الملائكة روحك للسماء بسلام .. فعلقت زميلة قالت .. هاري ات اسلمت فلماذا تستخدم لغة النصاري !!!.. جدا مندهش حتي الممات و كلماتة يجب ان يكون مثل طريقتهم .. نسو ان هذا لغة اهلي و اني بريطاني اتحدث العربية .. و هناك صديق طيار مقاتل باحدي الدول العربية ادهشني اعترافة .. قل لي انا خائف دائما نحن نعش مع الخوف منذ الولادة حتي الممات .. عند طفولة يخيفوك …ان كنت شقي فسوف نستدعي الشرطي او نجعل الطبيب يعطيك حقنة ..و في مدرسة يخيفوك من المدرس .. في العمل يخفوك من مديرك و في المنزل من زوحتك و حماتك .. يخيفوك من عقاب الدين و التقاليد… و هنا اوجة سؤال للعالم العربي و الاسلامي .. هل انتم حقا مؤمنون ؟؟ .. ام جدا خائفون ؟؟ .. الرجاء الاجابة بصدق حتي اعرف ما تخفية النفوس من اسرار
سلام. رابعة العدوية، ليس خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك، انما حبا فيك. الوحيدة التي اعرف منها، بقولها، ليس خوفا .. اما بقية البشر فهم خائفون مما قد يكون، ولا احد عنده قناعه مطلقة به، اذن ليس هناك اي ايمان، مجرد خوف خوف خوف مما قد يكون.
في ظل نور العلم والعقلانية
هل يعيش الانسان بلا خوف من فقدان عمل او نقص ف الدخل ؟
الا توجود معتقدات غيبية عن الاشباح والمخلوقات الفضائية ومتلث برمودا و….
الا يعتقدون بالشيطان الذي يحتل الارواح والاجساد ؟
الا يقف العلم عاجزا امام فيروس فقدان اامناعة فكيف يجيب على اسئلة ما بعد الموت وهي اكثر تعقيدا ؟
اليست اكبر مصائبنا ممثلة في حكام نصبهم سادة العالم الحر ومن يدور في فلكهم مثقفين ودعاة يعينون الظالم بعلمهم وجهلهم ؟؟؟؟؟؟؟؟
المعرفي حر
سادت العالم الحر يوفروا لنا ما أنتجه علمائهم من سيارات وانترنت وادوية والتلفزيون والسلاح كما ان العالم الحر هو ملجىء اللاجئين العرب وكل هذا لان لا حدود لحرية التفكير ولا عندهم اي شيء ممنوع نقده
السؤال اللذي لا جواب له. لماذا العرب والمسلمون لم يتطوروا ولم يتقدموا ولم يزدهروا مثل الغرب
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ
الانبياء يخافون
فهو شئ وارد لكن عندما بأتي التطمين الإلاهي (فقلنا لا تخف) يزول الخوف وهنا اشاره لكل من فوض امره لله اي اوكل امره له ولله القوة من قبل وبعد
ولا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للنفق أن ينتهي، ولا بد للخوف أن ينقشع.
نعم يخافون، الانبياء بشر، والخوف كامن في نفسية الانسان، واهم عوامل استشفاف الخطر والابتعاد عنه.
جميل: لا بد لليل ان ينجلي، ولا بد للنفق ان ينتهي، ولا بد للخوف ان ينقشع. السؤال، ماذا فعلت كي يتحقق هذا؟! الدعاء بتحرير الاقصى، مناجاة الله ان يرسل ملائكته لحرب الاعداء، ولم لا، قد تفتح ابواب السماء، ويصل النداء الى الخالق!
لو ناديت حيا لاسمعت، ولكنك تنفخ في الرماد.
ما زلت أذكر بيتا لصديقي الراحل الشاعر الكبير عبده بدوي- رحمه الله- ضمن قصيدة نشرها في مجلة الرسالة عام 1964 تقريبا ، يقول:
إني أعيش الرعب يتبع خطوتي والخوف ينعس جفنه بدمائي!
