تونس – «القدس العربي» قال القيادي في حزب «نداء تونس» نورالدين بن تيشة أن المعارضة التونسية خسرت الشارع، مشيرا إلى أن تعديل قانون المصالحة الاقتصادية جاء نتيجة الانفتاح على بقية القوى السياسية في البلاد وليس بناء على «ضغط» المعارضة، كما اعتبر أن الأنباء الرائجة حول احتمال توسيع مشاركة حركة النهضة في الحكومة «حديث مقاه»، وأكد في السياق وجود امتعاض داخل الحزب الحاكم من التعيينات الحكومية الأخيرة، لكنه قال إن ذلك لن يؤثر على الدعم المستمر لحكومة الحبيب الصيد.
وأكد في حديث خاص لـ»القدس العربي» أن لجنة التشريع العام في البرلمان تناقش حاليا تعديل مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي وتبناه «نداء تونس» لاحقا، مشيرا إلى وجود «انفتاح حول إمكانيات التعديل، ولكن الأمر الأساسي هو إيجاد رأي عام واسع موافق لمبدأ قانون المصالحة، والتفاصيل يتم النقاش فيها تحت قبة المجلس (البرلمان)».
وأضاف «إذا تم قبول بعض التعديلات تحت القبة فهو نظرا لإرادة التفاعل لأننا لسنا دوغمائيين بالنسبة للخط العام للقانون، وبالتالي التفاعل الإيجابي مع المعارضة والأحزاب الصديقة ليس مبنيا على ضغط الشارع بل على الانفتاح الطبيعي الموجود لدينا».
وكانت المعارضة التونسية نظمت مؤخرا تظاهرات تطالب بسحب مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، حيث اعتبر القيادي في «الجبهة الشعبية» رياض بن فضل أن ضغط الشارع ساهم في إقناع رئاستي الجمهورية والحكومة بفكرة الحوار الوطني حول منظومة المصالحة عموما، فضلا عن تكريس حق التظاهر واحترام الحريات الفردية والعامة.
فيما أكد الأمين العام لـ»نداء تونس» أن عدد المتظاهرين «القليل» في التظاهرات المنددة بمشروع قانون المصالحة الاقتصادية يدعو المعارضة إلى «التواضع» في المستقبل، داعيا كل من لديه اقتراح تعديلي بخصوص المشروع إلى تقديمه.
وقال بن تيشة «خسارة المعارضة للشارع كانت واضجة وخاصة خلال تظاهرات 12 أيلول/سبتمبر، فالشارع التوسي أعطى رسالة واضحة تفيد بأنه يريد مقترحات إيجابية للبناء وليس مجرد الضجيج والخروج لقول لا فقط».
وأضاف «في ظل الديمقراطية، يجب على الأحزاب أن تتفاعل من خلال مؤسسات الدولة الشرعية وخاصة حين يكون الوضع مفتوح، بمعنى أنه ليس هناك تصلب لدى رئاسة الجمهورية التي اقترحت المشروع ولا للنداء الذي تبناه، فنحن منذ البداية قلنا إن المقترحات كلها ستناقش ونجد الصيغة التي تحافظ على رؤية رئيس الجمهورية في مسألة قانون المصالحة، ويجب على الجميع التفاعل وفقا للموازين، وعلى الأحزاب مناقشة القانون مع بعضهم دون محاولة حزب ما فرض رأيه على الجميع بدعوة رفضه لهذا الشيء أو غيره، وبالتالي على المعارضة أن تتواضع وتتفاعل إيجابا داخل قبة البرلمان وفي الإعلام وبطريقة بناءة وليس بمحاولة فرض الرأي بقوة الشارع، ولو أن الشارع أثبت أنه ليس معهم ولم يوافق دعواتهم».
وكانت بعض وسائل الإعلام أشارت مؤخرا إلى وجود خلافات جديدة بين الأمين لـ»النداء» محسن مرزوق ونائب رئيسه حافظ قائد السبسي، فيما أشارت مصادر أخرى إلى وجود بوادر انشقاق داخل الحزب عبر مبادرات تهدف إحداها إلى إعادة لم شمل العائلة الدستورية (أحد أبرز مكونات نداء تونس).
وعلّق بن تيشة على هذا الأمر بقوله «الخلافات داخل الحزب مسألة ثانوية على اعتبار أنها كانت دائما موجودة (حول بعض الرؤى والمسائل) ولكنها غير جوهرية، ومؤتمر الحزب، الذي يفترض عقده في شهر آذار/مارس المقبل، سيكون مناسبة جيدة لإعادة رص صفوف الحزب، وإذا كان هنا خلافات ثانوية بين بعض قيادات الحزب فبالإمكان تجاوزها وإعادة المياه لمجاريها».
ونفى، في السياق، وجود محاولة للانشقاق داخل «النداء»، مضيفا «من يريد لم شمل العائلة الدستورية فهذا من حقه، ولكن هذا ليس موضوعا حزبيا بالنسبة لنا، ففي نداء تونس ليس لدينا عائلات غير مجمعة، بل إن الحزب جمّع آلاف التونسيين من مختلف المشارب الفكرية وليس من مرجع فكري معين».
وكان الأمين العام لـ«النداء» اتهم الحكومة بعدم اعتماد الشفافية في التعيينات الأخيرة (على صعيد الولاة والمعتمدين)، داعيا إلى مراعاة تمثيل جميع الجهات في ملف التعيينات الرسمية.
وقال بن تيشة «ربما هناك بعض الامتعاض (داخل النداء) من عدم وجود إطارات (قيادات) ندائية وسطى في التعيينات الأخيرة، ولكن يبقى حسن الظن والدعم مستمر للحكومة، وبالتالي إذا كان هناك اختلاف أو امتعاض من اسمين أو أكثر، يبقى مجرد تفصيل، فالمبدأ هو استمرار الدعم».
من جهة أخرى، اعتبر أن الحديث عن توسيع مشاركة حركة النهضة في حكومة الصيد «مجرد أحاديث مقاه»، من دون أن ينفي احتمال إجراء تعديل جزئي في الحكومة.
وأضاف «من الممكن أن نتفق داخل رئاسة الحزب مع رئاستي الجمهورية والحكومة على إمكانية التعديل، ولكن هذا لا يعني توسيع مشاركة حركة النهضة بالذات، على اعتبار أن مشاركتها في الحكومة محترمة عبر وزراء وكتاب دولة معروفين وغير معروفين».
وأشار، من جانب آخر، إلى أنه لا يمكن الحديث عن مشاركة «نداء تونس» ضمن قائمة موحدة مع أحزاب الائتلاف الحاكم في الانتخابات البلدية التي يفترض إجراؤها العام المقبل، مضيفا «المبدأ هو أن يشارك النداء في الانتخابات البلدية المقبلة في إطار قائمته الحزبية فقط، ولكن مسألة الانفتاح على الحلفاء تبقى خاضعة للدراسة في وقتها وزمانها».
حسن سلمان
الفرق بين السياسة في أروبا والسياسة في تونس وفي الدول العربية . الفارق بين الاحزاب الحاكمة والمعارضة في أروبا ليس كبير لذلك تجد الاحزاب في أروبا إتفاق بينها .في تونس الفارق بين الحزب الحاكم والمعارضة شاسع وفي بعض الحالات يصل النقيض لذلك صعب وجود صيغة للتفاهم .ربما يرجع ذلك كون الاحزاب في أروبا تفكر في المصلحة العامة, بينما في تونس, وفي الدول العربية تفكر الاحزاب الحاكمة في المصلحة الخاصة