لقد كان يشير إلى دولة الرعب التي صنعها حكام الجهل والهزيمة والعار، الذين اشبعوا الناس إنشاء فارغا، وعنترياتِ ما قتلت ذبابهْ! ولكنهم جعلوا شعوبهم تتلفت حواليها، وتجعل للحوائط آذانا، وللطرقات قرون استشعار!
والخوف الذي تعيشه الإنسانية، طبيعة بشرية متصلة بالتركيب البيولوجي للإنسان، وهو نتيجة عوامل كثيرة، وبعضه سبب المصائب التي تلحق بالإنسانية من بعض البشر، وبالخوف لا يمكن مواجهة الطغاة والأشرار والمستبدين؛ لأنهم يملكون آلة التخويف المرعبة.
وهناك خوف تفرضه الأحوال الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والعواصف والرعد والبرق والمطر والجدب.. وغيرها، وخوف يتعلق بالرزق ولقمة العيش. وفي سورة قريش ” فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ”( قريش: 3-4)، ولعل هذا الخوف هو الألصق بالإنسان منذ فجر البشرية حتى اليوم.
أما الخوف الديني فله مفهوم مختلف عن المفهوم العلماني، لأنه يتجه إلى الخوف من الله الذي يشكك العلمانيون في وجوده غالباـ أو يرونه بعيون غير إسلامية. فالخوف من رب العباد هو الأولى في المفهوم الإسلامي، لأن الخوف من العباد يمثل انتكاسة عقلية وفكرية ومنطقية، وهو الذي يؤسس للعادات والتقاليد والمفاهيم البالية التي عفا عليها الزمان.
وقد وردت بعض الآيات الكريمة في القرآن الكريم ، تتناول الخوف بمنطق علمي يختلف عن منطق الكهنوت السائد في أوربة والعالم الوثني. على سبيل المثال، قوله تعالى: إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ( سورة آل عمران: 175). ورد في تفسير الطبري، قال أبو جعفر: يقول: فلا تخافوا، أيها المؤمنون، المشركين، ولا يعظُمَن عليكم أمرهم، ولا ترهبوا جمعهم، مع طاعتكم إياي، ما أطعتموني واتبعتم أمري، وإني متكفِّل لكم بالنصر والظفر، ولكن خافون واتقوا أن تعصوني وتخالفوا أمري، فتهلكوا=” إن كنتم مؤمنين “، يقول: ولكن خافونِ دون المشركين ودون جميع خلقي، أنْ تخالفوا أمري، إن كنتم مصدِّقي رسولي وما جاءكم به من عندي أ.هـ.
لاريب أن خوف الله الذي آمنا به عقلا قبل أن نؤمن به وراثة أو نقلا ؛ يجعل الخوف منه مسألة طبيعة لأننا نصدق ما جاء به الوحي من جنة ونار، وثواب وعقاب، ولا نصدق ما يقول به كهنة العصور الوسطى الأوربية من امتلاك مفاتيح الغفران والحرمان.
الخوف في الحياة العامة العربية اليوم تفرضه الأنظمة الإرهابية الدموية التي تصادر الحريات والكرامات وحقوق الإنسان، وتحتكر لنفسها الصواب والقول الفصل، وتستخدم نخبا لا تفهم إلا لغة إشباع الغريزة، والانحطاط إلى ما دون المستوى الإنساني.
الرعب الذي تنشره قوى الجهل النشط في الحكومات المستبدة يزري بالعلم والمعرفة والوعي، وينشر قواعد الرق والاستكانة والمهانة، ويزرع في بلاد الخائفين والمرعوبين تقاليد النفاق والجبن والخسة، وما بالك بمن يقول: ماذا يجدي العلم في أشباه الدولة؟
من المفارقات أن القوى التي تنشر الخوف يسمونها “قوى الأمن”، والأجهزة التي تنشر الرعب يسمونها “الأجهزة الأمنية”، وصارت هذه الأجهزة وتلك القوى تحظى من نخب الاستبداد بالتأليه والتمجيد، مع أنها ما توجهت لإخافة الأعداء يوما أو نشرت الرعب بينهم كما يقتضي الواجب؟!
الأمن الحقيقي نعمة إلهية. ودعوة أبينا إبراهيم كانت ” رب اجعل هذا البلد آمنا”. متى تعود نعمة الأمن إلى النفوس والقلوب وبلاد المسلمين؟
سيد القاعود مساء الخير
هناك إدن خوف ديني, وخوف علماني ثم مادا أيضا ؟
بحسب مبادئ علم النفس الخوف طبع بشري مرتبط بغريزة حب البقاء, وهو أقدم جهاز إندار إمتلكه الأنسان وبهدا المعنى له دور إيجابي فبدونه ما كان للأنسان أن يستمر في الوجود مع أنه أضعف الكائنات الحية.
لكن الخوف كباقي الغرائز البشرية قد يصبح سلبيا إدا تخطى مهمة الأندار وصار مشاركا في صناعة القرار.
قناعتي أن الخوف نقيض الأيمان وأعلم جيداً تلازم الخوف مع التدين, لكنه تدين ما, وليس كل التدين, دع عنك أن يكون كل الدين.
التصوف مثلا عوّض “خشية الله” بمحبة الله.
الحب بدل الخوف: هدا طريق نوراني ومن مزاياه أنه طريق منفتح على طرق. يقول محي الدين إبن عربي: عدد الطرق إلى الله بعدد الخلق.
إن العقل الديني يفرّق بغرض حشد القوى تحسبا لملا قاة “أعداء” صنعهم بنفسه. إن الخوف هو المنطلق الأول للتديّن وكلما زادت سطحية التديّن زاد منسوب الخوف وزادت الحاجة إلى صناعة أعداء.
بالمقابل يتحرك الأيمان بقوة الحب . بشيئ من هدا المعنى تكلم إبن عربي إد قال: أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ ركـائـبهُ ، فالحبُّ ديـني وإيـمَاني
لا حاجة للأسهاب في موضوع العلماية, فقط أسجل خوف الأخوة المحافظين منها وهو خوف غير مبرر برأيي.
إلى جانب الأسلاموفوبيا وهي مشكل حقيقي, آن لنا أن نحكي عن ظاهرة أخرى, أسميها الهلعمانية وعلامتها الأبرز: هلع غير عقلاني يبدأ بتشويه مفهوم العلمانية وما هي إلّا وعاء وآلية تدبير لم تنتقص شيئا من إسلام تركيا وماليزيا.
ملكة العقل لا يملكها كل شخص، وديكارت قال انا افكر اذن انا موجود ووضع مبدأ الشك كي يبقى العقل يفكر حتى يصل الى المعلومة الصحيحة وهذا ما جعل اوربا تتقدم في العلم والمعرفة والتكنولوجيا وتخوض في اعقد المسائل الفكرية دون تشنجات وتكفير وترهيب وفتاوى، وفتاوى مضادة، لقد منعت الانظمة العربية الناس من التفكير مدعومة من هيئات دينية مفبركة على مقاسهم كي ” يطلمسوا” رؤوس الناس، السوريون الذين منعوا من حريتهم خلال نصف قرن انظر الى اللاجئين اليوم الذي يبدعون في اوربا لمجرد انهم منحوا الحرية
رحم الله المتنبي الذي سبق عصره بمئات السنين
ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ
أخي سوري بيت الشعر الجميل للمتنبي يذكرني بشاعري المفضل أبو العلاء المعري فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة حيث كان أبو العلاء يدرك جيداً أن الشك واليقين يتم إدراكها بالعقل:
ألا بربكم قولوا هذا كلام خبئ معناه ليس لنا عقول
ينقسم الخوف في اعتقادي الي قسمين ،قسم ايجابي وقسم سلبي ، الايجابي هو الذي يقودك الي الطريق الصحيح المتوازن في معرفة احداثيات النتائج المترتبة من الموقف …اما الخوف السلبي هو عدم القدرة في قول الحق او هو الإمعة الذي يكون تابعاً وليس لة توطين النفس في امبدأ معين ….لكن كيف يخاف الانسان من سيكلوجية العواطف مثال لذلك في ضروب الفنون المختلفة ،مثلاً الفنان عبدالحليم حافظ قال في اغنية خائف علي فرحة قلبي ….والفنان وردي قال ..خاف من اللة علي دربي ..وكثير من اهل الفن يخافون من مواقف مختلفة..مثلاً فنان رسام يقول عاوز ارسم لوحة لكن خائف تعمل زوبعة عالمية لأنها تفسر موقف معين …وهكذا…اول صرخة خوف كانت من الطفل حديث الولادة لان الاكسجين دخل رئتية ووجد عالماً جديد يختلف من عالم بطن امة ،هذا هو الخوف البيلوجي الفطري..ولاحولة ولا قوة الا باللة…
يبدو أن الخوف حالة سيكولوجية مزمنة، جينية التأسيس في كينوناتنا البشرية الضعيفة، فلا يزال الخوف يجمعنا، يسيرنا ويحكمنا ويتحكم في أبسط أمور حياتنا، بل إن الخوف لا يزال قادراً على قسرنا على التضاد وقناعاتنا، على تحوير المنطق ومعاندة الدلائل ومقاومة الثابت علمياً وعقلياً. ” بالضبط!
سيدتي الدكتورة ابتهال الخطيب : الكتابة ذات الرسالة اليوم كعلم الاقتصاد لها قوانين ؛ كي تؤدي إلى ( مشروع أومقال ناجح ) وذلك بايصال الرسالة من المرسل عبرالرسول…وفي أيّة عملية اقتصادية هناك ( دراسة جدوى ) للمشروع ؛ أيًا كان ؛ يجب الأخذ بجميع مكوناته وهو ما يعرف (Swot Matrix ) وإلا تعرّض ذلك المشروع إلى المخاطر(Threats ).التي تعيق الاستدامة…لذلك هناك شعاراقتصادي يقول :( استثمركلّ الفرص المتاحة لتحقيق ذلك النجاح (Opportunities ).وإلا تعرّض مشروعك للانكشاف (Exposure ).من هنا أقول لحضرتك الكريمة…عنوان المقال ( نهرالخمر…).قد ربط مضمون المقال بقضية الخوف لدى بني آدم وحواء…وأنتِ هنا تقصدين الخوف المسكون في نفوس الشرقيين ( من العرب المسلمين ) للانطلاق نحوالأعماق والآفاق كالغربيين ؛ من دون وجل ولا خشية ؛ بمغامرات عملية وعلمية لاستكشاف أسرارالحياة من دون عقاب…وهذا جيد جدًا…إنما مقصدك كيف جعل القرآن الخمرمحرّمة في الدنيا..ثمّ قد أحلها في الآخرة؟ فهذا يبدو ( تناقضًا ) ظاهرًا لمنْ زعم الزعمة..ونحن في عصرالعولمة ؛ ويجب ممارسة حقّ العمل المفتوح السّماوات بعيد عن الخوف والخشية والترهيب المنتظرللفعلة.وربّما حضرتك تشيرين إلى ما ورد في سورة محمد الآية رقم ( 15 ).بقول الله لرسوله الخاتم : { مثل الجنّة التي وعد المتقون فيها : أنهار من ماء غيرآسن ؛ وأنهارمن لبن لم يتغيّرطعمه ؛ وأنهارمن خمرلذّة للشاربين ؛ وأنهارمن عسل مصفّى ؛ ولهم فيها من كلّ الثمرات ؛ ومغفرة من ربّهم ؛ كمنْ هو خالد في النار؛ وسقوا ماءًا حميمًا فقطّع أمعاءهم }.فكـلّ المذكــورات من ماء ولبن وعسل مباحة في الدنيا والآخرة إلا الخمرحرّمت في الدنيا وحللت في الآخرة (هكذا )…يتبع :
من هنا نعود إلى التذكيربالعلاقة بين فقه الكتابة ؛ كرسالة وعلم الاقتصاد ودراسة الجدوى لتخقيق الرسالة.أتعلمين أنّ الآية هي في الجغرافية السياسية ؟ نعم في الجغرافية السياسية والعسكرية على وجه التحديد.وأنما جاء على ذكرتلك المشروبات كرمزية أصيلة لشخصية بلدانها.أولًا الجنّة في النصّ ليست جنة السّماء ذات الأشجارالوارفة الظلال في عالم الغيب.بل الجنّة هي : الجزيرة العربية.وتعريف مفهوم الجنّة في القرآن : كلّ مكان منيع حصين على الآخرين وفيه إنسان وماء. والجزيرة العربية هي مكان منيع حصين بصحرائها المترامية ؛ وفيها إنسان من ذكروأنثى وفيها ماء ؛ بغض النظرعن كمياته.ولو كان بئرزمزم فقط.فكيف ياربّ سيكون الجهاد لنشردينك ؛ وفي جزيرة العرب أرومة عددها محدود فلا تصلح إلا للقبيلة ؛ وبشرها مكدود لا يصلح لعالمية الرسالة ؛ وخيرها آنذاك معدود ؛ لا يمدّها بأسباب القتال لمواجهة جيوش : كسرى وقيصـر؟ مع التذكيرأنّ سورة محمد التي وردت فيها الآية تسمّى بسورة القتال.فأشارإلى أنّ دين الله كفيل بأنْ يمدّه بكلّ أسباب النجح والظفر؛ ولوأخرجه في صحراء ذات قفر.فإليكم أيها المتقون بخرين المدد من حولكم كالأنهارالجارية.والمتقون من وقى ؛ الموّقى : الشجاع في القتال ؛ لا المتقي بالعبادات…كما هوذائع شائع. { أنهار من ماء غيرآسن } كناية لرجال العراق ؛ حيث دجلة والفرات.{ وأنهار من لبن لم يتغيّرطعمه }.كناية لرجال بلاد الشام ؛ التي فيها الرسيل وهوالخصب واللبن الغدق.{ وأنهارمن خمرلذّة للشاربين }.كناية لرجال مصر؛ وخمرمصرأعتق خمورالأرض القديمة.لهذا سمّى فرعون عاصمته باسم الخمر ( طيبة ).وسمّى العرب مصرًا بالشمس.والشمس من أسماء الخمرالشموس. { وأنهار من عسل مصّفى } كناية لرجال اليمن ؛ حيث يكثرفي جبالها أفضل العسل.فهم أنقيـاء ( خام ) من درن الرجال كالعسل المصّفى في الجبال.ومن هذه ( الأنهار) المتدفقة كان رجال الفتوح العربية الإسلامية لاحقًا ؛ بقيادة الخلفاء من رجالات الجزيرة العربية ؛ ففتحوا المشارق والمغارب سويّة.ونرجو أنْ قد استثمرنا كلّ الفرص المتاحة لتحقيق الجواب الذكر؟ أما { النار} في النصّ كناية للفتنة والحرب ؛ لا النارالحراقة من دخان ولهب. { فقطّع أمعاءهم }. أي جعلنا فتنة الحروب الكبيرة تقع عند أطراف الجزيرة العربية وسواحلها لا في داخلها وقلبها…كما حصل منذ الغزوات : البرتغالية / الهولندية / الفرنسية / البريطانية لدول الخليج ؛ ويحصل اليوم في اليمن.فهل من مدّكر؟